سمير
11-02-2006, 04:10 PM
http://www.aawsat.com/2006/11/02/images/news.390172.jpg
أغلب عناصره خدموا في جيش صدام.. وماليته من تبرعات الأهالي والتجار
بغداد: «الشرق الاوسط»
ظهرت تحت مظلة دخول القوات الاميركية الى العراق عام 2003 مجموعة من الميليشيات متعددة الاهداف والاتجاهات والانتماءات العرقية والطائفية، كنتيجة طبيعية للانفلات الامني وغياب سلطة القانون ومؤسسات قوات الامن الحكومية. وكان لظهور هذه الميليشيات، وحسب أحاديث محللين سياسيين لـ«الشرق الاوسط»، هدف واضح هو محاولة التأثير في الوضع السياسي للبلاد، والظهور في الواجهة كطرف اساسي في العملية السياسية والمشاركة في السلطة. ومن أبرز هذه الميليشيات «جيش المهدي» التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. كان الهدف المعلن من تأسيس «جيش المهدي»، كما جاء على لسان مصطفى اليعقوبي، الناطق الإعلامي للتيار الصدري واحد ابرز مساعدي مقتدى الصدر، «توفير الحماية لزوار مدينة النجف وحماية أمنها، إضافة إلى الحفاظ على سلامة حياة رجال الدين، وإقامة سيطرات تفتيش على مداخل ومخارج مدينة النجف». وبمجرد اعلان التأسيس لبى المئات، إن لم يكن الالاف من الشباب الشيعة دعوة الانضمام الى «جيش المهدي»، وقد ساعد على ذلك الفراغ الامني الكبير، نتيجة حل الجيش والشرطة من قبل الحاكم المدني الاميركي بول بريمر، وكانت هناك عدة اسباب لانضمام هذا الكم الهائل من الشباب، فقد اعتبر البعض منهم مقتدى الصدر سلسلة في عقد الصدر الاكبر، الذي اعدم على يد النظام السابق، بينما اعتبر جزء آخر من الشباب الانضمام فرصة لمحاولة اثبات الذات والظهور بمظهر المقاوم للاحتلال، على حد تعبير بعض الشباب، الذين التقتهم «الشرق الأوسط». وفي اول حكومة عراقية بعد مجلس الحكم، برئاسة الدكتور اياد علاوي، سرعان ما دخلت ميليشيا جيش المهدي في مواجهات شرسة مع القوات الاميركية والبريطانية في مختلف مدن العراق الوسطى والجنوبية. وسارع آلاف الشباب العراقي العاطل عن العمل الى الانضمام إلى جيش المهدي، ليصبح أكثر التنظيمات حضورا في الشارع العراقي، وأكثرها سرعة في التفاعل مع الأحداث، وفي الاستجابة لردود الأفعال تجاهها وإثبات الوجود.
كانت المحطة الثانية لاختبار قدرات جيش المهدي، الصراع الذي تم بينه وبين منظمة بدر والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية، اذ كان الصراع بين طرف في السلطة والآخر خارج العملية السياسية، لموقف زعيمه من الاحتلال، وانطلقت شرارة المواجهات من بغداد فانتقلت كل مقرات منظمة بدر والمجلس الاعلى من بغداد الى المحافظات الجنوبية، وقد تم تطويق الازمة من قبل المرجعيات الدينية.
وسال لعاب العديد من الشخصيات والقوى السياسية لقدرات هذا التنظيم ومحاولة التحالف معه في الانتخابات الاخيرة 2005، التي تشكلت منها الحكومة الحالية، ومن بين ابرز تلك الشخصيات، التي حاولت كسب ود مقتدى الصدر، الدكتور احمد الجلبي، الا ان الزيارة التاريخية لعبد العزيز الحكيم الى مدينة النجف وزيارة مقتدى الصدر في بيته اذابت الجليد المتجمد في العلاقة بينهما، ونتيجة مباحثات مطولة تم الاتفاق على انضمام التيار الصدري للائتلاف العراقي الموحد مقابل 33 مقعدا في البرلمان.
