زوربا
10-25-2006, 07:50 AM
د. خالد منتصر
* أخطاء خالد بن الوليد التى أغفلها المسلسل والتهم التى إتهمه بها عمر بن الخطاب.
*بطل المسلسل مسيحى والمؤلف شيعى والبطلة من ستار أكاديمى والمخرج ينوى إخراج فيلم عن المسيح!
*هل تبرأ الرسول من خالد بن الوليد فى فتح مكة؟، وهل تزوج خالد من إمرأة مالك بن نويرة فى نفس يوم مقتله؟
[أصبحت المسلسلات الدينية مصدر إزعاج رمضانى سنوى، وصار الخوف من كشف المسكوت عنه فى التاريخ الإسلامى يمثل وسواساً مرضياً عند رجال الدين الذين يخافون من أن تنكشف مناطق تاريخية يتجنبون الخوض فيها بإدعاء عدم إثارة البلبلة والفتنة، فلابد من وجهة نظرهم أن يمر التاريخ الإسلامى من خلال بوابتهم الملكية الخاصة لكى لاتزول القداسة عن شخصيات يراها صناع الدراما بشراً أولاً وأخيراً وبالتالى فهى ليست معصومة من الخطأ، من الواجب علينا إحترامهم ولكن ليس واجباً علينا تقديسهم وعبادتهم!، ولأن التاريخ هو المعمل الذى تتفاعل فيه النصوص الدينية وتختبر، ولأنه دائماً يحتوى على إيجابيات وسلبيات، ومصالح تتغلب أحياناً على قيم ومقاصد الدين، وسياسة غالباً ماتصبغ الآراء الفقهية، كل ماسبق يفسر لنا سر العنف والشراسة فى التعامل مع المسلسلات الدينية التى وصلت أقصى مداها فى مسلسل خالد بن الوليد.
[ أثار مسلسل خالد بن الوليد أسئلة ملغومة كثيرة، وحرك مياهاً راكدة، وبقدر ماأثارت معاركه غباراً كثيفاً بقدر ماتركت من ضحايا وبقدر ماإستفزت كسل عقول كانت مغيبة بفعل الألفة مع المستقر والراسخ، وكانت معركة تجسيد الصحابة التى خاض غمارها الأزهر هى معركة عادية ومتوقعة ممن رفضوا فيلم الرسالة من قبل، وصادروا كل مايتعلق بالتحكيم فى مسلسل عمرو بن العاص، ومنعوا أى دراما تناقش الفتنة الكبرى، أما المعارك التى لم تكن متوقعة فقد حدثت بعد ذلك، والمدهش أن تكتيك المعارك ضد المسلسل إختلفت صيغته وأساليبه، وصار الأسلوب الهجومى يقترب من أسلوب صحف الفضائح الفنية التى تقتل معنوياً، وتجرس الشخص فيلفظه الناس، فيموت بإسفكسيا الإهمال.
[ كانت أولى مناطق الهجوم على المسلسل هى ديانة بطل المسلسل باسم ياخور، فالبطل مسيحى وبالطبع هو صيد سهل لسهام النقد فى زمن إشتعلت فيه الفتن الطائفية ومات مفهوم المواطنة وغيب العقل لصالح الخرافات والأساطير والأوهام، وتحول الدين العظيم إلى مجرد طقوس وشكليات، وغاب مفهوم الدين الضمير ليحل محله الدين اللحية والجلباب والخمار، ونسى الجميع أن أهم الأفلام الدينية وهو فيلم الرسالة كان بطولة ممثل مسيحى إسمه أنتونى كوين، صدقناه كما صدقناه بعدها فى عمر المختار عندما توضأ وصلى لأنه ممثل عبقرى بدون أن ينطق الشهادتين فى كل مشهد، وإشتد الهجوم على باسم ياخور الذى وصل إلى حد التهديد بالقتل، وكانت جريمته الكبرى فوق كونه ممثل مسيحى أنه ممثل كوميدى، وإمتلأت منتديات الإنترنت ومنها منتدى عمرو خالد بسبه وشتيمته لأنه قام بأدوار عبيط أو ساذج فى مسلسلات كوميدية من قبل فكيف يأتى الآن ليؤدى دور سيف الله المسلول؟، وتناسى من يهاجمونه أن الممثل الجيد والدراما المحبوكة تجعلنا ننسى شخصية الممثل الواقعية ونعيش مع شخصيته الدرامية، وأضرب دلالة على هذا مثالاً بسيطاً يقرب ماأريد توصيله، محمود المليجى هذا الممثل العظيم وأنتم تشاهدونه فى فيلم الأرض فلاحاً طيباً هل رفضه عقلكم ووجدانكم لأنكم تذكرتم المليجى بطل أفلام الشر مع فريد شوقى؟!، إننا نضطر أن نتحدث عن بديهيات فنية فى زمن تكلس العقول وتصحر الوجدان ودروشة السلوك.
