سلسبيل
11-11-2006, 03:53 PM
محمد حبيب بو شهري
freedom@taleea.com
يروى عن الزعيم الهندي المهاتما غاندي أنه في إحدى الأيام كان يشتكي لقرينته من أرباب الطبقة الأرستقراطية في مجتمعه لبذخهم الكبير في الإنفاق وارتدائهم لأرقى الحلي و"البدل" التي تزينها ربطات العنق الفخمة، فكان الجواب من حرمه كالتالي: عزيزي غاندي بدلا من أن تنتقد هولاء المتعجرفين ليتك أولا ابتدأت بنفسك وذلك من خلال تخليك عن أبهة الملبس!
ذلك الرأي السديد كان له أوقع الأثر في نفسية المهاتما، وبالتالي أدى الى تنازله عن بزته وربطة عنقه ولجوئه الى لبس قطعتين من القماش الأبيض الذي لا يتجاوز سعره دولارا واحدا في ذلك الحين، وتلك القضية كانت نقطة التحول في نمط حياة المهاتما مما أدت بالنهاية الى نشوء جذوة صراعه مع المحتل البريطاني حتى إنجلائه·
المغزى من تلك الحكاية المهمة والمؤثرة، أن غاندي فعلا طبق نقده وانسجم مع نفسه، ثمة حكمة عربية تقول: (خير المقال ما صدقته الفعال)· ترى كم واحدا منا يلتزم مع ما يطرحه أو يكتبه من مقال صحافي خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بالإصلاح واجتثاث الفساد بعد أن كثر الحديث والجدال عنه؟ يعني مثلا، هل يمكن لنا أن نحترم شخصا يسعى نحو التغيير والإصلاح وفي الوقت نفسه نجده لا يداوم في السنة على رأس عمله الحكومي إلا يوما واحداً فقط لا غير؟! وآخرون يتشدقون بالوطنية والنظام والقانون ومقتهم للعصبيات بجميع أشكالها، بيد أنهم تعروا تماما في أثناء انتخابات مجلس الأمة الأخيرة وذلك من خلال اصطفافهم مع أحد المرشحين الطائفيين المراهقين!!
بالله عليكم هل يوجد تناقض أكثر من ذلك؟! وآخرون يدعون استهجانهم واستنكارهم لأي انتخابات فرعية، بينما في الواقع نكتشف بأنهم من المهندسين لذلك العمل المشين!! وآخرون ما كانوا يتجرؤون بالنزول للشارع مع المخلصين من جمهور حركة البرتقالي في مطالبتهم بتقليص الدوائر الانتخابية، وعلى حين غرة نجدهم ضمن المحتشدين في الاحتفالية الأخيرة لمرشحي البرتقالي حاملين بأيديهم كاميرات الفيديو ويطلقون الأهازيج!! (مقيولة·· في الانتصار الكل يدعي بأنه أب لذلك النصر، أما في الهزيمة فالأغلبية تتبرأ منها) مشكلتنا الكبرى أنه في السنوات الأخيرة عندنا أضحى الكثيرون يرغبون في الوصول والقيادة والشهرة بشتى الطرق، حتى أصبحوا أساتذة لماكيافللي في فن الخداع والمراوغة·· لا أعلم حقا، كيف يتصور البعض أنفسهم من المتميزين فقط بسبب إلقائهم لبعض الخطب أو حملهم لمسميات مزخرفة تسبق أسماءهم التي قال عنها الأستاذ محمد الرميحي في مقاله قبل أسبوعين في "الرأي العام" (دكتوراه أول أبريل) أي المؤهلات التي يتم الحصول علىها بالتدليس في الآونة الأخيرة؟!
