المهدى
10-26-2006, 08:40 AM
http://www.alraialaam.com/26-10-2006/ie5/local9.jpg
كتب حسن المسعودي
هل هذه جواخير الصليبية؟».
استوقفنا قائد السيارة الألمانية ودحرج علينا ذلك السؤال المدهش ونحن نهم بتجاوز الإشارة المرورية على طرف الشارع الذي يتوسط المنطقة.
بقدر ما كان السؤال مضحكاً كان محزناً أيضاً، إذ ما كان يخطر على بال ذلك الرجل ان خلف تلك الجدران المحاطة بصفائح «الكيربي» أناساً من بني جلدته، لكن السؤال نفسه قد يتبادر الى ذهن الداخل الى تلك المنطقة للمرة الأولى وسيدرك حتماً حجم المأساة الإنسانية التي تشاطر الساكنين سكنهم حال ان يعرف الحقيقة.
بطالة... فراغ... نقاط أمنية متكررة... تسكع والشباب هناك هم الضحية، كثيرون منهم لا يجدون ما يفعلونه سوى النوم المتواصل في النهار والسهر ساعات الليل... يقضونها احياناً في الديوانيات وأحياناً أخرى في مقاهي الشيشة في المنطقة الصناعية الواقعة في الجزء الجنوبي من المنطقة والتي زاد عددها عن النطاق المعقول في الفترة الأخيرة وكأن ملاكها وجدوا ضالتهم في العاطلين عن العمل وعن الأمل ايضاً.
ومن سوء طالع تلك المنطقة ان تكون المشتبه به الأول من بين سائر المناطق كلما اهتزت البلاد لوقوع جريمة مروعة.
«لماذا الصليبية تحديداً؟».
يتحرك السؤال في ذهن «خالد» الشاب البالغ من العمر عشرين عاماً ولا يعثر له على الإجابة الشافية.
«خالد أنهى دراسته الثانوية قبل ثلاثة أعوام وكان قبل ذلك يمني النفس باستكمال الدراسة في احدى الجامعات المرموقة ليتخرج طياراً أو طبيباً أو مهندساً «معتبراً» يشار اليه بالبنان، هكذا كان يفكر، ينام ويصحو على ذلك التفاؤل ولكنه ما كاد يجتاز الثانوية بتفوق حتى وقف وجهاً لوجه أمام الواقع المر والحقيقة الموجعة، وأيقن ان هناك من سبقه الى ذلك الحلم الجميل، عشرات غيره تمنوا ان يكونوا طيارين ومهندسين واطباء وحصدوا النسب العالية وما أن أكملوا مشروع التخرج حتى وجد بعضهم نفسه سمساراً في حراج السيارات أو بائعاً في محل للهواتف أو سائق باص لتوصيل طلاب المدارس أو جالساً في بيته يتلقف مصروفه الشهري من أسرته بمرارة المنكسر.
أما «خالد» الذي جال معنا في أرجاء المنطقة فما زال يبحث عن عمل يناسب المعدل الذي حصل عليه رغم ان ذلك ليس بالأمر السهل، ان تجد عملاً، أي عمل أمر في غاية الصعوبة... يقول: «اريد ان أخفف العبء عن والدي، فهو يعيل أسرة مكونة من أحد عشر فرداً اضافة إلى أعمامي الثلاثة العاطلين ايضاً، وأحدهم متزوج وله من الأولاد أربعة».
أسرة «خالد» نموذج لعشرات الأسر التي تعتبر الحصول على قوت يومها جهاداً... أما منازلها فلم يعد في مقدورها استيعاب أعداد أفرادها التي تضاعفت على مدى السبعة والعشرين عاماً الماضية وتحديداً منذ العام 1980 حين منحت الحكومة موظفيها من «البدون» تلك المساكن التي صممت لاستيعاب أسرة مكونة من سبعة أفراد على الأكثر، ومع الامتداد الزمني صارت الحاجة ملحة لبناء غرف اضافية من الكيربي لاحتواء الأجيال الجديدة التي نشأت.
