زهير
09-23-2006, 08:35 PM
محمد عبدالقادر الجاسم
كنت أتحدث معه عن فكرة تحويل موقعي هذا إلى صحيفة يومية الكترونية, فسألته: باعتقادك ماهي الأسباب التي حالت دون اتخاذ "الحكومة" إجراءات ضدي حتى الآن سواء فيما يتعلق بالموقع أو كتابي الأخير؟
قال: السبب بسيط.
قلت: وما هو؟
قال: لأنك لم تتجاوز الخط الأحمر.
قلت: لكن هناك من يعتقد أن مقالاتي قد تجاوزت كل الخطوط بكل ألوانها. قال: "لا أخوي".. الخط الأحمر لم يعد "الشيوخ" بل"....."!
وحول طاولة في مطعم شعبي صغير, كنا أربعة أشخاص نتحدث في أمور شتى. بدأ الحديث حول مبدأ الفصل بين السلطات وحقيقة أفكار مونتيسكيو, وفجأة تحدث أصغر الحضور سنا فقال: ما هو الأساس الدستوري أو القانوني للقب "الشيخ" الذي يسبق أسماء أفراد الأسرة الحاكمة؟
قلت: ليس هناك ثمة أساس, والمسألة لا تعدو عن كونها "تقليد اجتماعي".
قال: لكنهم يضعون وصف "أحد أفراد الأسرة الحاكمة" أمام بيان الوظيفة في بعض المستندات الرسمية مثل إجازة القيادة.
قلت: "شيصير خلهم يستانسون" طالما لم تكن الوظيفة "شيخ"!!
قال: هل تعلم أن اللقب الرسمي لأمير الكويت هو "حضرة صاحب السمو أمير الكويت" أي أن اللقب الرسمي لا يشمل كلمة "الشيخ"؟
قلت له: " شتبي توصله؟"
قال: هل تعلم أيضا أن قانون توارث الإمارة والمادة 4 من الدستور لم تتضمنا لقب "الشيخ" قبل اسم المغفور له مبارك الصباح؟
قلت "إنزين وبعدين؟"
قال: وهل تعلم أن أمراء الكويت حين يوقعون القوانين والمراسيم لا يقرنون لقب "الشيخ" بأسمائهم؟
قلت: معروفة.
قال: وهل انتبهت إلى موظف مجلس الأمة حين ينادي الوزراء أو رئيس الوزراء للتصويت, يناديهم بأسمائهم أيضا دون استعمال لقب "الشيخ" بالنسبة لأفراد الأسرة الحاكمة؟
قلت: ملحوظة, وتسبب له الحرج أحيانا خاصة حين ينادي على رئيس الوزراء باسمه "الحاف"!
قال: وهل تعلم أن قانون مخصصات الأمير ينص على أنه "تحدد شروط استحقاق أفراد الأسرة الحاكمة في هذه المخصصات وطريقة تقديرها وصرفها بأمر أميري"؟
قلت: هل قصدك أن تسألني عما إذا صدر الأمر الأميري بشأن المخصصات الجديدة وشروط استحقاق "الشيوخ" لتلك المخصصات كي تشبع فضولك حول كيفية توزيع مبلغ الخمسين مليون؟
قال: وهل صدر مثل هذا الأمر بعد موافقة مجلس الأمة على زيادة مخصصات الأمير؟
قلت: في الحقيقة لا أعلم, والأمر يستحق المعرفة.
قال: على العموم, ما أقصده من كل ذلك وباختصار هو أن إضافة لقب "الشيخ" قبل أسماء أفراد الأسرة الحاكمة في الأوراق الرسمية يشكل انتهاكا للمادة السابعة من الدستور التي تنص على المساواة بين المواطنين.
قلت "إذا هي رادة على لقب الشيخ فعليهم بالعافية".. لكن ماذا نفعل وقد أصبح لدينا "شيوخ جدد" هم ليسوا من أفراد الأسرة الحاكمة ومع ذلك لديهم سلطة فعلية تفوق سلطة ثلاث أرباع الشيوخ!
قال: "طلعني من هالسالفة", فالشيوخ الجدد أخطر على البلد من أي شيخ "صباحي" متسلط!!
