على
10-26-2006, 01:22 AM
http://www.al-araby.com/images/araby-logo.gif
بقلم د. عبدالكريم العلوجي
نحن العرب والمسلمون نعيش اليوم حالة من التمزق والتفرقة نخشى أن نكون بها على أبواب فتن لا آخر لها. نستخرج منها كل ما ضمه التاريخ القريب والبعيد من أسباب الفرقة والاختلاف.. فنبث فيه الحياة من جديد بعد أن مضى عليها أربعة عشر قرنا تقريبا.
لا نريد اليوم أن نعيد ذلك الصراع بين الشيعة والسنة من خلال بعض الفتاوى التى تخرج من هنا وهناك.. ومن بعض الجهلة من الكتاب الذين لا يفقهون من العلم شيئا.. ولكنهم يلعبون لعبة الاختلاف بين الشيعة والسنة.
وهذا ما حدث عندما كتب بعض هؤلاء الجاهلين بالفكر والمذهب الشيعى بوصفهم بالسفلة مما اضطر رئيس تحرير الجريدة لأن يقدم شبه اعتذار وتنصل عنها، ولكن الجريدة استمرت فى بإثارة الفتنة.
كذلك كتب آخر عندما كتب الشيعة أخطر من الصهيونية كلمات تدل على غياب الفكر والعقيدة.. والجهل بمبادئ هذا المذهب.
هناك حقائق لابد من معرفتها.. حيث إن الشيعة يعرفون عن عقائد السنة والجماعة ما لا يعرفه أكثر أهل السنة، كذلك أهل السنة يعرفون عن عقائد الشيعة ما لا يعرفه أكثر أهل الشيعة.. الطائفية بالمصطلح والمعنى الديني.. حيث يرمى إلى تحديد الجماعات السياسية المستندة إلى أصل ديني.. والإسلام لا يعرف هذه الطائفية السياسية.. لأن المسلمين فى المسألة السياسية يتساوون.
والذين يتحدثون ويكتبون اليوم عن الشيعة عليهم دراسة هذا المذهب بأصوله الحقيقية.. وليس على روايات أو كتب شوهت هذا الفكر لصالح القوى الأجنبية التى تريد زرع الفتنة بين المسلمين.. وهذا ما يحدث اليوم فى العراق ولبنان والبقية تأتي.. ونحن بالجهل نروج هذه المشاريع الطائفية.. ولابد من معرفة عقائد الشيعة ومذهبهم.. وهذه المعرفة ليست مقصورة على علماء الشيعة وخاصتهم.. إنما يشترك فيها بأقدار متفاوتة عامتهم.. وغير المشتغلين بالعلم الدينى منهم.
ولكن هذا يعنى أن هناك بعض المتخلفين فكريا ومذهبيا من الشيعة الذين لا يفقهون بالفكر والمذهب الشيعي.. بل انساقوا وراء الجهلاء من بعض الوعاظ الذين يصورون للعامة تلك القصص والروايات والأحاديث غير الموثقة.
كذلك نجد الطرف الآخر من السنة من نفس هذه العينة يزيدون الأمر توسعا وخلافا.
ولكن هناك المثقفين والمفكرين من الشيعة والسنة الذين قاموا بشحن المجتمع العراقى وقيادة الحركات السياسية التى ناضلت مجتمعة ضد النظام والاستبداد على مر العقود.. وكانت كل قيادات الحركات والأحزاب السياسية فى العراق تبدأ من الجنوب العراقى الشيعي ولم يفكر أو يشعر أحد بذلك.. قيادة الحزب الشيوعى وحزب البعث وحزب الاستقلال وحركة القوميين العرب هم من الشيعة، وكل هذه الحركات انبثقت تطالب بالقومية العربية والوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية.. لا يعرف أحد من هو الشيعى أو السني.. ولكن كما يوجد من السنة والأكراد والشيعة عملاء تعاونوا مع الاحتلال يوجد من السنة والأكراد والتركمان مقاومون ضد الاحتلال.. نجد اليوم تلك الحملة ضد الشيعة التى جاءت بعد انتصار حزب الله ضد إسرائيل وأمريكا.. وبدأت الحملة رغم عدم معرفة الواقع والحقيقة للشيعة، وبينما لا يكاد أكثر المثقفين غير المتخصصين من أهل السنة يعرفون شيئا عن الشيعة.. إلا أنهم طائفة أسرفت فى التشيع ل على بن أبى طالب رضى الله عنه.. وترى أنه كان أولى بالخلافة من أبى بكر وعمر.. وأنهم فوق ذلك أصحاب بدع يخالفون بها مذهب أهل السنة.. ولكن المتخصصين منهم يعرفون عن الشيعة كثيرا.