ويتشكل جيش المهدي من وحدات عسكرية تبدأ بالفصيل المؤلف من 50 مقاتلا تليه السرية المؤلفة من 300 مقاتل، وكل سبع سرايا تشكل فوجا. وأشار احد قادة جيش المهدي الى ان في النجف وحدها توجد 50 سرية وهو ما يعني انتشار 15 الف مقاتل في المنطقة، ويطلق على قائد السرية «الخادم» تواضعا، كما قال لنا احد قادة السرايا في مناطق الكرخ، وان هذا الخادم يأتمر بأمر مقتدى الصدر، وان هناك اتصالات شبه يومية بينه وبين القائد الاعلى ويسمى عادة «السيد القائد» ويقصد به الصدر. وتجدر الاشارة الى ان اغلب عناصر جيش المهدي سبق لهم العمل في جيش الرئيس المخلوع صدام حسين، وتدربوا على السلاح اثناء خدمتهم الالزامية، فضلا عن مشاركة بعضهم في الحروب التي خاضها العراق خلال العقدين الاخيرين من القرن العشرين. اما امدادات جيش المهدي فتأتي على شكل تبرعات من الاهالي واصحاب المحال التجارية، ولا يوفر الجيش سكنا او معسكرات لمبيت منتسبيه، فهم يفترشون أي مكان يحلو لهم وهم لا يتلقون أي مخصصات مالية.
وانكشف نشاط جيش المهدي، بعد تفجيرات سامراء في شهر فبراير (شباط) الماضي، وقيامه بالهجوم على مساجد السنة وتدمير عدد كبير منها، واخذ يمارس عمليات القتل، اذ احتضن فرق الموت، التي اخذت تحدث الرعب بين اوساط الجماهير وتجوب المناطق المختلفة من اجل تصفية خصومها. ويدفع جيش المهدي مبالغ لاهالي القتلى، اما رواتب او مكافآت عناصره فغير معروفة. وبقي هذا الجيش على حالة ولم يتم تفكييه لانه اساس قوة التيار الصدري في الوقت الحالي، وله تأثير واسع على القوى السياسية الاخرى، خصوصا الشيعية.
أما ابرز القيادات الفعالة لجيش المهدي فغير معلنة، وتحتكم المجموعة في تحركاتها الى مسؤولين في التيار الصدري في المناطق المختلفة. وبسبب تعدد الافكار والمصالح اخذت بعض العناصر تنضم الى هذا الجيش لتحقيق اهدافها، ومن هنا بدأت الانشقاقات عن افكار التيار وافكار مقتدى الصدر المعلنة، وبدأت سرايا واشخاص يشكلون، فيما بينهم فرقا لا تأتمر الا بأمر صاحبها وليس اوامر الصدر. وبدأت المجموعات المنشقة تهيمن على المجتمع، من خلال السيطرة والاحتكام الى الفعل الشخصي في تحديد من يقتل ومن يبقى على قيد الحياة، وفق الرؤية الشخصية وقد تحدث لنا احد الاشخاص، الذين اختطفوا ورحلوا الى مكتب الصدر في منطقة الشعلة، وتم الافراج عنه مقابل اربعة ملايين دينار عراقي، قائلا ان اشخاصا ادعوا انهم من جيش المهدي قاموا باختطافه وزملاء له في احدى دوائر الدولة، وقد اذاقوه كل انواع العذاب وكانت آلة ثاقبة بانتظاره ليفارق الحياة، ولكن تدخل الوساطة من قبل احد معارفه، الذي يرتبط باصدقاء في جيش المهدي فك اسره مقابل اربعة ملايين دينار.
وبسبب هذه الافعال وغيرها تغيرت النظرة الى الجيش اجتماعيا. وهناك قيادات كتسبت الشهرة في بعض المناطق ومنها شخصية (ابو درع) في مدينة الصدر (الثورة) شرق بغداد، ويقال انه احد اهم المنشقين عن قيادة مقتدى الصدر، بعد ان تفرعت اركان وسرايا هذا الجيش ولم يعد بالمقدور السيطرة عليه، فضلا عن سيد حبيب قائد الجيش في منطقة الرحمانية وسط بغداد، الذي عجز الجيش الاميركي عن القاء القبض عليه، لكنه قتل من قبل عناصر مجهولة الاسبوع الماضي.
