زهير
09-30-2006, 11:40 AM
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/30-9-2006//206306_380001.jpg
مسجد الشيخ العربي التبسي.. احد اكبر مساجد العاصمة الجزائرية
الجزائر- نسيم لكحل
هكذا أراد بعض الجزائريين أن يحولوا شهر رمضان هذا العام من شهر الرحمة والغفران إلى شهر الفتن الثلاث.
لم يسبق أن عاشت الجزائر منذ عقود من الزمن رمضانا مميزا مثل الذي تعيشه مع الشهر الفضيل هذا العام، مع محاولة بعض من يسمون هنا في الجزائر بالمتفيقهين الجدد خلق الاستثناء فوقعوا في المحظور وغذوا الفتن، والفتنة أشد من القتل.. تابعوا.
فتنة الهلال.. لأول مرة؟!
لم يسبق أن صام الجزائريون في يومي ن مختلفين على الرغم من أنهم سبق أن صاموا وأفطروا وتسحروا مختلفين في كثير من أمور الدين، لكن أن يحدث أن يصوم الناس في يومين مختلفين فهذا ما شكل موضوع النقاش الأول في رمضان هذا العام بين عموم الناس من جهة وهؤلاء 'المتمردين باسم الدين' ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف من جهة أخرى.
في العديد من مناطق الجزائر قال بعض الناس انهم رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة إلى السبت، في الوقت الذي كانت فيه لجنة الأهلة التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف أعلنت أنه قد تعذرت رؤية الهلال في تلك الليلة وأعلنت أن أول رمضان الجزائر لهذا العام سيكون يوم الأحد، وهو ما توافق مع تقديرات العالم الفلكي الجزائري المعروف الدكتور لوط بوناطيرو وكذا جمعية الشعرى الفلكية، الأمر الذي دفع بعض الذين وقفوا مشدوهين من خرجة المتفيقهين الجدد إلى القول: أي هلال رآه هؤلاء وقد غم على لجنة الأهلة والفلكيين؟!
الغريب في الأمر أن إشاعة رؤية الهلال ليلة الشك انتشرت كما تنتشر النار في الهشيم وخاصة في منطقة 'أفلو' بولاية الأغواط التي ينحدر منها رئيس الحكومة الجزائرية الحالي عبد العزيز بلخادم، ومناطق أخرى في قسنطينة وولايات الشرق الجزائري خصوصا.. ورغم أن الظاهرة وقعت في مناطق محدودة من البلاد، فانها شكلت الموضوع الأول الذي يتجاذب حوله الجزائريون أطراف النقاش بين من لا تعليق له وبين أغلبية تطالب الدولة بوضع حد لمثل هذه الظواهر التي تزرع معاني التفرقة بين شعب مل منها خصوصا خلال العشرية الدموية، وبين كذلك أقلية رأت في ما حدث سعة في الدين؟!
الوزارة تكتفي بفتح تحقيق!
رغم خطورة الظاهرة، فإن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف اكتفت فقط بالإعلان عن فتح تحقيق حول المسألة، وهي لا تطمح إلى أكثر من ردع الناس عن الكف عن هذا 'الشذوذ الديني' ابتداء من رمضان القادم، ولن يرتقي الأمر إلى حد معاقبة المتسببين في 'فتنة الهلال' أو هكذا يمكن تسميتها.. ويتخوف الجزائريون اليوم، أن يأتي عليهم زمان يصوم فيه أفراد العائلة الواحدة اليوم الأول من رمضان في أيام متفرقة وفق نظرية 'لكل هلاله' المنتشرة هذه الأيام.. وهم يعلمون ما مدى خطورة هذا الأمر على وحدتهم التي فتتتها أيام العشرية الحمراء.. ولسان حال أحدهم يقول: ربي ساتر؟!
اختلاف الأذان.. الوجه الآخر للتعصب الديني
إذا كانت هذه هي المرة الأولى (يت منى الجزائريون أن تكون الأخيرة) التي يختلف فيها أبناء البلد الواحد في الجزائر حول أول أيام الصيام وحول رؤية الهلال من عدمها، فإنهم اختلفوا مرات ومرات من قبل حول وقت الإفطار ووقت الإمساك كذلك، بين غالبية تتقيد بأذان المغرب وأذان الفجر، وقلة قليلة لا ترى أن وقت الإفطار أو الإمساك يكون مع الأذان بل تفطر بمجرد أن تغرب الشمس عن أنظارهم أو يتبين لهم الخيط الأبيض من الفجر، إلى درجة أن ظاهرة خطيرة انتشرت في كثير من المساجد الجزائرية حيث ترى جموع المصلين ينتظرون الأذان للإفطار ومصلين مثلهم يفطرون.. إنها صورة التفرقة الجديدة لا أكثر ولا أقل.
