المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المثقف و الحوزوي-الاشكالية المزمنة



بهبهاني
10-11-2003, 10:23 AM
المثقف و الحوزوي-الاشكالية المزمنة
مقالة كتبتها قبل عام تقريبا و نشرتها في عدد من المواقع مثا موقع كتابات
و غيره
-----------------
المثقف و الحوزوي-الاشكالية المزمنة
----------
لعل موضوع العلاقة بين المثقف الاسلامي المعاصر و الحوزوي التقليدي من المواضيع الهامة التي لم تعط حقها في البحث الموضوعي الجاد رغم أهميته و مساسه بالكثير من قضايانا المصيرية ناهيك عن التفاصيل الصغيرة لحياتنا اليومية و قد يرجع ذلك لحساسية الموضوع و كون طرحه يتم ممن يحسب على احد الجانبين تحديدا و هذه هي محاولة متواضعة للتذكير بالموضوع و جلب الانتباه له لاستمزاج الآراء المختلفة
بالتأكيد هناك من يجمع بين الاثنين و نظرا لتناقضات ساحتنا الاسلامية و تعقيداتها فان الرؤية قد تكون غامضة أحيانا, على سبيل المثال هناك علماء دين و مراجع مثقفين جذبوا اليهم المثقفين و أثروا فيهم لكن لم يتمكنوا من تحقيق مشاريعم لأسباب عدة منها غرابة طرحهم خاصة في الوسط الحوزوي الكلاسيكي و خلفيتهم الحوزوية التقليدية و معايشتهم لتقاليد الحوزة و التي تعد من المقدسات و الجمود السائد و محاربة التطوير و يتجلى ذلك في المناهج القديمة و التي يحرص البعض على الابقاء عليها بل و محاربة اي جهد لتطويرها
و من التجارب الرائعة و التي تمثل علامة مميزة في التطوير الحوزوي و ردم الهوة بين الحوزوي و المثقف و بين الحوزة و العالم التكنولوجي ان صح التعبير هي تجربة جمعية منتدى النشر و النخبة القائمين عليها من علماء و مثقفين و التي حالت الظروف الحوزوية و السياسية و المالية من اتمامها و لكن يجب ان تدرس و تقيم مع مراعاة الاختلافات الزمنية بالتأكيد
و يمثل المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر حالة استثنائية للمرجع المثقف حيث جمع بين العلم الفقهي الغزير (باعتراف التقليدين) و الثقافة المعاصرة و كانه جمع المتناقضين الأزليين و قد انسجم ذلك في شخصية زاهدة و متقشفة رغم عصريتها على الرغم من ترف بعض التقليديين رغم قداستهم المتصنعة فكان الصدر درسا للمثقفين و الحوزويين على حد سواء و دراسة شخصيته تكشف سلبياتهم معا
فالمثقفين (الاسلاميين) رغم اخلاصهم يتاثرون بشكل او بآخر بالعقلية الغربية رغم فكرهم الاسلامي و معارضتهم للتبعية للغرب و لهذا الأمر رغم سلبياته فوائد حيث ان المثقفين الاسلاميين هم الخط الاول للدفاع الثقافي عن الاسلام بوجه الفكر غير الاسلامي و الذي غزا مجتماعتنا بكثافة عن طريق الأحزاب غير الاسلامية و غيرها و يرجع ذلك الى القواسم المشتركة التي تجمع المثقفين (الحقيقيين) رغم اختلاف الانتماءات و منها الايمان بحتمية الحوار و رفض الحجر و التحجر الفكري و غير ذلك و الى التقارب في لغة الحوار بحيث كانوا