[ إنطلق السهم الثانى فى قلب وكبد المؤلف عبد الكريم ناصف الذى إتهم بأنه شيعى أو صاحب ميول شيعية، وقد كتب المسلسل من وجهة نظره الشيعية، ووصلت مئات الألاف من رسائل الإنترنت على إيميلات الكتاب والصحفيين فى العالم العربى كله بعنوان "إحذروا مسلسل خالد بن الوليد " يتهمون فيه المؤلف بأنه ذو ميول شيعية أو بلغتهم "رافضية "، وكانت أدلتهم على ذلك أن المسلسل فى بدايته عرض لمشاجرة بين خالد بن الوليد وعمر بن الخطاب كسر فيها خالد ضلع عمر ولهذا السبب كره عمر خالداً وعزله من قيادة الجيش بعد أن تولى الخلافة والمؤلف بذلك من وجهة نظر مهاجميه يبث سمومه وحقده على الصحابة، وثانى دليل على ميول المؤلف الشيعية هو نكرانه لهجرة أبى بكر مع الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال خالد لقومه عندما أرادوا مهاجمة النبى " أربعون فارس لقتل شخص واحد" فى محاولة خبيثة من المؤلف للتأكيد على أن النبى كان وحيداً بدون رفيق فى الهجرة، وثالث الأدلة هو إشارة المؤلف إلى أن العباس بن عبد المطلب هو الذى أعتق بلال بن رباح بينما أبو بكر هو الذى أعتقه، أما رابع الأدلة فهو لبس الجيش الأخضر الذى يقول عنه منتقدو المؤلف أنه دلاله على شيعية المؤلف!!.
[ لم يكن تهميش دور الصحابة فى المسلسل هو الإتهام الوحيد الذى حمله الأثير ونقلته الشبكة العنكبوتية وتداولته ألسنة شيوخ المنابر وحناجرهم المتشنجة، فقد دارت الدائرة على بطلة العمل ومخرجه بعد أن أجهزت على البطل والمؤلف، فبطلة المسلسل ميريام عطا الله هى نجمة برنامج ستار أكاديمى، وهو برنامج الكفر والفسوق والعصيان والرقص والإختلاط فى نظر المتزمتين، وبالطبع وإنطلاقاً من نظرية المؤامرة لابد أن يكون إختيارها لدور زوجة خالد بن الوليد هو إصرار متعمد على تشويه سيرته العطرة بربطه ببرنامج العرى والخلاعة والهشك بشك!، ولكى تكون التهمة محبوكة وحكم الإعدام جاهزاً ورقبة الجميع تحت المقصلة، كان لابد من تشويه سيد العمل ومحركه المخرج الأردنى محمد عزيزيه، أليس هو مخرج "الحجاج " و" الطريق إلى كابول " الذى نجح السلفيون فى مصادرته من على شاشات الفضائيات بصوتهم العالى وتهديداتهم العاصفة، ووجد هؤلاء ضالتهم فى تهمة جاهزة وملتهبة تخرج عزيزية من حظيرة الإيمان وهى تصريحه الصحفى عن أمنيته فى إخراج فيلم عن المسيح!، وهكذا إكتمل الطوق حول رقبة كل صناع المسلسل، لينتظر كل منهم مصيره المشئوم على أيدى المتشنجين المتطرفين.
[ من الأسئلة الملغومة التى أثارها عرض المسلسل والتى حفزتها قراءات مختلفة عن السائد لسيرة خالد بن الوليد التى إنفتحت الشهية على دراستها وتحليلها، أسئلة عن المسكوت عنه فى سيرة خالد بن الوليد سيف الله المسلول الذى إتهمه البعض بأن سيفه كان متسرعاً أحياناً!، والغريب أن أخطاء خالد بن الوليد مكتوبة فى كتب السنة لا الشيعة ولانستطيع أن نصفها بأنها إفتراءات شيعية كما يقولون، وبالرغم من أن المسلسل قد أغفلها ومر عليها سريعاً إلا أن هذا الإغفال قد نبه البعض إلى التنقيب والبحث فى سيرته ليكتشفوا نقاطاً تثير علامات إستفهام مؤرقة حول شخصية هذا المحارب المغوار، وكانت أهم الأسئلة الملغومة التى طرحت سؤالين هما :هل قال النبى إنى أتبرأ إليك ممافعل خالد؟، وهل أمر خالد بقتل مالك بن نويرة برغم إعلان إسلامه وتزوج من إمرأته ليلة قتله؟!.