أغلب عناصره خدموا في جيش صدام.. وماليته من تبرعات الأهالي والتجار
بغداد: «الشرق الاوسط»
ظهرت تحت مظلة دخول القوات الاميركية الى العراق عام 2003 مجموعة من الميليشيات متعددة الاهداف والاتجاهات والانتماءات العرقية والطائفية، كنتيجة طبيعية للانفلات الامني وغياب سلطة القانون ومؤسسات قوات الامن الحكومية. وكان لظهور هذه الميليشيات، وحسب أحاديث محللين سياسيين لـ«الشرق الاوسط»، هدف واضح هو محاولة التأثير في الوضع السياسي للبلاد، والظهور في الواجهة كطرف اساسي في العملية السياسية والمشاركة في السلطة. ومن أبرز هذه الميليشيات «جيش المهدي» التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. كان الهدف المعلن من تأسيس «جيش المهدي»، كما جاء على لسان مصطفى اليعقوبي، الناطق الإعلامي للتيار الصدري واحد ابرز مساعدي مقتدى الصدر، «توفير الحماية لزوار مدينة النجف وحماية أمنها، إضافة إلى الحفاظ على سلامة حياة رجال الدين، وإقامة سيطرات تفتيش على مداخل ومخارج مدينة النجف». وبمجرد اعلان التأسيس لبى المئات، إن لم يكن الالاف من الشباب الشيعة دعوة الانضمام الى «جيش المهدي»، وقد ساعد على ذلك الفراغ الامني الكبير، نتيجة حل الجيش والشرطة من قبل الحاكم المدني الاميركي بول بريمر، وكانت هناك عدة اسباب لانضمام هذا الكم الهائل من الشباب، فقد اعتبر البعض منهم مقتدى الصدر سلسلة في عقد الصدر الاكبر، الذي اعدم على يد النظام السابق، بينما اعتبر جزء آخر من الشباب الانضمام فرصة لمحاولة اثبات الذات والظهور بمظهر المقاوم للاحتلال، على حد تعبير بعض الشباب، الذين التقتهم «الشرق الأوسط». وفي اول حكومة عراقية بعد مجلس الحكم، برئاسة الدكتور اياد علاوي، سرعان ما دخلت ميليشيا جيش المهدي في مواجهات شرسة مع القوات الاميركية والبريطانية في مختلف مدن العراق الوسطى والجنوبية. وسارع آلاف الشباب العراقي العاطل عن العمل الى الانضمام إلى جيش المهدي، ليصبح أكثر التنظيمات حضورا في الشارع العراقي، وأكثرها سرعة في التفاعل مع الأحداث، وفي الاستجابة لردود الأفعال تجاهها وإثبات الوجود.
كانت المحطة الثانية لاختبار قدرات جيش المهدي، الصراع الذي تم بينه وبين منظمة بدر والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية، اذ كان الصراع بين طرف في السلطة والآخر خارج العملية السياسية، لموقف زعيمه من الاحتلال، وانطلقت شرارة المواجهات من بغداد فانتقلت كل مقرات منظمة بدر والمجلس الاعلى من بغداد الى المحافظات الجنوبية، وقد تم تطويق الازمة من قبل المرجعيات الدينية.
وسال لعاب العديد من الشخصيات والقوى السياسية لقدرات هذا التنظيم ومحاولة التحالف معه في الانتخابات الاخيرة 2005، التي تشكلت منها الحكومة الحالية، ومن بين ابرز تلك الشخصيات، التي حاولت كسب ود مقتدى الصدر، الدكتور احمد الجلبي، الا ان الزيارة التاريخية لعبد العزيز الحكيم الى مدينة النجف وزيارة مقتدى الصدر في بيته اذابت الجليد المتجمد في العلاقة بينهما، ونتيجة مباحثات مطولة تم الاتفاق على انضمام التيار الصدري للائتلاف العراقي الموحد مقابل 33 مقعدا في البرلمان.
