المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اختلاف اهل الـحكم في العراق!



مجاهدون
10-17-2003, 11:30 AM
عبدالزهرة الركابي

طفت على مسرح المشهد العراقي في الفترة الاخيرة متغيرات ومعطيات وهذه المتغيرات، بالتحديد، سوف تؤثر في سير التحالفات في مجلس الحكم الانتقالي في العراق، وهي تحالفات كانت قائمة منذ ايام المعارضة السابقة، حيث تريد بعض الاطراف تنفيذ الخطوط المتفق عليها في تلك التحالفات، بينما ترى الاطراف الاخرى ان المعطيات الجديدة تجعلها في حل من الالتزام بتلك الخطوط التي اتفق عليها ايام المعارضة، مترجمة بذلك حقيقة مفادها، ان خطاب المعارضة شيء وخطاب الحكم شيء آخر.

وعلى هذه الصورة هناك اكثر من جانب في الاختلاف لكن اكثر الجوانب التي يتجسد فيها الاختلاف محتدما هو جانب التحالف الشيعي الكردي حول الفدرالية التي يصر الاكراد على ان تكون من ضمن مواد الدستور في حين يقول الشيعة انهم غير ملزمين بتبني الفدرالية لان مثل هذا الامر يستلزم اخذ المشورة بصدده من مراجعهم الدينيين، لاسيما ان المرجع الديني علي السيستاني دعا الى ان يتم تشكيل لجنة صياغة واعداد الدستور عن طريق الانتخابات وهو امر ايضا فيه اختلاف بين الشيعة والسنة من اعضاء مجلس الحكم، اذ ان الاعضاء السنة يدعون الى اسلوب التعيين على اعتبار ان الاوضاع الحالية لا تسمح باجراء انتخابات نزيهة يرشح على ضوئها اعضاء اللجنة المذكورة، كما ان هذه الاوضاع تتطلب فترة طويلة حتى يتم من خلالها اجراء عملية الانتخاب في حين ان ظروف البلد تتطلب اقصر فترة ممكنة، كي يستطيع الشعب العراقي انشاء آليات استلامه السلطة من الاميركيين، لكن الشيعة لهم رؤية مغايرة في الجانب المذكور، وهم يعتقدون ان من الضروري اصلاح الصفحات اللاحقة من خلال تشكيلها باللجوء الى الاسلوب الديموقراطي على اعتبار ان مجلس الحكم قد شكل باسلوب التعيين.

يتهم الاكراد حلفاءهم الشيعة بتنكرهم للمبادئ الاربعة التي كانوا متفقين حولها خلال فعاليات المعارضة السابقة وهي حسب تصريحات المصادر الكردية: العراق دولة ديموقراطية تحترم التعددية السياسية الفدرالية، احترام شرعة حقوق الانسان والمساواة بين الرجل والمرأة، فصل الدين عن الدولة.

ويرد الشيعة على الاكراد بالقول: ان مثل هذا الامر يجب تركه في هذه المرحلة الى حين اجتماع وتشكيل لجنة صياغة واعداد الدستور، كما ان مجلس الحكم ليس مخولا، من الشعب العراقي بتبني اي من المبادئ المذكورة وانما مثل هذا الامر يعود تبنيه واقراره الى المؤتمر الدستوري الذي من الضروري ان يشكل بتفويض من الشعب اي عن طريق الانتخابات، وحتى المبادئ والاسس التي يقرها المؤتمر الدستوري (لجنة صياغة واعداد الدستور) لا يمكن اعتمادها الا بعد موافقة الشعب العراقي على الدستور المقرر من خلال عملية الاستفتاء الشعبي العام.

الاكراد يصرون على ان اقرار الفدرالية امر لا جدال فيه، وبعكسه سوف يضطرورن الى انشاء كيان مستقل لهم في شمال العراق، وهم في هذا الجانب يتهمون اميركا بالتخلي عنهم بسبب الضغوط التركية، وفي الجانب المذكور لا بد من الاشارة الى ان الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش قال في احد تصريحاته الاخيرة، انه لا يؤيد الفدرالية، وهو ما اثار استياء الاطراف الكردية التي اعتبرت أن مثل هذا التصريح يعد نكوصا تجاههم من قبل الاميركيين، الذين يكررون القول حسب تصريحاتهم من انهم مع الاتجاه الذي يختاره الشعب العراقي.

وبصدد الموضوع المذكور يصف المراقبون وضع اكراد العراق بأنه لا يقوى على مجابهة الاطراف المناهضة للفدرالية، خصوصا ان السنة هم من اول المعارضين لمبدأ الفدرالية، وبذلك فمن الطبيعي انه لن يكون بمقدور الاكراد الوقوف بوجه العوامل الداخلية والاقليمية والدولية (الاميركية) الرافضة وغير المؤيدة لاي شكل من اشكال الاستقلال يحصل عليه اكراد العراق حتى ولو كان يقام تحت عباءة الفدرالية.

من هذا، وحسب هؤلاء المراقبين، فان تحقيق الديموقراطية في العراق كفيل باسقاط كافة الذرائع والمطالب الكردية، وان مبدأ الديموقراطية اساسا هو الوعاء الاكبر لجميع المبادئ الاخرى، وهم في هذا الجانب يشيرون الى الشعار الذي كان يرفعه الاكراد ومفاده «الديموقراطية للعراق والحكم الذاتي للاكراد»، لكن الاكراد حسب قول المراقبين قد (طمعوا بها) عندما تطور مطلبهم من الحكم الذاتي الى الفدرالية، ومن ثم اخيرا تهديدهم بانشاء كيان مستقل اذا لم يحصلوا على الفدرالية، وفي ظل المعطيات الاخيرة فان مطالبهم (المتطورة) تظل مجرد احلام وردية بما في ذلك مطلبهم الذي يرفع شعار (كركوك قدس كردستان) على اعتبار ان الواقع لا تتماثل معه الاحلام.

rekabi@ses-net.org