هذه الظاهرة كثيرا ما أحدثت فتنا في بعض المساجد التي شهدت ملاسنات كلامية وجدالات فقهية بعد أن أحس الكثيرون أنهم يتعرضون للاستفزاز من أناس يبحثون دائما عن التميز ولا يجدونه إلا في الأمور الدينية، أو بالأحرى لا يتقنونه إلا عندما يتعلق الأمر بقضايا الصوم والصلاة فينزعون إلى الاختلاف على حد تعبير رمضان. ب (31 سنة) طالب ماجستير وصحافي، 'إنهم لا يعرفون العيش في سعة الاتفاق ويهربون إلى ضيق الاختلاف' هكذا يقول.
وزارة الشؤون الدينية تقاضي المؤذنين المخالفين
هذه الظاهرة جرت وراءها مؤذنين لم يلتزموا بالأوقات الرسمية التي حددتها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لرفع الأذان بالتزامن مع أوقات الإفطار والإمساك، فظهر منهم من يرفع الأذان عندما تغرب الشمس عن ناظريهم وقبل دقائق طويلة عن أوقات الوزارة، ولخطورة الوضع أصدرت الوزارة بيانا شديد اللهجة قالت فيه ان 'الاختلاف حول وقت الصلاة مدعاة للفرقة ومصدر للفتنة والتنازع خاصة في شهر رمضان الفضيل الذي ترتبط صحة الصوم فيه بهذه المواقيت لا سيما في أذاني الفجر والمغرب'، ودعت الوزارة الوصية على المساجد مديريها في مختلف ولايات الجزائر (48 ولاية) لاستعمال كل الوسائل القانونية المتاحة لهم، ومن ذلك حقهم في المتابعة القضائية ضد 'المؤذنين المخالفين'، وحملت الإمام الأول للمسجد المسؤولية المباشرة في تنفيذ ومتابعة إدارة شؤون المسجد، وأوصت بأن يكون شأن الأذان في يد من زكتهم لهم الإدارة، وليس في يد 'المؤذنين الموسميين'.
الوزارة التي يقودها الدكتور أبو عبد الله غلام الله أعطت هذه الظاهرة حجما أكبر، وأكبر بكثير، عندما ربطتها ب 'وحدة الأمة'، حيث قال بيانها ان مخالفة الرزنامة الرسمية للأذان 'تخرم وحدة الأمة وتشوش اطمئنانها'.. وتعول السلطات الحكومية في الجزائر على هذه الإجراءات لتكريس قدسية المسجد وإقصاء من تعتبرهم يقفون وراء مخططات تريد في كل مرة أن تقوض 'وحدة الأمة بالاختلاف في شؤون دينها'.
مخاوف وانتقادات
لكن في الجهة المقابلة، يرى آخرون أن مثل هذه الإجراءات لا يمكنها إلا أن تزيد الطين بلة وأن تزيد في توسع هذه الظاهرة، لأن وزارة الشؤون الدينية لم تختر طريق الحوار واختارت مسلكا صعبا للقضاء على ظاهرة أصعب، إنه طريق القوة والتهديد بالعدالة.. وقد سبق لهذا الأسلوب أن أثبت فشله في العديد من القطاعات الأخرى وأثبتت التجربة في الجزائر أن فض النزاعات لن يكون مجديا إلا عن طريق فتح قنوات الحوار والنقاش لمحاصرة أي ظاهرة لا يراد لها أن تنتشر، ومن ذلك ما حدث ويحدث في قطاع التربية وعلى مستوى الجبهة الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق وجه بعض المتابعين انتقادات لوزارة الشؤون الدينية على هذا المسلك الذي انتهجته، وطالبوها بفتح قنوات الحوار وإجراء جلسات مجادلة دينية لإقامة الحجة على المخالفين قبل تطبيق القانون عليهم، على الرغم من أن هذا السبيل هو كذلك مسلك صعب ولكن لا بد منه، لطبيعة هؤلاء المخالفين الذين لا يقبلون في العادة 'الحوار' لأنهم لا يملكون الحجج وكل ما يملكونه هي آيات وأحاديث يفسرونها حسب أهوائهم بتفاسير سطحية تتجاهل البعد الحضاري للرسالة الإسلامية.