[ إجابة السؤال الأول نجدها فى صحيح البخارى كتاب المغازى الجزء الثالث ص 48، وأيضاً أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده عن حديث عبد الله بن عمر، ويقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد حين إفتتح مكة داعياً ولم يبعثه مقاتلاً ومعه قبائل من العرب، فوطئوا بنى جذيمة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا، فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل منهم من قتل، فلما إنتهى الخبر إلى رسول الله رفع يديه إلى السماء ثم قال :اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد، وقد إتهمه عبد الرحمن بن عوف بأنه عمل بأمر الجاهلية وخدع القوم الذين أعطوه الأمان ومهمته فى الأصل هى الدعوة فقط وثأر إنتقاماً من الذين قتلوا عمه الفاكه بن المغيرة، وكان غضب النبى كبيراً لدرجة أنه أرسل علياً بن أبى طالب إلى بنى جذيمة معتذراً بمال كثير ليودى الدماء، وبعد أن بقى مع على بعض المال سأل القوم :هل بقى لكم دم أو مال فى ذمة رسول الله؟، قالوا لا، قال : فإنى أعطيكم هذه البقية من هذا المال إحتياطاً لرسول الله مما يعلم ولا تعلمون.
[ إجابة السؤال الثانى عن قتل مالك بن نويره نجد إجابته فى كتب تاريخ كثيرة من أهمها الجزء الثالث من الطبرى ص 224، وملخص القصة التى تمنى العقاد فى عبقرياته أن تمسح من صفحات وسجل خالد والتى تمت أثناء حروب الردة فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، وبعد أن قال لهم جنود خالد إنا المسلمون ورد عليهم قوم مالك ونحن المسلمون، قالوا: فإن كنتم المسلمين كما تقولون فضعوا السلاح، فوضع قوم مالك السلاح ثم صلى هؤلاء وأولئك، فلما إنتهت الصلاة باغتوهم وكتفوهم وأخذوهم إلى خالد بن الوليد فسارع أبو قتادة الأنصارى وعبد الله بن عمر فدافعوا عن مالك وقومه وشهدوا لهم بالإسلام وأداء الصلاة، إلا أن خالداً لم يصغ إلى شهادتهما، ولا إلى دفاع مالك عن نفسه ضد إتهامه بالكفر، وأمر بضرب عنقه، ونزا علي زوجته فى الليلة التى قتل فيها زوجها!، ويحكى إبن كثير فى كتابه أنه طبخ برأس مالك طعام هذه الليلة!، وغضب أبو قتادة لدرجة أنه عاهد الله أن لايشهد مع خالد حرباً بعدها، وغضب الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه غضباً شديداً لدرجة أنه قال لأبى بكر إنه زنى فأرجمه، فرفض أبو بكر، فقال عمر : إنه قتل مسلماً فإقتله، فرفض أبو بكر ثانية قائلاً :تأول فأخطأ (كتاب حياة الصحابة ج 2 ص 467، وتاريخ الطبرى ج 2 ص 274، والإصابة ج 5 ص 560 )، وكان رد الفقهاء دفاعاً عن خالد أن الحارس فهم أمره بتدفئة الأسرى على أنه أمر بقتل الأسرى.
[ ألغام ومتفجرات وقنابل وأصابع ديناميت فكرية تناثرت شظاياها من المحيط إلى الخليج بعد عرض مسلسل خالد بن الوليد، ولكن من الممكن أن يشق هذا الديناميت طرقاً جديدة للتفكير وإعادة قراءة التراث الإسلامى بعيون ناقدة وعقول واعية فاهمة تسعى إلى الحقيقة، والتأكيد على أنه لايوجد شئ فى التاريخ إسمه المسكوت عنه، لأن التعامى والخرس والصمم لاينتج إلا مجتمعاً من المعوقين والمشوهين، وأرجوكم كفانا إعاقة وتشويهاً لوسمحتم.
khmontasser2001@yahoo.com
* أخطاء خالد بن الوليد التى أغفلها المسلسل والتهم التى إتهمه بها عمر بن الخطاب.
