المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحر العلوم : سوريا تشكل الجزء الأكبر من مشاكلنا



سياسى
11-21-2006, 09:43 AM
يرفض الاحتلال وتقسيم العراق ويجزم أن لا اقتتال طائفيا بين العراقيين بل عصابات تتحارب على أهداف سياسية


21/11/2006 أجرت اللقاء: منى فرح


يعتب العلامة السيد محمد بحر العلوم، الزائر المداوم للكويت، على المحتل الأميركي أولا ثم على بعض دول الجوار. ويحمل هذه الأطراف مسؤولية حمام الدم البريء الذي يسيل يوميا في العراق.

يؤكد السيد محمد بحر العلوم للقبس ان 'سوريا تشكل الجزء الأكبر من المشكلة في العراق'، ويأمل ان تكون زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم فاتحة خير 'تعيد للعراقيين الآمال التي كان ينعشها فيهم الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي حضن العراقيين في الضيم'. ويضيف 'نأمل ان تبقى روح الأسد في شبله'.

كما يشير إلى ان'القوات المتعددة الجنسيات لا تساعدنا بقدر ما تتدخل في شؤوننا وتعيق تقدمنا.. وبعض دول الجوار لا تحرك ساكنا من اجل إنقاذ العراقيين بل تترك العصابات تتدفق علينا من كل صوب.. ونحن بين نار القبول بوجود قوات الاحتلال لحين بناء قوات عراقية قوية ونار الغيب الذي ينتظرنا إذا ما تعجلنا بالمطالبة بخروج المحتل..'.

'لو لم أكن ذلك الجندي المناضل وأملي كبير بأن كل شدة تنتهي إلى النصر لكنت أبقى متألما على ما أراه من الوضع الكارثي الذي يعيشه عراقنا اليوم'.
يقول بحر العلوم. ثم يستدرك '..لا أريد ان أقع فريسة الصورة المتشائمة..

لأنني إذا توغلت فيها فسوف أموت كمدا أو أبقى صريع الكآبة والتأثر والألم'.

يقول قوله هذا ويجزم ان ما يجري في العراق اليوم بعيد كل البعد عما يريد كثيرون تسميته بالاقتتال الطائفي 'انه حرب عصابات على أهداف سياسية أبطالها العناصر التكفيرية والظلامية وأزلام النظام البائد'. ويشير هنا إلى من اسماهم ب'الحاقدين على العراق والعراقيين'. كما يصر على ان رفضه لتقسيم العراق لا يقل عن رفضه للاحتلال ويرى ان نجاة البلاد مسؤولية الجميع في الداخل والجوار.

يصر على عقد مؤتمر دولي حول العراق يتمخض عنه وثيقة شرف، ولا يتوانى عن توجيه اللوم والمعاتبة للأطراف المعنية التي تقف حائلا دون تحقيق ذلك. ويرى في مؤتمر مكة بداية جيدة 'لو تنفذ توصياته لوضعنا أقدامنا على طريق الحلول الناجعة'.

القبس التقت العلامة بحر العلوم وكان معه هذا الحوار:
بداية كيف ترى العراق اليوم وسط موجات القتل المتنقل ومسلسل الجثث الملقاة هنا وهناك؟ إلى أين يذهب به الحال؟ وأين يكمن موقع النقطة التي ستضع حدا لهذه اليوميات الهستيرية التي تفرض على العراقيين يوميا ساعة بساعة؟

- لعلي لو لم أكن ذلك الجندي المناضل للعراق وأملي كبير بأن كل شدة تنتهي إلى النصر لكنت أبقى متألما على ما أراه من الوضع الكارثي الذي يعيشه عراقنا اليوم.
الصورة التي كنت احملها وأنا في طريقي من المهجر إلى الوطن بعد غياب طويل امتد إلى أربعة عقود تقريبا، أن أكون احد العاملين في بناء هذا الوطن وازدهاره وان القضية ستنتهي مع سقوط نظام صدام حسين الذي روع العراقيين والوطن وما يحمله الوطن من تراث حضاري واجتماعي وثقافي وعمراني طيلة حكمه الأسود.

هذه الصورة لا أقول إنها انعدمت في ذهني، وأقصد صورة الاشراقة التي تعبر عن الفرحة لعودتنا إلى الوطن والزهو الذي عبر عنه انتصارنا على النظام الديكتاتوري. لا أريد أن أتصور هذا لأنني إذا توغلت فيها فسوف أموت كمدا أو أبقى صريع الكآبة والتأثر والألم.

