لمياء
10-30-2006, 07:29 AM
لأنني لست شيعيا ونصحوني بالعودة إلى المنزل
30/10/2006
بغداد- من أحمد رشيد (رويترز)
حين قررت أنا وزوجتي الاحتفال بعيد الفطر مع ذوينا في بلدة سامراء لم نتخيل اننا سنمضي ساعات ندعو الله ان يحفظنا.
ويرتبط عيد الفطر بالبهجة والفرحة والزيارات العائلية، ولكن هذا العام كان بالنسبة لعراقيين امثالي مواجهة اخرى مع الموت.
وقبل ان نغادر بغداد لنبدأ رحلتنا إلى سامراء (100 كلم شمالا) حملنا السيارة بالهدايا لاقارب لم نرهم منذ تفجير مرقد الامام حسن العسكري يوم 22 فبراير الماضي والذي كان شرارة اشعلت نيران عمليات قتل انتقامية بين السنة والشيعة.
ومن بين الهدايا وشاح ابيض اشترته زوجتي لتضعه على قبر شقيقتها الكبرى التي جرها افراد ميليشيات شيعية يتشحون بالسواد خارج منزلها في بغداد واطلقوا عليها الرصاص وقتلوها لمجرد انها سنية بعد وقت قصير من الحادث.
قالت لي زوجتي 'في العيد الماضي فرحت اختي بالوشاح الابيض الذي اهديتها اياه، وهذا العام اريد ان اسعدها بالهدية نفسها ولكن داخل قبرها'.
بداية رحلة الرعب
ولم تدم بهجة السفر طويلا، فعلى بعد حوالي 80 كيلومترا من بغداد اوقفنا فجأة نقطة تفتيش لرجال الشرطة خارج بلدة بلد الشيعية.
وصرخ فينا رجل شرطة يحمل بندقية ايه. كيه-47 'الى اين تعتقدان انكما ذاهبان .. ألا تعلمان ان المسلحين يستهدفون كل سيارة تمر في بلد عودا إلى بيتكما لتبقيا على قيد الحياة'.
وبمجرد ان توقفنا بسيارتنا على جانب الطريق مزق السكون صوت نيران بنادق آليه وعادت بعض السيارات الاخرى من حيث أتت بعد ان خشي ركابها ان يفقدوا حياتهم. وقال لي رجل عجوز ان المكان الوحيد الامن الذي يمكن ان يأوي اليه العراقي هو منزله.
وبعد ساعتين سمح لنا رجل الشرطة بالمرور، وعلى بعد كيلومترات قليلة وصلنا الى ساحة المعركة، حيث رأينا سيارتي شرطة مدمرتين بينما تناثرت على الطريق الاف من طلقات الرصاص الفارغة، وبالقرب من ساحة المعركة رأينا المتاجر التي كانت من قبل تزدحم بالمتسوقين وقد التهمتها النيران أو هجرها الزبائن.
مدينة أشباح
كانت بلد بلدة مسالمة تحيط بها بساتين الفاكهة وأشجار النخيل، ولكن خلال شهر رمضان سقطت في براثن عمليات القتل الطائفية. وقتل مسلحون سنة 14 عاملا شيعيا ليشعلوا مرة اخرى شرارة هجمات انتقامية.
وبعد سبع ساعات وصلنا إلى سامراء لنجد انها تحولت إلى مدينة اشباح.
وعلقت على الجدران رايات سوداء حدادا على ضحايا حالة الفوضى التي تعم العراق. وتعلن احدى الرايات استشهاد شقيقين من السنة قتلا في بغداد، وتشير اخرى لمقتل رجل شرطة وزوجته وابنيه في حادث تفجير قنبلة.
ويؤثر التوتر وغياب القانون على المدينة.
ويقول ابو محمود (54 عاما) وهو مدرس 'اشعر بالاحباط حين ارى بعض المحافظات تعيش في سلام. سامراء مدينة قديمة ومن المؤسف ان تعمها مثل هذه الفوضى'.
