مقاوم
09-05-2006, 07:50 AM
في مقابلة تنشرها 'السفير' و'القبس' حول تداعيات الحرب.
05/09/2006
اجرى اللقاء: طلال سلمان
رأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن ما قاله حول انه لو جرى تقدير للنتائج لما حصلت عملية أسر الجنديين الاسرائيليين، جرى اقتطاعه من سياقه لان اسرائيل كانت ستقوم بالحرب في تشرين الأول (اكتوبر)، ولكانت الكارثة كبيرة جدا جدا جدا على لبنان والمنطقة، وقال انه يجزم بأنه لم يخطئ في التقدير.
واعلن في مقابلة ل'السفير' تنشرها 'القبس' بالتزامن معها، اجراها رئيس تحرير الزميلة 'السفير' الاستاذ طلال سلمان، ان اسرائيل عجزت عن تحقيق كل اهدافها، مؤكدا ان سلاح المقاومة لم يمس، مشيرا الى ان تداعيات النصر على اسرائيل ستكون كبيرة جدا.
واوضح ان سياسة الحزب تجنب المظاهر المسلحة في مناطق انتشار الجيش والقوات الدولية جنوب الليطاني، وستكون كذلك شمال الليطاني، مشددا على ان مهمة الجيش من الان وصاعدا مقاومة الخروقات الاسرائيلية وليس مداهمة سلاح الحزب، الذي ستكون مهمته مؤزارة ومساندة الجيش، كما ان مهمة 'اليونيفيل مساندة الدولة اللبنانية والجيش اللبناني'. واشار الى ان قبول الحزب بالنقاط السبع للحكومة اللبنانية تم كمبادئ عامة، ولكن تفصيلاتها تحتاج الى نقاشات. ورأى السيد نصرالله ان الموقف العربي، بقصد او من دون قصد، شكل غطاء للعدو وبالحد الادنى تخليا عن لبنان والمقاومة.
واذ اشار الى ان العتب على الاخوة السعوديين اكبر كون العلاقة معهم كانت متطورة، شدد على ان الامور تتحسن الان، وهناك من يقوم بوساطات لتقريب وجهات النظر.
واكد ان عدم تلبيته قبل الحرب الدعوة لزيارة المملكة كان بسبب الظروف الامنية، وان لا توصيات ايرانية وسورية لرفض الزيارة، بل على العكس تماما.
وشدد نصرالله على ان الحديث عن فتنة سنية - شيعية في لبنان غير واقعي.
وجدد التزام حزب الله باعادة اعمار ما تهدم كما كان قبل الحرب وافضل، وحول دعوته لتشكيل حكومة اتحاد وطني، اكد ان مطالبته تأتي من منطق الحرص وليس منطق الكيد السياسي، مجددا الدعوة الى تشكيل هذه الحكومة لمواجهة التحديات المقبلة. واوضح ان الحزب لم يغلق الباب مع النائب وليد جنبلاط وانه لم يسع إلى قطيعة معه ولا مع غيره.
