سياسى
10-14-2006, 01:47 AM
تقرير واشنطن – توماس جورجيسيان
هو أشهر الصحفيين الكتاب في الشئون الدولية وهو في غنى عن التعريف. وكلما احتار سياسي أمريكي بارز أو عضو في الكونغرس في إيجاد تبرير لما فعله، أو تفسير لما قاله في الشئون الدولية، فانه يلجأ إلى توماس فريدمان، و"فتاويه". ففريدمان غالبا يملك المرجعية حول ما يحدث في العالم ويقولها- أو يكتبها بأسلوب سلس وشيق وبدون "تنظير أكاديمي أو أيديولوجي معقد". واسم فريدمان له بريقه فهو الخبير في شئون الشرق الأوسط، وهو المبشر بـ " العولمة" ومنافعها على امتداد العالم، كما أن فريدمان هو الداعي دائما لدور أمريكا القيادي والفعال- و هذا الدور المطلوب والمنتظر (حسب رأيه) ولا مفر منه، خاصة أن أمريكا قادرة على القيام به. فريدمان ضد الانعزال والانغلاق وضد الهيمنة والسيطرة، مع مزيد مع التواصل والتبادل، والتلقي والمشاركة ـ هذا مع الافتراض أن الزمن سيكون لصالح هذه الفكرة الإنسانية، وأن التكنولوجيا بما لها من باع طويل ستساهم في تفعيل آليات التواصل الحضاري وتسريع خطى التلاقي البشري.
بيروت والقدس .. وجانزة بوليتزر
بيروت كانت البداية والانطلاقة لمسيرة صحفية توجت بالنجاح والشهرة لاسم لا يمكن تجاهله ـ سواء اختلفت أو اتفقت مع ما يقوله. فريدمان شق طريقه من بيروت في بداية الثمانينات، ولمدة خمس سنوات، وهى المدينة التي شهدت جبهات عديدة من حرب أهلية إقليمية عالمية رصدها فريدمان كمراسل لوكالة أنباء "يو بي أى". هذه الوكالة العريقة التي بدأت ـ مع الأسف ـ تنكمش دورا وأداء في العقد الماضي، وهى تحاول الآن أن تبقى على قيد الحياة و تقاوم إعلان موتها. فريدمان بدأ يعمل في مكتبها بلندن ثم انتقل إلى بيروت.
ولد توماس لورن فريدمان في مدينة مينيابوليس ـ بولاية مينيسوتا في 20 يوليو 1953 وأسرته أمريكية يهودية متوسطة الحال، وفي إشارة إلى بداياته الصحفية ومحاولات الدخول إلى عالم الكتابة في المرحلة الثانوية، ذكر أنه كتب في صحيفة مدرسته وتضمنت هذه التجربة الأولى مقالا شمل حوارا مع الجنرال الإسرائيلي أريل شارون الذي أصبح فيما بعد وزيرا للدفاع ورئيسا للوزراء. وقد حصل فريدمان على درجته الجامعية في دراسات منطقة البحر المتوسط من جامعة براندايس في عام 1975 وهذه الجامعة تقع على بعد 14 كيلومترا شمال غرب بوسطن في ولاية ماساتشوستس، ثم التحق بكلية سانت انطوني في جامعة أوكسفورد البريطانية بمنحة دراسية ليحصل على درجة ماجستير في الدراسات الشرق الأوسطية. وفي هذا المجال يذكر فريدمان فضل الأستاذ الدكتور ألبرت حوراني ودوره الأكاديمي في إثراء معرفته، وتعميق فهمه لشعوب المنطقة. ود. حوراني هو صاحب المؤلف الشهير "تاريخ الشعوب العربية" الذي يعد مرجعا هاما وأساسيا في دراسة العالم العربي في الجامعات الأمريكية.
