فاطمي
09-18-2006, 05:50 PM
الفشل في حرب تموز (يوليو) 2006 يعيد فتح الملفات الأمنية ...
القدس المحتلة - امال شحادة الحياة - 18/09/06//
ثماني وحدات عملت على تجنيد عملاء وجمع معلومات في لبنان، لكنها بدلاً من تنسيق جهودها راحت تضارب الواحدة ضد مصالح ونشاطات الأخرى، الى درجة ان إحدى الوحدات أفشلت عمليات عسكرية واستخباراتية ذات قيمة. والسؤال الأكبر الذي يدور في إسرائيل اليوم هو: لماذا لم تنجح في اختراق «حزب الله».
كان ذلك في العام 1987، عندما تأزمت العلاقات بين الاذرع الاستخباراتية الاسرائيلية الفاعلة في لبنان اثر فشلها في تجنيد عملاء هناك. حيث تقرر إقامة جسم مركزي في جهاز الاستخبارات أوكلت إليه مهمة إحباط عمليات ارهابية في لبنان، شرط ان يتحمل جهاز «الشاباك» مسؤولية إدارته بمساندة ممثلين من وحدة عسكرية تعرف باسم «الوحدة 504». هذا الجسم أطلق عليه «تجميع وإحباط» وقد بذل على مدار سنتين جهوداً استخباراتية غير عادية في لبنان لإحباط عمليات ضد إسرائيل لكنه فشل في مهمته. فتقرر تفكيكه، ما ولدّ نقاشاً كبيراً بين قياديين في الأجهزة الامنية وبين المبادرين لإقامته. وهنا تعززت الخلافات حول ما يتعلق بجمع المعلومات والتنسيق، فأعلن الشاباك انه يرفض مواصلة نشاطه في لبنان على هذا النحو وطالب بان تكون مهمته مقتصرة على إحباط الارهاب، وانه يرفع يديه عن الوحل اللبناني، كما ذكر في تقريره انذاك.
يذكر اليوم قائد وحدة «تجميع وإحباط» في ذلك الوقت، حاييم بورو، ان أسباب الفشل والتنسيق كمنت في اختلاف العقيدة والتفكير بين الأطراف وبين الجيش، وأساليب العمل وسلم الأولويات. وقد وجه الشاباك، في رسائل الى قيادة الأجهزة، اتهامات لقادة الوحدة 504 جاء فيها ان الضباط الذين أوكلت إليهم مهمة تفعيل العملاء أهملوا الموضوع واستغلوا وجودهم هناك لتحقيق مصالح شخصية بينها تهريب واتجار من لبنان بغطاء علاقات تجارية مع لبنانيين. في ذلك الوقت، عصفت أزمة حادة في الأجهزة الامنية والاستخباراتية الاسرائيلية، لتبدأ عجلة الاخفاقات بكل ما يتعلق بالملف اللبناني.
الاخفاقات الاسرائيلية في لبنان، التي لم ترد في نقاش الإسرائيليين على مدار السنوات الطويلة الفائتة فحسب، بل تحولت الى واحدة من ابرز القضايا التي تشغل الإسرائيليين منذ الأسبوع الثالث لحرب تموز (يوليو) الماضي. وتحتل هذه القضية اليوم حيزاً كبيراً في نقاش الشارع الاسرائيلي وفي صفوف الجيش، المعروف انه واحد من أقوى جيوش العالم.
القيادة العسكرية للجيش تخوض اليوم حرباً غير مسلحة، حرباً من نوع آخر تحت عنوان «من المسؤول عن الفشل؟». وتتشعب الخلافات بين مختلف الجهات والمستويات، السياسية والعسكرية والأمنية والاستخباراتية، وكل جهة مشاركة تبذل جهوداً لإلقاء المسؤولية على الأخرى. لكن جانباً من هذا الفشل تتحمل مسؤوليته جهة واحدة ولا يمكنها إلقاء المسؤولية على غيرها، مسؤولية التفاجؤ بقدرة «حزب الله» التي أوقفت الإسرائيليين عاجزين عن استيعاب ما يحدث على ارض الواقع وغير قادرين على قول الحقيقة.
«الموساد» هو العنوان الوحيد لهذا الجانب من الفشل الاسرائيلي. وهو الجهة الوحيدة المخولة الرد على أسئلة عدة:
- اين بدأ الخطأ؟
- لماذا فشل هذا الجهاز، الذي يعتبر «عملاقاً»، في جمع معلومات عن تنظيم ناشط بمحاذاة حدوده؟
- كيف نجح «حزب الله» بتقوية قدرته على التسلح؟
- والسؤال ربما الأهم هو كيف لم ينجح الموساد في اختراق «حزب الله»؟
ثماني وحدات استخباراتية في بلد واحد
التغلغل الاسرائيلي في الأراضي اللبنانية بدأ بشكل فعلي في حرب العام 1982 عندما دخلت القوات الإسرائيلية الى هناك لتحقيق أهداف خلال فترة قصيرة وغرقت فيها قرابة عشرين عاماً. في حينه، كان عامل الاستخبارات ضرورياً، ما دفع جهاز الأمن الاسرائيلي بالتنسيق مع الحكومة الى تكثيف نشاطه في لبنان. لكن الصراعات الاسرائيلية انعكست بشكل كبير على هذا النشاط لتكون محطة خطيرة في الطريق الى تراكم الاخفاقات. ووصل الوضع الى حد تفعيل ثماني وحدات استخباراتية في آن واحد وسط صراعات ومشاحنات وحتى عرقلة نشاطات وإحباط عمليات بين بعضها البعض. في البداية كان النشاط يتركز على الوحدة 504 ومهمتها تفعيل العملاء وجمع المعلومات في لبنان. ولكن مع دخول الجيش الى الأراضي اللبنانية أمر رئيس الحكومة، آنذاك مناحيم بيغن، رئيس الشاباك، ابراهام شالوم، ان يأخذ جهازه دوراً في النشاط الاستخباراتي الى جانب الوحدة، في محاولة للخروج بنتائج أسرع واكثر فاعلية. ومع دخول الشاباك بدأت المهمات بين الوحدتين تتداخل وتؤدي الى عرقلة العمل.
