زوربا
10-25-2006, 08:05 AM
حاوره: علي العلاس
بحثنا واسترجعنا عبق تاريخ الديرة الجميل، نقبنا في اكثر من موقع عن هذا التراث الجميل لنوثقه كمرجع باحرف من نور كي لا تطويه ذاكرة السيان وليبقى نبراساً تهتدى به الاجيال المقبلة، فمن ليس له ماض ليس له حاضر ومن لاحاضر له لا مستقبل له.
بحثنا وقلبنا في ذاكرة التاريخ طرقنا باب الدكتور صالح العجيري ذي الذاكرة الحاضرة المستنيرة، غصنا في سبر اغوارها لنبحث عن مكنونات اللؤلؤ داخلها وما تحويه من كنوز الاسرار التي ربما لم يتسنى له ان يكشفها لاحد من قبل.
الدكتور العجيري استقبلنا كعهده بحفاوة وكرم كافيين ليبرهنا انه من زمن العصر الجميل فطيلة حوارنا معه البسمة لم تفارق محياه، وتزداد كلما تذكر مواقف الصبا ومشاكسات الطفولة والشباب، تلك البسمة التي قال عنها العجيري «انها الوحيدة التي استطيع بها ان اقتل تجاعيد الوجه واهزم بها امراض الشيخوخة».
فلا عجب ان عرفنا ان الدكتور العجيري درس علوم الفلك منذ صغره من باب اعرف عدوك فذهب الى الصحراء ليتعلم الرماية ويتعود على الحياة الخشنة فأنس للصحراء، وبهره جمال برها وصفاء نهارها ولطف جوها وضوء القمر والنجوم الذي ينساب فينيرظلمة ليلها، محرك ذلك فيه حنينا جارفاً للعلم بها ودراستها ليروي عطشه المتطلع الى المزيد من سحرها.
العجيري الذي فتح قلبه لـ «الرأي العام» وكشف لها اسرارا ربما لم يكشفها لاحد من قبل اصبح رمزاً لعلم الفلك يعرفه الصغير والكبير، بل اصبحنا لانستطيع ان نتحدث عن علم الفلك دون ذكر العجيري ولانستطيع ان نذكر العجيري دون ذكر علم الفلك، انه نبراس مضيء لكل طالب علم ومعرفة في علوم الفلك والارصاد الجوية على حد سواء.
العجيري تحسر على كويت الماضي ودعا ان يكون حاضرها ومستقبلها زاهرين برعاية سمو أميرها وولي عهدها لتعود مجدداً درة الخليج.
وفي ما يلي تفاصيل وذكريات العجيري كما رواها لـ «الرأي العام»:
عن مولده ونشأته وتعليمه قال العجيري: ولدت سنة 1921 في منزل والدي الملا محمد صالح عبدالعزيز العجيري والذي يقع في فريج عثمان الراشد الكائن تجاه غرفة التجارة والصناعة اي قرب شركة البترول الوطنية الآن، طرف الحي القبلي قرب السوق في مدينة الكويت ونشأت في بيئة يغلب عليها طابع البادية وفي ظروف حياتية صعبة تفتقر الى كل الوسائل التكنولوجية الحديثة، فكنت ألعب مع اقراني في الحي العابا شعبية كثيرة في مساحات خالية توجد بين البيوت في ذلك الوقت تسمى «البراحة ومن الالعاب الشعبية التي يتذكرها على سبيل الذكر لا الحصر العاب البنين مثل لعبة «خروف مسلسل هدوه» ولعبة «انا الذيب بأكلكم وان أمكم بحميكم».
امابالنسبة لتعليمي فانا لم استطع الى الان ان احدد اول يوم ذهبت فيه إلى المدرسة مع ان هذا اليوم يتذكره كل طالب جيداً، اما انا فربما لان والدي كان عنده مدرسة خاصة فكان يحملني على كتفه ويذهب بي الى المدرسة منذ ان كان عمري ثلاث سنوات فالايام كلها تشابهت ولم استطع تحديد اول يوم ذهبت فيه الى المدرسة واتذكر أنني تعلمت وانا على كتف والدي رحمه الله ان الحرف الذي يشبه العصا هو الألف.
ومن زملاء الدراسة في كُتاب ابي كل اولاد الصقر والخرافي والبدر والمرزوق والخالد والسرحان والنفيسي والصبيح والمير والمذكور والسعدون والبرجس والفوزان والحميضي والعساف والتمار والسميط والرشيد والحمد.
ويقول العجيري ان الكويت مرت بفترة عصيبة في اوائل الثلاثينات من القرن الماضي عندما تعرضت تجارة اللؤلؤ الكويتي إلى كساد بسبب منافسة اللؤلؤ الياباني المصنوع والطبيعي وكان من نتيجة ذلك ان الكويت مرت في فترة حرجة و ضائقة مالية جعلت والدي يغلق مدرسته بسبب عدم استطاعة اولياء الامور دفع اجور ابنائهم نظير تعليمهم.