وفيما يلي نص الحوار:
هل هناك خوف من تضييع الانتصار في الزواريب الداخلية اللبنانية؟ كيف تحسبون النصر بالمقارنة مع الكلفة البشرية والاجتماعية والاقتصادية والاعمارية؟
- بالنسبة الى الوضع اللبناني ونظرته، المشكلة الرئيسية هي ماذا نعتبر ما جرى او ما آلت اليه الامور، هل نعتبره نصرا ام هزيمة. وإذا اعتبرناه نصرا، فما هي حدود هذا النصر وقيمته حتى تصح مقايسة النصر بما قدم من تضحيات. وبالتالي يمكن أن نقول ان هذا النصر أخذت التضحيات من وهجه أو لم تأخذ، وإذا أخذت من وهجه كما اخذت من وهجه هذا هو مفتاح النقاش لكل هذه المسألة. ما يدعو الى القلق هو الاختلاف في تقييم نتائج الحرب وانا برأيي ان الاختلاف في تقييم نتائج الحرب ليست له اسباب موضوعية وانما ينطلق من الخلفيات السياسية او المذهبية او الطائفية. بالنسبة للكثير ممن يقدمون آراء مختلفة في هذه المسألة. لو ذهبنا بعيدا في العالم العربي والاسلامي عند الكثير من الخبراء الاستراتيجيين الذين يقرأون نتائج الحرب ومجريات الحرب بشكل موضوعي. سنجد اجماعا على انتصار لبنان وانتصار المقاومة. وحتى لو ذهبنا الى الكيان الإسرائيلي نفسه وحسب متابعتي سنجد ان هناك إجماعا اسرائيليا على فشل إسرائيل في لبنان. هزيمة اسرائيل في لبنان. حتى دان حالوتس رئيس الأركان وفي إطار الدفاع عن نفسه هو تحدث عن قصور في المؤسسة العسكرية وتجنب الكلام عن التقصير. والحديث عن القصور هو حديث لتبرير الفشل. لكن مع ذلك في لبنان قد نجد قراءات مختلفة لما حصل. هذا يثير مشاعر القلق الذي اشار اليه السؤال بكل تاكيد. إلى هنا قد تكون هناك نية مسبقة لتشويه صورة النصر تدريجيا ولدفع الآخرين احيانا الى الانفعال واحيانا الى الاستفزاز من اجل اضاعته نهائيا.
الحفاظ على النصر اصعب من صنعه
هنا استطيع القول ان مسؤولية لبنان الذي اعتبره منتصرا واذا اردت ان اكون دقيقا اكثر لبنان المنتصر ومسؤولية اللبنانيين الذين يعتقدون ان لبنان انتصر ومسؤولية اللبنانيين الذين يعتقدون انفسهم شركاء في صنع هذا النصر من المسلمين والمسيحيين من كل الاتجاهات والطوائف والتيارات السياسية ان يعملوا على حفظ هذا النصر وعدم السماح بتضييعه في الازقة المذهبية والسياسية والطائفية. هذه مسؤولية كبيرة وكما كان يقال الحفاظ على النصر احيانا اصعب من صنعه. استطيع القول ان الحفاظ على النصر في اي مكان من العالم اصعب من صنعه لكنه في لبنان اصعب بكثير. اكتفي بهذا الجواب الآن.
الانتصار مس اسس الكيان والمشروع الاسرائيليين
الآن في الجانب الإسرائيلي كيف هي التداعيات على بنية اسرائيل الاستراتيجية في المنطقة. اسرائيل قبل 12 يوليو هل ستبقى إسرائيل بعده؟
- هذا يعود الى تقييمنا لما جرى، كيف نفهم ما جرى يمكن ان نتوقع نتائجه وتداعياته. يمكن هنا ان اقدم خلاصة في الشق الاسرائيلي واعتقد ان هذا النصر في كلمة عامة استراتيجي وتاريخي وبرأيي ستكون له تداعيات كبيرة جدا على المستوى الاسرائيلي الفلسطيني وعلى مستوى العالم العربي وعلى مستوى المنطقة. اظن بانه ما زال الوقت مبكرا لاستكشاف ولاستيعاب النتائج الاستراتيجية والتداعيات الكبيرة لهذا الانتصار. من فلسطين الى العراق الى ايران، اذا تجاوزنا حتى المنطقة العربية.
في سياق الجواب ساركز على الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني. بالنسبة للمعركة مع اسرائيل هي مست اسس المشروع الاسرائيلي والكيان الاسرائيلي، هذا الكلام ذكره كثيرون. عندما يقال كل دولة لها جيش الا اسرائيل جيش له دولة. الكيان الاسرائيلي هو جيش. هو معسكر بالحقيقة هو ثكنة عسكرية كبيرة وضخمة. عنصر الامن والامان والاستقرار والطمأنينة والامل في الكيان الإسرائيلي هو الجيش. وثقة الشعب الإسرائيلي بالجيش الإسرائيلي وثقة الجيش الإسرائيلي بنفسه وهذه الثقة منشأها قوة الجيش سواء القوة الواقعية الحقيقية او المصطنعة في عيون اعدائه. احيانا لا تكون قوة حقيقية بل اقنعت الطرف الآخر بانه ضعيف ومهزوم وانه يواجه جيشا لا يقهر. الحروب العربية الاسرائيلية عززت ثقة الجيش الاسرائيلي بنفسه وثقة شعبه به. مثلا نحن نعمل قياسا على عدد وشعب وجمهور المقاومة المباشر في مقابل اسرائيل وجيشها. هم كانوا يعملون من اجل قياس اسرائيل في مقابل الامة العربية والشعوب العربية وعملوا منها اسطورة.
