المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبير عسكري أمريكي يكشف أسرارا من حرب لبنان: «حزب اللّه» بنى 600 موقع تحت الأرض



فاتن
10-24-2006, 03:44 PM
... والقصف الاسرائيلي دمّر 7 % فقط من ترسانته

* تونس (الشروق)

دروس أولية من الحرب بين إسرائيل و»حزب اللّه» عنوان تقرير أعدّه الخبير العسكري الأمريكي «انطوني كوردسمان» ونشر حديثا، وهو يكشف جانبا من أسرار المواجهة التي خاضتها المقاومة اللبنانية مع القوات الاسرائيلية على مدى شهر ونيف ويقدم تفاصيل ومعلومات عسكرية حول ما جرى خلال المواجهة والاستعدادات التي سبقتها خاصة من جانب «حزب اللّه».

وأكد كوردسمان أن «حزب اللّه» حقق نصرا عسكريا وسياسيا في مقابل هزيمة حقيقية لإسرائيل.
وذكّر كوردسمان في مستهلّ تقريره بالتصريحات التي أدلى بها أمين عام «حزب اللّه» حسن نصر اللّه غداة انتهاء العمليات العسكرية بموجب القرار الدولي 1701 والتي أوضح فيها أن قيادة الحزب لم تكن تتوقع ردا اسرائيليا بالشكل الذي حدث على عملية «الوعد الصادق» التي أسرت فيها المقاومة جنديين وقتلت 8 آخرين يوم 12 جويلية الماضي، مع أن «حزب اللّه» كان مدركا أن اسرائيل والولايات المتحدة قد خططتا لهجوم على لبنان كان يفترض حدوثه في نهاية هذا الخريف على الأرجح مثلما بين ذلك نصر اللّه.

وكتب كوردسمان أيضا أن تأكيدات نصر اللّه بأن قيادة الحزب تفاجأت بحجم الرد الاسرائيلي على عملية الأسر، تكذب الادعاء بأن الحزب تعمد اشعال حرب مع اسرائيل بتنسيق تام مع إيران.

* تحصينات وتمويه... وحسابات صهيونية خاطئة

وخصّص كاتب التقرير حيزا هاما لسير المعارك الضارية في جنوب لبنان وما آلت إليه من فشل بل الى هزيمة اسرائيلية في مواجة المقاومة اللبنانية.
ويستهلّ الخبير العسكري الأمريكي تقريره الذي اهتمت به كثيرا وزارة الدفاع الأمريكية الى حدّ أنه جرى توزيعه على قيادات الأسلحة الثلاثة (الجو والبر والبحر) برسم صورة للحظات الحرب الأولى.
يقول كوردسمان انه على الرغم من تفاجؤ «حزب اللّه» بحجم الرد الاسرائيلي إلا أنه تمّ وضع جميع المقاتلين في وضع استنفار كامل دقائق فقط بعد العملية التي تمّ خلالها أسر الجنديين وراء «الخط الأزرق» بين لبنان وشمال فلسطين المحتلة.

وفي نفس الوقت وضعت الوحدات المسؤولة عن اطلاق الصواريخ في حالة تأهب.
وعرج الخبير الأمريكي بعد هذا على موضوع تحصينات «حزب اللّه» التي لعبت دورا حاسما في المواجة حيث أنها حمت إلى حدّ كبير ترسانة الحزب ومقاتليه.
وأوضح أن التحصينات التي أقيمت تحت الأرض بُنيت خلال 6 سنوات وتطلبت جهدا هائلا لإنجازها مضيفا أن اقامة التحصينات بدأت منذ الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب في ماي 2000.
وكشف أيضا (استنادا إلى مصادر وتقارير مخابراتية بالأساس) أن مهندسين من «حزب اللّه» أشرفوا على تشييد عدد كبير من مواقع القيادة المحصنة تحت الأرض والتي كان بعضها مجهزا بأنظمة تكييف الهواء.

وأوضح في السياق نفسه أن «حزب اللّه» ضلّل الاسرائيليين والعملاء حين بنى تحصينات في مناطق مكشوفة واستخدم أساليب تضليل أخرى في حين أن المواقع المحصنة الحقيقية كانت تُشيّد في مناطق وعرة محظور على المواطنين دخولها.
وتمّ حفر الأنفاق والتحصينات الرئيسية المخصّصة لخزن الأسلحة والصواريخ ومواقع القيادة.
ووفقا لتقرير كوردسمان فقد بنى «حزب اللّه» 600 مخزن سلاح وذخيرة تقريبا تحت الأرض في المنطقة الممتدة من جنوب نهر الليطاني إلى الحدود اللبنانية الفلسطينية.
وكل هذه التحصينات كانت في مواقع استراتيجية لا يمكن الوصول إليها بسهولة و من غير الوارد أيضا إصابتها من الجو.

ونقل كوردسمان عن مسؤول أمريكي تابع الحرب عن كثب أن القصف الاسرائيلي المحموم على مدى 33 يوما دمّر على أقصى تقدير 7 من ترسانة «حزب اللّه» من الأسلحة التي كانت بحوزته في الأيام الثلاثة الأولى من المواجهة، وان الغارات الجوية التي استهدفت قادة من الحزب كانت عديمة الجدوى.
ومع تصاعد وتيرة الغارات الجوية الاسرائيلية التي كان معظمها يصيب أهدافا مدنية، كان يتضح لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت ولقادة سلاح الجو نفسه أن حملة القصف لم تحقق أيا من أهدافها الرئيسية وخاصة إضعاف القدرة الصاروخية للمقاومة.