*بطل المسلسل مسيحى والمؤلف شيعى والبطلة من ستار أكاديمى والمخرج ينوى إخراج فيلم عن المسيح!
*هل تبرأ الرسول من خالد بن الوليد فى فتح مكة؟، وهل تزوج خالد من إمرأة مالك بن نويرة فى نفس يوم مقتله؟
[أصبحت المسلسلات الدينية مصدر إزعاج رمضانى سنوى، وصار الخوف من كشف المسكوت عنه فى التاريخ الإسلامى يمثل وسواساً مرضياً عند رجال الدين الذين يخافون من أن تنكشف مناطق تاريخية يتجنبون الخوض فيها بإدعاء عدم إثارة البلبلة والفتنة، فلابد من وجهة نظرهم أن يمر التاريخ الإسلامى من خلال بوابتهم الملكية الخاصة لكى لاتزول القداسة عن شخصيات يراها صناع الدراما بشراً أولاً وأخيراً وبالتالى فهى ليست معصومة من الخطأ، من الواجب علينا إحترامهم ولكن ليس واجباً علينا تقديسهم وعبادتهم!، ولأن التاريخ هو المعمل الذى تتفاعل فيه النصوص الدينية وتختبر، ولأنه دائماً يحتوى على إيجابيات وسلبيات، ومصالح تتغلب أحياناً على قيم ومقاصد الدين، وسياسة غالباً ماتصبغ الآراء الفقهية، كل ماسبق يفسر لنا سر العنف والشراسة فى التعامل مع المسلسلات الدينية التى وصلت أقصى مداها فى مسلسل خالد بن الوليد.
[ أثار مسلسل خالد بن الوليد أسئلة ملغومة كثيرة، وحرك مياهاً راكدة، وبقدر ماأثارت معاركه غباراً كثيفاً بقدر ماتركت من ضحايا وبقدر ماإستفزت كسل عقول كانت مغيبة بفعل الألفة مع المستقر والراسخ، وكانت معركة تجسيد الصحابة التى خاض غمارها الأزهر هى معركة عادية ومتوقعة ممن رفضوا فيلم الرسالة من قبل، وصادروا كل مايتعلق بالتحكيم فى مسلسل عمرو بن العاص، ومنعوا أى دراما تناقش الفتنة الكبرى، أما المعارك التى لم تكن متوقعة فقد حدثت بعد ذلك، والمدهش أن تكتيك المعارك ضد المسلسل إختلفت صيغته وأساليبه، وصار الأسلوب الهجومى يقترب من أسلوب صحف الفضائح الفنية التى تقتل معنوياً، وتجرس الشخص فيلفظه الناس، فيموت بإسفكسيا الإهمال.
[ كانت أولى مناطق الهجوم على المسلسل هى ديانة بطل المسلسل باسم ياخور، فالبطل مسيحى وبالطبع هو صيد سهل لسهام النقد فى زمن إشتعلت فيه الفتن الطائفية ومات مفهوم المواطنة وغيب العقل لصالح الخرافات والأساطير والأوهام، وتحول الدين العظيم إلى مجرد طقوس وشكليات، وغاب مفهوم الدين الضمير ليحل محله الدين اللحية والجلباب والخمار، ونسى الجميع أن أهم الأفلام الدينية وهو فيلم الرسالة كان بطولة ممثل مسيحى إسمه أنتونى كوين، صدقناه كما صدقناه بعدها فى عمر المختار عندما توضأ وصلى لأنه ممثل عبقرى بدون أن ينطق الشهادتين فى كل مشهد، وإشتد الهجوم على باسم ياخور الذى وصل إلى حد التهديد بالقتل، وكانت جريمته الكبرى فوق كونه ممثل مسيحى أنه ممثل كوميدى، وإمتلأت منتديات الإنترنت ومنها منتدى عمرو خالد بسبه وشتيمته لأنه قام بأدوار عبيط أو ساذج فى مسلسلات كوميدية من قبل فكيف يأتى الآن ليؤدى دور سيف الله المسلول؟، وتناسى من يهاجمونه أن الممثل الجيد والدراما المحبوكة تجعلنا ننسى شخصية الممثل الواقعية ونعيش مع شخصيته الدرامية، وأضرب دلالة على هذا مثالاً بسيطاً يقرب ماأريد توصيله، محمود المليجى هذا الممثل العظيم وأنتم تشاهدونه فى فيلم الأرض فلاحاً طيباً هل رفضه عقلكم ووجدانكم لأنكم تذكرتم المليجى بطل أفلام الشر مع فريد شوقى؟!، إننا نضطر أن نتحدث عن بديهيات فنية فى زمن تكلس العقول وتصحر الوجدان ودروشة السلوك.