بين 2000 و2006 الاثر استراتيجي وتاريخي
عام 2000 اهتزت الاسطورة ولكن اسرائيل اعتبرت انها تحتاج الى فرصة لاعادة ترميم صورة الجيش وبشكل أو بآخر تم التشكيك بالنصر عام 2000، حصل تشكيك لبناني وعربي. وحتى بعض الزعماء العرب قال ان اسرائيل لم تخرج مهزومة من لبنان عام 2000 وانما اقتنعت بتطبيق القرار .425 وتحدث آخرون عن صفقة لبنانية إيرانية سورية اسرائيلية. وذهب بعضهم اكثر من ذلك. ويمكن القول ايضا عن انتصار ال2000 ان المقاومة التي تخوض حربا طويلة على مدى 18 عاما ونتيجة استنزاف طويل الامد لجيش نظامي يمكن في نهاية المطاف ان تفرض على هذا الجيش النظامي ان يخرج. هذا نصر ولكن هذه هي حدوده. ليس له آثار استراتيجية كاملة. لكن ما حصل الان في هذه المواجهة انه اثبت خطأ بعض ما كان يقال على طاولة الحوار في نقاش الاستراتيجيات الدفاعية وما قيل في الأيام الاولى، كان يقال ان المقاومة الشعبية تستطيع ان تحرر الأرض من خلال حرب استنزاف طويلة المدى لكنها لا تستطيع ان تصمد امام اجتياح. ولا تستطيع ان تمنع احتلال البلد وسقوط البلد في قبضة الجيش الاسرائيلي.
جاءت هذه الحرب لتثبت قدرة المقاومة العالية على الصمود وتسقط اسطورة الجيش الاسرائيلي بلا نقاش.
في العام2000 كان هناك نقاش. الآن لا يوجد نقاش في هذه النتيجة. من الممكن ان المقاومة خلال 18 سنة حظيت باحترام كبير في العالم العربي ولكن لم تستطع ان تتحول الى اسطورة حقيقية. 33 يوما تبدلت المواقع. الجيش الذي كان أسطورة أصبح مثالا للفشل والارتباك والضياع، والمقاومة التي توقع الكثيرون وراهنوا على سحقها خلال 48 ساعة اصبحت هي الاسطورة. هذا الامر الأساسي الذي يقوم عليه الكيان، وهذا ما فهمه شيمون بيريز بخبرته وتجربته الطويلة عندما قال هي مسألة حياة او موت. وهو الآن ما يناقش في داخل الكيان وإذا لم يتم معالجته يعني إقناع الجمهور الإسرائيلي بما يطمئنه ويعيد الثقة، فأنا اعتقد ان المجتمع الاسرائيلي سيكون امام تداعيات خطيرة جدا على المستوى الامني والمعنوي والاقتصادي والسياسي، وحتى المستوى الديموغرافي، هذا يعني إذا فقد شعب هذا الكيان الثقة بجيشه الحامي والذي هو الحصن الحصين لهذا الكيان، فان الكثير من الاستثمارات ستغادر وتهاجر والمزيد من الانشقاقات السياسية داخل الكيان ستحصل.