هنا جاء دور الموساد الذي تحمل قسطاً كبيراً من النشاط الاستخباراتي. ولكن نشاط ثلاث وحدات معاً من دون تنسيق وتفاهم وصراعات بين قيادييها، خلق فوضى عارمة، ما دفع وزير الدفاع، آنذاك موشيه ارينز، الى إقامة جسم مركزي للتنسيق بين الوحدات الثلاث بإدارة وزارته مباشرة. وعين اوري لوبراني منسقاً للنشاط.
الحالة بين الأجهزة الثلاثة بقيت متوترة الى حين اندلاع الحرب حيث فرضت الظروف تحسين العلاقات والتنسيق بشكل افضل. وفي حينه أورد الموساد في سجلاته إنجازات تتمثل في إحباط عمليات ضد الجيش، لكن هذا كان لفترة قصيرة ومحددة. فبقاء الجيش داخل لبنان لمدة أطول أعاد حالة التوتر بين الجهات الاستخباراتية وبدأ المسؤولون يتحدثون عن فشل مهمة أساسية لهذه الأجهزة يتمثل في عدم قدرتها على معرفة تفاصيل عن «حزب الله» وقدراته، وهو ما دفع امنون لفكين شاحك في العام 1986، عندما كان يشغل مهمة قائد الاستخبارات العسكرية «أمان»، الى دعوة جميع الجهات الامنية والاستخباراتية وابلاغهم ضرورة تفعيل وتكثيف نشاطهم للتعرف الى «حزب الله». وقال في حينه ان إسرائيل تعاني من قوة «حزب الله» وامتداده في المنطقة. وتطرق شاحك الى الجانب الأكثر أهمية بالنسبة الى إسرائيل وهو عدم نجاحها في زرع عملاء داخل الحزب.
شاحك أمر بوضع القضية على رأس أولويات الجهات الفاعلة وتركيز جهودها على تجنيد عملاء وخرق «حزب الله» في محاولة لمعرفة كل تفصيل عن الحزب ومقاتليه.
وبحسب إسرائيل، نجحت الوحدات الاسرائيلية في تنفيذ عمليات وصفتها بالمعقدة والصعبة أنجحها أطلق عليه اسم «حملة التنويم المغناطيسي»، وتقول انها حصلت خلالها على معلومات كثيرة ساعدتها في إحباط عمليات خطط لها «حزب الله» ضد الجيش الاسرائيلي ومنها تفجير حفرة للمياه العادمة بالقرب من بوابة فاطمة على الحدود، ومنع تنفيذ اعتداء على أميركيين في لبنان. وتعترف إسرائيل بأن اكثر من عملية فشلت بسبب حال البلبلة التي كانت تسيطر على نشاط الوحدات الى حد انه تم قتل اكثر من عميل بالخطأ وهو في طريقه للإدلاء بمعلومات. وأحد هؤلاء أطلق عليه لقب «الغليظ» وقد قتل من قبل وحدة «غولاني» في الجيش وهو يقترب من البوابة عند الحدود للإبلاغ عن مخطط لتنفيذ عملية.
في هذه الفترة وحتى العام 1991 تواصلت الصراعات والخلافات بين الموساد والشاباك ووحدة 504. وفي كل مرة كانت تتصاعد فيها الصراعات وتفشل إسرائيل في تجنيد عملاء وجمع معلومات كانت تدخل جهة استخباراتية جديدة الى لبنان حتى وصل عددها الى ثماني وحدات. وجندت إسرائيل موازنات طائلة وقوى عاملة كبيرة لكنها لم تنجح حتى في السيطرة على نشاط هذه الوحدات التي تحول نشاطها في لبنان الى صراعات داخلية.
هذه الوحدات هي: وحدة 504 والشاباك، والموساد، ووحدة الاستخبارات المعروفة بوحدة التنسيق، ووحدة حرس الحدود التابعة للشرطة الاسرائيلية، ووحدة يهلوم وهي استخباراتية تابعة للشرطة، ووحدة استخبارات تابعة للشرطة العسكرية وأخرى لوزارة الدفاع، ووحدة الأمن الاستخباراتي التابعة لميليشيا «جيش لبنان الجنوبي المتعاملة مع إسرائيل»، والتي عملت بتدريب من الشاباك.