يضيف خالد: «منطقتنا ألفت هذا الوضع وكأنها تأبى إلا ان تكون كذلك»، ولكنه لا ينفي وجود أسر ميسورة من «البدون» ومن حملة الجنسية الخليجية «فالله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر... والحمد لله ان عند الكثيرين منهم روح الإيثار ففي بعض المواسم وخصوصاً في شهر رمضان تجدهم يتوافدون بكثرة على لجنة الزكاة وجمع الصدقات هناك والتي تقوم بدورها بتوزيع الأطعمة على كثير من الأسر المعدمة».
ولكن ماذا عن الجانب الأمني؟
يبدو ذلك السؤال مزعجاً ومقلقاً، إذ ان الصليبية لم تعرف للغرباء والبعيدين عنها إلا بالجرائم التي وقعت فيها، والذين لم يدخلوها ولم يروها من قبل تعرفوا عليها من جريمة قتل الطفلة آمنة أو من الجريمة الأخرى المروعة التي وقعت قبل عامين حين أقدم المدعو «ظاهر» على ارتكاب مجزرة ضد أسرته فقتل زوجته وابنه البكر وطفلته لتضاف تلك الجريمة الى سجل الجرائم التي وقعت طوال ربع القرن الماضي.
«من المدهش في هذه المنطقة ما سمعته من جرائم وقعت فيها خلال سنوات ماضية»... يقول خالد ويضيف: جلست مرة في ديوانية أحد الأقرباء بعد أيام قليلة على جريمة ظاهر كانت الديوانية تضم الكبار والصغار ودار الحديث فيها عن تلك الجريمة ثم انتقل الى جرائم سابقة ومنها جريمة الخادمة الآسيوية التي قتلت طفلة مخدومها ذات التسعة أعوام وشقيقها ذا الأعوام الأربعة ووضعت جثتيهما في الثلاجة، وامرأة أخرى قتلت طفلها الرضيع أمام أولادها وجرائم أخرى كانت علامة مظلمة في تاريخ تلك المنطقة تحديداً، لكن الجريمة لا مكان لها ولا زمان فهي تقع في كل مكان حتى في الأحياء الراقية التي لا تعاني من البطالة والفراغ ولا تشكو من التسكع اليومي للمراهقين».
ينهي خالد حديثه ويودعنا مستأذنا حين جاءه اتصال هاتفي من والده وواصلنا نحن الجولة، وسط المنطقة كان هناك عدد من الآسيويين يتوزعون على شكل مجموعات على الطرف الأيمن من الشارع الرئيسي توقفنا عندهم وعرفنا انهم يعملون بعد فترة الظهر في تسليك المجاري التي تطفح بكثرة هناك، أما الساحة الكبيرة الواقعة بجانب المنطقة الحرفية الصناعية فقد احتلتها الشاحنات لفترة طويلة غير مبالية بلوحة البلدية التي نصبتها في مكان قريب وكتبت عليها: «ممنوع وقوف الشاحنات».
إلا ان الأمر لم يتوقف عند استغلال الساحة بل تعداه الى تسويرها بساتر ترابي لتكون مقراً دائماً لتلك الشاحنات في حين ان آخرين انتهزوا فرصة لا مبالاة المسؤولين بالمنطقة وراحوا يصولون ويجولون فيها حتى ان بعضهم لا يتورع عن دخول الشوارع السكنية إذا تعذر عليه الوقوف في الساحة ليترك شاحنته في أي مكان، في المواقف المخصصة لمسجد أو لمدرسة أو فوق أي رصيف قريب من دون اكتراث بكمية الدخان المنطلق من عادم الشاحنة متسبباً بنسبة كبيرة من التلوث هناك.
«حسبنا الله ونعم الوكيل»... يقول رجل اسمه «ابومحمد» صادفناه هناك وهو يلقي باللوم على البلدية التي لا تلتفت الى المخالفة الجسيمة التي يرتكبها أصحاب الشاحنات ويضيف: «صار الطريق الى المنطقة الصناعية مملاً بفعل اعداد الشاحنات التي كانت تتوقف بالعشرات على جانبي ذلك الطريق وتحجب الرؤية، وليس هذا وحسب بل انها أصبحت مأوى للخارجين على القانون ولا نعلم حقيقة ماذا يدور بين هذه الشاحنات ليلاً فهناك مدمنو المخدرات سمعت انهم يختبئون خلفها أو تحتها للتعاطي».