وتردد فريدمان في بداية السبعينيات على القاهرة مرتين من أجل دراسة اللغة العربية في الجامعة الأمريكية. وعندما عاد إلى جامعته ـ براندايس ـ وتكلم عن مصر والمصريين واجه انتقادات حادة من جمهور الحاضرين خاصة من اليهود بسبب كونه يهوديا معجبا بالمصريين. ويتذكر فريدمان تلك اللحظات قائلا: أولا عندما يتعلق الأمر بنقاش حول الشرق الأوسط، الناس ولو لفترة قصيرة يفقدون منطقهم، ولذلك إذا كنت تخطط للحديث عن الشرق الأوسط لجمهور ـ أكثر من واحد فمن المفضل أن تكون متمكنا، وذو دراية شاملة بالموضوع المثار. وثانيا أن اليهودي الذي يريد أن يختار دراسة الشرق الأوسط كمهنة له سيشعر بالوحدة دائما ـ لن يكون مقبولا بشكل كامل من جانب العرب ولن ينال ثقتهم. كما أنه لن يحصل أبدا على رضا وثقة اليهود.
أما الكتابة والنشر فقد بدأت في صيف 1976 عندما أعلن جيمي كارتر المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية موجها كلامه للناخبين اليهود بأنه في حالة انتخابه رئيسا فانه سوف يقيل هنري كيسينجر من منصبه كوزير للخارجية. وقد كان كيسينجر أول أمريكي يهودي يختار لهذا المنصب. وقد كنب فريدمان مقالا للرأي للتعليق على هذا الأمر وتفنيده وانتقاده، وتمكن من نشره في صحيفة حيث كانت تعمل صديقته (ثم زوجته مستقبلا) Des Moines Register
كمحررة. وكانت أول مقالة رأي له بتاريخ 23 أغسطس 1976. وخلال العامين التاليين نشر مقالات رأى أخرى في "ريجيستر" و "مينيابولس ستار".
فريدمان بعد تجربته المتميزة والقاسية في لبنان وأربع سنوات قضاها في القدس حصل على ثاني جائزة بوليتزر له عام 1988 ـ من أجل تغطيته للانتفاضة الفلسطينية. وكانت الجائزة الأولى (عام 1983) لتغطيته للغزو الإسرائيلي للبنان، ومذبحة صبرا وشاتيلا. ثم حصل على منحة تفرغ أكمل خلالها كتابه الشهير "من بيروت إلى القدس" الذي تضمن جوانب عديدة من تجربة فريدمان وملامح كثيرة من شخصيته. ثم جاءت مرحلة أخري من حياته الصحفية مع تعيينه كبير المراسلين الدبلوماسيين لصحيفته "نيويورك تايمز" في عام 1989، ومن خلال موقعه هذا ـ في الخارجية الأمريكية ـ تمكن فريدمان من تغطية حرب الخليج الأولى وصاحب جيمس بيكر ـ وزبر الخارجية الأمريكي آنذاك ـ في جولة الـ 5 ألاف ميل حول العالم. ثم أصبح كبير مراسلي الصحيفة لدى البيت الأبيض في عام 1992 ـ خلال السنوات الأولى لحكم الرئيس كلينتون. ثم في عام 1994 مراسلا للاقتصاديات الدولية، وأخيرا في عام 1995 صار كاتب العمود الخاص بالشئون الدولية، وتكليفه بهذه المهمة كان تشريفا كبيرا له خاصة أنه أخذ يجول ويصول في بقاع العالم ويكتب من كافة مناطق العالم. والعمود ينشر حاليا مرتين أسبوعيا وتحرص بعض الصحف العربية على نشر عموده مترجما، وإن كانت أحيانا تتصرف في ترجمته لأسباب عديدة فيفقد العمود الكثير من معانيه.
وقد حصل فريدمان على بوليتزر للمرة الثالثة عام 2002 وذلك في مجال التعليق – للمقالات التي كتبها عقب أحداث 11 سبتمبر.