وجود هذا العدد الكبير من الوحدات يشير اساساً الى صراعات القيادة الامنية الاسرائيلية وعدم التنسيق في ما بينها، وهو ما وصفه احد كبار رجال الشاباك بـ «الأخطبوط المسمم». ويقول اليوم، اسحق تدهار، وهو من كبار رجال الاستخبارات الاسرائيلية، إن «الخلافات والصراعات التي شهدتها الوحدات الثماني على مدار السنوات، لم تساعد بتاتاً أجهزة الأمن بالوقوف في وجه «حزب الله». فتوزيع المسؤوليات والصلاحيات بينها لم ينفذ بالشكل المطلوب والمعلومات لم تعدل على مدار السنوات لتناسب المتغيرات على ارض الواقع».
وحدة 504 كان يتوجب عليها جمع معلومات حول تنظيم قوات الجيش اللبناني وقواعده العسكرية من خلال تفعيل عملاء كانوا يأتون الى الحدود. اما الموساد فكان عليه تفعيل عملاء من الخارج. هذا التقسيم الذي اقره جهاز الأمن لم يكن يناسب الوضع في لبنان، في حين كانت كل وحدة تعمل على انفراد وبالشكل الذي تعرفه ووفق التعليمات التي تصلها ما ادى الى عرقلة عمليات او فشلها.
احد كبار رجال الشاباك يقول: «على سبيل المثال اذا كان من السهل علينا ان نلتقي عميلاً على الحدود وليس خارج لبنان كان العاملون في وحدة 504 يعرقلون العمل بعدم تقديم المساعدات المطلوبة لتنفيذ العملية وأحياناً كثيرة كانوا يتجاهلون الطلب، والعكس ايضاً فإذا كانت وحدة 504 تريد تجنيد عميل من الخارج كانوا في الموساد يعرقلون تسهيل السفر وتنفيذ المهمة». وبحسب هذه الشخصية، فإن الصراعات بين الوحدتين وصلت الى حد الكذب والسرقة وحتى الكشف عن هوية عملاء كوسيلة تخريب.
الوقت كان متأخراً
أحد كبار الضباط، خدم في لبنان في الحرب الأولى ويدعى ايهود عران، يعد هذه الأيام كتاباً حول نشاط الاستخبارات الاسرائيلية بين العامين 1985 و2000. ويشير منذ البداية الى ان الخطأ الأول بدأ عندما انسحبت إسرائيل من لبنان جزئياً في العام 1985، «فهي لم تتعامل مع نشاطها على الأرض اللبنانية كمنطقة حرب، بل حصرت جهودها في حراسة امن الحدود الشمالية». ويضيف انه «في أواسط العام 1990 فقط بدأ بعض التغيير في تقديرات الجيش الاسرائيلي حول الوضع في لبنان، بعد ان زاد «حزب الله» من نشاطه». ولكنه يؤكد ان «الوقت كان متأخراً ولم يؤثر هذا التغيير بتاتاً على نتيجة ما حصل في الواقع على الأرض اللبنانية».
ويشير الضابط عران الى ان «الاخفاقات في تلك الفترة تجعل المسؤولية عما حصل في لبنان اليوم موزعة بين اكثر من مسؤول، ليس فقط لأن الصلاحيات كانت موزعة على الجميع بل لأن وسائل العمل التي كان يتوجب على إسرائيل توفيرها لهذه الوحدات الاستخباراتية لم تكن كافية، انطلاقاً من ان إسرائيل تعاملت مع لبنان كأرض سهلة».
ويحمل عران المسؤولية ايضاً لوحدة امان، «التي لم تحمل نفسها عناء حراسة الحدود والمعابر بالأجهزة التكنولوجية المتطورة التي تضمن مراقبة سليمة».
عران في حينه، وكما يقول، لفت انتباه أجهزة الاستخبارات الى «خطورة نشاطات «حزب الله» وتهديده الاستراتيجي على إسرائيل وان في إمكانه التأثير بشكل كبير على واقع الشرق الأوسط، لكن أحداً لم يأخذ تحذيراته في الاعتبار».
وفي هذا السياق، تذكر التقارير الاسرائيلية عدم نجاح الموساد في منع عماد مغنية من دخول لبنان ثم عدم اختراقها النشاطات التي كان يقوم بها في وقت نجح هو في توسيع نشاطه. ويدرج مغنية على رأس قائمة المطلوبين لإسرائيل ويضع الموساد اسمه تحت لقب «مريض الشخصية في الأمن الميداني».
وما يزعج إسرائيل في هذا المجال، وكما يقول الضابط تدهار، ان مغنية «أقام محطتي اتصال ليمنع التنصت الاسرائيلي على اتصالات «حزب الله» وفي المقابل حصل على أجهزة اتصالات حديثة ومتطورة من ايران ضمنت له التنصت على الإسرائيليين الى حد انه كان يعلم بكل عملية تخطط لها إسرائيل من قبل». ويضيف تدهار: «ركزنا طوال الفترة على المعلومات الاستخباراتية عبر الأجهزة التي كانت في حوزتنا وأهملنا مسألة تجنيد عملاء في صفوف «حزب الله»، على رغم انها كانت الأهم. والوحدة التي كانت مهمتها تجنيد عملاء كانت تنشغل طوال السنة في الحصول على موازنات لنشاطها». ويتهم تدهار الموساد بالإخفاق في هذا المجال بقوله انه «لم يعمل بالشكل المطلوب وعندما كان يعمل كانت نشاطاته تنفذ في شكل خاطئ».