ذلك ما يراه «أبومحمد» ويؤيده في رأيه رفيقه «ابوسعد» الذي توسلنا ان نكتب ان الشباب الذين لا يعملون وكان توسله معبراً عن ألم يسكنه تجاه البطالة التي تنتشر بين أبناء المنطقة، ويكمل عنه «ابومحمد»: «أغلبنا لم يجدد رخصة القيادة والتسهيلات التي تحدثوا عنها في اللجنة التنفيذية لم نر منها شيئاً حتى الآن والنقاط الأمنية هنا توضع بكثرة ولكنها خفت في الفترة الأخيرة والحمد لله ان رجال الأمن هنا أبناء حلال وطيبون ومتفهمون للأوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها بعض الأسر».
أثناء مغادرتنا للمكان توجهنا الى الداخل حيث المكان الذي وقعت فيه جريمة «ظاهر» وهو المكان نفسه الذي خطفت منه الطفلة آمنة ثم قتلت منحورة في منطقة صحراوية نائية، المساكن هناك تعبر عن الحال البائسة لأصحابها، فالأسوار الحديدية وصفائح الكيربي محيطة بجوانبها أو ملاصقة لها وقد بنيت بشكل فوضوي إلا انها تعبر عن الحاجة الملحة اليها. أما في المكان الواقع بين القطعة الخامسة والجمعية التعاونية فقد كانت فيه ساحة فسيحة ولكن الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية خصصتها لتكون حديقة للمنطقة وانتهت من تنفيذها، إلا ان السكان متخوفون من ان تكون هذه الحديقة ايذاناً بهدم منطقتهم حيث كثرت في الآونة الأخيرة تصريحات المسؤولين عن التوجه لهدمها وتخصيص موقعها لمشروع سكني للكويتيين، والنظرة المتشائمة لتلك الحديقة التي لم تفتتح رسمياً حتى الآن منبعها ايضاً عدم اهتمام الدولة بمنطقة تسكنها غالبية من غير محددي الجنسية ومن ثم فإن تخصيص حديقة بهذه المساحة الشاسعة يعني حسب ما يراه الكثيرون قرب زوال منطقتهم.
كتب حسن المسعودي
هل هذه جواخير الصليبية؟».
استوقفنا قائد السيارة الألمانية ودحرج علينا ذلك السؤال المدهش ونحن نهم بتجاوز الإشارة المرورية على طرف الشارع الذي يتوسط المنطقة.
بقدر ما كان السؤال مضحكاً كان محزناً أيضاً، إذ ما كان يخطر على بال ذلك الرجل ان خلف تلك الجدران المحاطة بصفائح «الكيربي» أناساً من بني جلدته، لكن السؤال نفسه قد يتبادر الى ذهن الداخل الى تلك المنطقة للمرة الأولى وسيدرك حتماً حجم المأساة الإنسانية التي تشاطر الساكنين سكنهم حال ان يعرف الحقيقة.
بطالة... فراغ... نقاط أمنية متكررة... تسكع والشباب هناك هم الضحية، كثيرون منهم لا يجدون ما يفعلونه سوى النوم المتواصل في النهار والسهر ساعات الليل... يقضونها احياناً في الديوانيات وأحياناً أخرى في مقاهي الشيشة في المنطقة الصناعية الواقعة في الجزء الجنوبي من المنطقة والتي زاد عددها عن النطاق المعقول في الفترة الأخيرة وكأن ملاكها وجدوا ضالتهم في العاطلين عن العمل وعن الأمل ايضاً.
ومن سوء طالع تلك المنطقة ان تكون المشتبه به الأول من بين سائر المناطق كلما اهتزت البلاد لوقوع جريمة مروعة.
«لماذا الصليبية تحديداً؟».
يتحرك السؤال في ذهن «خالد» الشاب البالغ من العمر عشرين عاماً ولا يعثر له على الإجابة الشافية.