تلاعب التجار.. الثابت الذي لا يتغير
فتنة لم تحدث للمرة الأولى في الجزائر ولا هي تكررت عدة مرات في عدة أعوام، إنها الفتنة التي يستقبل بها التجار شهر رمضان، قد تشكل لدى المواطنين البائسين مصدر قلق أكثر من القلق الذي قد ينتابهم من فتنة الأذان ومن فتنة الهلال.. حيث تعرف مختلف الأسواق الجزائرية ظاهرة الارتفاع الفاحش في أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع في شهر رمضان.
ولم تنجح تدخلات الوزارة في وضع حد نهائي لجشع التجار الذين ينتظرون قدوم هذا الشهر 11 شهرا من قبل، لأنه ببساطة يشكل لدى الغالبية منهم شهرا للربح.. على حساب المواطن البسيط.
جولة طويلة قادتنا إلى عدة أسواق شعبية في العاصمة جعلتنا نكتشف حقيقة قد يصعب تقبلها لكنها الحقيقة.. المواطن هو السبب الأول وراء انتشار هذه الظاهرة، إنه هو الذي أعطى الضوء الأخضر لهؤلاء التجار كي يضاعفوا الأسعار ويحطموا كل الأرقام القياسية.. كيف ذلك؟!
في سوق بلدية بئر خادم ـ مثلا ـ أحد أكبر أسواق العاصمة الجزائرية وأشهرها، يأتيه المواطنون من بلديات كثيرة مجاورة، خاطبنا احد المواطنين 'التائهين' قائلا انه لا يلوم أي تاجر يسعى للربح ومن حقه أن يسعى لذلك وقد أقام تجارته على هذا الأساس، ولا ألومه أن يضاعف الأسعار مرات ومرات إن شاء.. أنا لومي على المواطن الذي يتهافت على شراء كل ما يحتاجه وما لايحتاجه ولا تهمه الأسعار.. من حق التاجر أن يرفع الأسعار ما دام الناس لا يتوقفون عن الشراء، ويخافون أن ينفد الغذاء أكثر من خوفهم من نفاد النقود'(؟!)..
هذه هي أحوال رمضان الجزائر هذا العام.. أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. ولكن أوله فتنة هلال وأوسطه فتنة أذان وطوال أيامه فتنة تجار.. والبقية تأتي.
متسوقون العاصمة الجزائرية في رمضان
مسجد الشيخ العربي التبسي.. احد اكبر مساجد العاصمة الجزائرية
الجزائر- نسيم لكحل
هكذا أراد بعض الجزائريين أن يحولوا شهر رمضان هذا العام من شهر الرحمة والغفران إلى شهر الفتن الثلاث.
لم يسبق أن عاشت الجزائر منذ عقود من الزمن رمضانا مميزا مثل الذي تعيشه مع الشهر الفضيل هذا العام، مع محاولة بعض من يسمون هنا في الجزائر بالمتفيقهين الجدد خلق الاستثناء فوقعوا في المحظور وغذوا الفتن، والفتنة أشد من القتل.. تابعوا.
فتنة الهلال.. لأول مرة؟!
لم يسبق أن صام الجزائريون في يومي ن مختلفين على الرغم من أنهم سبق أن صاموا وأفطروا وتسحروا مختلفين في كثير من أمور الدين، لكن أن يحدث أن يصوم الناس في يومين مختلفين فهذا ما شكل موضوع النقاش الأول في رمضان هذا العام بين عموم الناس من جهة وهؤلاء 'المتمردين باسم الدين' ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف من جهة أخرى.
في العديد من مناطق الجزائر قال بعض الناس انهم رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة إلى السبت، في الوقت الذي كانت فيه لجنة الأهلة التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف أعلنت أنه قد تعذرت رؤية الهلال في تلك الليلة وأعلنت أن أول رمضان الجزائر لهذا العام سيكون يوم الأحد، وهو ما توافق مع تقديرات العالم الفلكي الجزائري المعروف الدكتور لوط بوناطيرو وكذا جمعية الشعرى الفلكية، الأمر الذي دفع بعض الذين وقفوا مشدوهين من خرجة المتفيقهين الجدد إلى القول: أي هلال رآه هؤلاء وقد غم على لجنة الأهلة والفلكيين؟!