زواجه وأسرته ومنزله
تزوج فريدمان صديقته آن لويز باكسبوم يوم 23 نوفمبر 1978 وتعد عائلتها احدي العائلات المائة الأكثر ثراء في الولايات المتحدة. ووالد آن ـ ماثيو باكسبوم أسس مع شقيقه في عام 1954 مجموعة عقارية كانت لها دور ريادي في تنمية المراكز التجارية او المولات. وتقدر قيمة أصول عائلة باكسبوم بنحو 2.7 مليار، وتتضمن نحو 200 مليون متر مربع من مساحات المولات. وحسب ما ذكرته مجلة " ذي واشنطونيان" الشهرية، والمعنية بشئون وشخصيات واشنطن العاصمة في عدد يوليو 2006، فان آن وزوجها توماس يعيشان الآن في ضواحي العاصمة، في ولاية مريلاند في قصر مساحته 11 ألف و400 قدم مربع، وقيمة هذا المنزل حاليا تقدر بـ 9.3 مليون دولار. ولفريدمان ابنتان أورلي (21 عاما) وناتالي (18 عاما)، والابنتان ولدتا في اسرائيل عندما كان فريدمان مراسلا لـ "نيويورك تايمز" هناك.
أربعة كتب وشهرة عالمية
وكتب فريدمان لاقت رواجا غير عاديا على الرغم من أنها كتب غير روائية، وتتحدث عن شئون وشعوب العالم. والمعروف أن عدد النسخ المباعة من كتابه الأخيرThe World is Flat ( الأرض مسطحة) الصادر في أبريل عام 2005، قد وصل حتى يوليو 2006 إلى أكثر من 2 مليون نسخة. وقائمة كتبه تشمل
1989 "من بيروت إلى القدس"From Beirut to Jerusalem-
1999 "لكساس وشجرة الزيتون" The Lexus and the Olive Tree
2002 خطوط الطول و المواقف اكتشاف العالم بعد 11 سبتمبر.
Longitudes and Attitudes: Exploring the World after September 11
وقراء كتب فريدمان من كافة الأعمار والأجناس والشعوب، خاصة أن هناك إحساسا عاما بأن فريدمان يعبر عن وجهة نظر الإدارة الأمريكية، أو يقوم بتوصيل رسالة ما إلى أصحاب القرار في الدول الأخرى ـ أو فلنقل أنه ينقل وجهة نظر أمريكية فيما يخص قضايا العالم. ويتردد هذا الاعتقاد خصوصا عندما يلجأ فريدمان إلى المباشرة في الحديث مع الحكام في شكل رسالة مفتوحة مثلما فعل كثيرا في التسعينيات. و قد أثارت هذه الرسائل العديد من ردود الأفعال الغاضبة من جانب الصحف الحكومية في الدول المعنية خاصة مصر.
كما أن فريدمان بدأ منذ فترة قصيرة تقديم تقارير وتحقيقات تليفزيونية تناقش موضوعا واحدا مثل "الجدار الفاصل" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، و" إدمان أمريكا للنفط" وذلك من خلال إنتاج مشترك مابين "نيويورك تايمز" و"قناة ديسكفوري" التليفزيونية، جامعا ما بين جدية عمق التحقيق الصحفي، وجاذبية وانتشار التناول التليفزيوني. ومعروف أن فريدمان يعشق لعب الغولف ويكتب أحيانا عن دول العالم وشخصياته البارزة من خلال هذا المنظور.
فريدمان ... مع من ؟
ليس غريبا أن نجد أن القارئ العربي يتساءل: هل هو معنا أم ضدنا ؟ خاصة أنه أمضى من الوقت الكثير معنا، وأبدى تفهما لقلقنا وغضبنا. إلا أن هذا المتفهم لنا ـ حسب رأي المراقبين لكتابات فريدمان ـ في أغلب الأحوال "سطحي في تناوله" و"سخيف في أحكامه وانتقاداته للعرب والمسلمين". في المقابل من الطبيعي أن الأمريكي المتعاطف دائما مع إسرائيل، والمعادي دائما للعرب يرى أن فريدمان يتفهم العرب ويتعاطف معهم أكثر من اللازم، ويقع أحيانا في فخ تفسيراتهم المحللة لـ "جرائمهم "و"إرهابهم". بل والأخطر هو أنه يتبنى قضاياهم ويعارض مواقف الإدارة الأمريكية. ومن هذا التباين والاختلاف حول كتاباته تزداد شهرته وأهمية تعليقاته و .. مصداقيتها.