[ إنطلق السهم الثانى فى قلب وكبد المؤلف عبد الكريم ناصف الذى إتهم بأنه شيعى أو صاحب ميول شيعية، وقد كتب المسلسل من وجهة نظره الشيعية، ووصلت مئات الألاف من رسائل الإنترنت على إيميلات الكتاب والصحفيين فى العالم العربى كله بعنوان "إحذروا مسلسل خالد بن الوليد " يتهمون فيه المؤلف بأنه ذو ميول شيعية أو بلغتهم "رافضية "، وكانت أدلتهم على ذلك أن المسلسل فى بدايته عرض لمشاجرة بين خالد بن الوليد وعمر بن الخطاب كسر فيها خالد ضلع عمر ولهذا السبب كره عمر خالداً وعزله من قيادة الجيش بعد أن تولى الخلافة والمؤلف بذلك من وجهة نظر مهاجميه يبث سمومه وحقده على الصحابة، وثانى دليل على ميول المؤلف الشيعية هو نكرانه لهجرة أبى بكر مع الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال خالد لقومه عندما أرادوا مهاجمة النبى " أربعون فارس لقتل شخص واحد" فى محاولة خبيثة من المؤلف للتأكيد على أن النبى كان وحيداً بدون رفيق فى الهجرة، وثالث الأدلة هو إشارة المؤلف إلى أن العباس بن عبد المطلب هو الذى أعتق بلال بن رباح بينما أبو بكر هو الذى أعتقه، أما رابع الأدلة فهو لبس الجيش الأخضر الذى يقول عنه منتقدو المؤلف أنه دلاله على شيعية المؤلف!!.
[ لم يكن تهميش دور الصحابة فى المسلسل هو الإتهام الوحيد الذى حمله الأثير ونقلته الشبكة العنكبوتية وتداولته ألسنة شيوخ المنابر وحناجرهم المتشنجة، فقد دارت الدائرة على بطلة العمل ومخرجه بعد أن أجهزت على البطل والمؤلف، فبطلة المسلسل ميريام عطا الله هى نجمة برنامج ستار أكاديمى، وهو برنامج الكفر والفسوق والعصيان والرقص والإختلاط فى نظر المتزمتين، وبالطبع وإنطلاقاً من نظرية المؤامرة لابد أن يكون إختيارها لدور زوجة خالد بن الوليد هو إصرار متعمد على تشويه سيرته العطرة بربطه ببرنامج العرى والخلاعة والهشك بشك!، ولكى تكون التهمة محبوكة وحكم الإعدام جاهزاً ورقبة الجميع تحت المقصلة، كان لابد من تشويه سيد العمل ومحركه المخرج الأردنى محمد عزيزيه، أليس هو مخرج "الحجاج " و" الطريق إلى كابول " الذى نجح السلفيون فى مصادرته من على شاشات الفضائيات بصوتهم العالى وتهديداتهم العاصفة، ووجد هؤلاء ضالتهم فى تهمة جاهزة وملتهبة تخرج عزيزية من حظيرة الإيمان وهى تصريحه الصحفى عن أمنيته فى إخراج فيلم عن المسيح!، وهكذا إكتمل الطوق حول رقبة كل صناع المسلسل، لينتظر كل منهم مصيره المشئوم على أيدى المتشنجين المتطرفين.
[ من الأسئلة الملغومة التى أثارها عرض المسلسل والتى حفزتها قراءات مختلفة عن السائد لسيرة خالد بن الوليد التى إنفتحت الشهية على دراستها وتحليلها، أسئلة عن المسكوت عنه فى سيرة خالد بن الوليد سيف الله المسلول الذى إتهمه البعض بأن سيفه كان متسرعاً أحياناً!، والغريب أن أخطاء خالد بن الوليد مكتوبة فى كتب السنة لا الشيعة ولانستطيع أن نصفها بأنها إفتراءات شيعية كما يقولون، وبالرغم من أن المسلسل قد أغفلها ومر عليها سريعاً إلا أن هذا الإغفال قد نبه البعض إلى التنقيب والبحث فى سيرته ليكتشفوا نقاطاً تثير علامات إستفهام مؤرقة حول شخصية هذا المحارب المغوار، وكانت أهم الأسئلة الملغومة التى طرحت سؤالين هما :هل قال النبى إنى أتبرأ إليك ممافعل خالد؟، وهل أمر خالد بقتل مالك بن نويرة برغم إعلان إسلامه وتزوج من إمرأته ليلة قتله؟!.