وعند الحديث عن اخفاقات إسرائيل في لبنان، يعود ملف الطيار المفقود، رون اراد، الى رأس قائمة الاخفاقات، إذ ان الاتهامات في عدم إعادته الى إسرائيل وهو على قيد الحياة ما زالت جزءاً من نقاش المسؤولين عن ملف الاستخبارات في لبنان. ففي حينه كانت الخلافات بين المؤسسات الاستخباراتية المختلفة في ذروتها وانعكست على طريقة التعامل مع ملف الطيار المفقود، ومن ضمنها كان قرار اغتيال قائد «حزب الله»، عباس الموسوي. فقد خطط الإسرائيليون لاختطاف الموسوي ليكون ورقة مساومة قوية في صفقة تبادل مع رون أراد. وتمت الاستعدادات لذلك لكن رئيس أركان الجيش وقائد شعبة الاستخبارات آنذاك اتخذا قراراً مغايراً في آخر لحظة وحصلا على مصادقة رئيس الوزراء اسحق شامير باغتيال الموسوي. وفي يوم الاغتيال نفسه، أثار القرار نقاشاً عاصفاً وصراعاً بين الأطراف، وكان على رأس المعارضين له الجنرال يورام يئير، الذي اعتبره خطأ فادحاً وإحباطاً لمحاولة كانت قد تكون ناجحة لإعادة اراد.
من بين الاخفاقات الأخرى التي توردها أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية في سجلها:
- تشرين الثاني (نوفمبر) 1982: تفجير «مبنى الحكومة» في صور.
- تشرين الثاني 1983: تفجير القاعدة العسكرية في صور.
- آذار (مارس) 1985: عملية انتحارية عند بوابة «عقل» ضد قافلة عسكرية .
- تشرين الأول (اكتوبر) 1988: عملية انتحارية في المعبر الحدودي عند المطلة.
- آذار 1992: تفجير السفارة الاسرائيلية في الأرجنتين.
- تموز (يوليو) 1994 : تفجير المبنى اليهودي في الأرجنتين.
- شباط (فبراير) 1999: تصفية قائد الوحدة العسكرية المختارة (يكال)، ايرز غرشطين.
- تشرين الأول 2000: اختطاف ثلاثة جنود قرب مزارع شبعا في إسرائيل واختطاف الضابط الحنان تننباوم.
- ما بين 2000 و 2006: نصب 13 ألف صاروخ وقذيفة في لبنان.
- تموز 2006: قتل 8 جنود وخطف اثنين عند الحدود.
الإخفاق الأكبر الذي يسجل في تاريخ الموساد والذي بدأ في أعقاب الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان، كان نجاح «حزب الله» بتجنيد عملاء إسرائيليين له، من بينهم ضباط وجنود في الجيش من خلال إغرائهم بالمال والمخدرات. هذا الجانب اقلق الإسرائيليين كثيراً الى حد خصص رئيس أركان الجيش، السابق، موشيه يعالون، مليونين ونصف مليون شيكل (350 ألف دولار) للشرطة والجيش لمواجهة هذه الظاهرة. لكن النتائج جاءت فاشلة إذ تمكن «حزب الله» من تجنيد أربع شبكات اضافة الى أفراد.
الشبكة الأولى: كشف عنها في تموز 2002 عندما القي القبض على نسيم نسر (الذي قد تشمله صفقة الأسرى التي تتبلور حالياً) وهو ابن لأم يهودية وأب لبناني. في العام 1992 هاجر الى إسرائيل لكنه بقي على تواصل مع عائلته اللبنانية. وبحسب ملفه في المحكمة الاسرائيلية، فقد تمكن احد قادة «حزب الله» من التأثير على شقيقه الذي اثّر على نسيم وأمام الإغراءات المالية والعاطفية ضعف، فراح ينفذ الطلبات وقدم لـ «حزب الله» معلومات وخرائط دقيقة حول الطرق في الشمال وقام بتصوير بعض المرافق العامة ومواقع عسكرية.
الشبكة الثانية: تجنيد مواطنين من الغجر وقد اعترفا بأنهما تاجرا بالمخدرات واضطرا الى التعاون مع «حزب الله» لقاء المال بسبب تراجع تجارة المخدرات وارتفاع ثمنها في شكل كبير، بعد الانسحاب الاسرائيلي.
الاثنان قدما المعلومات لـ «حزب الله» وقاما بتفعيل وكلاء لهما في إسرائيل، زودوهما بالصور والخرائط التفصيلية عن الطرق داخل القدس وفي منطقة الشمال وببرامج كومبيوتر تتضمن معلومات عن إسرائيل وجيشها.
الشبكة الثالثة: وهذه كانت الصدمة الكبيرة لقادة الاستخبارات الاسرائيلية إذ ضمت عدداً من ضباط الجيش الاسرائيلي بقيادة العقيد عمر الهيب الذي جنّد تسعة جنود آخرين للعمل في شبكة التجسس لمصلحة «حزب الله» وإرسال معلومات ووثائق بالغة الحساسية والسرية والخطورة: برامج كومبيوتر عن العمليات العسكرية السرية للجيش، وطرق نشاطه، والمسالك التي يستخدمها في العمليات، وخطته الحربية، والمواقع والاستحكامات. ومعلومات عن عدد من قادة الجيش الاسرائيلي ومساكنهم وتحركاتهم وتنقلاتهم.
الشبكة الرابعة: الخطير في هذه الشبكة انها ضمت عدداً كبيراً من اليهود. فإضافة الى عاملة نظافة من كريات شمونة، وصديقيها شلومو موزيس وشالوم بيرتس هناك 11 جندياً في الجيش وهؤلاء أبقت إسرائيل تفاصيل هوياتهم طي الكتمان.