كم أتمنى من هؤلاء الطامحين نحو الزعامة أو الشهرة أن يعوا جيدا بأن طرق الوصول الصحيحة هي الأسلم والبقاء للأصلح كما قال الفيلسوف الألماني نيتشة، إلا أن ذلك الأمر يحتاج الى عمل مضنٍ وجد وإخلاص وشجاعة، وفضلا على ذلك أي فكر أو قول لا يقترن بالتطبيق والعمل عليه فلا فائدة مرجوة منه، وكي نثبت ذلك نسترجع الذاكرة لطرح بعض الأمثلة على مستوى ساحتنا المحلية، بيد أنني سوف لن أذكر أي اسم حتى لا أبخس من حق أحد منهم أو لكي لا أتهم بأنني أداهن أو أتزلف لأحدهم ففي القرن الماضي كما نعلم بأن ثمة صناديد وقفوا بكل بسالة تجاه كل من كان يفكر بالنيل من الدستور والحريات ولا سيما أثناء غياب مجلس الأمة، ولما تم إقرار المجلس الوطني غير الدستوري ثلة من الأحرار شجبوا واستنكروا وجوده ثم واكب ذلك إقامتهم لدواوين الاثنين والتي كانت تنادي بعودة مجلس الأمة والديمقراطية والحريات، وبالطبع في تلك الفترة هناك من تعرض منهم للأذى والاعتقال والاغتيال، بعد ذلك، ولكنهم لم يتبدلوا ولم يتزحزح الكثير منهم عن جادة الحق والموقف الصلب·
كلي أمل من الكتل البرلمانية والمجاميع السياسية ومؤسسات المجتمع المدني أن يتحروا الدقة والحيطة في شأن انضمام أي فرد لهم، وليتهم أيضا يغربلوا وينفضوا غبار بعض المندسين فيما بينهم كما يتم نفض العجاج من الطنفسة! فقد يكفينا ردة ومهازل·· وكان آخرها ذاك الذي توسمنا فيه الخير وهو رجل قانون يقترع لأمانة سر مجلس الأمة بالعلن بالرغم من سرية التصويت!! لا شك كل هذا من أجل ضمان عودته لمقعده الوثير المنتفخ بالكثير من الامتيازات·
freedom@taleea.com
freedom@taleea.com
يروى عن الزعيم الهندي المهاتما غاندي أنه في إحدى الأيام كان يشتكي لقرينته من أرباب الطبقة الأرستقراطية في مجتمعه لبذخهم الكبير في الإنفاق وارتدائهم لأرقى الحلي و"البدل" التي تزينها ربطات العنق الفخمة، فكان الجواب من حرمه كالتالي: عزيزي غاندي بدلا من أن تنتقد هولاء المتعجرفين ليتك أولا ابتدأت بنفسك وذلك من خلال تخليك عن أبهة الملبس!
ذلك الرأي السديد كان له أوقع الأثر في نفسية المهاتما، وبالتالي أدى الى تنازله عن بزته وربطة عنقه ولجوئه الى لبس قطعتين من القماش الأبيض الذي لا يتجاوز سعره دولارا واحدا في ذلك الحين، وتلك القضية كانت نقطة التحول في نمط حياة المهاتما مما أدت بالنهاية الى نشوء جذوة صراعه مع المحتل البريطاني حتى إنجلائه·
المغزى من تلك الحكاية المهمة والمؤثرة، أن غاندي فعلا طبق نقده وانسجم مع نفسه، ثمة حكمة عربية تقول: (خير المقال ما صدقته الفعال)· ترى كم واحدا منا يلتزم مع ما يطرحه أو يكتبه من مقال صحافي خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بالإصلاح واجتثاث الفساد بعد أن كثر الحديث والجدال عنه؟ يعني مثلا، هل يمكن لنا أن نحترم شخصا يسعى نحو التغيير والإصلاح وفي الوقت نفسه نجده لا يداوم في السنة على رأس عمله الحكومي إلا يوما واحداً فقط لا غير؟! وآخرون يتشدقون بالوطنية والنظام والقانون ومقتهم للعصبيات بجميع أشكالها، بيد أنهم تعروا تماما في أثناء انتخابات مجلس الأمة الأخيرة وذلك من خلال اصطفافهم مع أحد المرشحين الطائفيين المراهقين!!