ما أعيشه اليوم هو ما يعيشه العراقيون الشرفاء في وطنهم الغالي، ونحن نصبح كل يوم على أصوات المتفجرات والهاونات والعبوات الناسفة يحملها إلى وطننا أناس لم يحملوا يوما ذرة من الحب لهذا الوطن والانتماء إليه، حتى لو كانوا عراقيين، لأنني لا اعتقد أن العراقي الأصيل في الانتماء لهذه التربة الطيبة يمكن أن يرتد عليها فيهدمها ويغتصب الاشراقة فيها.

وأنا اختلف مع الذين يعتقدون أن 'الطائفية' (وأرجوك اجعلي هذه الكلمة بين قوسين) هي التي تلعب دورا مهما في العراق، بل أن هناك جملة عوامل تثير هذا الجو الممقوت والقاتل الذي اتعب العراقيين على مدى عقود طويلة.
فعوامل مخلفات النظام البائد وحقد بعض الدول المجاورة علينا والمنتفعون من هنا وهناك يعملون على الاستمرار المأساوي لهذا الشعب الذي اتعب وأرهق من جراء الدكتاتورية والفاشية والاضطهاد والاغتصاب والحرمان والقهر.

لنعتبر كل هذا مقدمة، لكن ماذا عن التفاصيل؟ ما الذي يجري على الساحة العراقية ومن يقف وراء هذا الوضع المأساوي لا بل الكارثي؟!

- مع كل الأسف أن الذين يقومون بهذه الأعمال الوحشية والمحاولات الهدامة في كسر هيبة الدولة غالبيتهم من خارج الوطن أو من من فقدوا الامتيازات الكبيرة التي كانوا يتمتعون بها في عهد النظام السابق. وقد طلبت من المسؤولين العرب الذين التقيت بهم أن يكفوا عن معاداة العراقيين ومحاولات زعزعة الجو الديمقراطي الذي بدأ يعيشه العراق اليوم بعد سقوط النظام الدكتاتوري. ولا استطيع أن ابرىء الدول التي فرضت نفسها على العراق كقوة تستطيع أن تعيد الاشراقة في الديموقراطية والبناء إلى هذا الوطن أنها تحاول أن تبقي هذا الجو المشحون بالدم المراق البريء على هذه الأرض الطيبة من اجل مصالحها الخاصة.

من تقصد هنا؟!
- اقصد بها أميركا أولا وعدم اهتمامهم بوضع حد لهذه الحالة الكارثة التي تسيطر على العراق.
يعني انك تحمل الأميركيين أولا مسؤولية تدهور الوضع الأمني في البلاد!

- بالطبع أليسوا هم من يتحكم بمجريات الأمور؟! أليسوا هم القوة على الأرض اليوم؟! أليسوا هم الجهة الآمرة والناهية؟! الأميركيون يحتلوننا وما يجري من عنف وإرهاب جزء كبير منه ينفذ بحجة مقاومة المحتل. ولا ننسى الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها هذا المحتل منذ اللحظة الأولى لدخوله البلاد ولا يسعنا المجال هنا إلى تكرارها وليس أهمها حل مؤسسة الجيش وتبعات هذه الخطوة.

الحقد والحاقدون

ذكرت أكثر من مرة موضوع الحقد والحاقدين. من تقصد؟!
- ولو كان السؤال من الصعب جدا أن أصرح به. وقد لا يدخل فيه عنصر مسؤولية القيادة ولكن كما نسمع هناك العديد من السوريين واليمنيين والسعوديين المغرر بهم من قبل الفئات والطغمة الفاسدة التي لا تتمنى خيرا لأي بلد ولا أي جهة كانت.

تتهم أفرادا وليس دولا؟!

- أنا في تصوري لو أن حكومات هذه الأفراد تفرض السيطرة كاملة على الحدود وعلى الجهات والعناصر التي تدفع إلى هذا الخطر ستنتهي القضية من العراق ويبقى العراقيون أنفسهم ويمكن أن تتم المصالحة فيما بينهم بما يمكن التعاون عليه وتفرضه الأخوة الوطنية.

إذا كانت هذه الحال موجودة بوجود المحتل الذي كما قلت يتذرع البعض بوجوده لتمرير مخططاتهم، فلماذا لا تطالبون بانسحاب القوات الأميركية؟!