الغريب في الأمر أن إشاعة رؤية الهلال ليلة الشك انتشرت كما تنتشر النار في الهشيم وخاصة في منطقة 'أفلو' بولاية الأغواط التي ينحدر منها رئيس الحكومة الجزائرية الحالي عبد العزيز بلخادم، ومناطق أخرى في قسنطينة وولايات الشرق الجزائري خصوصا.. ورغم أن الظاهرة وقعت في مناطق محدودة من البلاد، فانها شكلت الموضوع الأول الذي يتجاذب حوله الجزائريون أطراف النقاش بين من لا تعليق له وبين أغلبية تطالب الدولة بوضع حد لمثل هذه الظواهر التي تزرع معاني التفرقة بين شعب مل منها خصوصا خلال العشرية الدموية، وبين كذلك أقلية رأت في ما حدث سعة في الدين؟!
الوزارة تكتفي بفتح تحقيق!
رغم خطورة الظاهرة، فإن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف اكتفت فقط بالإعلان عن فتح تحقيق حول المسألة، وهي لا تطمح إلى أكثر من ردع الناس عن الكف عن هذا 'الشذوذ الديني' ابتداء من رمضان القادم، ولن يرتقي الأمر إلى حد معاقبة المتسببين في 'فتنة الهلال' أو هكذا يمكن تسميتها.. ويتخوف الجزائريون اليوم، أن يأتي عليهم زمان يصوم فيه أفراد العائلة الواحدة اليوم الأول من رمضان في أيام متفرقة وفق نظرية 'لكل هلاله' المنتشرة هذه الأيام.. وهم يعلمون ما مدى خطورة هذا الأمر على وحدتهم التي فتتتها أيام العشرية الحمراء.. ولسان حال أحدهم يقول: ربي ساتر؟!
اختلاف الأذان.. الوجه الآخر للتعصب الديني
إذا كانت هذه هي المرة الأولى (يت منى الجزائريون أن تكون الأخيرة) التي يختلف فيها أبناء البلد الواحد في الجزائر حول أول أيام الصيام وحول رؤية الهلال من عدمها، فإنهم اختلفوا مرات ومرات من قبل حول وقت الإفطار ووقت الإمساك كذلك، بين غالبية تتقيد بأذان المغرب وأذان الفجر، وقلة قليلة لا ترى أن وقت الإفطار أو الإمساك يكون مع الأذان بل تفطر بمجرد أن تغرب الشمس عن أنظارهم أو يتبين لهم الخيط الأبيض من الفجر، إلى درجة أن ظاهرة خطيرة انتشرت في كثير من المساجد الجزائرية حيث ترى جموع المصلين ينتظرون الأذان للإفطار ومصلين مثلهم يفطرون.. إنها صورة التفرقة الجديدة لا أكثر ولا أقل.
هذه الظاهرة كثيرا ما أحدثت فتنا في بعض المساجد التي شهدت ملاسنات كلامية وجدالات فقهية بعد أن أحس الكثيرون أنهم يتعرضون للاستفزاز من أناس يبحثون دائما عن التميز ولا يجدونه إلا في الأمور الدينية، أو بالأحرى لا يتقنونه إلا عندما يتعلق الأمر بقضايا الصوم والصلاة فينزعون إلى الاختلاف على حد تعبير رمضان. ب (31 سنة) طالب ماجستير وصحافي، 'إنهم لا يعرفون العيش في سعة الاتفاق ويهربون إلى ضيق الاختلاف' هكذا يقول.
وزارة الشؤون الدينية تقاضي المؤذنين المخالفين
هذه الظاهرة جرت وراءها مؤذنين لم يلتزموا بالأوقات الرسمية التي حددتها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لرفع الأذان بالتزامن مع أوقات الإفطار والإمساك، فظهر منهم من يرفع الأذان عندما تغرب الشمس عن ناظريهم وقبل دقائق طويلة عن أوقات الوزارة، ولخطورة الوضع أصدرت الوزارة بيانا شديد اللهجة قالت فيه ان 'الاختلاف حول وقت الصلاة مدعاة للفرقة ومصدر للفتنة والتنازع خاصة في شهر رمضان الفضيل الذي ترتبط صحة الصوم فيه بهذه المواقيت لا سيما في أذاني الفجر والمغرب'، ودعت الوزارة الوصية على المساجد مديريها في مختلف ولايات الجزائر (48 ولاية) لاستعمال كل الوسائل القانونية المتاحة لهم، ومن ذلك حقهم في المتابعة القضائية ضد 'المؤذنين المخالفين'، وحملت الإمام الأول للمسجد المسؤولية المباشرة في تنفيذ ومتابعة إدارة شؤون المسجد، وأوصت بأن يكون شأن الأذان في يد من زكتهم لهم الإدارة، وليس في يد 'المؤذنين الموسميين'.
