المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بوش فى مؤتمره الصحفي:العراق جزء من الولايات المتحدة!



لمياء
10-30-2006, 07:18 AM
أزراج عمر

عقد الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش يوم الاربعاء الماضى مؤتمره الصحفى بالبيت الأبيض وأسهب فى الحديث حول العراق مكررا موقفه التقليدى بعدم سحب قواته إلا بعد تسجيل الانتصار فى سجلات التاريخ.
طوال المدة التى إستغرقها هذا المؤتمر بدا الرئيس بوش منقبضا وفى حالة المهزوم نفسيا. وأكثر من ذلك فإنه قد قال ضمنيا بأن قواته التى يبلغ تعدادها 140 ألف عسكرى لم تنجز أى شيء ملموس على الصعيد العكسري. ويعنى هذا أن إدارة بوش فى وضع ميؤوس منه.
فى هذا المؤتمر تحدث الرئيس الأمريكى بلهجة من يصدر الأوامر للحكومة العراقية وعلى رأسها نورى المالكى معربا بأن لصبره حدودا، ومع ذلك فقد ارتبك مستدركا بأنه لا يريد أن يضغط على هذه الحكومة لتعمل فوق طاقتها. ويلاحظ متتبع هذا المؤتمر الصحفى أن الرئيس بوش فى أزمة كبيرة وخطيرة سواء على مستوى الرأى العام الأمريكى أو على مستوى الرأى العام الدولي.

الأغنية القديمة

كما هو معروف، فإن الانتخابات الأمريكية لتجديد الكونغرس سوف تتم بعد أقل من أسبوعين، أى فى يوم 7 من الشهر القادم، على ضوء ذلك فقد كرر بوش عبارات قديمة مثل التصدى للإرهاب فى العراق من أجل الأمن الأمريكي، ومساعدة الحكومة العراقية لنشر الديموقراطية وبناء الوطن الآمن.
بطبيعة الحال، فإن بضاعة بوش هذه موجهة إلى الناخب الأمريكى فى محاولة يائسة منه للحيلولة دون خسارة الأغلبية فى الكونغرس لصالح الحزب الديموقراطى الأمريكي. فالرئيس بوش يدرك تماما بأن الإنتخابات لن تكون سهلة فى ظل سقوط الجنود الأمريكيين فى العراق وتصاعد الفوضى فيه إلى جانب فشل قواته فى مواجهة المقاومة التى ما فتئت تحقق نجاحات ميدانية معتبرة.

إن الفوضى بدأت أيضا تنتشر بين القوات الأمريكية التى تحارب فى العراق. ولقد نقلت وكالة رويتر للأنباء مؤخرا بأن أكثر من 200 جندى أمريكى متواجدين فى العراق قد أعلنوا عن تعبهم من الحرب كما انضموا إلى الأصوات التى تطالب الإدارة الأمريكية بسحب الجيش الأمريكى من بلاد الرافدين، ومن المنتظر أن يزداد عدد الجنود الأمريكيين الرافضين لإحتلال العراق.

وتعليقا على هذه الظاهرة، فإن الكثير من المراقبين السياسيين قد شرعوا فى مقارنة هذا التململ بين صفوف القوات الأمريكية بالعصيان الذى انفجر أيام احتلال فيتنام وأدى إلى تمرد جزء من الرأى العام الأمريكى الشعبى ضد الحرب الأمريكية القذرة على الشعب الفيتنامي.

بالإضافة إلى هذا التململ المذكور فإن الاقتصاد الأمريكى يتعرض يوميا لضربات قاسية جراء الحرب فى العراق وأفغانستان. إن هذه العوامل مجتمعة إلى جانب فشل القوات الأمريكية فى تحقيق أى إنجاز أمنى أو عسكرى ميدانى توضح بأن إدارة بوش قد وقعت فعلا فى المستنقع العراقى ومن المستحيل أن تخرج منه منتصرة سياسيا أو عسكريا. على ضوء ما تقدم فإن المؤتمر الصحفى الذى عقده بوش ليس إلا حركة يائسة منه لتضليل الرأى العام الأمريكي. فالشعب الأمريكى أصبح يدرك بأن المبررات التى قدمها له بوش أثناء التحضير لغزو العراق مثل وجود أسلحة الدمار الشامل فى قبضة الرئيس العراقى صدام حسين لا أساس لها من الصحة كما أن الأمريكيين لا تخفى عليهم حقيقة ناصعة وهى أن العراق قبل الإحتلال الأمريكى كان خاليا مما تسميه إدارة بوش بالإرهاب والارهابيين وفى المقدمة شريحة من تنظيم القاعدة وهكذا فإن الأغنية القديمة التى ما فتيء الرئيس الأمريكى وأعوانه مثل رامسفيلد وديك تشينى يرددونها ـ وهى أغنية نشر الديموقراطية وتعميمها فى الشرق الأوسط من خلال نموذج العراق ـ صارت مجرد شعار مفلس كل الإفلاس. فالرأى العام الأمريكى الشعبى يدرك أيضا بأن الأنظمة العربية المحيطة بالعراق والتى يعتبرها بوش جهرا وعلنا بأنها متحالفة معه هى أنظمة غير ديموقراطية بأى معيار من المعايير.