القدس المحتلة - امال شحادة الحياة - 18/09/06//
ثماني وحدات عملت على تجنيد عملاء وجمع معلومات في لبنان، لكنها بدلاً من تنسيق جهودها راحت تضارب الواحدة ضد مصالح ونشاطات الأخرى، الى درجة ان إحدى الوحدات أفشلت عمليات عسكرية واستخباراتية ذات قيمة. والسؤال الأكبر الذي يدور في إسرائيل اليوم هو: لماذا لم تنجح في اختراق «حزب الله».
كان ذلك في العام 1987، عندما تأزمت العلاقات بين الاذرع الاستخباراتية الاسرائيلية الفاعلة في لبنان اثر فشلها في تجنيد عملاء هناك. حيث تقرر إقامة جسم مركزي في جهاز الاستخبارات أوكلت إليه مهمة إحباط عمليات ارهابية في لبنان، شرط ان يتحمل جهاز «الشاباك» مسؤولية إدارته بمساندة ممثلين من وحدة عسكرية تعرف باسم «الوحدة 504». هذا الجسم أطلق عليه «تجميع وإحباط» وقد بذل على مدار سنتين جهوداً استخباراتية غير عادية في لبنان لإحباط عمليات ضد إسرائيل لكنه فشل في مهمته. فتقرر تفكيكه، ما ولدّ نقاشاً كبيراً بين قياديين في الأجهزة الامنية وبين المبادرين لإقامته. وهنا تعززت الخلافات حول ما يتعلق بجمع المعلومات والتنسيق، فأعلن الشاباك انه يرفض مواصلة نشاطه في لبنان على هذا النحو وطالب بان تكون مهمته مقتصرة على إحباط الارهاب، وانه يرفع يديه عن الوحل اللبناني، كما ذكر في تقريره انذاك.
يذكر اليوم قائد وحدة «تجميع وإحباط» في ذلك الوقت، حاييم بورو، ان أسباب الفشل والتنسيق كمنت في اختلاف العقيدة والتفكير بين الأطراف وبين الجيش، وأساليب العمل وسلم الأولويات. وقد وجه الشاباك، في رسائل الى قيادة الأجهزة، اتهامات لقادة الوحدة 504 جاء فيها ان الضباط الذين أوكلت إليهم مهمة تفعيل العملاء أهملوا الموضوع واستغلوا وجودهم هناك لتحقيق مصالح شخصية بينها تهريب واتجار من لبنان بغطاء علاقات تجارية مع لبنانيين. في ذلك الوقت، عصفت أزمة حادة في الأجهزة الامنية والاستخباراتية الاسرائيلية، لتبدأ عجلة الاخفاقات بكل ما يتعلق بالملف اللبناني.
الاخفاقات الاسرائيلية في لبنان، التي لم ترد في نقاش الإسرائيليين على مدار السنوات الطويلة الفائتة فحسب، بل تحولت الى واحدة من ابرز القضايا التي تشغل الإسرائيليين منذ الأسبوع الثالث لحرب تموز (يوليو) الماضي. وتحتل هذه القضية اليوم حيزاً كبيراً في نقاش الشارع الاسرائيلي وفي صفوف الجيش، المعروف انه واحد من أقوى جيوش العالم.
القيادة العسكرية للجيش تخوض اليوم حرباً غير مسلحة، حرباً من نوع آخر تحت عنوان «من المسؤول عن الفشل؟». وتتشعب الخلافات بين مختلف الجهات والمستويات، السياسية والعسكرية والأمنية والاستخباراتية، وكل جهة مشاركة تبذل جهوداً لإلقاء المسؤولية على الأخرى. لكن جانباً من هذا الفشل تتحمل مسؤوليته جهة واحدة ولا يمكنها إلقاء المسؤولية على غيرها، مسؤولية التفاجؤ بقدرة «حزب الله» التي أوقفت الإسرائيليين عاجزين عن استيعاب ما يحدث على ارض الواقع وغير قادرين على قول الحقيقة.
«الموساد» هو العنوان الوحيد لهذا الجانب من الفشل الاسرائيلي. وهو الجهة الوحيدة المخولة الرد على أسئلة عدة:
- اين بدأ الخطأ؟
- لماذا فشل هذا الجهاز، الذي يعتبر «عملاقاً»، في جمع معلومات عن تنظيم ناشط بمحاذاة حدوده؟
- كيف نجح «حزب الله» بتقوية قدرته على التسلح؟
- والسؤال ربما الأهم هو كيف لم ينجح الموساد في اختراق «حزب الله»؟
ثماني وحدات استخباراتية في بلد واحد
التغلغل الاسرائيلي في الأراضي اللبنانية بدأ بشكل فعلي في حرب العام 1982 عندما دخلت القوات الإسرائيلية الى هناك لتحقيق أهداف خلال فترة قصيرة وغرقت فيها قرابة عشرين عاماً. في حينه، كان عامل الاستخبارات ضرورياً، ما دفع جهاز الأمن الاسرائيلي بالتنسيق مع الحكومة الى تكثيف نشاطه في لبنان. لكن الصراعات الاسرائيلية انعكست بشكل كبير على هذا النشاط لتكون محطة خطيرة في الطريق الى تراكم الاخفاقات. ووصل الوضع الى حد تفعيل ثماني وحدات استخباراتية في آن واحد وسط صراعات ومشاحنات وحتى عرقلة نشاطات وإحباط عمليات بين بعضها البعض. في البداية كان النشاط يتركز على الوحدة 504 ومهمتها تفعيل العملاء وجمع المعلومات في لبنان. ولكن مع دخول الجيش الى الأراضي اللبنانية أمر رئيس الحكومة، آنذاك مناحيم بيغن، رئيس الشاباك، ابراهام شالوم، ان يأخذ جهازه دوراً في النشاط الاستخباراتي الى جانب الوحدة، في محاولة للخروج بنتائج أسرع واكثر فاعلية. ومع دخول الشاباك بدأت المهمات بين الوحدتين تتداخل وتؤدي الى عرقلة العمل.