الوزارة التي يقودها الدكتور أبو عبد الله غلام الله أعطت هذه الظاهرة حجما أكبر، وأكبر بكثير، عندما ربطتها ب 'وحدة الأمة'، حيث قال بيانها ان مخالفة الرزنامة الرسمية للأذان 'تخرم وحدة الأمة وتشوش اطمئنانها'.. وتعول السلطات الحكومية في الجزائر على هذه الإجراءات لتكريس قدسية المسجد وإقصاء من تعتبرهم يقفون وراء مخططات تريد في كل مرة أن تقوض 'وحدة الأمة بالاختلاف في شؤون دينها'.
مخاوف وانتقادات
لكن في الجهة المقابلة، يرى آخرون أن مثل هذه الإجراءات لا يمكنها إلا أن تزيد الطين بلة وأن تزيد في توسع هذه الظاهرة، لأن وزارة الشؤون الدينية لم تختر طريق الحوار واختارت مسلكا صعبا للقضاء على ظاهرة أصعب، إنه طريق القوة والتهديد بالعدالة.. وقد سبق لهذا الأسلوب أن أثبت فشله في العديد من القطاعات الأخرى وأثبتت التجربة في الجزائر أن فض النزاعات لن يكون مجديا إلا عن طريق فتح قنوات الحوار والنقاش لمحاصرة أي ظاهرة لا يراد لها أن تنتشر، ومن ذلك ما حدث ويحدث في قطاع التربية وعلى مستوى الجبهة الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق وجه بعض المتابعين انتقادات لوزارة الشؤون الدينية على هذا المسلك الذي انتهجته، وطالبوها بفتح قنوات الحوار وإجراء جلسات مجادلة دينية لإقامة الحجة على المخالفين قبل تطبيق القانون عليهم، على الرغم من أن هذا السبيل هو كذلك مسلك صعب ولكن لا بد منه، لطبيعة هؤلاء المخالفين الذين لا يقبلون في العادة 'الحوار' لأنهم لا يملكون الحجج وكل ما يملكونه هي آيات وأحاديث يفسرونها حسب أهوائهم بتفاسير سطحية تتجاهل البعد الحضاري للرسالة الإسلامية.
تلاعب التجار.. الثابت الذي لا يتغير
فتنة لم تحدث للمرة الأولى في الجزائر ولا هي تكررت عدة مرات في عدة أعوام، إنها الفتنة التي يستقبل بها التجار شهر رمضان، قد تشكل لدى المواطنين البائسين مصدر قلق أكثر من القلق الذي قد ينتابهم من فتنة الأذان ومن فتنة الهلال.. حيث تعرف مختلف الأسواق الجزائرية ظاهرة الارتفاع الفاحش في أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع في شهر رمضان.
ولم تنجح تدخلات الوزارة في وضع حد نهائي لجشع التجار الذين ينتظرون قدوم هذا الشهر 11 شهرا من قبل، لأنه ببساطة يشكل لدى الغالبية منهم شهرا للربح.. على حساب المواطن البسيط.
جولة طويلة قادتنا إلى عدة أسواق شعبية في العاصمة جعلتنا نكتشف حقيقة قد يصعب تقبلها لكنها الحقيقة.. المواطن هو السبب الأول وراء انتشار هذه الظاهرة، إنه هو الذي أعطى الضوء الأخضر لهؤلاء التجار كي يضاعفوا الأسعار ويحطموا كل الأرقام القياسية.. كيف ذلك؟!
في سوق بلدية بئر خادم ـ مثلا ـ أحد أكبر أسواق العاصمة الجزائرية وأشهرها، يأتيه المواطنون من بلديات كثيرة مجاورة، خاطبنا احد المواطنين 'التائهين' قائلا انه لا يلوم أي تاجر يسعى للربح ومن حقه أن يسعى لذلك وقد أقام تجارته على هذا الأساس، ولا ألومه أن يضاعف الأسعار مرات ومرات إن شاء.. أنا لومي على المواطن الذي يتهافت على شراء كل ما يحتاجه وما لايحتاجه ولا تهمه الأسعار.. من حق التاجر أن يرفع الأسعار ما دام الناس لا يتوقفون عن الشراء، ويخافون أن ينفد الغذاء أكثر من خوفهم من نفاد النقود'(؟!)..
هذه هي أحوال رمضان الجزائر هذا العام.. أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. ولكن أوله فتنة هلال وأوسطه فتنة أذان وطوال أيامه فتنة تجار.. والبقية تأتي.
متسوقون العاصمة الجزائرية في رمضان