ولذلك فإن تحالف بوش اللاديموقراطى هو آخر من يصدق بأنه سينشر الديموقراطية سواء فى العراق أو فى أى كوكب آخر. وفى الواقع، فإن أغنية بوش المتمثلة فى الديموقراطية لا تصمد أمام أى نقاش عقلانى لأن الديموقراطية لا تنجز بالاحتلال أولا، وبالتحالف مع أنظمة عربية ديكتاتورية ومع اسرائيل التى تمارس أقذر أساليب الإحتلال والبطش قى قطاع غزة والضفة الغربية، والتى دمرت البنية التحتية اللبنانية فى حرب خاسرة وفاشلة أخلاقيا وعسكريا وسياسيا أيضا. وإلى جانب كل ما تقدم فإن إحتلال العراق قد تم على الرغم من عدم قبول منظمة الأمم المتحدة التى تمثل ـ ولو إفتراضيا ـ الإجماع الدولي. فالحرب غير الشرعية غير مخولة بأية صورة من الصور أن تؤسس لديموقراطية شرعية.

حقيقة أم زلة لسان أخري؟

فى المؤتمر الصحفى الذى نحن بصدد تحليل بعض ما جاء فيه قال الرئيس بوش بأنه لن يترك العراق للإرهابيين لأن العراق جزء من الولايات المتحدة الأمريكية ما هذا الزواج الكاثوليكى بين العراق وبين الولايات المتحدة؟ ومتى كان العراق جزءا من الولايات المتحدة الأمريكية؟ مما لا شك فيه أن كلمة الجزء تعنى فى سياق كلام الرئيس بوش بأن العراق ولاية أمريكية تضاف إلى نيومكسيكو التى إقتطعتها أمريكا من المكسيك بالقوة وضمتها إلى سيادتها، وإلى هاواى التى احتلتها أيضا، وإلى بورتوريكو التى استعمرتها منذ عام 1900م إلى يومنا هذا، وإلى ولايات أخرى اغتصبتها بقوة الجيش والسلاح. هل قوله بأن العراق جزء من أمريكا زلة لسان بوشية أخرى تضاف إلى زلة فعلها قبل غزو العراق بأيام حيث أعلن بأنه يخوض حربا صليبية؟ كما نعرف فإن التعليم النفسى قد علمنا بأن زلات اللسان هى تعبير عن رغبة غير واعية حيث أن رغبة بوش هو ضم العراق لكى تصبح ولاية أمريكية تضاف إلى سجل الاحتلالات الأمريكية التى بدأت بإبادة الهنود الحمر السكان الشرعيين والأصليين للقارة الأمريكية.
فى كتابه المثير للجدل أميركا التوتاليتارية: الولايات المتحدة والعالم: إلى أين؟ كتب بيار سالينجرما يلي: اسبانيون وبرتغاليون كانوا ينهبون القارة الأمريكية منذ قرن تقريبا عندما شعر الانكليز بالحاجة إلى عبور المحيط. ولم تكن غريبة عنهم الأمور التدجينية التى ولدت لدى الكثيرين رغبة الهرب الى ملاذ مثالى . ثم يضيف قائلا: من هذه الموجة الاستعمارية الأولي، موجة الطهرانيين فى انكلترا، ستنبجس السمات المؤسسة للإيديولوجية الأمريكية، التى ستتواصل على اختلاف التغيرات والتقلبات.. .

ويقتطف سالينجر ما أفصح عنه أحد أجداد الرئيس بوش، وهو من غلاة المستعمرين لأمريكا. هذا الرجل الجد هو فرنسيس هيجينسون الذى قال يوما: سرورنا الأعظم ووقايتنا الفضلى هما فى أن نتعلم هنا ونعلم الدين الحق والوصايا المقدسة للإله القدير ثم قال: هكذا لا نشك فى أن الله معنا، وإذا كان الله معنا، فمن يستطيع أن يكون ضدنا ألا يذكرنا هذا القول الذى يعود إلى عدة قرون بقول بوش : من ليس معنا فهو ضدنا .
ما دام قال بأن العراق جزء من الولايات المتحدة فذلك يعنى أن كل من يقول بضد ذلك فهو إما ديكتاتور، أو إرهابي، أو كلاهما معا..!