والدي كان يرغب ان اصبح تاجرا وليس موظفا لان الموظف في الماضي اذا انقطع عنه الراتب كان ينتهي به الحال عكس التاجر الذي يعرف نفسه بأنه سيربح مرة ويخسر اخرى، ولذلك نقلني والدي من مدرسة عبدالمحسن الصقلاوي إلى مدرسة ملا مرشد عام 1933، لكي اتمكن من دراسة الحساب واللغة الانكليزية وامساك الدفاتر والدين تمهيدا لدخولي عالم التجارة حسب رغبة ابي.
ويقارن العجيري بين حال الموظف الحكومي في الماضي وبين حاله في الحاضر، فيقول «ما كانوا هكذا في الماضي، فبعد ظهور النفط صار الناس اتكاليين ويجترون الوظيفة الحكومية وطبقوا المثل القائل «اذا ما فاتك الميري تمردغ في ترابه»، اما قبل ظهور النفط فكان الناس مضطرين ان يتاجروا حتى ان سفنهم الشراعية وصلت إلى جزر الهند وشرق افريقيا، فموقع الكويت الجغرافي حتم عليها ذلك، فهي تقع في نهاية الخليج على امتداد طرف شبه الجزيرة العربية، ولذا تم استغلال موقعها المتميز في الحرب العالمية الأولى عندما كان العثمانيون يجلبون البضائع من الهند ليتم انزالها في الكويت ثم تحمل على ظهور الابل إلى حلب في سورية ومنها الى استانبول.
ويقول العجيري في عام 1938 ذاع صيتي حول تفوقي في علوم الفلك، فعرض بعض اعضاء المجلس التشريعي انذاك والذي يشبه مجلس الامة حاليا على والدي بأن يرسلوني إلى انكلترا لدراسة علوم البحار ولكنهم اشترطوا على والدي ادخالي المدرسة المباركية لانها حكومية لتكون البعثة حكومية. وبالفعل قام والدي رحمه الله بادخالي المدرسة المباركية، ولكن اجل المجلس التشريعي لم يدم فماتت فكرة السفر إلى انكلترا.
ويضيف، كنت من اسرع الطلبة حلا للمسائل الحسابية، ولكن في احد الاختبارات طلب المرحوم صبحي النحلة الفلسطيني الجنسية مدرس مادة الحساب من الطلاب حل مسألة حسابية في احد الاختبارات السريعة وبسرعة قدمت حل المسألة إلى الاستاذ فلاحظ ان اجابتي خاطئة ولكنه لم يرد لي ان يشمت بي الطلاب وفي الوقت نفسه لم يكن بوسعه ان يقول لي ان الجواب خطأ لاننا في اختبار، فلم يجد من المناسب الا ان يقول لي لا تتعجل، وكل واحد منكم عليه ان يعيد ويراجع المسألة مرارا قبل ان يقدم كرساته اليّ، واعاد لي الكراسة فراجعت المسألة تكرارا ولم اجد فيها خطأ وقدمتها له، فعجب لذلك لكن عجبه زال عندما انتهى الدرس حيث قال لي «خفت عليك ان تقدم الجواب الخطأ فأرجعت اليك الكراسة لتصحيحها لكنني اكتشفت انني المخطئ وجوابك كان صحيحا».
ويتابع العجيري: احب ان تسألني ما الذي دفعني إلى فن التمثيل؟ والدتي رحمها الله توفيت وانا عمري 12 سنة وكانت اسرتنا تتكون من اربعة اولاد وابنة كنت اكبرهم عمرا، وفجأة وجدت نفسي مسؤولا عن عائلة لان والدي رحمه الله كان يعمل موظفا في البلدية صباحا وليلا، فكنت اغسل ملابسهم واجهز لهم الطعام و احلب لهم الاغنام وغيرها من المهام التي كانت تقوم بها والدتنا، فما بقي لدي وقت كاف لكي ألعب مع اطفال الحي، ولكنني عوضت عدم لعبي مع اقراني في الشارع بمشاغباتي في الصف، هذا الشغب قادني إلى التمثيل المدرسي، ومنه إلى التمثيل المسرحي من عام 1938 إلى عام 1961، ولكن كما يقولون ان ذاكرة الجمهور ضعيفة ثم ان المشاهدين غالبيتهم توفوا رحمهم الله.
وفي بداية البث التلفزيوني في الكويت سجلت لي مسرحية واحدة كنت ألعب فيها دور شرف ولكن شاركت في العديد من البرامج التلفزيونية مثل برنامج ديوانية التلفزيون وبرنامج مهنتي الذي كان يديره وزير الاعلام محمد السنعوسي الى جانب عدة برامج خاصة بعلوم الفلك والظواهر الجغرافية.