ويقضي الاطفال اوقاتهم في اللهو ببنادق لعبة واطلاق أعيرة وهمية ويصرخون 'قتلتك'.
وحين سألت صبيا في العاشرة من عمره لماذا تحمل سلاحا من البلاستيك اجاب 'أنا من المقاومة وسأقتل الاميركيين'.
رحلة العودة.. كابوس
كنا ننوي مغادرة سامراء يوم الاربعاء (آخر ايام عيد الفطر)، ولكن اضطررنا الانتظار يوما اخر بسبب قتال بالقرب من بلد.
ومرة اخرى كانت رحلة العودة كابوسا.
فقبل ان نصل إلى بلد استوقفتنا مجموعة من المسلحين بعضهم يرتدي زيا رسميا والبعض الاخر يرتدي قميصا ابيض وسروالا من الجينز.
وسألنا رجل الشرطة 'الى اين انتما ذاهبان.'. فأجبته الى بغداد، فسأل مرة اخرى 'هل انتما من الشيعة.'..
شعرت بالدم يتجمد في عروقي ونظرة سريعة إلى زوجتي كشفت لي انها تكاد تموت رعبا.
وأجبته املا الا يفضح صوتي عن مخاوفي 'لماذا تسأل هذا السؤال.. كنت ازور سامراء، وانا الان في طريق عودتي لدياري'.
وقال رجل ممن يرتدون ملابس مدنية 'لا بد انك شيعي لانك تخاطر بالسفر الى بغداد عن طريق بلد من دون ان تخشى ان تقتل'.
واجبته بأنني لست خائفا ولست شيعيا وانني سأواجه أي خطر بنفسي فعرض علي مسدسه لاحمي نفسي.
رفضت العرض وواصلت طريقي لاصل إلى بغداد بسلام ولكن لم يبرح ذهني الاعتقاد المؤلم بأن بلدي الحبيب يهوى في براثن حرب اهلية.
30/10/2006
بغداد- من أحمد رشيد (رويترز)
حين قررت أنا وزوجتي الاحتفال بعيد الفطر مع ذوينا في بلدة سامراء لم نتخيل اننا سنمضي ساعات ندعو الله ان يحفظنا.
ويرتبط عيد الفطر بالبهجة والفرحة والزيارات العائلية، ولكن هذا العام كان بالنسبة لعراقيين امثالي مواجهة اخرى مع الموت.
وقبل ان نغادر بغداد لنبدأ رحلتنا إلى سامراء (100 كلم شمالا) حملنا السيارة بالهدايا لاقارب لم نرهم منذ تفجير مرقد الامام حسن العسكري يوم 22 فبراير الماضي والذي كان شرارة اشعلت نيران عمليات قتل انتقامية بين السنة والشيعة.
ومن بين الهدايا وشاح ابيض اشترته زوجتي لتضعه على قبر شقيقتها الكبرى التي جرها افراد ميليشيات شيعية يتشحون بالسواد خارج منزلها في بغداد واطلقوا عليها الرصاص وقتلوها لمجرد انها سنية بعد وقت قصير من الحادث.
قالت لي زوجتي 'في العيد الماضي فرحت اختي بالوشاح الابيض الذي اهديتها اياه، وهذا العام اريد ان اسعدها بالهدية نفسها ولكن داخل قبرها'.
بداية رحلة الرعب
ولم تدم بهجة السفر طويلا، فعلى بعد حوالي 80 كيلومترا من بغداد اوقفنا فجأة نقطة تفتيش لرجال الشرطة خارج بلدة بلد الشيعية.
وصرخ فينا رجل شرطة يحمل بندقية ايه. كيه-47 'الى اين تعتقدان انكما ذاهبان .. ألا تعلمان ان المسلحين يستهدفون كل سيارة تمر في بلد عودا إلى بيتكما لتبقيا على قيد الحياة'.