إن القضايا الخلافية التى فجرها ظهور المذهب الشيعي.. ظلت على امتداد التاريخ الإسلامى محور جدل موثق فى مؤلفات عديدة من العلماء بين الفريقين.. جرت خلاله مساجلات طويلة.. حيث لم تبق حجة أو دليل يستند إليه إلا وقد أوسعه العلماء تحليلا ونقدا.. ومع ذلك بقى كل فريق على رأيه ومذهبه.. وأن علينا جميعا أن ندرك أن الخلافات ذات الجذور التاريخية الضاربة فى الأرض لا يلغيها أو يمحوها جهد فرد.. ولا يمكن القفز عليها.. وأن مواجهتها تحتاج إلى جهد متصل وصدر متسع وصبر طويل.
إن الجدل التاريخى المتصل بين أهل السنة والشيعة قد ظل خلال المئات الأخيرة من السنين محصورا فى الدائرة الاعتقادية والفكرية.. وأن الاستقطاب الاجتماعى والسياسى ظل فى حالة هدوء واستقرار عند نقطة محددة.
غير أنه بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1976.. وتولى رجال الدين قيادتها وقيادة الدولة كلها بعد نجاحها.. جرت محاولة لامتداد أثرها ومبادئها خارج حدود إيران.. ثم اندلاع الحرب بين إيران والعراق.. وامتداد آثارها إلى دول عربية مسلمة مجاورة يتوزع أهلها بين المذهب الشيعى إلى جانب المذهب السنى والجماعة.. كل ذلك فتح الباب على مصراعيه أمام مخاطر استقطاب عقائدى وسياسى جديد محوره ذلك الانشقاق التاريخي.. ومصدر هذا الانشقاق والخلاف الذى يجرى اليوم على الساحة العربية والإسلامية هو بعض الدوائر غير العربية والإسلامية التى عملت على تأجيج كل صور الانقسامات العقائدية والسياسية فى هذه المنطقة من العالم.
إن الحديث فى أمور العقائد والمذاهب والمواقف التاريخية، خصوصا حين تكون محلا للخلاف الشديد.. يجب أن يكون من خلال التقارب بين كل المذاهب الإسلامية من أجل توحيد الفكر والرؤية خاصة فى الخلاف بين هذه المذاهب..
http://www.al-araby.com/articles/1031/061022-1031-opn10.htm
بقلم د. عبدالكريم العلوجي
نحن العرب والمسلمون نعيش اليوم حالة من التمزق والتفرقة نخشى أن نكون بها على أبواب فتن لا آخر لها. نستخرج منها كل ما ضمه التاريخ القريب والبعيد من أسباب الفرقة والاختلاف.. فنبث فيه الحياة من جديد بعد أن مضى عليها أربعة عشر قرنا تقريبا.
لا نريد اليوم أن نعيد ذلك الصراع بين الشيعة والسنة من خلال بعض الفتاوى التى تخرج من هنا وهناك.. ومن بعض الجهلة من الكتاب الذين لا يفقهون من العلم شيئا.. ولكنهم يلعبون لعبة الاختلاف بين الشيعة والسنة.
وهذا ما حدث عندما كتب بعض هؤلاء الجاهلين بالفكر والمذهب الشيعى بوصفهم بالسفلة مما اضطر رئيس تحرير الجريدة لأن يقدم شبه اعتذار وتنصل عنها، ولكن الجريدة استمرت فى بإثارة الفتنة.
كذلك كتب آخر عندما كتب الشيعة أخطر من الصهيونية كلمات تدل على غياب الفكر والعقيدة.. والجهل بمبادئ هذا المذهب.
هناك حقائق لابد من معرفتها.. حيث إن الشيعة يعرفون عن عقائد السنة والجماعة ما لا يعرفه أكثر أهل السنة، كذلك أهل السنة يعرفون عن عقائد الشيعة ما لا يعرفه أكثر أهل الشيعة.. الطائفية بالمصطلح والمعنى الديني.. حيث يرمى إلى تحديد الجماعات السياسية المستندة إلى أصل ديني.. والإسلام لا يعرف هذه الطائفية السياسية.. لأن المسلمين فى المسألة السياسية يتساوون.
والذين يتحدثون ويكتبون اليوم عن الشيعة عليهم دراسة هذا المذهب بأصوله الحقيقية.. وليس على روايات أو كتب شوهت هذا الفكر لصالح القوى الأجنبية التى تريد زرع الفتنة بين المسلمين.. وهذا ما يحدث اليوم فى العراق ولبنان والبقية تأتي.. ونحن بالجهل نروج هذه المشاريع الطائفية.. ولابد من معرفة عقائد الشيعة ومذهبهم.. وهذه المعرفة ليست مقصورة على علماء الشيعة وخاصتهم.. إنما يشترك فيها بأقدار متفاوتة عامتهم.. وغير المشتغلين بالعلم الدينى منهم.