ويقول: لانني درست في مصر واخذت اول دروسي الفلكية في مصر ما زلت اذكر مصر بالخير، وانا اعرف مصر جيدا منذ ايام الملكية، كان الناس فيها قليلين، والفلاح يعرف نفسه فلاحا والباشا يعرف نفسه باشا، اما الان فقد اختلط الحابل بالنابل والكل يريد ان يصبح باشا، وانا اتذكر جيدا اولى رحلاتي إلى مصر عندما وقع في يدي كتاب اسمه المناهج الحميدية للشيخ عبدالحميد موسى غيث من علماء مصر، قرأت الكتاب ولكني لم استوعبه كله فقررت الذهاب إلى مصر لمقابلة مؤلف الكتاب ولكي اعرف بقية ما خفي عليّ، وبالفعل سافرت إلى مصر حيث بدأت رحلتي من الكويت إلى البصرة بالسيارة ومن البصرة إلى بغداد بالقطار ومن بغداد إلى الشام سافرت في سيارات ضخمة كانوا يسمونها شركة «نيرن لنقل الركاب» ومن الشام إلى بيروت ومنها ركبت الباخرة وابحرت صوب الاسكندرية ومنها إلى القاهرة حتى وصلت إلى منطقة تسمى ميت النخاس التابعة لمحافظة الشرقية مسقط رأس المؤلف بعد رحلة تعب وعناء، وبمجرد ان وصلت الى وجهتي سألت عن اسم المؤلف فوجدته بلغ من الكبر عتيا وجاوز الثمانين ولكنه رحب بي اشد رحيب وقدم لي معلومات شيقة عن علم الفلك، وقال لي مقولة مازالت راسخة في ذاكرتي «انا شغوف بعلم الفلك والزواج بالنساء».
ويتابع العجيري: بعد مقابلة مؤلف الكتاب والذي بدوره حولني الى احد تلاميذه في القاهرة ليزدني علما في فروع علم الفلك يدعى عبدالفتاح وحيد احمد، وجدت عنده مكتبة ضخمة تحوى امهات الكتب في علم الفلك الى جانب مخطوطات ومطبوعات وكتب مترجمة عن اللغة التركية فمنذ الوهلة الاولى تمنيت ان امتلك مثل هذه المكتبة، والطريف ان صاحب المكتبة كان حريصا اشد الحرص على ألا يطلع احدا على مكتبته لدرجة اننى كلما كنت ازوره لنناقش امرا حول مسألة فلكية كان يأتي بكتاب واحد ثم يعيده مرة اخرى الى ادراجه وفي ذات مرة ومن شدة حرصه على كتبه قال لزوجته عندما اموت ادفني هذه الكتب بجواري» ومرت الايام وفي ذات يوم وصلتني رسالة من زوجته لتخبرني ان زوجها توفي وبسرعة البرق ارسلت لها رد الرسالة معزيا في زوجها وطلبت منها بين سطور رسالتي ألا تتصرف في الكتب الموجودة في مكتبة زوجها وبالفعل سافرت الى القاهرة ووجدت امامي كنزا من الكتب النادرة اخذت منها ما يقارب 70 كتابا لمكتبتي، وعندما استفسرت منها عن سعر هذه الكتب قالت لي هي هدية لك مجانا فاستغربت وقلت لماذا فقالت «دول ضرتي»، فضحكت في نفسي وقلت يظهر ان زوجها كان يتركها كثيرا.
ويقول العجيري عندما يسألونك عن الانكليز؟ قل «ثقال الدم» محترمين جادين فكلما ازور لندن واعود يسألني اصحابي ماذا رأيت في لندن؟ فأقول رأيت كذا وكذا، وفي احدى سفراتي الى لندن وبعد عودتي سألوني ماذا رأيت؟ فقلت لهم رأيت شيئا غريبا سألوني ما هو؟ فقلت على قدر النظام الذي يتسمون به إلا انهم «ثقال الدم» وانا جالس في القطار رأيت افراد الشرطة يوزعون لائحة تعليمات على الشرطيات من بين فقراتها «ايتها الشرطية ان هذا اللباس الذي ترتدينه انما هو لباس شرف فاذا اردت ان تقومي بعمل مناف للشرف فان عليك خلع هذا اللباس»، فهل الشرطية ان مارست الرذيلة ستكون مرتدية الزي العسكري؟
ولكن وللامانة نجد اخلاقهم راقية جدا فاذا صدمت شخصا يقف لك ويتأسف منك والافضل من ذلك خلال سفراتي الاخيرة الى لندن دائما كنت ارتدي الدشداشة، فلم يصادفني احد ويقول لي انكم ارهابيون وانكم تفجروننا وانكم... ولكن كل فرد يمضي في سبيل حاله وعمله.
ويتابع: في السنوات العشر الاخيرة لم انم على السرير، بل على الارض بجوار سرير زوجتي التي كانت مصابة بمرض هشاشة العظام، كنت ممرضها الخاص لانها كانت لاتستطيع الحراك في اواخر ايامها فعند سماعي كلمة «آه» اقوم مسرعا واسألها ان كانت تريد اي شيء، وفي ذات يوم سمعتها تقول «آه» فخمنت من شدة المرض واذ بي اقوم والاحظ دخانا كثيفا يدخل علينا الغرفة، فخرجت مسرعا واذ به حريق ضخم وركضت نحو غرفة ابني البكر محمد ليساعدني في اخراج زوجتي خارج المنزل وبالفعل حاولنا اخراجها من الغرفة ولكني تذكرت الخدم الذين ينامون في الطابق العلوي فعدت لاخبرهم بالحريق.
«والزوج في الماضي كان كل شيء في حياة الزوجة اما الان نجد ان الزوجة لديها راتب وسيارة وجميع مطالبها مجابة فلا ترى داعيا لوجود الزوج».