- طالبنا ب'انسحاب تدريجي'(خليها بين قوسين) لكل القوات المتعددة الجنسيات ولكن يجب أن نلاحظ بقناعة أنه مع هذه الفوضى المسيطرة على الوطن من الصعب أن نلح على الانسحاب لأننا لا نستطيع أن نحدد ما قد ينتج غدا إذا لم تكن هناك قوة عراقية كافية مختصة للدفاع عن الامة والأرض.
لكن من الملاحظ أن الأميركيين لا يحركون ساكنا عندما يكون الحال بحاجة إلى تدخلهم وابسط مثال ما جرى بعد حادثة تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء. بل ان الملاحظ أن الأميركيين يتحركون وفق برامجهم الخاصة فقط وليس وفق ما تفرضه الأحداث على الأرض!

- لا شك أن العراق حتى الآن لم يبن بناء قويا قواته العسكرية على كل المستويات. وساعد الأميركيون خاصة في قبول الكثيرين من هب ودب من أزلام النظام البائد في هيكلية الجيش والشرطة اما لعدم معرفتهم (إذا أحسنا الظن) أو لمصالح خاصة أرادوا بها إبقاء العراق في هذه الحالة الفوضوية لمصالحهم وتبرير بقائهم كقوة كبرى.

ويؤسفني أن الأمم المتحدة التي منحت السيادة للعراقيين اعتمدت هذه القوات ذات المصالح الخاصة. ولو أنها استبدلتهم بقوات أممية لكانت المشكلة اخف بكثير. فالأمم المتحدة وفي الوقت الذي تشترط فيه عودة السيادة لتعود إلى العراق فإنها تبقي هذه القوات ذات المصالح الخاصة مستمرة وتلعب دورا في كثير من الأحيان ما يتنافى ومصلحة العراق وبناء العراق وديمقراطية العراق.
إلى أي خيار تميل 'انهم لا يعرفوا أو يجيرون الأوضاع لما يخدم مصالحهم؟! هل يعقل بعد أكثر من ثلاث سنوات ما زالوا لا يعلمون؟!

- أنا بين الاثنين وكلاهما نار. بين حبي لأرضي واحتمالي الناقص بأنه قد يكون وجودهم مساعدا إلى أن يقوى جيشنا.
أخشى بين حرصي على ديموقراطية وطني وبنائه وبين بعض القناعات بأن بعض الوجود الناقص خير من العدم حتى يتم بناء قوات عراقية. ويجب أن نلاحظ هنا حينما نشير إلى ان هذه القوات يجب ان تكون مهمتها مساعدة الدولة العراقية في حفظ الأمن. وان لا تكون مهمتها التدخل في الشؤون الداخلية للعراق.

ولكن ما يحدث هو الشق الثاني؟!
- مع الأسف نعم هذا صحيح. الأميركيون وغيرهم من القوات العاملة ضمن 'متعددة الجنسيات' لا يساعدوننا كثيرا ولا بالشكل المطلوب في ضبط الأمن وبناء القوات العراقية بقدر ما هم يتدخلون في شؤوننا الخاصة، لا وبل يفرضون شروطهم ويمارسون الضغوط على أنواعها ويضعون العراقيل متى رأوا في ذلك لامصلحة لهم بغض النظر عن العواقب التي تنعكس على واقع العراق والعراقيين وعلى المستقبل.

هذا هو الواقع مع الأسف الشديد.
أقول، وبحكم صلاتي وعلاقاتي من موقعي كجزء من هذه الدولة التي نذرت نفسي لها خدمة للوطن وللشعب العراقي ولا أريد ان اذكر أرقاما لظروف خاصة، يشكون من تدخلات أجنبية، وبصراحة أكثر أميركية، في صغائر الأمور. سواء كان في الجانب الأمني أو العملية السياسية. بحيث أننا الآن في محاولة لم الشمل وعدم إثارة مواضيع قد تؤثر في المسيرة فلدي الكثير من الأمثلة على فرض الآراء من قبل هؤلاء على إبقاء الفوضى وعدم العمل على استقرار الحالة في الوطن.

انسحاب قوات الاحتلال

أليست هذه أسباب كافية لكي تتخذوا موقفا جديدا ونهائيا من وجود الاحتلال؟! هناك من يقول ان الشيعة هم راعي المحتل في العراق!