هنا جاء دور الموساد الذي تحمل قسطاً كبيراً من النشاط الاستخباراتي. ولكن نشاط ثلاث وحدات معاً من دون تنسيق وتفاهم وصراعات بين قيادييها، خلق فوضى عارمة، ما دفع وزير الدفاع، آنذاك موشيه ارينز، الى إقامة جسم مركزي للتنسيق بين الوحدات الثلاث بإدارة وزارته مباشرة. وعين اوري لوبراني منسقاً للنشاط.
الحالة بين الأجهزة الثلاثة بقيت متوترة الى حين اندلاع الحرب حيث فرضت الظروف تحسين العلاقات والتنسيق بشكل افضل. وفي حينه أورد الموساد في سجلاته إنجازات تتمثل في إحباط عمليات ضد الجيش، لكن هذا كان لفترة قصيرة ومحددة. فبقاء الجيش داخل لبنان لمدة أطول أعاد حالة التوتر بين الجهات الاستخباراتية وبدأ المسؤولون يتحدثون عن فشل مهمة أساسية لهذه الأجهزة يتمثل في عدم قدرتها على معرفة تفاصيل عن «حزب الله» وقدراته، وهو ما دفع امنون لفكين شاحك في العام 1986، عندما كان يشغل مهمة قائد الاستخبارات العسكرية «أمان»، الى دعوة جميع الجهات الامنية والاستخباراتية وابلاغهم ضرورة تفعيل وتكثيف نشاطهم للتعرف الى «حزب الله». وقال في حينه ان إسرائيل تعاني من قوة «حزب الله» وامتداده في المنطقة. وتطرق شاحك الى الجانب الأكثر أهمية بالنسبة الى إسرائيل وهو عدم نجاحها في زرع عملاء داخل الحزب.
شاحك أمر بوضع القضية على رأس أولويات الجهات الفاعلة وتركيز جهودها على تجنيد عملاء وخرق «حزب الله» في محاولة لمعرفة كل تفصيل عن الحزب ومقاتليه.
وبحسب إسرائيل، نجحت الوحدات الاسرائيلية في تنفيذ عمليات وصفتها بالمعقدة والصعبة أنجحها أطلق عليه اسم «حملة التنويم المغناطيسي»، وتقول انها حصلت خلالها على معلومات كثيرة ساعدتها في إحباط عمليات خطط لها «حزب الله» ضد الجيش الاسرائيلي ومنها تفجير حفرة للمياه العادمة بالقرب من بوابة فاطمة على الحدود، ومنع تنفيذ اعتداء على أميركيين في لبنان. وتعترف إسرائيل بأن اكثر من عملية فشلت بسبب حال البلبلة التي كانت تسيطر على نشاط الوحدات الى حد انه تم قتل اكثر من عميل بالخطأ وهو في طريقه للإدلاء بمعلومات. وأحد هؤلاء أطلق عليه لقب «الغليظ» وقد قتل من قبل وحدة «غولاني» في الجيش وهو يقترب من البوابة عند الحدود للإبلاغ عن مخطط لتنفيذ عملية.
في هذه الفترة وحتى العام 1991 تواصلت الصراعات والخلافات بين الموساد والشاباك ووحدة 504. وفي كل مرة كانت تتصاعد فيها الصراعات وتفشل إسرائيل في تجنيد عملاء وجمع معلومات كانت تدخل جهة استخباراتية جديدة الى لبنان حتى وصل عددها الى ثماني وحدات. وجندت إسرائيل موازنات طائلة وقوى عاملة كبيرة لكنها لم تنجح حتى في السيطرة على نشاط هذه الوحدات التي تحول نشاطها في لبنان الى صراعات داخلية.
هذه الوحدات هي: وحدة 504 والشاباك، والموساد، ووحدة الاستخبارات المعروفة بوحدة التنسيق، ووحدة حرس الحدود التابعة للشرطة الاسرائيلية، ووحدة يهلوم وهي استخباراتية تابعة للشرطة، ووحدة استخبارات تابعة للشرطة العسكرية وأخرى لوزارة الدفاع، ووحدة الأمن الاستخباراتي التابعة لميليشيا «جيش لبنان الجنوبي المتعاملة مع إسرائيل»، والتي عملت بتدريب من الشاباك.
وجود هذا العدد الكبير من الوحدات يشير اساساً الى صراعات القيادة الامنية الاسرائيلية وعدم التنسيق في ما بينها، وهو ما وصفه احد كبار رجال الشاباك بـ «الأخطبوط المسمم». ويقول اليوم، اسحق تدهار، وهو من كبار رجال الاستخبارات الاسرائيلية، إن «الخلافات والصراعات التي شهدتها الوحدات الثماني على مدار السنوات، لم تساعد بتاتاً أجهزة الأمن بالوقوف في وجه «حزب الله». فتوزيع المسؤوليات والصلاحيات بينها لم ينفذ بالشكل المطلوب والمعلومات لم تعدل على مدار السنوات لتناسب المتغيرات على ارض الواقع».