هو أشهر الصحفيين الكتاب في الشئون الدولية وهو في غنى عن التعريف. وكلما احتار سياسي أمريكي بارز أو عضو في الكونغرس في إيجاد تبرير لما فعله، أو تفسير لما قاله في الشئون الدولية، فانه يلجأ إلى توماس فريدمان، و"فتاويه". ففريدمان غالبا يملك المرجعية حول ما يحدث في العالم ويقولها- أو يكتبها بأسلوب سلس وشيق وبدون "تنظير أكاديمي أو أيديولوجي معقد". واسم فريدمان له بريقه فهو الخبير في شئون الشرق الأوسط، وهو المبشر بـ " العولمة" ومنافعها على امتداد العالم، كما أن فريدمان هو الداعي دائما لدور أمريكا القيادي والفعال- و هذا الدور المطلوب والمنتظر (حسب رأيه) ولا مفر منه، خاصة أن أمريكا قادرة على القيام به. فريدمان ضد الانعزال والانغلاق وضد الهيمنة والسيطرة، مع مزيد مع التواصل والتبادل، والتلقي والمشاركة ـ هذا مع الافتراض أن الزمن سيكون لصالح هذه الفكرة الإنسانية، وأن التكنولوجيا بما لها من باع طويل ستساهم في تفعيل آليات التواصل الحضاري وتسريع خطى التلاقي البشري.
بيروت والقدس .. وجانزة بوليتزر
بيروت كانت البداية والانطلاقة لمسيرة صحفية توجت بالنجاح والشهرة لاسم لا يمكن تجاهله ـ سواء اختلفت أو اتفقت مع ما يقوله. فريدمان شق طريقه من بيروت في بداية الثمانينات، ولمدة خمس سنوات، وهى المدينة التي شهدت جبهات عديدة من حرب أهلية إقليمية عالمية رصدها فريدمان كمراسل لوكالة أنباء "يو بي أى". هذه الوكالة العريقة التي بدأت ـ مع الأسف ـ تنكمش دورا وأداء في العقد الماضي، وهى تحاول الآن أن تبقى على قيد الحياة و تقاوم إعلان موتها. فريدمان بدأ يعمل في مكتبها بلندن ثم انتقل إلى بيروت.
ولد توماس لورن فريدمان في مدينة مينيابوليس ـ بولاية مينيسوتا في 20 يوليو 1953 وأسرته أمريكية يهودية متوسطة الحال، وفي إشارة إلى بداياته الصحفية ومحاولات الدخول إلى عالم الكتابة في المرحلة الثانوية، ذكر أنه كتب في صحيفة مدرسته وتضمنت هذه التجربة الأولى مقالا شمل حوارا مع الجنرال الإسرائيلي أريل شارون الذي أصبح فيما بعد وزيرا للدفاع ورئيسا للوزراء. وقد حصل فريدمان على درجته الجامعية في دراسات منطقة البحر المتوسط من جامعة براندايس في عام 1975 وهذه الجامعة تقع على بعد 14 كيلومترا شمال غرب بوسطن في ولاية ماساتشوستس، ثم التحق بكلية سانت انطوني في جامعة أوكسفورد البريطانية بمنحة دراسية ليحصل على درجة ماجستير في الدراسات الشرق الأوسطية. وفي هذا المجال يذكر فريدمان فضل الأستاذ الدكتور ألبرت حوراني ودوره الأكاديمي في إثراء معرفته، وتعميق فهمه لشعوب المنطقة. ود. حوراني هو صاحب المؤلف الشهير "تاريخ الشعوب العربية" الذي يعد مرجعا هاما وأساسيا في دراسة العالم العربي في الجامعات الأمريكية.