- أولا نحن رفضنا ونرفض الاحتلال بكل أشكاله رفضا كاملا. وأشرت قبل قليل إلى ان الأمم المتحدة ومجلس أمنها أعطتنا حق السيادة بعد ان سلبته منا في بداية سقوط النظام. وكأنه الشعب العراقي الذي عانى ما عاناه طيلة عقود من مشاكل الاستعمار والتدخلات الخارجية لا يعرف جيدا معنى السيادة فالأمم المتحدة منحتنا السيادة بيد وسلبتنا إياها بيد أخرى وهذا هو التناقض بحد ذاته من قبل هذه المؤسسة التي تدعي أنها أنشئت من اجل مصلحة الشعوب وللعمل على تحرير الشعوب من الاستعمار الأجنبي.

ألا تعتقد ان في المطالبة بالانسحاب السريع تسحبون ورقة قوية من يد الغاضبين أولا ومن المسلحين وكل من يتخفى بقناع مقاومة المحتل ليمرر مخططات التنظيمات الإرهابية؟
- لا استطيع ان انفي بعض هذا كما لا استطيع ان اثبت ذلك.
لكنني أقول لو ان دول الجوار، وخاصة العربية منها، وقفت أو تقف اليوم إلى جانب تخلص العراق من هذه المأساة التي نعيشها لأمكننا ان نؤكد على ضرورة التخلص من المحتل ساعة قبل ساعة.

لكن ما نراه الآن من تدخلات فظيعة من قبل بعض دول الجوار وعدم الاهتمام بخلاص العراق من هذه الحالة المعاشة لا تجعلنا من السباقين الى التخلص من نير الاحتلال. خصوصا اننا لم نطمئن بعد الى الذين يقاومون تحرر العراق وهم من التكفيريين وأزلام النظام البائد والمنتفعين ولولا هؤلاء لكانت النتيجة خلاف ما نعيشه الآن.

موانع المؤتمر الدولي

أليست مفارقة غريبة القول ان دول الجوار مستفيدة من سقوط نظام صدام ومستفيدة من بقاء العراق بؤرة توتر؟
- أنا لا أنكر أنها مفارقة، ولكنها مفارقة تعكس المصالح السياسية والذاتية لبعض هذه الدول التي تتدخل في الشأن العراقي وتعمل من حيث تعرف أو لا تعرف لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء.

في الآونة الأخيرة طالبت مسؤولي بعض الدول العربية والمجاورة وغيرها بعقد مؤتمر دولي وتنص على ميثاق شرف على إنهاء هذه الحالة الشاذة وعودة العراق إلى طبيعته. برأيي ان هذا ما يوصلنا إلى نتيجة خيرة نأمل فيها السلامة والتخلص من هذا الوضع.

ما المانع في عقد مؤتمر دولي وكثير من الأطراف يطالب به، وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر كان آخر من قدم مثل هذا الاقتراح.

- المانع موجود خارج العراق وتحديدا عند الكثير من الدول المعنية بمثل هذا المؤتمر. وصدقيني يا سيدتي إنني لا اعرف أسباب هذه الممانعة أو الممنوعات حق معرفة.

مصير توصيات مؤتمر مكة

ألم تقدموا هذا الاقتراح في مؤتمر مكة؟
- بل فعلت وأمام الجميع وطالبت الجميع. وأنا من الذين يرون في توصيات مؤتمر مكة ايجابيات كبيرة تقبلها غالبية العراقيين بكل اهتمام، لكن مع كل الأسف فإن منظمة المؤتمر الإسلامي التي دعت إلى هذا الاجتماع توقفت أو لم تتوقف لا نعلم بحمل على الاقل الدول التي تشارك في المؤتمر (أكثر من 43 دولة) على العمل الجاد في تنفيذ الاتفاقية.

الاتفاقية في حد ذاتها جادة وجامعة للشمل العراقي وما رأينا حتى هذا اليوم من مراحل تنفيذها على ارض الواقع. ولا اشك في ان هذه العصابات التي تجاهر بهذا الموقف المشين نحو العراق وشعبه ترتبط ارتباطا وثيقا ببعض الدول العربية منها وغير العربية ونخشى ان تبقى هذه الوثيقة حبرا على ورق وتفقد قوتها وتأثيرها الدولي.
نأمل من القيادة السعودية ان تكون القوة الدافعة الأساس لتنفيذها لما لها من مكانة لدى الدول العربية والإسلامية. وبذلك تكون قد جسدت آمالها في تحقيق وثيقة مكة نحو الوحدة الوطنية العراقية ولم الشعب العراقي وإعادة ازدهار البلاد.