ويتشكل جيش المهدي من وحدات عسكرية تبدأ بالفصيل المؤلف من 50 مقاتلا تليه السرية المؤلفة من 300 مقاتل، وكل سبع سرايا تشكل فوجا. وأشار احد قادة جيش المهدي الى ان في النجف وحدها توجد 50 سرية وهو ما يعني انتشار 15 الف مقاتل في المنطقة، ويطلق على قائد السرية «الخادم» تواضعا، كما قال لنا احد قادة السرايا في مناطق الكرخ، وان هذا الخادم يأتمر بأمر مقتدى الصدر، وان هناك اتصالات شبه يومية بينه وبين القائد الاعلى ويسمى عادة «السيد القائد» ويقصد به الصدر. وتجدر الاشارة الى ان اغلب عناصر جيش المهدي سبق لهم العمل في جيش الرئيس المخلوع صدام حسين، وتدربوا على السلاح اثناء خدمتهم الالزامية، فضلا عن مشاركة بعضهم في الحروب التي خاضها العراق خلال العقدين الاخيرين من القرن العشرين. اما امدادات جيش المهدي فتأتي على شكل تبرعات من الاهالي واصحاب المحال التجارية، ولا يوفر الجيش سكنا او معسكرات لمبيت منتسبيه، فهم يفترشون أي مكان يحلو لهم وهم لا يتلقون أي مخصصات مالية.
وانكشف نشاط جيش المهدي، بعد تفجيرات سامراء في شهر فبراير (شباط) الماضي، وقيامه بالهجوم على مساجد السنة وتدمير عدد كبير منها، واخذ يمارس عمليات القتل، اذ احتضن فرق الموت، التي اخذت تحدث الرعب بين اوساط الجماهير وتجوب المناطق المختلفة من اجل تصفية خصومها. ويدفع جيش المهدي مبالغ لاهالي القتلى، اما رواتب او مكافآت عناصره فغير معروفة. وبقي هذا الجيش على حالة ولم يتم تفكييه لانه اساس قوة التيار الصدري في الوقت الحالي، وله تأثير واسع على القوى السياسية الاخرى، خصوصا الشيعية.
أما ابرز القيادات الفعالة لجيش المهدي فغير معلنة، وتحتكم المجموعة في تحركاتها الى مسؤولين في التيار الصدري في المناطق المختلفة. وبسبب تعدد الافكار والمصالح اخذت بعض العناصر تنضم الى هذا الجيش لتحقيق اهدافها، ومن هنا بدأت الانشقاقات عن افكار التيار وافكار مقتدى الصدر المعلنة، وبدأت سرايا واشخاص يشكلون، فيما بينهم فرقا لا تأتمر الا بأمر صاحبها وليس اوامر الصدر. وبدأت المجموعات المنشقة تهيمن على المجتمع، من خلال السيطرة والاحتكام الى الفعل الشخصي في تحديد من يقتل ومن يبقى على قيد الحياة، وفق الرؤية الشخصية وقد تحدث لنا احد الاشخاص، الذين اختطفوا ورحلوا الى مكتب الصدر في منطقة الشعلة، وتم الافراج عنه مقابل اربعة ملايين دينار عراقي، قائلا ان اشخاصا ادعوا انهم من جيش المهدي قاموا باختطافه وزملاء له في احدى دوائر الدولة، وقد اذاقوه كل انواع العذاب وكانت آلة ثاقبة بانتظاره ليفارق الحياة، ولكن تدخل الوساطة من قبل احد معارفه، الذي يرتبط باصدقاء في جيش المهدي فك اسره مقابل اربعة ملايين دينار.
وبسبب هذه الافعال وغيرها تغيرت النظرة الى الجيش اجتماعيا. وهناك قيادات كتسبت الشهرة في بعض المناطق ومنها شخصية (ابو درع) في مدينة الصدر (الثورة) شرق بغداد، ويقال انه احد اهم المنشقين عن قيادة مقتدى الصدر، بعد ان تفرعت اركان وسرايا هذا الجيش ولم يعد بالمقدور السيطرة عليه، فضلا عن سيد حبيب قائد الجيش في منطقة الرحمانية وسط بغداد، الذي عجز الجيش الاميركي عن القاء القبض عليه، لكنه قتل من قبل عناصر مجهولة الاسبوع الماضي.