المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متطلبات الحياة الحديثة تهدد أقدم الحرف في بغداد



جمال
11-03-2006, 12:40 PM
أرباب المهن العريقة يضطرون لتغييرها أمام سيل السلع المستوردة

اضطر اصحاب المهن وأرباب الحرف القديمة التي ظهرت في اقدم مناطق بغداد، لتغيير مهنهم بسبب الكساد اقتصادي الذي نجم عن دخول السلع الحديثة الى البلاد في السنوات الاخيرة.
وعلى جانبي شارع الرشيد اقدم شوارع العاصمة، تصطف محال قديمة ما زالت تحافظ على طابعها وطراز بنائها قبل ان تحاصرها منذ ثلاثة اعوام، اي مع الغزو الاميركي للعراق في 2003، قطع الاسمنت والاسلاك الشائكة. والى جانب هذا التغيير الذي فرضته الاوضاع السياسية، انتشر الباعة المتجولون في المكان ليفقد الموقع القريب من باب المعظم، تدريجيا هويته الحقيقية. ومن بين المحلات القديمة، ورش صنع المرايا التي اضطرت للتخلي عن هويتها الاصلية وتحولت الى محال تختص بصنع اطارات للوحات والصور.

ويقول عبد الوهاب جميل مال الله صاحب اقدم محل متخصص بصناعة المرايا »تخلينا عن الحرفة الاساسية بسبب عزوف الناس عن شراء هذه الاشياء لاسباب عدة». واضاف »في الماضي كانت صناعتنا تباع باسعار زهيدة ولم تكن بضاعة منافسة لها تصل الى السوق العراقية. لكن حاليا، ادى ارتفاع اسعار هذه المنتجات من جهة ووصول سلع احدث من جهة اخرى الى عزوف الناس عن شرائها». واضطر اصحاب هذه المحال الى تغيير نشاطهم الاقتصادي وبداوا ممارسة مهن اخرى اسهل واقل كلفة لهم.

وتابع جميل الذي ورث مهنته عن والده قبل 56 عاما «نستعين عادة بالإطارات المصنوعة من الخشب او الالمنيوم للصور واللوحات التي تتضمن عادة آيات قرآنية وجوانب تراثية او صورا لمناظر طبيعية».

وما زال جميل يستعين بادواته القديمة التي يجد فيها متعة وعودة للماضي، يساعده في ذلك ابنه مصطفى (17 عاما) الذي قطع دراسته في المرحلة الثانوية ليساعده والده في المحل. ويقول مصطفى «هذه المهنة عزيزة على والدي وأسرتي وعلي ان احافظ على تقاليدها واستمر بمزاولتها (...) اقوم بمتابعة شؤون المحل اكثر من والدي الذي اصبح مسنا وضحيت بدراستي من اجل ذلك». ومع ذلك، ما زال المحل يحتفظ بزبائنه وخصوصا الذين يأتون من مختلف المحافظات العراقية للتبضع وبيع منتجاته في اسواق المدن العراقية التي ترى فيها متانة وأصالة وثقة في التعامل.

ويعود بناء هذه المحلات المتميزة في طريقة بنائها، الى اكثر من ثمانين عاما. وهي تقع على مقربة من الساحة التي تحمل اسم الشاعر العراقي معروف الرصافي، احدى اشهر ساحات بغداد.

والساحة ايضا تحولت وتغيرت واصبحت مكتظة بالباعة والعربات المخصصة لحمل الامتعة لقربها من سوق الشورجة.

ويعتمد هؤلاء الحرفيون على المواد الاولية القادمة من سورية ولبنان والصين في صنع اطارات الصور واللوحات التي يستوردون بعضها ايضا. واكد جميل انه يسعى «للمحافظة على اصالة هذه المهنة رغم الاحوال الصعبة وعليّ ان اديمها بعد ان تخليت عن صناعة المرايا التي كنت اشعر عندما ازاولها باني اعمل قطعة فنية رائعة». اما السجاد العراقي يدوي الصنع، فقد اضر به السجاد «الميكانيكي» الذي غزا الاسواق العراقية ايضا، على حد قول عبد الوهاب (60 عاما) الذي يمارس حرفة حياكة السجاد منذ 35 عاما.

ويقول عبد الوهاب ان «الانحسار بدأ يصيب مهنتنا بعد دخول السجاد المصنوع بطريقة ميكانيكية (في المصانع) الى الاسواق العراقية خلال الاعوام الثلاثة الماضية وبكميات كبيرة».