وبمجرد ان توقفنا بسيارتنا على جانب الطريق مزق السكون صوت نيران بنادق آليه وعادت بعض السيارات الاخرى من حيث أتت بعد ان خشي ركابها ان يفقدوا حياتهم. وقال لي رجل عجوز ان المكان الوحيد الامن الذي يمكن ان يأوي اليه العراقي هو منزله.
وبعد ساعتين سمح لنا رجل الشرطة بالمرور، وعلى بعد كيلومترات قليلة وصلنا الى ساحة المعركة، حيث رأينا سيارتي شرطة مدمرتين بينما تناثرت على الطريق الاف من طلقات الرصاص الفارغة، وبالقرب من ساحة المعركة رأينا المتاجر التي كانت من قبل تزدحم بالمتسوقين وقد التهمتها النيران أو هجرها الزبائن.
مدينة أشباح
كانت بلد بلدة مسالمة تحيط بها بساتين الفاكهة وأشجار النخيل، ولكن خلال شهر رمضان سقطت في براثن عمليات القتل الطائفية. وقتل مسلحون سنة 14 عاملا شيعيا ليشعلوا مرة اخرى شرارة هجمات انتقامية.
وبعد سبع ساعات وصلنا إلى سامراء لنجد انها تحولت إلى مدينة اشباح.
وعلقت على الجدران رايات سوداء حدادا على ضحايا حالة الفوضى التي تعم العراق. وتعلن احدى الرايات استشهاد شقيقين من السنة قتلا في بغداد، وتشير اخرى لمقتل رجل شرطة وزوجته وابنيه في حادث تفجير قنبلة.
ويؤثر التوتر وغياب القانون على المدينة.
ويقول ابو محمود (54 عاما) وهو مدرس 'اشعر بالاحباط حين ارى بعض المحافظات تعيش في سلام. سامراء مدينة قديمة ومن المؤسف ان تعمها مثل هذه الفوضى'.
ويقضي الاطفال اوقاتهم في اللهو ببنادق لعبة واطلاق أعيرة وهمية ويصرخون 'قتلتك'.
وحين سألت صبيا في العاشرة من عمره لماذا تحمل سلاحا من البلاستيك اجاب 'أنا من المقاومة وسأقتل الاميركيين'.
رحلة العودة.. كابوس
كنا ننوي مغادرة سامراء يوم الاربعاء (آخر ايام عيد الفطر)، ولكن اضطررنا الانتظار يوما اخر بسبب قتال بالقرب من بلد.
ومرة اخرى كانت رحلة العودة كابوسا.
فقبل ان نصل إلى بلد استوقفتنا مجموعة من المسلحين بعضهم يرتدي زيا رسميا والبعض الاخر يرتدي قميصا ابيض وسروالا من الجينز.
وسألنا رجل الشرطة 'الى اين انتما ذاهبان.'. فأجبته الى بغداد، فسأل مرة اخرى 'هل انتما من الشيعة.'..
شعرت بالدم يتجمد في عروقي ونظرة سريعة إلى زوجتي كشفت لي انها تكاد تموت رعبا.
وأجبته املا الا يفضح صوتي عن مخاوفي 'لماذا تسأل هذا السؤال.. كنت ازور سامراء، وانا الان في طريق عودتي لدياري'.
وقال رجل ممن يرتدون ملابس مدنية 'لا بد انك شيعي لانك تخاطر بالسفر الى بغداد عن طريق بلد من دون ان تخشى ان تقتل'.
واجبته بأنني لست خائفا ولست شيعيا وانني سأواجه أي خطر بنفسي فعرض علي مسدسه لاحمي نفسي.
رفضت العرض وواصلت طريقي لاصل إلى بغداد بسلام ولكن لم يبرح ذهني الاعتقاد المؤلم بأن بلدي الحبيب يهوى في براثن حرب اهلية.