وتردد فريدمان في بداية السبعينيات على القاهرة مرتين من أجل دراسة اللغة العربية في الجامعة الأمريكية. وعندما عاد إلى جامعته ـ براندايس ـ وتكلم عن مصر والمصريين واجه انتقادات حادة من جمهور الحاضرين خاصة من اليهود بسبب كونه يهوديا معجبا بالمصريين. ويتذكر فريدمان تلك اللحظات قائلا: أولا عندما يتعلق الأمر بنقاش حول الشرق الأوسط، الناس ولو لفترة قصيرة يفقدون منطقهم، ولذلك إذا كنت تخطط للحديث عن الشرق الأوسط لجمهور ـ أكثر من واحد فمن المفضل أن تكون متمكنا، وذو دراية شاملة بالموضوع المثار. وثانيا أن اليهودي الذي يريد أن يختار دراسة الشرق الأوسط كمهنة له سيشعر بالوحدة دائما ـ لن يكون مقبولا بشكل كامل من جانب العرب ولن ينال ثقتهم. كما أنه لن يحصل أبدا على رضا وثقة اليهود.
أما الكتابة والنشر فقد بدأت في صيف 1976 عندما أعلن جيمي كارتر المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية موجها كلامه للناخبين اليهود بأنه في حالة انتخابه رئيسا فانه سوف يقيل هنري كيسينجر من منصبه كوزير للخارجية. وقد كان كيسينجر أول أمريكي يهودي يختار لهذا المنصب. وقد كنب فريدمان مقالا للرأي للتعليق على هذا الأمر وتفنيده وانتقاده، وتمكن من نشره في صحيفة حيث كانت تعمل صديقته (ثم زوجته مستقبلا) Des Moines Register
كمحررة. وكانت أول مقالة رأي له بتاريخ 23 أغسطس 1976. وخلال العامين التاليين نشر مقالات رأى أخرى في "ريجيستر" و "مينيابولس ستار".
فريدمان بعد تجربته المتميزة والقاسية في لبنان وأربع سنوات قضاها في القدس حصل على ثاني جائزة بوليتزر له عام 1988 ـ من أجل تغطيته للانتفاضة الفلسطينية. وكانت الجائزة الأولى (عام 1983) لتغطيته للغزو الإسرائيلي للبنان، ومذبحة صبرا وشاتيلا. ثم حصل على منحة تفرغ أكمل خلالها كتابه الشهير "من بيروت إلى القدس" الذي تضمن جوانب عديدة من تجربة فريدمان وملامح كثيرة من شخصيته. ثم جاءت مرحلة أخري من حياته الصحفية مع تعيينه كبير المراسلين الدبلوماسيين لصحيفته "نيويورك تايمز" في عام 1989، ومن خلال موقعه هذا ـ في الخارجية الأمريكية ـ تمكن فريدمان من تغطية حرب الخليج الأولى وصاحب جيمس بيكر ـ وزبر الخارجية الأمريكي آنذاك ـ في جولة الـ 5 ألاف ميل حول العالم. ثم أصبح كبير مراسلي الصحيفة لدى البيت الأبيض في عام 1992 ـ خلال السنوات الأولى لحكم الرئيس كلينتون. ثم في عام 1994 مراسلا للاقتصاديات الدولية، وأخيرا في عام 1995 صار كاتب العمود الخاص بالشئون الدولية، وتكليفه بهذه المهمة كان تشريفا كبيرا له خاصة أنه أخذ يجول ويصول في بقاع العالم ويكتب من كافة مناطق العالم. والعمود ينشر حاليا مرتين أسبوعيا وتحرص بعض الصحف العربية على نشر عموده مترجما، وإن كانت أحيانا تتصرف في ترجمته لأسباب عديدة فيفقد العمود الكثير من معانيه.
وقد حصل فريدمان على بوليتزر للمرة الثالثة عام 2002 وذلك في مجال التعليق – للمقالات التي كتبها عقب أحداث 11 سبتمبر.