الوسيط المقبول للفكر للاسلامي لدى اتباع التيارات الفكرية غير الاسلامية, كما أن هؤلاء المثقفين يمتلكون الآليات التي تمكنهم من الدعوة للاسلام في الغرب لنفس الأسباب السابقة الامر الذي يفقده الحوزوي
لكن المعضلة هي ان المثقف الرسالي قد لا يمتلك الماما عميقا بالدين و تفاصيله الدقيقة الأمر الذي لا يتهيأ الا للمتخصص بالدراسات الدينية و هنا كيف يمكن للمثقف غير المتضلع نقد الحوزة و طرح الحلول لها (رغم أن الملاحظات قد تكون صحيحة) في قضايا قد تكون فنية و تخضع للمختصين, نعم يحق لنا النقد السطحي العام ان صح التعبير و ذلك كمن ينتقد النظام الصحي في بلد ما و اسلوب طبيب ما في العلاج و لكنه لا يستطيع النقد الطبي المتخصص لعدم المامه بالامور الطبية وهكذا
نلاحظ عند توقفنا أمام سيرة الشهيد السعيد الصدر الاول رضوان الله عليه بأن هذا المرجع (المثقف) آمن بأهمية المثقفين و ضرورة استيعابهم و احتواءهم عن طريق تأسيس حزب الدعوة و محاولة استقطاب بعض المثقفين من خريجي الجامعات العراقية للدراسة الحوزوية حتى ان الشهيد عرض عليهم ما يوازي مرتباتهم و في ذلك دليل على اهمية هذا المشروع لتورع الشهيد في مسائل الصرف, من هنا نجد ان الصدر الاول سبق عصره في هذا المجال أيضا فكان بحق نادرة العصر و نابغة الزمان في الوقت الذي لا زلنا نجد فيه من يشكك بأهمية ذلك من بعض المراجع في عصر الانترنت!!!!!
أعتقد ان الامور التالية ضرورية لانجاب جيل واع من العلماء على غرار السيد الشهيد و منها:
1-التعاون الفكري بين المثقف و رجل الدين في مجال التاليف في شتى المجالات كالاقتصاد و الطب و غيرها و هذا الامر له دور كبير في جذب الشباب المثقف للدين و ارساء أسس فكرية عصرية للفكر الاسلامي يقبلها أصحاب الاتجاهات الاخرى و تكون مدخلا لاقناعهم بصحة الفكر الاسلامي و عصريته و صلاحيتة لعصر التكنولوجيا و العولمة ناهيك عن بقية الأزمنة
2-الدورات الفقهية الحوزوية (في عطلة الصيف مثلا) للمثقفين و الخريجيين الجامعين ضمن مستويات مختلفة
3-تنظيم دورات عصرية مكثفة لطلبة الحوزة(لا مانع من ان تدخل في صميم النهج الدراسي) كان يتم تدريس لغات اجنبية مختلفة (لغة اختيارية واحدة لكل شخص) مع دراسة علم النفس و الاجتماع الحديث و طباع الشعوب المتحدثة بتلك اللغة و عاداتها مع تنظيم رحلات تبليغية للدول الناطقة بتلك الدول ليطبق فيها ما تعلمه و يطوره اكثر
مع تقديم تقارير (علمية و ليست انشائية) عن نتائج تلك الزيارات و التي يكون من اهدافها الرئيسية نشر الدين الاسلامي مع استغلال وجود جاليات كبيرة تنتمي لمذهب اهل البيت عليهم السلام
بالنسبة لأطروحة مناهج الحوزة و تطويرها يجب ترك ذلك للمختصين رغم ايماننا بضرورة التطوير لكن اهل مكة أدرى بشعابها و لكن يستحسن دراسة سبل التطوير في تدريس العلوم المختلفة و تطور مناهج التدريس لها( خلال القرن الماضي مثلا) كالعلوم الطبيعية و الطبية و غيرها مع ضرورة الاستئناس بآراء دكاترة متخصصين بعلم المناهج و طرق التدريس
هذه محاولة متواضعة لطرق باب هذا الموضوع الساخن و هي فرصة لاستمزاج الآراء المختلفة