جمال
11-14-2006, 11:51 PM
بغداد: سابرينا تافرنايس*
لم يكن هناك سوى عدد ضئيل جدا من الأفراد الذين اعتبروا رجل الدين المتقلب، مقتدى الصدر زعيم أكبر ميليشيا في العراق، رجل دولة.
مع ذلك فإنه جلس في الشهر الماضي على كنبة مع رئيس الوزراء العراقي ليدعو أعوانه لرفض الانقسام الطائفي، وقام بعدة زيارات لأكبر رجل دين شيعي في العراق.
وظل الصدر، 33 سنة، لفترة طويلة خارج المؤسسة، لكنه أصبح الآن داخل الحكومة العراقية، وهذا يعود إلى أن أتباعه يشكلون أكبر ميليشيا شيعية تتميز بالتقلب وانعدام الثبات. والآن وبعد أكثر من عام في السلطة أصبح هو ومساعدوه الكبار جزءا أساسيا من المؤسسة الحاكمة، وهذا موقع جلب له ولأتباعه ثراء وراحة جديدين. وهذا التحول أزاح التهديد القائم أمام الجيش الأميركي، اذ لم يعد كما السابق يواجه انتفاضات على يد مقاتلي الصدر عند دخول وحداته معاقلهم.
لكن ترويض الصدر جلب معه تناقضا: فبالقدر الذي يصبح أكثر استقرارا في المؤسسة الحاكمة، فانه يفقد سطوته على مقاتليه في الشوارع وأولئك الذين تغلغلوا في قوات الأمن. وبعد عامين على محاربتهم للدبابات الأميركية بقيادة الصدر أنهى الكثير منهم صلاتهم به بسبب ميله للحلول الوسطى، وهذا ما جعلهم يأخذون دورا أكثر فعالية في أعمال القتل. الأمر الذي يثير قلقه حسب ما يقول بعض مساعديه. وقال إنه يحاول التخلص منهم، اذ طرد في الشهر الماضي 40 منهم علنا.
ويعكس العنف المتصاعد لبعض أتباع الصدر الوضع المتدهور في العراق، حيث أصبح الوضع أقل مركزية وخارجا عن السيطرة، بينما أصبح للإجرام اليد الطولى منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003. ويشكل الوضع اولوية في برنامج الكونغرس الأميركي بعد تحقيق الحزب الديمقراطي الأكثرية في المجلسين.
وقال سياسي شيعي إن «الصدريين يواجهون مشكلة. فهم شكلوا ميليشيا راحت تتوسع والآن أصبحت كل وحدة منها خلية قائمة بذاتها. إنه أمر خطير».
وليس واضحا ما إذا كانت تصريحات الصدر العلنية وجهوده للإصلاح هي صادقة حقا. لكن في العراق وحيث السلطة تنبع من فوهة البندقية، لا أحد يعرف هذه الحقيقة أفضل منه. وجاء صعود الصدر السياسي بفضل الجهود الأميركية والعراقية إلى حد ما. فخلال الجزء الأكبر من عام 2004 ظل القادة العراقيون يتحركون في جنوب بغداد والنجف، حيث يعيش الصدر، لإقناعه بتخلي أتباعه في ميليشيا جيش المهدي عن سلاحهم ودخول العملية السياسية. وأخيرا وافق على ذلك. مع ذلك بقي أتباعه محتفظين بالسلاح.
والآن أصبحت الأطراف الموالية له تحتل أكبر حصة من مقاعد البرلمان وتمكنت من إيصال رئيس الوزراء إلى الحكم. وهم يسيطرون على خمس حقائب وزارية.
ويوصف الصدر غالبا بأنه متقلب الأهواء ومهوس بصورته ويمتلك قدرة ضئيلة على التركيز، وظل الصدر يقوم بزيارات لآية الله العظمى علي السيستاني أبزر رجل دين شيعي في العراق، ويبدو أنه بدأ يتعلم فنون التفاوض والتسويات.
وقال موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي «أصبح الآن يتحاور بطريقة أفضل ويحاول آية الله العظمى السيستاني أن يدخله ضمن الخط العام».
ومع حدوث هذا التحول باتت الحرب أكثر دموية بالنسبة للعراقيين في الشارع، والكثير من أنصار الصدر راحوا يتبعون قادة أكثر تشددا داخل جيش المهدي.