اليوم مستقبل اولمرت على المحك. مستقبل بيريتس على المحك، ورؤساء احزاب وهناك احزاب مستقبلها على المحك، وفي مقدمتها 'كاديما' وهو حزب بكامله مستقبله على المحك. يكفي لو توقفت فقط عند هذه الاثار دون ان اتناول جوانب اخرى حتى لا اطيل الكلام من اجل القول هذا نصر استراتيجي تاريخي. واليوم في اسرائيل يتكلمون عن الاثار الداخلية حتى بعض الخبراء الاستراتيجيين تكلموا عنها وايضا بعض الحكام العرب. نعم اسرائيل التي كانت تخيف الانظمة العربية وكان يقال ان المقاومة تحرر ولكن لا تستطيع ان تقف امام جيش بهذه القوة. المقاومة ليست ميزتها انها صمدت، الاهمية انها الحقت خسائر كبيرة جدا وفادحة بالاسرائيلي وهذا لا يمكن اخفاؤه عن الشعب الاسرائيلي ولا يمكن اخفاؤه عن العالم رغم الحصار الإعلامي الذي حصل.
الفشل الاسرائيلي هو سبب وقف الحرب وليس الدول
إذا في الأساس إذا قلنا ان المعركة في العمق هي معركة إرادة، استطيع ان اقول ان إرادة المقاومة صمدت وان الإرادة الاسرائيلية اهتزت بدليل ان إسرائيل اضطرت لوقف الحرب والذي يصدق ان الضغط الدولي اوقف الحرب الإسرائيلية هو واهم وليسمح لي هو لا يعرف حقيقة الوضع السياسي في العالم وكيف تدور الامور في العالم. العنصر الرئيسي الذي أوقف الحرب هو الفشل الذريع الذي اصاب العملية البرية في الأيام الاخيرة وحجم الخسائر، وخشية القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية من الذهاب الى ما هو اسوأ واخطر وما هو كارثي اكثر على الجيش وعلى الكيان، إضافة الى صوت دولي تصاعد وادى الى وقف الحرب، لكن بالدرجة الاولى لو كانت إدارة بوش واولمرت على ثقة انها لو استمرت في الحرب لاسبوع او اسبوعين إضافيين يمكن ان تحدث تغييرا نوعيا في مسار المعركة لاستمرت الحرب ولم تتوقف يوم الاثنين. هذا يعمق الاثر الاستراتيجي للمعركة ومن هنا ثقة الشعب الاسرائيلي في جيشه وكيانه ستتراجع، ثقة الشعوب العربية وثقة الشعب الفلسطيني ان خيار المقاومة يمكن ان يصنع انتصارا في هذا الحجم ستقوى، برأيي هذا امر ستكون له بالتأكيد تأثيراته على اصل وجود الكيان على المدى المتوسط او البعيد. طبعا لا ادعي ولا يدعي احد ان هذا ستكون له تداعيات وجودية قريبة وسريعة.
طبعا نحكي عن وجود كيان ومستقبل كيان ومستقبلنا لكن يبقى في الشق الفلسطيني الهاجس الاساسي ان الفلسطيني يملك فكرة المقاومة ومشروعها وايمانها وإرادتها ويجب ان تمكنه بأن يمتلك بقية العناصر التي توفرت في تجربة الحرب الاخيرة لكي يتمكن من صنع نصره ايضا. أما استمرار الحصار المفروض على الفلسطينيين وجزء من هذا الحصار المفروض للأسف عربي قد يجعل إمكانية توظيف هذا النصر سريعا على الساحة الفلسطينية إمكانية محدودة.
انتهت اهدافهم بالحديث عن ملجأ حسن نصرالله!
هل ترون ان اسرائيل ستعود الى شن الحرب بعد تنظيم وضعها الداخلي إما ضد مجددا لبنان إما الذهاب نحو حرب اسهل مع سوريا؟
- مع التأكيد على الطبيعة العدوانية لإسرائيل وعندما اقول 'يمكن او لا يمكن يستبعد او لا يستبعد' الامر ليس له علاقة بطبيعة اسرائيل ولا بنواياها وانما له علاقة بالظروف والامكانات المتاحة. لو اتينا الى هذه الحرب قليلا وهذا يظل يساعد في التقييم. هذه الحرب كان هدفها القضاء على حزب الله. هذا هو الهدف الرئيسي والمباشر وبالتالي إخضاع لبنان نهائيا للإرادة الاميركية التي هي في المنطقة إرادة إسرائيلية وهذا الهدف اعلنه الاميركيون والإسرائيليون منذ الأيام الاولى، أنا لا احلل ولا اجتهد، هناك شيء يقولونه وهذه نصوصهم واضحة ولا تحتاج الى اجتهاد.
