المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لهجات متنوعة في جنوب السعودية وروايات عن استخدام اللهجة «الفيفية» في حرب الكويت



جمال
11-03-2006, 12:58 PM
فرضتها تضاريس المنطقة وقبائلها

أبها: شاكر أبوطالب

تتميز المنطقة الجنوبية من السعودية (نجران وعسير وجازان)، التي تتشرف بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، في هذه الأيام، بتنوع لافت على مختلف الصعد، بدءا بالتضاريس التي ليس لها مثيل في المملكة، فباستثناء الأنهار، توجد الجبال المرتفعة والسهول المنبسطة والأودية الكبيرة والصغيرة والكثبان الرملية والسبخات الملحية والعيون الحارة والباردة والشواطئ والخلجان الصغيرة والجزر، وليس هذا التنوع البيئي فحسب، بل هناك تنوع في الثروات الطبيعية والمقومات البيئية، وأهم من ذلك كله، عدد القبائل الضخم، والتي تقطن القرى قبل المدن، ومن أكبرها عدداً وجغرافياً، قبائل اليامية والقحطانية والشهرية والعسيرية والأسمرية والأحمرية والألمعية والخيراتية والمسارحة والحكمية وغيرها من القبائل العديدة، التي لا تتسع المساحة لسردها.

هذا التنوع أكسب المناطق الثلاث ميزة تعدد اللهجات، لفظياً ومعنى وموسيقياً، وجميعها تنضوي تحت لواء اللغة العربية، والاختلاف بين اللهجات يعود إلى المكان بالدرجة الأولى، فهناك لهجات جبلية وأخرى ساحلية (يطلق عليها تهامية) نسبة لسهل تهامة، وثالثة بحرية، وفي داخل كل واحدة من هذه اللهجات، لهجات عديدة.

وتشترك جميع هذه اللهجات في خصائص محددة، من ذلك استخدام (أم) بدلاً من (أل) التعريف، وهي التي أسماها اللغويون «اللغة الحميرية»، فيقولون «امشمس» و«امقمر»، إذا كان المسمى معروفا لدى السامع، ولا يقولون «امحمد» أو «امعلي»، وفي حديث أبى هريرة: «أنه دخل على عثمان (الخليفة الراشدي رضي الله عنه) وهو محصور فقال: الآن طاب امضرب»، أي حل القتال، أراد طاب الضرب، فأبدل لام التعريف ميما، وهي لغة عربية منتشرة في جنوب الجزيرة العربية، وروي عن الأخفش أنه سمع قائلا يقول: قام امرجل، يريد قام الرجل.

وهناك خاصيتا «الكشكشة» و«الكسكسة»، وهي إبدال كاف المخاطبة شينا أو سيناً، فيقولون: أبوش أو أبوس، بدلا عن أبوك، وتنفرد «الكسكسة» في الخطاب الموجه للأنثى، كذلك خاصية «الاستنطاء»، وهي جعل حرف العين الساكن نونا، إذا كانت قبل حرف الطاء، فأعطى يقال فيها أنطى، قال الأعشى «جيادك خير جياد الملوك·· تصان الحلال وتنطي الشعيرا»، إضافة إلى خاصية «اللخلخانية»، وهي تقصير الحركات واختزال النبر، حيث يقال «كنك» أي كأنك، وهناك خاصية «الوهم»، والتي يكثر فيها الكسر في اللهجة، إلى جانب خاصية «التسهيل»، وهي ترخيم الهمزة، حيث يقولون «بير»، في الإشارة للبئر.

ومن الخصائص المميزة للهجات في المناطق الثلاث، خاصية «الرسو»، وهي إبدال حرفي السين والزاي، بحرف الصاد، فيقولون «أصطورة»، يقصدون «أسطورة»، إلى جانب خاصية «الكاف التهامية»، حيث تنطق الكاف من وسط الحنك الأعلى، ولكن بتخفيف، ما يجعلها بين النطق المعروف وبين الخاء، إضافة إلى خاصية «تنوين النغم»، وهي نطق تاء التأنيث نوناً ساكنة، فيقولون «قالن» أي قالت، وقال الشاعر جرير «أقلي اللوم عاذل والعتبن··وقولي إن أصبت لقد أصابن»، وهناك خاصية نطق الاسم الموصول «الذي» بلفظ «ذا» أو «ذها»، وغيرها من الخصائص الأخرى.

وتوجد بعض اللهجات الجبلية المعقدة والصعبة، لا سيما في جبال فيفا وبني مالك، التابعة لمنطقة جازان، حتى أنه أشيع استخدام اللهجة «الفيفية»، نسبة إلى جبال فيفا، في المهاتفات بين الوحدات العسكرية في حرب تحرير دولة الكويت (عاصفة الصحراء)، بسبب صعوبة فهمها، في حال تمكن الوحدات العسكرية المضادة من التنصت على الموجة التي يرسل عليها الأوامر العسكرية.