وحدة 504 كان يتوجب عليها جمع معلومات حول تنظيم قوات الجيش اللبناني وقواعده العسكرية من خلال تفعيل عملاء كانوا يأتون الى الحدود. اما الموساد فكان عليه تفعيل عملاء من الخارج. هذا التقسيم الذي اقره جهاز الأمن لم يكن يناسب الوضع في لبنان، في حين كانت كل وحدة تعمل على انفراد وبالشكل الذي تعرفه ووفق التعليمات التي تصلها ما ادى الى عرقلة عمليات او فشلها.
احد كبار رجال الشاباك يقول: «على سبيل المثال اذا كان من السهل علينا ان نلتقي عميلاً على الحدود وليس خارج لبنان كان العاملون في وحدة 504 يعرقلون العمل بعدم تقديم المساعدات المطلوبة لتنفيذ العملية وأحياناً كثيرة كانوا يتجاهلون الطلب، والعكس ايضاً فإذا كانت وحدة 504 تريد تجنيد عميل من الخارج كانوا في الموساد يعرقلون تسهيل السفر وتنفيذ المهمة». وبحسب هذه الشخصية، فإن الصراعات بين الوحدتين وصلت الى حد الكذب والسرقة وحتى الكشف عن هوية عملاء كوسيلة تخريب.
الوقت كان متأخراً
أحد كبار الضباط، خدم في لبنان في الحرب الأولى ويدعى ايهود عران، يعد هذه الأيام كتاباً حول نشاط الاستخبارات الاسرائيلية بين العامين 1985 و2000. ويشير منذ البداية الى ان الخطأ الأول بدأ عندما انسحبت إسرائيل من لبنان جزئياً في العام 1985، «فهي لم تتعامل مع نشاطها على الأرض اللبنانية كمنطقة حرب، بل حصرت جهودها في حراسة امن الحدود الشمالية». ويضيف انه «في أواسط العام 1990 فقط بدأ بعض التغيير في تقديرات الجيش الاسرائيلي حول الوضع في لبنان، بعد ان زاد «حزب الله» من نشاطه». ولكنه يؤكد ان «الوقت كان متأخراً ولم يؤثر هذا التغيير بتاتاً على نتيجة ما حصل في الواقع على الأرض اللبنانية».
ويشير الضابط عران الى ان «الاخفاقات في تلك الفترة تجعل المسؤولية عما حصل في لبنان اليوم موزعة بين اكثر من مسؤول، ليس فقط لأن الصلاحيات كانت موزعة على الجميع بل لأن وسائل العمل التي كان يتوجب على إسرائيل توفيرها لهذه الوحدات الاستخباراتية لم تكن كافية، انطلاقاً من ان إسرائيل تعاملت مع لبنان كأرض سهلة».
ويحمل عران المسؤولية ايضاً لوحدة امان، «التي لم تحمل نفسها عناء حراسة الحدود والمعابر بالأجهزة التكنولوجية المتطورة التي تضمن مراقبة سليمة».
عران في حينه، وكما يقول، لفت انتباه أجهزة الاستخبارات الى «خطورة نشاطات «حزب الله» وتهديده الاستراتيجي على إسرائيل وان في إمكانه التأثير بشكل كبير على واقع الشرق الأوسط، لكن أحداً لم يأخذ تحذيراته في الاعتبار».
وفي هذا السياق، تذكر التقارير الاسرائيلية عدم نجاح الموساد في منع عماد مغنية من دخول لبنان ثم عدم اختراقها النشاطات التي كان يقوم بها في وقت نجح هو في توسيع نشاطه. ويدرج مغنية على رأس قائمة المطلوبين لإسرائيل ويضع الموساد اسمه تحت لقب «مريض الشخصية في الأمن الميداني».
وما يزعج إسرائيل في هذا المجال، وكما يقول الضابط تدهار، ان مغنية «أقام محطتي اتصال ليمنع التنصت الاسرائيلي على اتصالات «حزب الله» وفي المقابل حصل على أجهزة اتصالات حديثة ومتطورة من ايران ضمنت له التنصت على الإسرائيليين الى حد انه كان يعلم بكل عملية تخطط لها إسرائيل من قبل». ويضيف تدهار: «ركزنا طوال الفترة على المعلومات الاستخباراتية عبر الأجهزة التي كانت في حوزتنا وأهملنا مسألة تجنيد عملاء في صفوف «حزب الله»، على رغم انها كانت الأهم. والوحدة التي كانت مهمتها تجنيد عملاء كانت تنشغل طوال السنة في الحصول على موازنات لنشاطها». ويتهم تدهار الموساد بالإخفاق في هذا المجال بقوله انه «لم يعمل بالشكل المطلوب وعندما كان يعمل كانت نشاطاته تنفذ في شكل خاطئ».