كما اتضح لهم شيئا فشيئا بعد مضي أسبوع على بدء الحرب أن التقديرات المتفائلة لسلاح الجو بشأن الإضرار المفترضة التي لحقت بالبنية العسكرية لـ «حزب اللّه» كان مبالغا فيها كثيرا.
وفي مقابل فشله في تحديد وتدمير الأهداف العسكرية للمقاومة، عمد الطيران الاسرائيلي الى الانتقام من خلال قصف المدارس والمساجد ومراكز الاتصالات والأحياء السكنية وقوافل اللاجئين.
وقد توصل قادة الجيش الاسرائيلي إلى ان معلوماتهم المخابراتية التي جمعوها قبل الحرب حول الأوراق الاستراتيجية التي بيد «حزب اللّه» قد كانت اما ناقصة واما خاطئة تماما.

* نصر لـ «حزب اللّه»... هزيمة لاسرائيل

وقد ترددت القيادات السياسية والعسكرية كثيرا واختلفتا قبل ان تقررا شن هجوم بري في الأسبوع الثاني من المواجهة محاولة لتدارك الفشل الذي مني به سلاح الجو الذي لم يتمكن من تحطيم القدرات العسكرية للمقاومة ناهيك عن اضعافها، ولم يهتد قادة الجيش الاسرائيلي إلى الاجابة عن أسئلة عديدة تخص الوحدات التي سيزجّ بها في جنوب لبنان والتوقيت والمواقع التي ستنشر فيها.

وقد اصطدمت أولى الوحدات الاسرائيلية الخاصة (لواءا غولاني والمظليون على وجه الخصوص) بمقاومة شرسة في مثلث مارون الراس وعيترون وعيتا الشعب الذي كان خط المواجهة الأولى ومنه ظهرت المبشرات بأن القوات الاسرائيلية ستمنى بالهزيمة.

وفي هذا الوقت بالتحديد اتخذ أولمرت قرارا ببدء هجوم بري واسع في محاولة لتوجيه ضربة قاضية للمقاومة اللبنانية التي كانت تقاتل بشراسة وتكبد القوات الغازية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
واتخذ أولمرت هذا القرار مخالفا رأي عدد من مستشاريه الذين كانوا يقولون ان اسرائيل مستعدة للقبول بوقف لاطلاق النار ونشر قوات دولية في جنوب لبنان.

ويضيف أنطوني كوردسمان بعدما اشار إلى ان «حزب اللّه» قاتل بالطريقة نفسها التي قاتل بها الثوار الفيتناميون الشماليون ضد الأمريكيين، انه قبل 20 يوما من انتهاء الحرب ظهرت بوضوج علامة اضافية تدل على الفشل الاسرائيلي الواضح في هذه المواجهة حيث لجأ جيش الاحتلال إلى استخدام آلاف القنابل الانشطارية.

وكان الاسرائيليون يزعمون أنهم يلقون تلك القنابل على مواقع «حزب اللّه» بينما كانت في الواقع تسقط على أهداف مدنية، وفي سياق المواجهة البرية، كانت القوات الاسرائيلية قد فشلت فشلا ذريعا في السيطرة على قرى استراتيجية، خاصة «بنت جبيل» نظرا لشراسة المقاومة من جانب «حزب اللّه».
وفي اليوم الذي حاول فيه جيش الاحتلال اجتياح بنت جبيل، تم ارسال وحدة من لواء «غولاني» الخاص إلا أنها تكبدت في وقت وجيز 9 قتلى و22 جريحا.

وفي الوقت ذاته كانت وحدات أخرى من غولاني والمظليين تواجه نكسات مماثلة في مارون الراس ثم لاحقا في قرى متقدمة.
وقبل 17 يوما من انتهاء الحرب وفي مواجهة الفشل والهزيمة، قررت حكومة تل أبيب الزج بثلاث فرق اضافية من الاحتياط تضم 15 ألف جندي.

إلا أن الزج بهذه القوات لم يجد نفعا فقد تعرضت القوات الاسرائيلية لمزيد من الضربات في الأيام الموالية بما فيها «مجازر» دبابات الـ»ميركافا» في «وادي الموت» قرب قرية ياطر.
وفي المقابل ظلت صواريخ «حزب اللّه» تنهمر على شمال فلسطين، بما فيها صواريخ متوسطة المدى من نوع «خيبر 1» و «زلزال» التي ضربت العفولة ومحيط الخضيرة وبيسان.
وورد في تقرير كوردسمان ان «حزب اللّه» اطلق ما لا يقل عن 4 آلاف صاروخ خلال المواجهة.
ويسرد التقرير احداث الأيام الأخيرة من المواجهة مركزا على تزايد الخسائر الاسرائيلية في الأرواح (والتي قال انها توازي تقريبا خسائر حزب اللّه) وكذلك الخسائر في المعدات.

وأشار في هذا الباب إلى ان مقاتلي حزب اللّه تمكنوا عشية التوصل إلى وقف لاطلاق النار من تدمير عشرات الدبابات والآليات الاسرائيلية بواسطة الصواريخ الروسية المضادة للدروع «اي.تي. 3» والتي اطلق عليها الحلف الأطلسي اسم «ساغر». ويقول الخبير الأمريكي ان المؤشر الأهم على الفشل الاسرائيلي هو الخسائر البشرية.

وخلص كور دسمان إلى القول بأنه لا يمكن وصف المعركة التي خاضها «حزب اللّه» ضد أعتى جيش في المنطقة.. إلا بأنه نصر حاسم، عسكري وسياسي مشيرا كذلك إلى ان الحرب أدت إلى زلزال سياسي في المنطقة كلها.

http://www.alchourouk.com/detailarticle.asp