وعندما عدت الى زوجتي وابني محمد وجدتهما ملقيين على الارض وانا ايضا طحت بجانبهما حتى وصلت فرق الانقاذ والاطفاء فنقلوني الى المستشفى لكن زوجتي فارقت الحياة قبل وصولها وايضا ابني بعد وصوله المستشفى بلحظات فارق الحياة، اما انا فان الله كتب لي عمرا جديدا، هذه المأساة اتذكرها ولم يستطع الزمن محوها من ذاكرتي، واتذكر عندما افقت سألت الممرضات في المستشفى من اتى بي الى هنا؟ فقالوا لي ان منزلك كان فيه حريق فتذكرت كل شيء ولكن في بالي ان زوجتي وابني محمد نجوا من الدخان فلم يخبرني احد بوفاتهما حتى بعد خروجي من المستشفى جاء ابني احمد وقدم لي طبقا من البلح وقال لي «امي رحمها الله كانت تحب هذا النوع» فعرفت ان زوجتي وابني محمد توفاهما الله».
في الماضي كان يجلب الماء العذب من شط العرب، اضافة الى وجود بعض الابار الحلوة في كيفان والشامية وحولي تصلح للشرب، كان الناس اقتصاديين جدا في استهلاك الماء لمعرفتهم بان الماء شحيح في منطقتنا، اما الان ومع علمهم بشحة الماء في بلدنا إلا انهم مبذرون بشدة «السيفون» الواحدة تكفي عائلة ماء ليوم وليلة.
اضف إلى ذلك سوء استخدام الماء من قبل الخدم والخادمات في المنازل الذين يغسلون السيارات «بالهوز» والمفروض تغسل السيارة «بالسطل» لتوفير الماء، ومن السلوكيات الخاطئة التي شاهدتها ايضاً ان خادمة كانت أمام منزل مخدومها «قشة» على الأرض فجلبت الهوز واخذت تسرح القشة إلى المصرف في الشارع والى ان وصلته كانت قد صدفت عليها بقيمة دينار ونصف الدينار من الماء، الأمر نفسه متعلق بالكهرباء ففي الماضي كنا ننير منازلنا بمصابيح غازية، وعندما دخلت الكهرباء كان في المنزل لمبة واحدة ولمبتان على الأكثر ولكن الآن تجد اكثر من 100 لمبة في المنزل الواحد إلى جانب اللمبات التي تعمل ليل نهار، والادوات الكهربائية، فلا بد أن يكون هناك ترشيد في استخدام الماء والكهرباء للخروج من هذه الأزمة، فالأمر سوف يتفاقم من سيئ إلى أسوأ.
ويقول العجيري: كل الحوادث المرورية متعمدة فلا يوجد حادث مروري غير متعمد، فإما يقود الشخص سيارة ويعرف ان «التاير» به سحقية فينفجر وهو يقود، وأما يتجاوز السرعة، أو يكسر الاشارة الحمراء وغيرها من الاشياء الأخرى التي تنتهي إلى نهاية المطاف في حادث فربما تقود سيارتك في أمان ويأتي شخص مستهتر ويدعمك ولذا أقول ان كل حوادث المرور مفتعلة». ويقول العجيري كنت احظى بتقدير خاص من حضرة صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه، فقد كان زميلاً لي في المدرسة المباركية واتذكر موقفاً حصل يدل على ادب سمو الأمير الراحل الجم «الفصل كان مقسماً إلى صف أمامي وآخر خلفي سموه كان يجلس في الصف الأمامي وفي احد الأيام سأل سمو الأمير المدرس هل تجلسونني في الصف الأمامي لأنني ابن أمير، فرد عليه المدرس «لا لأن جسمك نحيف فنحن نجلس الطلاب صغار السن في الصف الأمامي وكبار السن في الصف الخلفي فهذا الموقف يدل على تواضع سمو الأمير الراحل، فصلتي به لم تنقطع حتى وفاته رحمه الله ففي سنة 1952 حصل سموه على ساعة فيها اشكال القمر من محاق وتربيع وبدر فلم يفته ان يهديها لي لعلمه باهتماماتي الفلكية وفي سنة 1978 حصل ايضاً على تلسكوب يحمل باليد ومعه خرائط وجداول فلكية فاهداه لي ايضاً.
ويقول منذ ان عرفت سمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر لاحظت ان فيه شيئاً لم يتغير حتى الآن، «بسمته العفوية» التي يتمتع بها منذ طفولته فهي لم تتغير.
وأوصى العجيري الأمتين العربية والإسلامية بالاتحاد والوحدة وبخاصة في المناسبات الدينية وبداية الشهور القمرية فلا يوجد بينهم مجال للخلاف، ولا تناقض بين العلم والحسابات الفلكية ورؤية الهلال، كما اوصى الشباب باغتنام الفرص المتاحة امامهم للتزود من مناهل العلم والاستفادة من الوسائل التكنولوجية الحديثة لتلقي العلم والوصول إلى أعلى المراتب والدرجات العلمية، ولا عذر للشباب للتراخي، واقترح ان تهتم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة العدل بتخصيص عدد من الموظفين الشباب الكويتيين لتدريبهم على الحسابات الفلكية.