لكنك لم تجبني بعد. ماذا كانت الردود على رفض عقد مؤتمر دولي؟!
- بودي لو توجهين هذا السؤال إليهم.

المعلم وذكرى الأسد الأب

هذا يسوقنا الى الحديث عن الأجواء التي ستضيفها زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى بغداد؟!
- لا يخفى على احد ان سوريا تشكل القسم الأكبر من المشكلة. ولعل وجود الوزير المعلم في بغداد ونحن نتحدث الآن، يحمل بعض الآمال للعراقيين وينعشهم بان سوريا الأسد سوف تعيد عهد الرئيس المرحوم حافظ الأسد من محبته للعراقيين واحتضانه الطويل واحتماله لمشاكلهم في أيام الضيم والهجمة. ونحن لنا أمل ان القيادة السورية الحالية، قيادة الرئيس بشار الأسد، سوف تحقق أماني العراق في الاستقرار والسلام والأمن وتكبح جماح العصابات التي تنقاد إلى الفئات المضللة والمضللة والعابثة في امن وطننا.

فالعراق أخوته لسوريا قديمة ونكن لها كل الآمال بأن روح حافظ الأسد ستبقى مجسدة في شبله نحو العمل الجاد في سبيل الأمن والاستقرار.

لماذا تأخرت الزيارة؟
- اسألي أميركا وإيران..

تقسيم العراق

يعني نهايته
أين وصلت المناقشات حول تقسيم العراق؟! والى جانب أي رأي تقفون؟!
- عندما اعتز بالعراق من نخيله في الجنوب إلى جباله في الشمال. وعندما أوافق على التقسيم الإقليمي فسيكون علي الاختيار بين النخيل أو الجبال.
العراق عندما يقسم ينتهي. لا مانع من الفدرالية الإدارية أو ولايات مع سلطة مركزية هذا من صالحنا. كيف نعرف في حالة التقسيم كيف ستكون عليه الحال في الجنوب بعد عشر سنوات؟! العراق العريق الذي يمتد عمره إلى آلاف السنين وتاريخه قبل تأسيس شيء اسمه الفارسية يتحدث أبناؤه في المناطق الجنوبية الفارسية أو اللهجة الفارسية.

أنا عندي قناعة ان لدى إيران القدرة على إيقاف هذا الخوف إذا كانت جادة في حرصها على العراق وعلى مصلحة السيادة في العراق وتعتبر ان الجنوب للعراق. فحتى اليوم لم نسمع لهم صوتا أو موقفا أو رأيا مما يجري. ضرب مرقدا الإمامين العسكريين ولم يحركوا ساكنا، علماء الدين والأئمة يغتالون كل يوم ولا تحرك ساكنا كل شيء له حدود.
لا حرب طائفية في العراق
حرب أهلية- طائفية أو بوادر حرب؟! الوضع يتأزم كل يوم وبعد كل اجتماع لدول الجوار وبعد تخريج كل دفعة جديدة للقوات العراقية..؟

- لو كانت هناك حرب أهلية؟! لا اعتقد ان الحالة المعيشة اليوم في العراق تمثل حربا أهلية ولا بداية مثل هكذا حروب، وإنما هي حرب عصابات خارجة على القانون وعن حكومة منتخبة تمثل الشعب العراقي. ودليلي على ذلك ان الجنوب الشيعي والوسط الشيعي لم يردا على العاملين أو المؤججين لهذه الحالة الشاذة قناعة منهم بأنها حالة سياسية وليست طائفية. قناعة منهم بأنها حالة اجتماعية منبعثة من جهات لا تمت إلى الشعب العراقي ومصلحته بأي صلة.

الشعب العراقي بموقفه الرائع أبدى رأيه في نظام صدام حسين الفاشي ورفضه القاطع له. والشعب العراقي (الجنوبي بخاصة) لم يرد على أعمال التكفيريين والظلاميين وأزلام النظام البائد عندما اعتدوا على مقدسات الشيعة مرقدي الامامين العسكريين في سامراء في فبراير الماضي، وكذلك العديد من الاعتداءات على الكثير من مساجد الشيعة والاغتيالات التي طالت عددا من الأئمة والشخصيات.