«خالد أنهى دراسته الثانوية قبل ثلاثة أعوام وكان قبل ذلك يمني النفس باستكمال الدراسة في احدى الجامعات المرموقة ليتخرج طياراً أو طبيباً أو مهندساً «معتبراً» يشار اليه بالبنان، هكذا كان يفكر، ينام ويصحو على ذلك التفاؤل ولكنه ما كاد يجتاز الثانوية بتفوق حتى وقف وجهاً لوجه أمام الواقع المر والحقيقة الموجعة، وأيقن ان هناك من سبقه الى ذلك الحلم الجميل، عشرات غيره تمنوا ان يكونوا طيارين ومهندسين واطباء وحصدوا النسب العالية وما أن أكملوا مشروع التخرج حتى وجد بعضهم نفسه سمساراً في حراج السيارات أو بائعاً في محل للهواتف أو سائق باص لتوصيل طلاب المدارس أو جالساً في بيته يتلقف مصروفه الشهري من أسرته بمرارة المنكسر.
أما «خالد» الذي جال معنا في أرجاء المنطقة فما زال يبحث عن عمل يناسب المعدل الذي حصل عليه رغم ان ذلك ليس بالأمر السهل، ان تجد عملاً، أي عمل أمر في غاية الصعوبة... يقول: «اريد ان أخفف العبء عن والدي، فهو يعيل أسرة مكونة من أحد عشر فرداً اضافة إلى أعمامي الثلاثة العاطلين ايضاً، وأحدهم متزوج وله من الأولاد أربعة».
أسرة «خالد» نموذج لعشرات الأسر التي تعتبر الحصول على قوت يومها جهاداً... أما منازلها فلم يعد في مقدورها استيعاب أعداد أفرادها التي تضاعفت على مدى السبعة والعشرين عاماً الماضية وتحديداً منذ العام 1980 حين منحت الحكومة موظفيها من «البدون» تلك المساكن التي صممت لاستيعاب أسرة مكونة من سبعة أفراد على الأكثر، ومع الامتداد الزمني صارت الحاجة ملحة لبناء غرف اضافية من الكيربي لاحتواء الأجيال الجديدة التي نشأت.
يضيف خالد: «منطقتنا ألفت هذا الوضع وكأنها تأبى إلا ان تكون كذلك»، ولكنه لا ينفي وجود أسر ميسورة من «البدون» ومن حملة الجنسية الخليجية «فالله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر... والحمد لله ان عند الكثيرين منهم روح الإيثار ففي بعض المواسم وخصوصاً في شهر رمضان تجدهم يتوافدون بكثرة على لجنة الزكاة وجمع الصدقات هناك والتي تقوم بدورها بتوزيع الأطعمة على كثير من الأسر المعدمة».
ولكن ماذا عن الجانب الأمني؟
يبدو ذلك السؤال مزعجاً ومقلقاً، إذ ان الصليبية لم تعرف للغرباء والبعيدين عنها إلا بالجرائم التي وقعت فيها، والذين لم يدخلوها ولم يروها من قبل تعرفوا عليها من جريمة قتل الطفلة آمنة أو من الجريمة الأخرى المروعة التي وقعت قبل عامين حين أقدم المدعو «ظاهر» على ارتكاب مجزرة ضد أسرته فقتل زوجته وابنه البكر وطفلته لتضاف تلك الجريمة الى سجل الجرائم التي وقعت طوال ربع القرن الماضي.
«من المدهش في هذه المنطقة ما سمعته من جرائم وقعت فيها خلال سنوات ماضية»... يقول خالد ويضيف: جلست مرة في ديوانية أحد الأقرباء بعد أيام قليلة على جريمة ظاهر كانت الديوانية تضم الكبار والصغار ودار الحديث فيها عن تلك الجريمة ثم انتقل الى جرائم سابقة ومنها جريمة الخادمة الآسيوية التي قتلت طفلة مخدومها ذات التسعة أعوام وشقيقها ذا الأعوام الأربعة ووضعت جثتيهما في الثلاجة، وامرأة أخرى قتلت طفلها الرضيع أمام أولادها وجرائم أخرى كانت علامة مظلمة في تاريخ تلك المنطقة تحديداً، لكن الجريمة لا مكان لها ولا زمان فهي تقع في كل مكان حتى في الأحياء الراقية التي لا تعاني من البطالة والفراغ ولا تشكو من التسكع اليومي للمراهقين».