[ إجابة السؤال الأول نجدها فى صحيح البخارى كتاب المغازى الجزء الثالث ص 48، وأيضاً أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده عن حديث عبد الله بن عمر، ويقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد حين إفتتح مكة داعياً ولم يبعثه مقاتلاً ومعه قبائل من العرب، فوطئوا بنى جذيمة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا، فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل منهم من قتل، فلما إنتهى الخبر إلى رسول الله رفع يديه إلى السماء ثم قال :اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد، وقد إتهمه عبد الرحمن بن عوف بأنه عمل بأمر الجاهلية وخدع القوم الذين أعطوه الأمان ومهمته فى الأصل هى الدعوة فقط وثأر إنتقاماً من الذين قتلوا عمه الفاكه بن المغيرة، وكان غضب النبى كبيراً لدرجة أنه أرسل علياً بن أبى طالب إلى بنى جذيمة معتذراً بمال كثير ليودى الدماء، وبعد أن بقى مع على بعض المال سأل القوم :هل بقى لكم دم أو مال فى ذمة رسول الله؟، قالوا لا، قال : فإنى أعطيكم هذه البقية من هذا المال إحتياطاً لرسول الله مما يعلم ولا تعلمون.
[ إجابة السؤال الثانى عن قتل مالك بن نويره نجد إجابته فى كتب تاريخ كثيرة من أهمها الجزء الثالث من الطبرى ص 224، وملخص القصة التى تمنى العقاد فى عبقرياته أن تمسح من صفحات وسجل خالد والتى تمت أثناء حروب الردة فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، وبعد أن قال لهم جنود خالد إنا المسلمون ورد عليهم قوم مالك ونحن المسلمون، قالوا: فإن كنتم المسلمين كما تقولون فضعوا السلاح، فوضع قوم مالك السلاح ثم صلى هؤلاء وأولئك، فلما إنتهت الصلاة باغتوهم وكتفوهم وأخذوهم إلى خالد بن الوليد فسارع أبو قتادة الأنصارى وعبد الله بن عمر فدافعوا عن مالك وقومه وشهدوا لهم بالإسلام وأداء الصلاة، إلا أن خالداً لم يصغ إلى شهادتهما، ولا إلى دفاع مالك عن نفسه ضد إتهامه بالكفر، وأمر بضرب عنقه، ونزا علي زوجته فى الليلة التى قتل فيها زوجها!، ويحكى إبن كثير فى كتابه أنه طبخ برأس مالك طعام هذه الليلة!، وغضب أبو قتادة لدرجة أنه عاهد الله أن لايشهد مع خالد حرباً بعدها، وغضب الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه غضباً شديداً لدرجة أنه قال لأبى بكر إنه زنى فأرجمه، فرفض أبو بكر، فقال عمر : إنه قتل مسلماً فإقتله، فرفض أبو بكر ثانية قائلاً :تأول فأخطأ (كتاب حياة الصحابة ج 2 ص 467، وتاريخ الطبرى ج 2 ص 274، والإصابة ج 5 ص 560 )، وكان رد الفقهاء دفاعاً عن خالد أن الحارس فهم أمره بتدفئة الأسرى على أنه أمر بقتل الأسرى.
[ ألغام ومتفجرات وقنابل وأصابع ديناميت فكرية تناثرت شظاياها من المحيط إلى الخليج بعد عرض مسلسل خالد بن الوليد، ولكن من الممكن أن يشق هذا الديناميت طرقاً جديدة للتفكير وإعادة قراءة التراث الإسلامى بعيون ناقدة وعقول واعية فاهمة تسعى إلى الحقيقة، والتأكيد على أنه لايوجد شئ فى التاريخ إسمه المسكوت عنه، لأن التعامى والخرس والصمم لاينتج إلا مجتمعاً من المعوقين والمشوهين، وأرجوكم كفانا إعاقة وتشويهاً لوسمحتم.
khmontasser2001@yahoo.com