وما عاد أولئك الشيعة الفقراء يتبعون الصدر، حتى مع بقاء صوره ملصقة على الجدران والأغاني تردد اسمه في شوارع «مدينة الصدر» تلك المنطقة الفقيرة الممتدة في شرق بغداد. فدعوته للهدوء ما عادت ترضي الكثيرين من أولئك الغاضبين بسبب أعمال القتل التي تحدث على يد الميليشيات السنية.
قال طالب جامعي يبلغ من العمر السادسة والعشرين ويسكن في مدينة الصدر «حينما يُقتل عامل لأنه من أبناء مدينة الصدر، ماذا تتوقع من عائلته؟ بالتأكيد ستحاول الانتقام».
والنتيجة هي تكاثر عدد قادة الميليشيات ـ ويقول مسؤول من قوات التحالف إنه كان في سبتمبر ما لا يقل عن ستة يقومون بهجمات منفردة. وأحد القادة الجدد بائع سمك ويعرف باسم أبو درع، وحسب شائعة فإن دبابة أميركية أطلقت نيرانها عليه ولم تصبه.
وعلى الرغم من نكران أتباعه، فإن السنّة يقولون إن ابو درع هو واحد من اكبر القتلة في المدينة وهو مسؤول عن مقتل آلاف السنة الذين تظهر جثثهم كل يوم في مقلب للنفايات يبعد عن مسكنه ميلا واحدا. ويشار إليه غالبا على أنه «زرقاوي الشيعة»، في إشارة لأبو مصعب الزرقاوي قائد قاعدة بلاد الرافدين، والذي قتل على يد قوات أميركية في يونيو(حزيران) الماضي.
وأعطى نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأميركيين الموافقة على اعتقالهم. وهم حاولوا القيام بذلك مرتين لكنهم فشلوا.
من المؤكد أن أبو درع يلهم الشيعة الذين يريدون أن يأخذوا القانون بأيديهم أو كما يرونه تنفيذا للعدالة في وجه هجمات السنة في وقت تبدو الحكومة عاجزة عن فعل شيء ما.
*خدمة «نيويورك تايمز» ـ (خاص بـ«الشرق الاوسط»)
لم يكن هناك سوى عدد ضئيل جدا من الأفراد الذين اعتبروا رجل الدين المتقلب، مقتدى الصدر زعيم أكبر ميليشيا في العراق، رجل دولة.
مع ذلك فإنه جلس في الشهر الماضي على كنبة مع رئيس الوزراء العراقي ليدعو أعوانه لرفض الانقسام الطائفي، وقام بعدة زيارات لأكبر رجل دين شيعي في العراق.
وظل الصدر، 33 سنة، لفترة طويلة خارج المؤسسة، لكنه أصبح الآن داخل الحكومة العراقية، وهذا يعود إلى أن أتباعه يشكلون أكبر ميليشيا شيعية تتميز بالتقلب وانعدام الثبات. والآن وبعد أكثر من عام في السلطة أصبح هو ومساعدوه الكبار جزءا أساسيا من المؤسسة الحاكمة، وهذا موقع جلب له ولأتباعه ثراء وراحة جديدين. وهذا التحول أزاح التهديد القائم أمام الجيش الأميركي، اذ لم يعد كما السابق يواجه انتفاضات على يد مقاتلي الصدر عند دخول وحداته معاقلهم.
لكن ترويض الصدر جلب معه تناقضا: فبالقدر الذي يصبح أكثر استقرارا في المؤسسة الحاكمة، فانه يفقد سطوته على مقاتليه في الشوارع وأولئك الذين تغلغلوا في قوات الأمن. وبعد عامين على محاربتهم للدبابات الأميركية بقيادة الصدر أنهى الكثير منهم صلاتهم به بسبب ميله للحلول الوسطى، وهذا ما جعلهم يأخذون دورا أكثر فعالية في أعمال القتل. الأمر الذي يثير قلقه حسب ما يقول بعض مساعديه. وقال إنه يحاول التخلص منهم، اذ طرد في الشهر الماضي 40 منهم علنا.
ويعكس العنف المتصاعد لبعض أتباع الصدر الوضع المتدهور في العراق، حيث أصبح الوضع أقل مركزية وخارجا عن السيطرة، بينما أصبح للإجرام اليد الطولى منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003. ويشكل الوضع اولوية في برنامج الكونغرس الأميركي بعد تحقيق الحزب الديمقراطي الأكثرية في المجلسين.