بحثنا واسترجعنا عبق تاريخ الديرة الجميل، نقبنا في اكثر من موقع عن هذا التراث الجميل لنوثقه كمرجع باحرف من نور كي لا تطويه ذاكرة السيان وليبقى نبراساً تهتدى به الاجيال المقبلة، فمن ليس له ماض ليس له حاضر ومن لاحاضر له لا مستقبل له.
بحثنا وقلبنا في ذاكرة التاريخ طرقنا باب الدكتور صالح العجيري ذي الذاكرة الحاضرة المستنيرة، غصنا في سبر اغوارها لنبحث عن مكنونات اللؤلؤ داخلها وما تحويه من كنوز الاسرار التي ربما لم يتسنى له ان يكشفها لاحد من قبل.
الدكتور العجيري استقبلنا كعهده بحفاوة وكرم كافيين ليبرهنا انه من زمن العصر الجميل فطيلة حوارنا معه البسمة لم تفارق محياه، وتزداد كلما تذكر مواقف الصبا ومشاكسات الطفولة والشباب، تلك البسمة التي قال عنها العجيري «انها الوحيدة التي استطيع بها ان اقتل تجاعيد الوجه واهزم بها امراض الشيخوخة».
فلا عجب ان عرفنا ان الدكتور العجيري درس علوم الفلك منذ صغره من باب اعرف عدوك فذهب الى الصحراء ليتعلم الرماية ويتعود على الحياة الخشنة فأنس للصحراء، وبهره جمال برها وصفاء نهارها ولطف جوها وضوء القمر والنجوم الذي ينساب فينيرظلمة ليلها، محرك ذلك فيه حنينا جارفاً للعلم بها ودراستها ليروي عطشه المتطلع الى المزيد من سحرها.
العجيري الذي فتح قلبه لـ «الرأي العام» وكشف لها اسرارا ربما لم يكشفها لاحد من قبل اصبح رمزاً لعلم الفلك يعرفه الصغير والكبير، بل اصبحنا لانستطيع ان نتحدث عن علم الفلك دون ذكر العجيري ولانستطيع ان نذكر العجيري دون ذكر علم الفلك، انه نبراس مضيء لكل طالب علم ومعرفة في علوم الفلك والارصاد الجوية على حد سواء.
العجيري تحسر على كويت الماضي ودعا ان يكون حاضرها ومستقبلها زاهرين برعاية سمو أميرها وولي عهدها لتعود مجدداً درة الخليج.
وفي ما يلي تفاصيل وذكريات العجيري كما رواها لـ «الرأي العام»:
عن مولده ونشأته وتعليمه قال العجيري: ولدت سنة 1921 في منزل والدي الملا محمد صالح عبدالعزيز العجيري والذي يقع في فريج عثمان الراشد الكائن تجاه غرفة التجارة والصناعة اي قرب شركة البترول الوطنية الآن، طرف الحي القبلي قرب السوق في مدينة الكويت ونشأت في بيئة يغلب عليها طابع البادية وفي ظروف حياتية صعبة تفتقر الى كل الوسائل التكنولوجية الحديثة، فكنت ألعب مع اقراني في الحي العابا شعبية كثيرة في مساحات خالية توجد بين البيوت في ذلك الوقت تسمى «البراحة ومن الالعاب الشعبية التي يتذكرها على سبيل الذكر لا الحصر العاب البنين مثل لعبة «خروف مسلسل هدوه» ولعبة «انا الذيب بأكلكم وان أمكم بحميكم».
امابالنسبة لتعليمي فانا لم استطع الى الان ان احدد اول يوم ذهبت فيه إلى المدرسة مع ان هذا اليوم يتذكره كل طالب جيداً، اما انا فربما لان والدي كان عنده مدرسة خاصة فكان يحملني على كتفه ويذهب بي الى المدرسة منذ ان كان عمري ثلاث سنوات فالايام كلها تشابهت ولم استطع تحديد اول يوم ذهبت فيه الى المدرسة واتذكر أنني تعلمت وانا على كتف والدي رحمه الله ان الحرف الذي يشبه العصا هو الألف.
ومن زملاء الدراسة في كُتاب ابي كل اولاد الصقر والخرافي والبدر والمرزوق والخالد والسرحان والنفيسي والصبيح والمير والمذكور والسعدون والبرجس والفوزان والحميضي والعساف والتمار والسميط والرشيد والحمد.
ويقول العجيري ان الكويت مرت بفترة عصيبة في اوائل الثلاثينات من القرن الماضي عندما تعرضت تجارة اللؤلؤ الكويتي إلى كساد بسبب منافسة اللؤلؤ الياباني المصنوع والطبيعي وكان من نتيجة ذلك ان الكويت مرت في فترة حرجة و ضائقة مالية جعلت والدي يغلق مدرسته بسبب عدم استطاعة اولياء الامور دفع اجور ابنائهم نظير تعليمهم.