وعند الحديث عن اخفاقات إسرائيل في لبنان، يعود ملف الطيار المفقود، رون اراد، الى رأس قائمة الاخفاقات، إذ ان الاتهامات في عدم إعادته الى إسرائيل وهو على قيد الحياة ما زالت جزءاً من نقاش المسؤولين عن ملف الاستخبارات في لبنان. ففي حينه كانت الخلافات بين المؤسسات الاستخباراتية المختلفة في ذروتها وانعكست على طريقة التعامل مع ملف الطيار المفقود، ومن ضمنها كان قرار اغتيال قائد «حزب الله»، عباس الموسوي. فقد خطط الإسرائيليون لاختطاف الموسوي ليكون ورقة مساومة قوية في صفقة تبادل مع رون أراد. وتمت الاستعدادات لذلك لكن رئيس أركان الجيش وقائد شعبة الاستخبارات آنذاك اتخذا قراراً مغايراً في آخر لحظة وحصلا على مصادقة رئيس الوزراء اسحق شامير باغتيال الموسوي. وفي يوم الاغتيال نفسه، أثار القرار نقاشاً عاصفاً وصراعاً بين الأطراف، وكان على رأس المعارضين له الجنرال يورام يئير، الذي اعتبره خطأ فادحاً وإحباطاً لمحاولة كانت قد تكون ناجحة لإعادة اراد.
من بين الاخفاقات الأخرى التي توردها أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية في سجلها:
- تشرين الثاني (نوفمبر) 1982: تفجير «مبنى الحكومة» في صور.
- تشرين الثاني 1983: تفجير القاعدة العسكرية في صور.
- آذار (مارس) 1985: عملية انتحارية عند بوابة «عقل» ضد قافلة عسكرية .
- تشرين الأول (اكتوبر) 1988: عملية انتحارية في المعبر الحدودي عند المطلة.
- آذار 1992: تفجير السفارة الاسرائيلية في الأرجنتين.
- تموز (يوليو) 1994 : تفجير المبنى اليهودي في الأرجنتين.
- شباط (فبراير) 1999: تصفية قائد الوحدة العسكرية المختارة (يكال)، ايرز غرشطين.
- تشرين الأول 2000: اختطاف ثلاثة جنود قرب مزارع شبعا في إسرائيل واختطاف الضابط الحنان تننباوم.
- ما بين 2000 و 2006: نصب 13 ألف صاروخ وقذيفة في لبنان.
- تموز 2006: قتل 8 جنود وخطف اثنين عند الحدود.
الإخفاق الأكبر الذي يسجل في تاريخ الموساد والذي بدأ في أعقاب الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان، كان نجاح «حزب الله» بتجنيد عملاء إسرائيليين له، من بينهم ضباط وجنود في الجيش من خلال إغرائهم بالمال والمخدرات. هذا الجانب اقلق الإسرائيليين كثيراً الى حد خصص رئيس أركان الجيش، السابق، موشيه يعالون، مليونين ونصف مليون شيكل (350 ألف دولار) للشرطة والجيش لمواجهة هذه الظاهرة. لكن النتائج جاءت فاشلة إذ تمكن «حزب الله» من تجنيد أربع شبكات اضافة الى أفراد.
الشبكة الأولى: كشف عنها في تموز 2002 عندما القي القبض على نسيم نسر (الذي قد تشمله صفقة الأسرى التي تتبلور حالياً) وهو ابن لأم يهودية وأب لبناني. في العام 1992 هاجر الى إسرائيل لكنه بقي على تواصل مع عائلته اللبنانية. وبحسب ملفه في المحكمة الاسرائيلية، فقد تمكن احد قادة «حزب الله» من التأثير على شقيقه الذي اثّر على نسيم وأمام الإغراءات المالية والعاطفية ضعف، فراح ينفذ الطلبات وقدم لـ «حزب الله» معلومات وخرائط دقيقة حول الطرق في الشمال وقام بتصوير بعض المرافق العامة ومواقع عسكرية.
الشبكة الثانية: تجنيد مواطنين من الغجر وقد اعترفا بأنهما تاجرا بالمخدرات واضطرا الى التعاون مع «حزب الله» لقاء المال بسبب تراجع تجارة المخدرات وارتفاع ثمنها في شكل كبير، بعد الانسحاب الاسرائيلي.
الاثنان قدما المعلومات لـ «حزب الله» وقاما بتفعيل وكلاء لهما في إسرائيل، زودوهما بالصور والخرائط التفصيلية عن الطرق داخل القدس وفي منطقة الشمال وببرامج كومبيوتر تتضمن معلومات عن إسرائيل وجيشها.
الشبكة الثالثة: وهذه كانت الصدمة الكبيرة لقادة الاستخبارات الاسرائيلية إذ ضمت عدداً من ضباط الجيش الاسرائيلي بقيادة العقيد عمر الهيب الذي جنّد تسعة جنود آخرين للعمل في شبكة التجسس لمصلحة «حزب الله» وإرسال معلومات ووثائق بالغة الحساسية والسرية والخطورة: برامج كومبيوتر عن العمليات العسكرية السرية للجيش، وطرق نشاطه، والمسالك التي يستخدمها في العمليات، وخطته الحربية، والمواقع والاستحكامات. ومعلومات عن عدد من قادة الجيش الاسرائيلي ومساكنهم وتحركاتهم وتنقلاتهم.
الشبكة الرابعة: الخطير في هذه الشبكة انها ضمت عدداً كبيراً من اليهود. فإضافة الى عاملة نظافة من كريات شمونة، وصديقيها شلومو موزيس وشالوم بيرتس هناك 11 جندياً في الجيش وهؤلاء أبقت إسرائيل تفاصيل هوياتهم طي الكتمان.