بالله عليكم هل يوجد تناقض أكثر من ذلك؟! وآخرون يدعون استهجانهم واستنكارهم لأي انتخابات فرعية، بينما في الواقع نكتشف بأنهم من المهندسين لذلك العمل المشين!! وآخرون ما كانوا يتجرؤون بالنزول للشارع مع المخلصين من جمهور حركة البرتقالي في مطالبتهم بتقليص الدوائر الانتخابية، وعلى حين غرة نجدهم ضمن المحتشدين في الاحتفالية الأخيرة لمرشحي البرتقالي حاملين بأيديهم كاميرات الفيديو ويطلقون الأهازيج!! (مقيولة·· في الانتصار الكل يدعي بأنه أب لذلك النصر، أما في الهزيمة فالأغلبية تتبرأ منها) مشكلتنا الكبرى أنه في السنوات الأخيرة عندنا أضحى الكثيرون يرغبون في الوصول والقيادة والشهرة بشتى الطرق، حتى أصبحوا أساتذة لماكيافللي في فن الخداع والمراوغة·· لا أعلم حقا، كيف يتصور البعض أنفسهم من المتميزين فقط بسبب إلقائهم لبعض الخطب أو حملهم لمسميات مزخرفة تسبق أسماءهم التي قال عنها الأستاذ محمد الرميحي في مقاله قبل أسبوعين في "الرأي العام" (دكتوراه أول أبريل) أي المؤهلات التي يتم الحصول علىها بالتدليس في الآونة الأخيرة؟!
كم أتمنى من هؤلاء الطامحين نحو الزعامة أو الشهرة أن يعوا جيدا بأن طرق الوصول الصحيحة هي الأسلم والبقاء للأصلح كما قال الفيلسوف الألماني نيتشة، إلا أن ذلك الأمر يحتاج الى عمل مضنٍ وجد وإخلاص وشجاعة، وفضلا على ذلك أي فكر أو قول لا يقترن بالتطبيق والعمل عليه فلا فائدة مرجوة منه، وكي نثبت ذلك نسترجع الذاكرة لطرح بعض الأمثلة على مستوى ساحتنا المحلية، بيد أنني سوف لن أذكر أي اسم حتى لا أبخس من حق أحد منهم أو لكي لا أتهم بأنني أداهن أو أتزلف لأحدهم ففي القرن الماضي كما نعلم بأن ثمة صناديد وقفوا بكل بسالة تجاه كل من كان يفكر بالنيل من الدستور والحريات ولا سيما أثناء غياب مجلس الأمة، ولما تم إقرار المجلس الوطني غير الدستوري ثلة من الأحرار شجبوا واستنكروا وجوده ثم واكب ذلك إقامتهم لدواوين الاثنين والتي كانت تنادي بعودة مجلس الأمة والديمقراطية والحريات، وبالطبع في تلك الفترة هناك من تعرض منهم للأذى والاعتقال والاغتيال، بعد ذلك، ولكنهم لم يتبدلوا ولم يتزحزح الكثير منهم عن جادة الحق والموقف الصلب·
كلي أمل من الكتل البرلمانية والمجاميع السياسية ومؤسسات المجتمع المدني أن يتحروا الدقة والحيطة في شأن انضمام أي فرد لهم، وليتهم أيضا يغربلوا وينفضوا غبار بعض المندسين فيما بينهم كما يتم نفض العجاج من الطنفسة! فقد يكفينا ردة ومهازل·· وكان آخرها ذاك الذي توسمنا فيه الخير وهو رجل قانون يقترع لأمانة سر مجلس الأمة بالعلن بالرغم من سرية التصويت!! لا شك كل هذا من أجل ضمان عودته لمقعده الوثير المنتفخ بالكثير من الامتيازات·
freedom@taleea.com