ومع ذلك اسرائيل عجزت عن القضاء على 'حزب الله'. باعتبار ذلك هو الهدف الاعلى بل عجزت عن تحقيق كل الاهداف المعلنة للحرب من القضاء على حزب الله نهائيا وبنيته العسكرية الى القضاء على البنية الصاروخية ل 'حزب الله'، الى إخراجه من جنوب لبنان وجنوب الليطاني الى استعادة الأسيرين بلا قيد او شرط. أي من هذه الاهداف المعلنة لم تستطع إسرائيل أن تحققه، آخر انجازات أولمرت التي يقول انه انجز شيئا هو انه وضعني في الملجأ. انتهت الاهداف للحرب الإسرائيلية بان يضعوني في الملجأ. هذه حرب طويلة عريضة اتت بالنهاية بهذا الهدف. في هذه الحرب اسرائيل استخدمت 'لا اريد ان اقول كل قوتها' ولكن الجزء الأكبر والاهم من قوتها.
من الناحية النوعية لم يبق شيء لم تستخدمه اسرائيل الا السلاح النووي. انواع الطائرات الإسرائيلية على اختلافها استعملت في هذه الحرب. أحدث انواع الدبابات، ألوية النخبة جلبتها الى الحرب، لواء 'غولاني' و'جيفعاتي' سحبوه من غزة وجاؤوا به الى الحرب ايضا وحدات المظليين. اتوا ايضا ب40 الف جندي. ثلاث فرق احتياط. بالنسبة الى حجم النار نفذوا 9 آلاف غارة جوية وليس طلعة جوية يعني ان الطيران قصف. تكلموا عن 175 الف قذيفة خلال 33 يوما. حجم النار الذي استخدم كان كبيرا جدا. صواريخ الطائرات الإسرائيلية استنفد مخزونها الاستراتيجي ولذلك حتى الصواريخ التي كانت معزولة من اجل التلف تم قصفها واستخدامها في لبنان. واسرائيل احتاجت من الاميركيين ليس فقط للصواريخ الذكية بل الى كل انواع الصواريخ التي تقصف بالطيران.
الحرب مع لبنان تحتاج الى آلاف الحسابات في إسرائيل
الاهمية في تلك التفاصيل بالقول ان اسرائيل استخدمت جزءا كبيرا من طاقتها يعني هناك مئات الطائرات كانت تحلق وتقصف في لبنان، هم ليسوا قادرين على اخراج كل سلاح الجو واستخدامه في لبنان. لم تعد هناك أهداف ليضربوها، لان لبنان صغير ولا يتحمل كل طائرات اسرائيل تحلق وتقصف فيه اهدافا. اسرائيل بهذه الطاقة والإمكانية الهائلة وبتأييد اميركي ودولي وخذلان عربي كبير للبنان. ومع ذلك (لنكن متواضعين) فشلت اسرائيل في الحرب ولحقت بها خسائر اضرت بصورة جيشها وبفاعليته، بالجندي والدبابة، حتى الدول التي اقامت صفقات مع اسرائيل لتشتري ميركافا الجيل الرابع تراجعت عن الصفقات. في الحرب مع المقاومة الشعبية تتحول الدبابة المحصنة الى تابوت. اسرائيل التي تعاني ما تعانيه من الفشل في لبنان. هل تذهب الى حرب جديدة؟ برأيي هذا الامر يحتاج الى وقت طويل حتى لا انفي الذهاب الى حرب جديدة. اما باتجاه لبنان فبالتأكيد الإسرائيلي عندما يريد ان يذهب الى حرب جديدة مع لبنان سيحتاج الى آلاف الحسابات وخصوصا إذا انتهينا في الوضع اللبناني الى وضع داخلي معقول بعد انتشار الجيش وقوات اليونيفل ولم يمس سلاح المقاومة. وبالتالي اذا بقيت المقاومة وبقي سلاحها وبقيت القوة التي الحقت الهزيمة باسرائيل في هذه الحرب. ما دامت هذه القوة موجودة فإسرائيل سوف تحسب حسابات كبيرة وطويلة لمعاودة الحرب على لبنان.