حتى الآن الفضل يعود إلى المراجع الدينية، وفي مقدمتهم المرجع الأعلى آية الله السيد علي السيستاني والعقلاء من رموز القضية العراقية، في كبح جماح رد الفعل الشيعي حتى لا تعتبر المسألة قضية طائفية وتبدأ الفتنة والحرب الأهلية.

وعلى الجميع ان يعملوا على هذا الخيار الأساسي الذي سيوصلنا إلى شاطئ السلام.

التهدئة مسؤولية الجميع
ماذا كان موقفكم من مذكرة التحقيق بحق رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري؟!

- اعتقد ان المسؤولين في الدولة العراقية قد ردوا على هذا السؤال بالقول انه استجواب وليس توقيفا وإذا جرى تفسيره من جهة ما يتنافى مع موقف المسؤولين العراقيين. ولكن في الوقت نفسه نطلب من هذه الشخصية (الضاري) إطفاء الفتنة وعودة البلاد إلى شروقها الأصيل. فنحن جميعا أبناء هذا الوطن وعلينا جميعنا مسؤولية كبيرة وبخاصة رئيس هيئة علماء المسلمين الذي يحمل مع أخوانه قادة البلاد مسؤولية الاستقرار والأمن والسلامة، وبقية الأمور الجانبية يمكن ان تحل بالتفاهم والحوار الهادئ.

التعديل الوزاري عملي وليس سياسيا
هل انتم متفائلون بموضوع التعديل الوزاري الذي أشار إليه المالكي؟!

- الأخ رئيس الوزراء أشار إلى هذا التعديل المرتقب أكثر من مرة، وهو بذلك يرد على المتسائلين عن عوامل وأسباب هذا التعديل. لكن في الحقيقة ان التيارات المشاركة في الوزارة الحالية بعضهم لم يمثل من يستحق تحمل المسؤولية في ظروف مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق. وكان طلب من بعض التيارات ان يرشح كل تيار ثلاثة أشخاص ليكون لديه مجال للاختيار.

ومن خلال تصريحاته العامة والخاصة نستطيع ان ندعي ان التعديل الوزاري المرتقب لم يكن سياسيا وإنما هو عملي أكثر من كونه يحمل طابعا آخر. ولا احسب انه سيكون كبيرا وشاملا.

إعدام صدام مسألة وقت
في رأيكم الخاص هل سيعدم صدام؟
- أدعو الله سبحانه وتعالى أن يعدموه اليوم قبل الغد وان كان الإعدام في رأيي لا يكفي في مثل هذا الشخص. أنا أقول إن الأميركيين وإرضاء لعنجهيتهم وتكبرهم يتلذذون برؤية الطاغية يتعذب ويذل كل دقيقة ببقائه خلف القضبان ذليلا عاجزا مقهورا. لذلك فان مسالة إطالة محاكمته وبالتالي المراوغة في تنفيذ حكم الإعدام تفيدهم كما يفيدهم إعدامه وربما أكثر.

وهناك توجه من العرب السنة بعدم إعدامه. بعد صدور الحكم زرت رئيس الوزراء نوري المالكي. وأنا عنده تسلم عريضة تحمل تواقيع أكثر من 1500 من شيوخ عشائر الموصل والانبار وتكريت يطالبون 'بإعادة شيخ المواطنة إليهم'. انه ضغط شئنا أم أبينا ولو أن الأخ المالكي أكد لي بأنه لن يضعف ولن يستكين ولن يتأثر بالضغوطات. لكن الضغوطات كثيرة. هذا من جهة. ومن جهة أخرى أقول إن حكم الإعدام صدر بحق قضية الدجيل المعني بها بصورة أساسية الشيعة قبل غيرهم. وإخواننا الأكراد لن يرضوا بان ينفذ حكم الإعدام في قضية الدجيل بينما هم يرون أن قضية الأنفال أهم بكثير. لذلك سيطالبون بالانتظار لحين الانتهاء من قضية الأنفال. بعد الأكراد لا شك سيأتي أصحاب قضية قمع انتفاضة الجنوب. وربما بعدهم يأتي الكويتيون مع حقهم في المطالبة بقضية الغزو. وهناك الإيرانيون.

خلاصة القول اعتقد أن الحكومة جادة في موضوع تنفيذ حكم الإعدام لكن التنفيذ سيأخذ وقتا غير الوقت القانوني الذي تحكمه قضية الاستئناف.