والدي كان يرغب ان اصبح تاجرا وليس موظفا لان الموظف في الماضي اذا انقطع عنه الراتب كان ينتهي به الحال عكس التاجر الذي يعرف نفسه بأنه سيربح مرة ويخسر اخرى، ولذلك نقلني والدي من مدرسة عبدالمحسن الصقلاوي إلى مدرسة ملا مرشد عام 1933، لكي اتمكن من دراسة الحساب واللغة الانكليزية وامساك الدفاتر والدين تمهيدا لدخولي عالم التجارة حسب رغبة ابي.
ويقارن العجيري بين حال الموظف الحكومي في الماضي وبين حاله في الحاضر، فيقول «ما كانوا هكذا في الماضي، فبعد ظهور النفط صار الناس اتكاليين ويجترون الوظيفة الحكومية وطبقوا المثل القائل «اذا ما فاتك الميري تمردغ في ترابه»، اما قبل ظهور النفط فكان الناس مضطرين ان يتاجروا حتى ان سفنهم الشراعية وصلت إلى جزر الهند وشرق افريقيا، فموقع الكويت الجغرافي حتم عليها ذلك، فهي تقع في نهاية الخليج على امتداد طرف شبه الجزيرة العربية، ولذا تم استغلال موقعها المتميز في الحرب العالمية الأولى عندما كان العثمانيون يجلبون البضائع من الهند ليتم انزالها في الكويت ثم تحمل على ظهور الابل إلى حلب في سورية ومنها الى استانبول.
ويقول العجيري في عام 1938 ذاع صيتي حول تفوقي في علوم الفلك، فعرض بعض اعضاء المجلس التشريعي انذاك والذي يشبه مجلس الامة حاليا على والدي بأن يرسلوني إلى انكلترا لدراسة علوم البحار ولكنهم اشترطوا على والدي ادخالي المدرسة المباركية لانها حكومية لتكون البعثة حكومية. وبالفعل قام والدي رحمه الله بادخالي المدرسة المباركية، ولكن اجل المجلس التشريعي لم يدم فماتت فكرة السفر إلى انكلترا.
ويضيف، كنت من اسرع الطلبة حلا للمسائل الحسابية، ولكن في احد الاختبارات طلب المرحوم صبحي النحلة الفلسطيني الجنسية مدرس مادة الحساب من الطلاب حل مسألة حسابية في احد الاختبارات السريعة وبسرعة قدمت حل المسألة إلى الاستاذ فلاحظ ان اجابتي خاطئة ولكنه لم يرد لي ان يشمت بي الطلاب وفي الوقت نفسه لم يكن بوسعه ان يقول لي ان الجواب خطأ لاننا في اختبار، فلم يجد من المناسب الا ان يقول لي لا تتعجل، وكل واحد منكم عليه ان يعيد ويراجع المسألة مرارا قبل ان يقدم كرساته اليّ، واعاد لي الكراسة فراجعت المسألة تكرارا ولم اجد فيها خطأ وقدمتها له، فعجب لذلك لكن عجبه زال عندما انتهى الدرس حيث قال لي «خفت عليك ان تقدم الجواب الخطأ فأرجعت اليك الكراسة لتصحيحها لكنني اكتشفت انني المخطئ وجوابك كان صحيحا».
ويتابع العجيري: احب ان تسألني ما الذي دفعني إلى فن التمثيل؟ والدتي رحمها الله توفيت وانا عمري 12 سنة وكانت اسرتنا تتكون من اربعة اولاد وابنة كنت اكبرهم عمرا، وفجأة وجدت نفسي مسؤولا عن عائلة لان والدي رحمه الله كان يعمل موظفا في البلدية صباحا وليلا، فكنت اغسل ملابسهم واجهز لهم الطعام و احلب لهم الاغنام وغيرها من المهام التي كانت تقوم بها والدتنا، فما بقي لدي وقت كاف لكي ألعب مع اطفال الحي، ولكنني عوضت عدم لعبي مع اقراني في الشارع بمشاغباتي في الصف، هذا الشغب قادني إلى التمثيل المدرسي، ومنه إلى التمثيل المسرحي من عام 1938 إلى عام 1961، ولكن كما يقولون ان ذاكرة الجمهور ضعيفة ثم ان المشاهدين غالبيتهم توفوا رحمهم الله.
وفي بداية البث التلفزيوني في الكويت سجلت لي مسرحية واحدة كنت ألعب فيها دور شرف ولكن شاركت في العديد من البرامج التلفزيونية مثل برنامج ديوانية التلفزيون وبرنامج مهنتي الذي كان يديره وزير الاعلام محمد السنعوسي الى جانب عدة برامج خاصة بعلوم الفلك والظواهر الجغرافية.