زواجه وأسرته ومنزله
تزوج فريدمان صديقته آن لويز باكسبوم يوم 23 نوفمبر 1978 وتعد عائلتها احدي العائلات المائة الأكثر ثراء في الولايات المتحدة. ووالد آن ـ ماثيو باكسبوم أسس مع شقيقه في عام 1954 مجموعة عقارية كانت لها دور ريادي في تنمية المراكز التجارية او المولات. وتقدر قيمة أصول عائلة باكسبوم بنحو 2.7 مليار، وتتضمن نحو 200 مليون متر مربع من مساحات المولات. وحسب ما ذكرته مجلة " ذي واشنطونيان" الشهرية، والمعنية بشئون وشخصيات واشنطن العاصمة في عدد يوليو 2006، فان آن وزوجها توماس يعيشان الآن في ضواحي العاصمة، في ولاية مريلاند في قصر مساحته 11 ألف و400 قدم مربع، وقيمة هذا المنزل حاليا تقدر بـ 9.3 مليون دولار. ولفريدمان ابنتان أورلي (21 عاما) وناتالي (18 عاما)، والابنتان ولدتا في اسرائيل عندما كان فريدمان مراسلا لـ "نيويورك تايمز" هناك.
أربعة كتب وشهرة عالمية
وكتب فريدمان لاقت رواجا غير عاديا على الرغم من أنها كتب غير روائية، وتتحدث عن شئون وشعوب العالم. والمعروف أن عدد النسخ المباعة من كتابه الأخيرThe World is Flat ( الأرض مسطحة) الصادر في أبريل عام 2005، قد وصل حتى يوليو 2006 إلى أكثر من 2 مليون نسخة. وقائمة كتبه تشمل
1989 "من بيروت إلى القدس"From Beirut to Jerusalem-
1999 "لكساس وشجرة الزيتون" The Lexus and the Olive Tree
2002 خطوط الطول و المواقف اكتشاف العالم بعد 11 سبتمبر.
Longitudes and Attitudes: Exploring the World after September 11
وقراء كتب فريدمان من كافة الأعمار والأجناس والشعوب، خاصة أن هناك إحساسا عاما بأن فريدمان يعبر عن وجهة نظر الإدارة الأمريكية، أو يقوم بتوصيل رسالة ما إلى أصحاب القرار في الدول الأخرى ـ أو فلنقل أنه ينقل وجهة نظر أمريكية فيما يخص قضايا العالم. ويتردد هذا الاعتقاد خصوصا عندما يلجأ فريدمان إلى المباشرة في الحديث مع الحكام في شكل رسالة مفتوحة مثلما فعل كثيرا في التسعينيات. و قد أثارت هذه الرسائل العديد من ردود الأفعال الغاضبة من جانب الصحف الحكومية في الدول المعنية خاصة مصر.
كما أن فريدمان بدأ منذ فترة قصيرة تقديم تقارير وتحقيقات تليفزيونية تناقش موضوعا واحدا مثل "الجدار الفاصل" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، و" إدمان أمريكا للنفط" وذلك من خلال إنتاج مشترك مابين "نيويورك تايمز" و"قناة ديسكفوري" التليفزيونية، جامعا ما بين جدية عمق التحقيق الصحفي، وجاذبية وانتشار التناول التليفزيوني. ومعروف أن فريدمان يعشق لعب الغولف ويكتب أحيانا عن دول العالم وشخصياته البارزة من خلال هذا المنظور.
فريدمان ... مع من ؟
ليس غريبا أن نجد أن القارئ العربي يتساءل: هل هو معنا أم ضدنا ؟ خاصة أنه أمضى من الوقت الكثير معنا، وأبدى تفهما لقلقنا وغضبنا. إلا أن هذا المتفهم لنا ـ حسب رأي المراقبين لكتابات فريدمان ـ في أغلب الأحوال "سطحي في تناوله" و"سخيف في أحكامه وانتقاداته للعرب والمسلمين". في المقابل من الطبيعي أن الأمريكي المتعاطف دائما مع إسرائيل، والمعادي دائما للعرب يرى أن فريدمان يتفهم العرب ويتعاطف معهم أكثر من اللازم، ويقع أحيانا في فخ تفسيراتهم المحللة لـ "جرائمهم "و"إرهابهم". بل والأخطر هو أنه يتبنى قضاياهم ويعارض مواقف الإدارة الأمريكية. ومن هذا التباين والاختلاف حول كتاباته تزداد شهرته وأهمية تعليقاته و .. مصداقيتها.