ينهي خالد حديثه ويودعنا مستأذنا حين جاءه اتصال هاتفي من والده وواصلنا نحن الجولة، وسط المنطقة كان هناك عدد من الآسيويين يتوزعون على شكل مجموعات على الطرف الأيمن من الشارع الرئيسي توقفنا عندهم وعرفنا انهم يعملون بعد فترة الظهر في تسليك المجاري التي تطفح بكثرة هناك، أما الساحة الكبيرة الواقعة بجانب المنطقة الحرفية الصناعية فقد احتلتها الشاحنات لفترة طويلة غير مبالية بلوحة البلدية التي نصبتها في مكان قريب وكتبت عليها: «ممنوع وقوف الشاحنات».
إلا ان الأمر لم يتوقف عند استغلال الساحة بل تعداه الى تسويرها بساتر ترابي لتكون مقراً دائماً لتلك الشاحنات في حين ان آخرين انتهزوا فرصة لا مبالاة المسؤولين بالمنطقة وراحوا يصولون ويجولون فيها حتى ان بعضهم لا يتورع عن دخول الشوارع السكنية إذا تعذر عليه الوقوف في الساحة ليترك شاحنته في أي مكان، في المواقف المخصصة لمسجد أو لمدرسة أو فوق أي رصيف قريب من دون اكتراث بكمية الدخان المنطلق من عادم الشاحنة متسبباً بنسبة كبيرة من التلوث هناك.
«حسبنا الله ونعم الوكيل»... يقول رجل اسمه «ابومحمد» صادفناه هناك وهو يلقي باللوم على البلدية التي لا تلتفت الى المخالفة الجسيمة التي يرتكبها أصحاب الشاحنات ويضيف: «صار الطريق الى المنطقة الصناعية مملاً بفعل اعداد الشاحنات التي كانت تتوقف بالعشرات على جانبي ذلك الطريق وتحجب الرؤية، وليس هذا وحسب بل انها أصبحت مأوى للخارجين على القانون ولا نعلم حقيقة ماذا يدور بين هذه الشاحنات ليلاً فهناك مدمنو المخدرات سمعت انهم يختبئون خلفها أو تحتها للتعاطي».
ذلك ما يراه «أبومحمد» ويؤيده في رأيه رفيقه «ابوسعد» الذي توسلنا ان نكتب ان الشباب الذين لا يعملون وكان توسله معبراً عن ألم يسكنه تجاه البطالة التي تنتشر بين أبناء المنطقة، ويكمل عنه «ابومحمد»: «أغلبنا لم يجدد رخصة القيادة والتسهيلات التي تحدثوا عنها في اللجنة التنفيذية لم نر منها شيئاً حتى الآن والنقاط الأمنية هنا توضع بكثرة ولكنها خفت في الفترة الأخيرة والحمد لله ان رجال الأمن هنا أبناء حلال وطيبون ومتفهمون للأوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها بعض الأسر».
أثناء مغادرتنا للمكان توجهنا الى الداخل حيث المكان الذي وقعت فيه جريمة «ظاهر» وهو المكان نفسه الذي خطفت منه الطفلة آمنة ثم قتلت منحورة في منطقة صحراوية نائية، المساكن هناك تعبر عن الحال البائسة لأصحابها، فالأسوار الحديدية وصفائح الكيربي محيطة بجوانبها أو ملاصقة لها وقد بنيت بشكل فوضوي إلا انها تعبر عن الحاجة الملحة اليها. أما في المكان الواقع بين القطعة الخامسة والجمعية التعاونية فقد كانت فيه ساحة فسيحة ولكن الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية خصصتها لتكون حديقة للمنطقة وانتهت من تنفيذها، إلا ان السكان متخوفون من ان تكون هذه الحديقة ايذاناً بهدم منطقتهم حيث كثرت في الآونة الأخيرة تصريحات المسؤولين عن التوجه لهدمها وتخصيص موقعها لمشروع سكني للكويتيين، والنظرة المتشائمة لتلك الحديقة التي لم تفتتح رسمياً حتى الآن منبعها ايضاً عدم اهتمام الدولة بمنطقة تسكنها غالبية من غير محددي الجنسية ومن ثم فإن تخصيص حديقة بهذه المساحة الشاسعة يعني حسب ما يراه الكثيرون قرب زوال منطقتهم.