ويقول: لانني درست في مصر واخذت اول دروسي الفلكية في مصر ما زلت اذكر مصر بالخير، وانا اعرف مصر جيدا منذ ايام الملكية، كان الناس فيها قليلين، والفلاح يعرف نفسه فلاحا والباشا يعرف نفسه باشا، اما الان فقد اختلط الحابل بالنابل والكل يريد ان يصبح باشا، وانا اتذكر جيدا اولى رحلاتي إلى مصر عندما وقع في يدي كتاب اسمه المناهج الحميدية للشيخ عبدالحميد موسى غيث من علماء مصر، قرأت الكتاب ولكني لم استوعبه كله فقررت الذهاب إلى مصر لمقابلة مؤلف الكتاب ولكي اعرف بقية ما خفي عليّ، وبالفعل سافرت إلى مصر حيث بدأت رحلتي من الكويت إلى البصرة بالسيارة ومن البصرة إلى بغداد بالقطار ومن بغداد إلى الشام سافرت في سيارات ضخمة كانوا يسمونها شركة «نيرن لنقل الركاب» ومن الشام إلى بيروت ومنها ركبت الباخرة وابحرت صوب الاسكندرية ومنها إلى القاهرة حتى وصلت إلى منطقة تسمى ميت النخاس التابعة لمحافظة الشرقية مسقط رأس المؤلف بعد رحلة تعب وعناء، وبمجرد ان وصلت الى وجهتي سألت عن اسم المؤلف فوجدته بلغ من الكبر عتيا وجاوز الثمانين ولكنه رحب بي اشد رحيب وقدم لي معلومات شيقة عن علم الفلك، وقال لي مقولة مازالت راسخة في ذاكرتي «انا شغوف بعلم الفلك والزواج بالنساء».
ويتابع العجيري: بعد مقابلة مؤلف الكتاب والذي بدوره حولني الى احد تلاميذه في القاهرة ليزدني علما في فروع علم الفلك يدعى عبدالفتاح وحيد احمد، وجدت عنده مكتبة ضخمة تحوى امهات الكتب في علم الفلك الى جانب مخطوطات ومطبوعات وكتب مترجمة عن اللغة التركية فمنذ الوهلة الاولى تمنيت ان امتلك مثل هذه المكتبة، والطريف ان صاحب المكتبة كان حريصا اشد الحرص على ألا يطلع احدا على مكتبته لدرجة اننى كلما كنت ازوره لنناقش امرا حول مسألة فلكية كان يأتي بكتاب واحد ثم يعيده مرة اخرى الى ادراجه وفي ذات مرة ومن شدة حرصه على كتبه قال لزوجته عندما اموت ادفني هذه الكتب بجواري» ومرت الايام وفي ذات يوم وصلتني رسالة من زوجته لتخبرني ان زوجها توفي وبسرعة البرق ارسلت لها رد الرسالة معزيا في زوجها وطلبت منها بين سطور رسالتي ألا تتصرف في الكتب الموجودة في مكتبة زوجها وبالفعل سافرت الى القاهرة ووجدت امامي كنزا من الكتب النادرة اخذت منها ما يقارب 70 كتابا لمكتبتي، وعندما استفسرت منها عن سعر هذه الكتب قالت لي هي هدية لك مجانا فاستغربت وقلت لماذا فقالت «دول ضرتي»، فضحكت في نفسي وقلت يظهر ان زوجها كان يتركها كثيرا.
ويقول العجيري عندما يسألونك عن الانكليز؟ قل «ثقال الدم» محترمين جادين فكلما ازور لندن واعود يسألني اصحابي ماذا رأيت في لندن؟ فأقول رأيت كذا وكذا، وفي احدى سفراتي الى لندن وبعد عودتي سألوني ماذا رأيت؟ فقلت لهم رأيت شيئا غريبا سألوني ما هو؟ فقلت على قدر النظام الذي يتسمون به إلا انهم «ثقال الدم» وانا جالس في القطار رأيت افراد الشرطة يوزعون لائحة تعليمات على الشرطيات من بين فقراتها «ايتها الشرطية ان هذا اللباس الذي ترتدينه انما هو لباس شرف فاذا اردت ان تقومي بعمل مناف للشرف فان عليك خلع هذا اللباس»، فهل الشرطية ان مارست الرذيلة ستكون مرتدية الزي العسكري؟
ولكن وللامانة نجد اخلاقهم راقية جدا فاذا صدمت شخصا يقف لك ويتأسف منك والافضل من ذلك خلال سفراتي الاخيرة الى لندن دائما كنت ارتدي الدشداشة، فلم يصادفني احد ويقول لي انكم ارهابيون وانكم تفجروننا وانكم... ولكن كل فرد يمضي في سبيل حاله وعمله.
ويتابع: في السنوات العشر الاخيرة لم انم على السرير، بل على الارض بجوار سرير زوجتي التي كانت مصابة بمرض هشاشة العظام، كنت ممرضها الخاص لانها كانت لاتستطيع الحراك في اواخر ايامها فعند سماعي كلمة «آه» اقوم مسرعا واسألها ان كانت تريد اي شيء، وفي ذات يوم سمعتها تقول «آه» فخمنت من شدة المرض واذ بي اقوم والاحظ دخانا كثيفا يدخل علينا الغرفة، فخرجت مسرعا واذ به حريق ضخم وركضت نحو غرفة ابني البكر محمد ليساعدني في اخراج زوجتي خارج المنزل وبالفعل حاولنا اخراجها من الغرفة ولكني تذكرت الخدم الذين ينامون في الطابق العلوي فعدت لاخبرهم بالحريق.
«والزوج في الماضي كان كل شيء في حياة الزوجة اما الان نجد ان الزوجة لديها راتب وسيارة وجميع مطالبها مجابة فلا ترى داعيا لوجود الزوج».