وقال سياسي شيعي إن «الصدريين يواجهون مشكلة. فهم شكلوا ميليشيا راحت تتوسع والآن أصبحت كل وحدة منها خلية قائمة بذاتها. إنه أمر خطير».
وليس واضحا ما إذا كانت تصريحات الصدر العلنية وجهوده للإصلاح هي صادقة حقا. لكن في العراق وحيث السلطة تنبع من فوهة البندقية، لا أحد يعرف هذه الحقيقة أفضل منه. وجاء صعود الصدر السياسي بفضل الجهود الأميركية والعراقية إلى حد ما. فخلال الجزء الأكبر من عام 2004 ظل القادة العراقيون يتحركون في جنوب بغداد والنجف، حيث يعيش الصدر، لإقناعه بتخلي أتباعه في ميليشيا جيش المهدي عن سلاحهم ودخول العملية السياسية. وأخيرا وافق على ذلك. مع ذلك بقي أتباعه محتفظين بالسلاح.
والآن أصبحت الأطراف الموالية له تحتل أكبر حصة من مقاعد البرلمان وتمكنت من إيصال رئيس الوزراء إلى الحكم. وهم يسيطرون على خمس حقائب وزارية.
ويوصف الصدر غالبا بأنه متقلب الأهواء ومهوس بصورته ويمتلك قدرة ضئيلة على التركيز، وظل الصدر يقوم بزيارات لآية الله العظمى علي السيستاني أبزر رجل دين شيعي في العراق، ويبدو أنه بدأ يتعلم فنون التفاوض والتسويات.
وقال موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي «أصبح الآن يتحاور بطريقة أفضل ويحاول آية الله العظمى السيستاني أن يدخله ضمن الخط العام».
ومع حدوث هذا التحول باتت الحرب أكثر دموية بالنسبة للعراقيين في الشارع، والكثير من أنصار الصدر راحوا يتبعون قادة أكثر تشددا داخل جيش المهدي.
وما عاد أولئك الشيعة الفقراء يتبعون الصدر، حتى مع بقاء صوره ملصقة على الجدران والأغاني تردد اسمه في شوارع «مدينة الصدر» تلك المنطقة الفقيرة الممتدة في شرق بغداد. فدعوته للهدوء ما عادت ترضي الكثيرين من أولئك الغاضبين بسبب أعمال القتل التي تحدث على يد الميليشيات السنية.
قال طالب جامعي يبلغ من العمر السادسة والعشرين ويسكن في مدينة الصدر «حينما يُقتل عامل لأنه من أبناء مدينة الصدر، ماذا تتوقع من عائلته؟ بالتأكيد ستحاول الانتقام».
والنتيجة هي تكاثر عدد قادة الميليشيات ـ ويقول مسؤول من قوات التحالف إنه كان في سبتمبر ما لا يقل عن ستة يقومون بهجمات منفردة. وأحد القادة الجدد بائع سمك ويعرف باسم أبو درع، وحسب شائعة فإن دبابة أميركية أطلقت نيرانها عليه ولم تصبه.
وعلى الرغم من نكران أتباعه، فإن السنّة يقولون إن ابو درع هو واحد من اكبر القتلة في المدينة وهو مسؤول عن مقتل آلاف السنة الذين تظهر جثثهم كل يوم في مقلب للنفايات يبعد عن مسكنه ميلا واحدا. ويشار إليه غالبا على أنه «زرقاوي الشيعة»، في إشارة لأبو مصعب الزرقاوي قائد قاعدة بلاد الرافدين، والذي قتل على يد قوات أميركية في يونيو(حزيران) الماضي.
وأعطى نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأميركيين الموافقة على اعتقالهم. وهم حاولوا القيام بذلك مرتين لكنهم فشلوا.
من المؤكد أن أبو درع يلهم الشيعة الذين يريدون أن يأخذوا القانون بأيديهم أو كما يرونه تنفيذا للعدالة في وجه هجمات السنة في وقت تبدو الحكومة عاجزة عن فعل شيء ما.
*خدمة «نيويورك تايمز» ـ (خاص بـ«الشرق الاوسط»)