تتمتع بعض العائلات التجارية الكويتية بنفوذ هائل في البلاد, وهو نفوذ اقتصادي وسياسي يتيح لأفرادها ما لا يتاح لغيرهم سواء من أفراد الأسرة الحاكمة أو من غيرهم. وقد تأسس نفوذ بعض تلك العائلات بعد تعب وشقاء ومغامرات في المجال التجاري مضافا إلى ذلك تأثير العلاقات التاريخية التي تربطهم مع "الشيوخ". كما تأسس نفوذ عائلات أخرى عبر دور سياسي موصوف في تاريخ الكويت بالدور الوطني. ومن الطبيعي أن تحظى مثل تلك العائلات بنفوذ متميز, وهو أمر لا يخرج عن طبيعة المجتمعات ولا عن تشابك المصالح بين القوى التجارية والسلطة السياسية طالما أن هذا النفوذ لا يعفيهم من تطبيق القوانين.
بيد أن الخطورة والشذوذ يكمنان في تمتع عائلات محدودة جدا (واحدة أو اثنتين) بنفوذ سياسي واقتصادي ليس له جذور تاريخية إطلاقا, ولم يتأسس على إسهام مشرف في تاريخ البلاد, بل تأسس على تقديم "خدمات سياسية" للسلطة السياسية في زمننا الراهن بمقاييس انتهازية دنيئة. وقد تمكنت تلك العائلات "الطارئة سياسيا" من فرض سيطرتها اليوم بسبب تآكل قدرة الأسرة الحاكمة على إدارة شؤون الدولة وشؤون الحكم من دون مساعدة تلك العائلات. وكنت قد أشرت من قبل إلى تلك العائلات التي باتت تدير البلاد بأسلوب "المافيا الكويتية" وهو أسلوب يعتمد على سياسة "الإقصاء والتنفيع" بل والتهديد في بعض الأحيان.
ومهما يكن أمر تلك العائلات ونفوذها السياسي "الطارئ" فإن كبار السن فيها يدركون في نهاية المطاف الحدود التي يجب عليهم التوقف عندها حتى لو أصابتهم, مؤخرا, مسحة من الغرور. بيد أن نمو قوة تلك العائلات "الطارئة سياسيا" خلق لدى "عيالهم" غرور بغيض, وقد أصبحوا, أي العيال" يتدخلون في القرار السياسي والاقتصادي تحت مظلة نفوذ "أبهاتهم وعمامهم وفي بعض الحالات أمهاتهم"! ومصدر الخطورة هنا هو عدم وجود "حد أدنى" من القيم لدى "العيال" فهم يستخدمون الرشوة بكل أنواعها للحصول على أي مكسب سواء كان منصبا عاما أو مناقصة, وهم اليوم يضعون أيديهم على أراضي الدولة عبر "فساد البلدية" وفوق هذا وذاك بدأ الناس يخاطبونهم بعبارة "طال عمرك"!!
ولو أن الأمر اقتصر على ممارسة النفوذ من أجل الحصول على مكاسب مالية لما اكتسب عندي أهمية خاصة, إذ أن هذه النوعية من العائلات سرعان ما تغرق في بحر "خلافاتها الداخلية" بعد وفاة كبارهم, وسرعان ما تنهار الإمبراطوريات الاقتصادية التي أسسها أجدادهم بعد أن تنشب الغيرة أظفارها بين "عيال العم" ويتحول الجميع إلى زبائن في المحاكم. لكن أن يعبث "الأولاد" في المستقبل السياسي للبلاد بمشاركة بعض الشيوخ الذين أصبحوا يقدمون فروض الطاعة والولاء لتلك العائلات, فهذا أمر يجب الانتباه إليه, وإدراك معانيه ومخاطره.
دعونا نتخيل الكويت بعد عشر سنوات أو أقل حين يقود العمل السياسي والاقتصادي فيها أبناء العائلات "الطارئة سياسيا" من أصحاب النفوذ السياسي حاليا بالاشتراك مع بعض الشيوخ الصغار ممن يتجولون ومسدساتهم في جرابها مربوطة بأرجلهم... دعونا نتخيل هذا المشهد الواقعي جدا والذي نعيش حاليا بعض لمحاته, فماذا نتوقع!!
شخصيا أتمنى أن تخيب توقعاتي... فهل هناك من يشاركني هذا التمني!!
