المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأميركيون يستعينون بـ «البعثيين» لمحاربة «القاعدة»



yasmeen
10-19-2006, 02:31 AM
بغداد - من عصام فاهم

أعلن ضابط أميركي رفيع المستوى، معني بالتخطيط في قيادة القوات الأميركية ومرتبط مباشرة بالجنرال جورج كيسي، «ان الوحل المتزايد للتمرد الذي نتخبط فيه في العديد من أرجاء العراق يقود الى كارثة حقيقية، ما لم نقدم على مجموعة من الخطوات السريعة، وفي مقدمها حشد القوى المعادية للارهاب من العراقيين بما فيها البعثية، لمواجهة تنظيم القاعدة والتطرف الطائفي والديني».

وقال الضابط، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، رداً على تساؤلات في شأن الخيارين الصعبين أمام الولايات المتحدة بين البقاء في العراق أو الانسحاب منه «ان الخسائر الراهنة للقوات الأميركية تتصاعد في شكل ملحوظ، وهذا يدفع الرأي العام الأميركي للمطالبة المتصاعدة بالانسحاب السريع». وأوضح أن «هذا الأمر يعني هزيمة كبرى للولايات المتحدة، حيث يتحول وسط العراق وأطرافه الى سلطة الارهابيين، الذين سيتحدثون عن الانتصار الكبير على الولايات المتحدة والغرب، فيما سيسقط جنوب العراق بيد الموالين لايران، لتتم ادارة شؤونه في شكل شبه مباشر من طهران، وستحاول دول جوار العراق الأخرى اقتطاع أجزاء من جسم العراق المذبوح، وستستمر الأمور في تفاقمها في مواجهات محلية حتى يقفز سعر برميل النفط الى 150 دولاراً».

وعزا المصدر مخاوف الرئيس جورج بوش الى هذه الأسباب، لكنه استطرد ان «هذا كله ينبغي ألا يجعلنا نغفل مجموعة من الحقائق في مقدمها ان لنا في المنطقة حلفاء يخشون ما نخشاه، ان لم أقل أكثر، وهم يريدون التعاون معنا في الحرب على الارهاب، لكن كل منهم له وجهات نظر مشروعة، كما هي الحال بالنسبة الى السعودية والأردن ومصر وكذلك تركيا». وأضاف أن «لدينا أيضاً داخل العراق أطرافاً تلتقي معنا في ذلك، وفي مقدمها الكرد، والعديد من أطراف التحالف الشيعي في الغالبية البرلمانية»، مشيراً الى أن «هناك حقيقة أخرى مهمة هي أننا نلتقي مع البعثيين في محاربة القاعدة والتطرف الطائفي والديني»، معتبراً أن «هذا كله يستدعي منا أن نقيم مجموعة من التحالفات لتطويق الوضع العراقي الملتهب حالياً».

وكانت تقارير أميركية تحدثت عن أن لجنة رفيعة المستوى من مستشاري البيت الأبيض ستصدر توصيات تطالب فيها الادارة بالقيام بتغيير جذري في سياساتها في العراق.
وذكرت التقارير أن أعضاء اللجنة التي يترأسها وزير الخارجية السابق جيمس بيكر بحثوا في خيارين، الأول «يقوم على انسحاب مبرمج للقوات الأميركية من العراق». أما الثاني «فيقترح دعوة كل من سورية وايران لدخول العراق والمساعدة في وقف القتال».

ولا يُنتظر أن يتم نشر التوصيات الرسمية للجنة المؤلفة من الحزبين الجمهوري والديموقراطي والمكلّفة من قبل الكونغرس بمراجعة فاعلية السياسة الأميركية في العراق، قبل أشهر عدة.
ومع أن هذا القائد العسكري رفض أن يتحدث عن أي اتصالات مباشرة مع «البعثيين»، لكنه أشار الى «حقيقة باتت قائمة على الأرض ألا وهي مشاركة البعثيين في محاربة القاعدة»، وهو الأمر الذي أخذ مسارات واضحة في كركوك والرمادي وبعض أطراف بغداد وديالى والحلة.

ومع أن مؤتمر القوى السياسية للمصالحة الوطنية أرجأ بسبب الخلاف على تحديد القوى التي تشارك في المؤتمر من خارج العملية السياسة الجارية ممن يحملون السلاح، فان بعض أطراف «كتلة الائتلاف» لم يتحمل حضور بعثي واضح، لكن من حيث المبدأ فان هذا الرفض شكل عرقلة لمبادرة رئيس الوزراء نوري المالكي للمصالحة التي طرحها نهاية مايو الماضي، وهو ما سيقود الى تفاعلات داخلية ستؤدي الى أصطفافات جديدة.

فالمعروف أن «التيار الصدري» يختلف كثيراً مع «المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق»، لكنه يلتقي معه في شأن الحظر على المشاركة «البعثية»، وهو في هذا يختلف عن أسلوب «حزب الفضيلة» في اضفاء عقلانية في التحفظ على مشاركة «البعثيين» من خلال طرحه نقاء المشاركين من جرائم قمع العراقيين وقتل المعارضين.

ومع أن لـ «الدعوة» موقف واضح بهذا الشأن في «رفض مشاركة الفاشيين في العملية السياسية»، على حد تعبير النائب القيادي في الحزب علي الأديب، الا أن توجهاته تشكل فضاء أوسع في التخلي عن اقصاء الآخرين. ورغم أن الطرح يتناول حتى الآن الأفراد وليس الحزب، لكن ارجاء مؤتمر القوى السياسية في الثلث الأخير من هذا الشهر، وانعقاد مؤتمر رجال الدين من الطائفتين الشيعية والسنية وبقية الأطراف المعنية في مكة المكرمة، سيشكل حتما تعبيراً متناغماً حول توجهات الحوار المتجانس بين السعودية ودولة الأمارات العربية المتحدة وكذلك تركيا في شأن الحاجة الى صيغ قبول كل طرف للأطراف الأخرى، وهو أمر لا بد أن يشكل عنصر مساعدة للمالكي في توجهاته الثابتة نحو استرجاع السلم الأهلي من خلال المصالحة الوطنية.

ويتساءل مراقبون عراقيون هل ان ارجاء اصدار الحكم على صدام حسين وعدد من معاونيه هي قضية فنية تكررت لمرتين، أم أن الحسابات الأميركية التي تحدث عنها وزير العدل السابق رمزي كلارك في شأن تصاعد العنف في العراق عموماً، وضد الأميركيين خصوصاً، وراء ارجاء اصدار الحكم، وحاجة هيئة المحكمة للمزيد من المراجعات، في ظل تأكيد بوش مساندته للمالكي في آخر مكالمة هاتفية بينهما، وأن عليه ألا يقلق من اشاعات حول انسحاب أميركي مبكر من العراق؟