ولكن هذا يعنى أن هناك بعض المتخلفين فكريا ومذهبيا من الشيعة الذين لا يفقهون بالفكر والمذهب الشيعي.. بل انساقوا وراء الجهلاء من بعض الوعاظ الذين يصورون للعامة تلك القصص والروايات والأحاديث غير الموثقة.
كذلك نجد الطرف الآخر من السنة من نفس هذه العينة يزيدون الأمر توسعا وخلافا.
ولكن هناك المثقفين والمفكرين من الشيعة والسنة الذين قاموا بشحن المجتمع العراقى وقيادة الحركات السياسية التى ناضلت مجتمعة ضد النظام والاستبداد على مر العقود.. وكانت كل قيادات الحركات والأحزاب السياسية فى العراق تبدأ من الجنوب العراقى الشيعي ولم يفكر أو يشعر أحد بذلك.. قيادة الحزب الشيوعى وحزب البعث وحزب الاستقلال وحركة القوميين العرب هم من الشيعة، وكل هذه الحركات انبثقت تطالب بالقومية العربية والوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية.. لا يعرف أحد من هو الشيعى أو السني.. ولكن كما يوجد من السنة والأكراد والشيعة عملاء تعاونوا مع الاحتلال يوجد من السنة والأكراد والتركمان مقاومون ضد الاحتلال.. نجد اليوم تلك الحملة ضد الشيعة التى جاءت بعد انتصار حزب الله ضد إسرائيل وأمريكا.. وبدأت الحملة رغم عدم معرفة الواقع والحقيقة للشيعة، وبينما لا يكاد أكثر المثقفين غير المتخصصين من أهل السنة يعرفون شيئا عن الشيعة.. إلا أنهم طائفة أسرفت فى التشيع ل على بن أبى طالب رضى الله عنه.. وترى أنه كان أولى بالخلافة من أبى بكر وعمر.. وأنهم فوق ذلك أصحاب بدع يخالفون بها مذهب أهل السنة.. ولكن المتخصصين منهم يعرفون عن الشيعة كثيرا.
إن القضايا الخلافية التى فجرها ظهور المذهب الشيعي.. ظلت على امتداد التاريخ الإسلامى محور جدل موثق فى مؤلفات عديدة من العلماء بين الفريقين.. جرت خلاله مساجلات طويلة.. حيث لم تبق حجة أو دليل يستند إليه إلا وقد أوسعه العلماء تحليلا ونقدا.. ومع ذلك بقى كل فريق على رأيه ومذهبه.. وأن علينا جميعا أن ندرك أن الخلافات ذات الجذور التاريخية الضاربة فى الأرض لا يلغيها أو يمحوها جهد فرد.. ولا يمكن القفز عليها.. وأن مواجهتها تحتاج إلى جهد متصل وصدر متسع وصبر طويل.
إن الجدل التاريخى المتصل بين أهل السنة والشيعة قد ظل خلال المئات الأخيرة من السنين محصورا فى الدائرة الاعتقادية والفكرية.. وأن الاستقطاب الاجتماعى والسياسى ظل فى حالة هدوء واستقرار عند نقطة محددة.
غير أنه بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1976.. وتولى رجال الدين قيادتها وقيادة الدولة كلها بعد نجاحها.. جرت محاولة لامتداد أثرها ومبادئها خارج حدود إيران.. ثم اندلاع الحرب بين إيران والعراق.. وامتداد آثارها إلى دول عربية مسلمة مجاورة يتوزع أهلها بين المذهب الشيعى إلى جانب المذهب السنى والجماعة.. كل ذلك فتح الباب على مصراعيه أمام مخاطر استقطاب عقائدى وسياسى جديد محوره ذلك الانشقاق التاريخي.. ومصدر هذا الانشقاق والخلاف الذى يجرى اليوم على الساحة العربية والإسلامية هو بعض الدوائر غير العربية والإسلامية التى عملت على تأجيج كل صور الانقسامات العقائدية والسياسية فى هذه المنطقة من العالم.
إن الحديث فى أمور العقائد والمذاهب والمواقف التاريخية، خصوصا حين تكون محلا للخلاف الشديد.. يجب أن يكون من خلال التقارب بين كل المذاهب الإسلامية من أجل توحيد الفكر والرؤية خاصة فى الخلاف بين هذه المذاهب..
http://www.al-araby.com/articles/1031/061022-1031-opn10.htm