17/9/2006
كنت أتحدث معه عن فكرة تحويل موقعي هذا إلى صحيفة يومية الكترونية, فسألته: باعتقادك ماهي الأسباب التي حالت دون اتخاذ "الحكومة" إجراءات ضدي حتى الآن سواء فيما يتعلق بالموقع أو كتابي الأخير؟
قال: السبب بسيط.
قلت: وما هو؟
قال: لأنك لم تتجاوز الخط الأحمر.
قلت: لكن هناك من يعتقد أن مقالاتي قد تجاوزت كل الخطوط بكل ألوانها. قال: "لا أخوي".. الخط الأحمر لم يعد "الشيوخ" بل"....."!
وحول طاولة في مطعم شعبي صغير, كنا أربعة أشخاص نتحدث في أمور شتى. بدأ الحديث حول مبدأ الفصل بين السلطات وحقيقة أفكار مونتيسكيو, وفجأة تحدث أصغر الحضور سنا فقال: ما هو الأساس الدستوري أو القانوني للقب "الشيخ" الذي يسبق أسماء أفراد الأسرة الحاكمة؟
قلت: ليس هناك ثمة أساس, والمسألة لا تعدو عن كونها "تقليد اجتماعي".
قال: لكنهم يضعون وصف "أحد أفراد الأسرة الحاكمة" أمام بيان الوظيفة في بعض المستندات الرسمية مثل إجازة القيادة.
قلت: "شيصير خلهم يستانسون" طالما لم تكن الوظيفة "شيخ"!!
قال: هل تعلم أن اللقب الرسمي لأمير الكويت هو "حضرة صاحب السمو أمير الكويت" أي أن اللقب الرسمي لا يشمل كلمة "الشيخ"؟
قلت له: " شتبي توصله؟"
قال: هل تعلم أيضا أن قانون توارث الإمارة والمادة 4 من الدستور لم تتضمنا لقب "الشيخ" قبل اسم المغفور له مبارك الصباح؟
قلت "إنزين وبعدين؟"
قال: وهل تعلم أن أمراء الكويت حين يوقعون القوانين والمراسيم لا يقرنون لقب "الشيخ" بأسمائهم؟
قلت: معروفة.
قال: وهل انتبهت إلى موظف مجلس الأمة حين ينادي الوزراء أو رئيس الوزراء للتصويت, يناديهم بأسمائهم أيضا دون استعمال لقب "الشيخ" بالنسبة لأفراد الأسرة الحاكمة؟
قلت: ملحوظة, وتسبب له الحرج أحيانا خاصة حين ينادي على رئيس الوزراء باسمه "الحاف"!
قال: وهل تعلم أن قانون مخصصات الأمير ينص على أنه "تحدد شروط استحقاق أفراد الأسرة الحاكمة في هذه المخصصات وطريقة تقديرها وصرفها بأمر أميري"؟
قلت: هل قصدك أن تسألني عما إذا صدر الأمر الأميري بشأن المخصصات الجديدة وشروط استحقاق "الشيوخ" لتلك المخصصات كي تشبع فضولك حول كيفية توزيع مبلغ الخمسين مليون؟
قال: وهل صدر مثل هذا الأمر بعد موافقة مجلس الأمة على زيادة مخصصات الأمير؟
قلت: في الحقيقة لا أعلم, والأمر يستحق المعرفة.
قال: على العموم, ما أقصده من كل ذلك وباختصار هو أن إضافة لقب "الشيخ" قبل أسماء أفراد الأسرة الحاكمة في الأوراق الرسمية يشكل انتهاكا للمادة السابعة من الدستور التي تنص على المساواة بين المواطنين.
قلت "إذا هي رادة على لقب الشيخ فعليهم بالعافية".. لكن ماذا نفعل وقد أصبح لدينا "شيوخ جدد" هم ليسوا من أفراد الأسرة الحاكمة ومع ذلك لديهم سلطة فعلية تفوق سلطة ثلاث أرباع الشيوخ!
قال: "طلعني من هالسالفة", فالشيوخ الجدد أخطر على البلد من أي شيخ "صباحي" متسلط!!