في الحكم على صدام
'لا تقل أين يومنا يا حقود
اتعب القلب والطريق بعيد
واتت ذروة المذلة تجتاح كيان الطغاة
كي لا يعودوا..'

ابن الثمانين
أراد السيد محمد بحر العلوم ان يسر لي كيف ان حادثة وفاة زوجته تركت في قلبه الضيم والحزن. فكانت هذه الأبيات عن سيدة من الأقارب أرادت ان تهديه زجاجة عطر:

'أطلت علي كفجر الربيع
سمراء تزهو بقول بديع
تحمله كل ما تستطيع
من لغة الحب بذوق رفيع
وتغرس فيه قضايا الهوى
ينمو مغذا بقلبي الوجيع
تمنيتها في سني الشباب وعهد التصابي ولا من مذيع
لافيتها في عيوني ..هوى جموحا
يكيد في أحلامها لا يضيع
وفي صدرها صبوات الحياة تنادي بلهفة وجد فظيع
تقول تحدث ولا ترتعب
فعقلي لديك سميع مطيع
فقلت لها يا حزاما من الرقة
أنا فيك سرم وعهد منيع
تجاوز عمري الهوى والفتون
وان كان فكري إليه شفيع
فلا توقظيه بحق العيون
وحلو الحديث
وحسن الصنيع
فمشواره صعب لا يطاق
وابن الثمانين لا يستطيع'

عندما رحلت رفيقة درب الستين عاما
هو في مماتها.. كما كان في حياتها. يذكرها في كل شاردة وواردة. في حديثه عن التشرد أيام الهروب الطويل من طغيان صدام.. وأيضا في حديثه عن طريق العودة إلى الوطن.
'كنت آمل ان أتشارك معها أياما فرحة بعد سقوط الطاغية..'.
قال السيد محمد بحر العلوم، مستذكرا بحزن واسى زوجته التي توفاها الله قبل أشهر قليلة. ولأنها حاضرة في باله كما في قلبه في كل لحظة، أبى السيد إلا ان يتلو على مسمعي أبياتا رثائية خطها بحزنه قبل قلمه.
مد يده إلى جيبه ليسحب منها قصاصات ورقية حجمها اصغر من كف يده محشوة بكلمات خطت باحرف صغيرة جدا. نظر إلى ما بين الاسطر المتداخلة وشرع يقرأ أبياتا قال عنها 'ما مرت علي أبيات تألمت فيها مثل هذه'.
واضاف قبل ان يتلو مرثيته في شريكة عمره ورفيقة دربه النضالي الطويل (60 عاما) 'لقد فوجئت بوفاتها واستغفر الله'.
وفيما يلي القصيدة الرثائية:

'لملمت رسمك من عمري بلا ملل
وغبت عن ناظري في زحمة الأمل
وكنت لي سكنا في كل موجعة
وعاصفا من حنان رائع المثل
ستون عاما قضيناها مجنحة
بالطيبات فغص الكأس بالوسل
لم تذهب ظن أيامي مصعبة
بالاصعبين بعاد الأهل والوجل
أراك باسمة والليل يلفحنا
بصوته
وسهام الحقد والعلل
فتنعشين جراحي كلما غبشت
لنا الخفوق فيزهو الجرح بالأمل
وكنت في الغربة الرعناء خير من
يضيف مر الظن بالحب والعسل
وأنت أنت ورغم القهر قافلة
من الصمود وان تبكين في مهل
يا نغمة الحب ما شحت خواطره
ذكرى الأحبة تحيي قسوة المحن
صعدت بالعمر عنوانا يلف به
مجد مهلهل في سهل وفي جبل
كم مرة حسدتك الحاسدات بها
لما تحملت من هول الفراق (جلي)
قدت الصراع معي يا لوعة الأمل
للشعب للوطن المصدوم في قتل
وما همست بأذني لحظة جزعا
من الموائد حيث الصائدات جل
وحين فجرها صدام كارثة
فارتاع منك ضمير تائه المقل
أسحقت عنها طويلا تبحثين به
عن مأمن ليقين شر مرتحل
حتى إذا الفجر أولاني محاسنه
بعضا من الفرحة النشوى على الخجل
أبدلت صحوتنا حزنا وفاجعة
وراح نعشك في القلب يشتعل'