وعندما عدت الى زوجتي وابني محمد وجدتهما ملقيين على الارض وانا ايضا طحت بجانبهما حتى وصلت فرق الانقاذ والاطفاء فنقلوني الى المستشفى لكن زوجتي فارقت الحياة قبل وصولها وايضا ابني بعد وصوله المستشفى بلحظات فارق الحياة، اما انا فان الله كتب لي عمرا جديدا، هذه المأساة اتذكرها ولم يستطع الزمن محوها من ذاكرتي، واتذكر عندما افقت سألت الممرضات في المستشفى من اتى بي الى هنا؟ فقالوا لي ان منزلك كان فيه حريق فتذكرت كل شيء ولكن في بالي ان زوجتي وابني محمد نجوا من الدخان فلم يخبرني احد بوفاتهما حتى بعد خروجي من المستشفى جاء ابني احمد وقدم لي طبقا من البلح وقال لي «امي رحمها الله كانت تحب هذا النوع» فعرفت ان زوجتي وابني محمد توفاهما الله».
في الماضي كان يجلب الماء العذب من شط العرب، اضافة الى وجود بعض الابار الحلوة في كيفان والشامية وحولي تصلح للشرب، كان الناس اقتصاديين جدا في استهلاك الماء لمعرفتهم بان الماء شحيح في منطقتنا، اما الان ومع علمهم بشحة الماء في بلدنا إلا انهم مبذرون بشدة «السيفون» الواحدة تكفي عائلة ماء ليوم وليلة.
اضف إلى ذلك سوء استخدام الماء من قبل الخدم والخادمات في المنازل الذين يغسلون السيارات «بالهوز» والمفروض تغسل السيارة «بالسطل» لتوفير الماء، ومن السلوكيات الخاطئة التي شاهدتها ايضاً ان خادمة كانت أمام منزل مخدومها «قشة» على الأرض فجلبت الهوز واخذت تسرح القشة إلى المصرف في الشارع والى ان وصلته كانت قد صدفت عليها بقيمة دينار ونصف الدينار من الماء، الأمر نفسه متعلق بالكهرباء ففي الماضي كنا ننير منازلنا بمصابيح غازية، وعندما دخلت الكهرباء كان في المنزل لمبة واحدة ولمبتان على الأكثر ولكن الآن تجد اكثر من 100 لمبة في المنزل الواحد إلى جانب اللمبات التي تعمل ليل نهار، والادوات الكهربائية، فلا بد أن يكون هناك ترشيد في استخدام الماء والكهرباء للخروج من هذه الأزمة، فالأمر سوف يتفاقم من سيئ إلى أسوأ.
ويقول العجيري: كل الحوادث المرورية متعمدة فلا يوجد حادث مروري غير متعمد، فإما يقود الشخص سيارة ويعرف ان «التاير» به سحقية فينفجر وهو يقود، وأما يتجاوز السرعة، أو يكسر الاشارة الحمراء وغيرها من الاشياء الأخرى التي تنتهي إلى نهاية المطاف في حادث فربما تقود سيارتك في أمان ويأتي شخص مستهتر ويدعمك ولذا أقول ان كل حوادث المرور مفتعلة». ويقول العجيري كنت احظى بتقدير خاص من حضرة صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه، فقد كان زميلاً لي في المدرسة المباركية واتذكر موقفاً حصل يدل على ادب سمو الأمير الراحل الجم «الفصل كان مقسماً إلى صف أمامي وآخر خلفي سموه كان يجلس في الصف الأمامي وفي احد الأيام سأل سمو الأمير المدرس هل تجلسونني في الصف الأمامي لأنني ابن أمير، فرد عليه المدرس «لا لأن جسمك نحيف فنحن نجلس الطلاب صغار السن في الصف الأمامي وكبار السن في الصف الخلفي فهذا الموقف يدل على تواضع سمو الأمير الراحل، فصلتي به لم تنقطع حتى وفاته رحمه الله ففي سنة 1952 حصل سموه على ساعة فيها اشكال القمر من محاق وتربيع وبدر فلم يفته ان يهديها لي لعلمه باهتماماتي الفلكية وفي سنة 1978 حصل ايضاً على تلسكوب يحمل باليد ومعه خرائط وجداول فلكية فاهداه لي ايضاً.
ويقول منذ ان عرفت سمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر لاحظت ان فيه شيئاً لم يتغير حتى الآن، «بسمته العفوية» التي يتمتع بها منذ طفولته فهي لم تتغير.
وأوصى العجيري الأمتين العربية والإسلامية بالاتحاد والوحدة وبخاصة في المناسبات الدينية وبداية الشهور القمرية فلا يوجد بينهم مجال للخلاف، ولا تناقض بين العلم والحسابات الفلكية ورؤية الهلال، كما اوصى الشباب باغتنام الفرص المتاحة امامهم للتزود من مناهل العلم والاستفادة من الوسائل التكنولوجية الحديثة لتلقي العلم والوصول إلى أعلى المراتب والدرجات العلمية، ولا عذر للشباب للتراخي، واقترح ان تهتم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة العدل بتخصيص عدد من الموظفين الشباب الكويتيين لتدريبهم على الحسابات الفلكية.