تتمتع بعض العائلات التجارية الكويتية بنفوذ هائل في البلاد, وهو نفوذ اقتصادي وسياسي يتيح لأفرادها ما لا يتاح لغيرهم سواء من أفراد الأسرة الحاكمة أو من غيرهم. وقد تأسس نفوذ بعض تلك العائلات بعد تعب وشقاء ومغامرات في المجال التجاري مضافا إلى ذلك تأثير العلاقات التاريخية التي تربطهم مع "الشيوخ". كما تأسس نفوذ عائلات أخرى عبر دور سياسي موصوف في تاريخ الكويت بالدور الوطني. ومن الطبيعي أن تحظى مثل تلك العائلات بنفوذ متميز, وهو أمر لا يخرج عن طبيعة المجتمعات ولا عن تشابك المصالح بين القوى التجارية والسلطة السياسية طالما أن هذا النفوذ لا يعفيهم من تطبيق القوانين.
بيد أن الخطورة والشذوذ يكمنان في تمتع عائلات محدودة جدا (واحدة أو اثنتين) بنفوذ سياسي واقتصادي ليس له جذور تاريخية إطلاقا, ولم يتأسس على إسهام مشرف في تاريخ البلاد, بل تأسس على تقديم "خدمات سياسية" للسلطة السياسية في زمننا الراهن بمقاييس انتهازية دنيئة. وقد تمكنت تلك العائلات "الطارئة سياسيا" من فرض سيطرتها اليوم بسبب تآكل قدرة الأسرة الحاكمة على إدارة شؤون الدولة وشؤون الحكم من دون مساعدة تلك العائلات. وكنت قد أشرت من قبل إلى تلك العائلات التي باتت تدير البلاد بأسلوب "المافيا الكويتية" وهو أسلوب يعتمد على سياسة "الإقصاء والتنفيع" بل والتهديد في بعض الأحيان.
ومهما يكن أمر تلك العائلات ونفوذها السياسي "الطارئ" فإن كبار السن فيها يدركون في نهاية المطاف الحدود التي يجب عليهم التوقف عندها حتى لو أصابتهم, مؤخرا, مسحة من الغرور. بيد أن نمو قوة تلك العائلات "الطارئة سياسيا" خلق لدى "عيالهم" غرور بغيض, وقد أصبحوا, أي العيال" يتدخلون في القرار السياسي والاقتصادي تحت مظلة نفوذ "أبهاتهم وعمامهم وفي بعض الحالات أمهاتهم"! ومصدر الخطورة هنا هو عدم وجود "حد أدنى" من القيم لدى "العيال" فهم يستخدمون الرشوة بكل أنواعها للحصول على أي مكسب سواء كان منصبا عاما أو مناقصة, وهم اليوم يضعون أيديهم على أراضي الدولة عبر "فساد البلدية" وفوق هذا وذاك بدأ الناس يخاطبونهم بعبارة "طال عمرك"!!
ولو أن الأمر اقتصر على ممارسة النفوذ من أجل الحصول على مكاسب مالية لما اكتسب عندي أهمية خاصة, إذ أن هذه النوعية من العائلات سرعان ما تغرق في بحر "خلافاتها الداخلية" بعد وفاة كبارهم, وسرعان ما تنهار الإمبراطوريات الاقتصادية التي أسسها أجدادهم بعد أن تنشب الغيرة أظفارها بين "عيال العم" ويتحول الجميع إلى زبائن في المحاكم. لكن أن يعبث "الأولاد" في المستقبل السياسي للبلاد بمشاركة بعض الشيوخ الذين أصبحوا يقدمون فروض الطاعة والولاء لتلك العائلات, فهذا أمر يجب الانتباه إليه, وإدراك معانيه ومخاطره.
دعونا نتخيل الكويت بعد عشر سنوات أو أقل حين يقود العمل السياسي والاقتصادي فيها أبناء العائلات "الطارئة سياسيا" من أصحاب النفوذ السياسي حاليا بالاشتراك مع بعض الشيوخ الصغار ممن يتجولون ومسدساتهم في جرابها مربوطة بأرجلهم... دعونا نتخيل هذا المشهد الواقعي جدا والذي نعيش حاليا بعض لمحاته, فماذا نتوقع!!
شخصيا أتمنى أن تخيب توقعاتي... فهل هناك من يشاركني هذا التمني!!
17/9/2006