الإسرائيليون صاروا يحسبون الحسابات مع سوريا
اما ان تذهب اسرائيل الى الحرب باتجاه آخر انا لا اعتقد ذلك ولمن يتصور ان الحرب مع سوريا ستكون اسهل هو ايضا مخطئ. اريد ان اقول شيئا انه في الوقت الذي كانت اسرائيل تهاجم لبنان ومن المفترض انها تستهين بسوريا (كما يحاول البعض ان يستهين بسوريا) وفي الوقت الذي كانت تعلن فيه اسرائيل ان الصواريخ التي قصفت حيفا والخضيرة والعفولة هي صواريخ سورية الصنع وفي تلك الأيام نفسها كان وزير الحرب الإسرائيلي عمير بيريتس يؤكد على مدى عدة ايام انهم لا يريدون استهداف سوريا ولا فتح جبهة معها.
هذا مؤشر وهناك مؤشر آخر مهم جدا. عندما اعلنت سوريا انه إذا اقترب الإسرائيليون من حدودها البرية فسوف تدخل المعركة. الملاحظ في كل الحروب الإسرائيلية الاخيرة انه لم يقترب الاسرائيليون من الحدود السورية بر، ومع العلم ان محاور مزارع شبعا هي محاور مهمة جدا والمساحات مفتوحة ويمكن للإسرائيلي ان يتحرك فيها بقوة للالتفاف على المقاومة في منطقة جنوب النهر، مع ذلك في هذه المنطقة لم يحرك الإسرائيلي فيها ساكنا وتجنب الاقتراب من الحدود السورية، فهذا يعني ان الإسرائيلي كان يعمل حسابات كبيرة جدا لاحتمال الصدام مع سوريا او ادخال سوريا في الحرب. هذا يحتاج الى تقييم اكبر وادق ولكن انا شخصيا اميل الى القول ان الاسرائيلي يحتاج الى وقت طويل للتفكير بحرب جديدة ليس فقط مع لبنان حتى مع سوريا. انا اعتقد نقطة الضعف الوحيدة التي سيركز عليها الاسرائيلي ويحاول من خلالها ليس استعادة صورة ردع وانما سيحاول من خلالها المنع من توظيف الانتصار في لبنان في الوضع الفلسطيني لان الفلسطيني محاصر ومقطع الاوصال، ظروفه صعبة وان كانت ارادته صلبة ومعنوياته عالية، فالجهد الإسرائيلي سيتركز هناك اكثر.
لو كنا نعلم او كنا نحتمل هذا هو موقفنا!
في موضوع ملف سلاح المقاومة ومسألة القول انه لو جرى تقدير النتائج لما حصلت العملية.. وكيف استخدم اولمرت الامر داخليا؟
- كلامي مع محطة الnew tv هو تأكيد لما قلته اثناء الحرب وانا اسهبت في هذه النقطة والحديث عن انه لو كنا نعلم او كنا نحتمل جاء في سياق هذا الحديث ولكن للاسف تم اقتطاع هذا الجزء بخبث وذلك من اجل تركيب مواقف سياسية وبناء تحليلات سياسية على اساسها.
عليه، لو أردت ان اعيد صياغة ما قلت من جديد، انا قلت وبشكل واضح جدا ان عملية الأسيرين دفعت الإسرائيلي للقيام بحرب في تموز كان سيقوم بها في تشرين الاول ولو قام بها في تشرين الاول لكانت الكارثة كبيرة جدا جدا جدا على لبنان وعلى المنطقة، ولكانت النتائج سيئة جدا جدا جدا، عملية الأسيرين من حيث لا نعلم (وانا كنت شفافا) احبطت الخطة المعدة والتي كانت معدة بإحكام، ولكن كان توقيتها في أوائل الخريف وكانت تحتاج الى استكمال بعض الجهوزية وبعض المعطيات ولاسباب اخرى. لذلك انا كنت واضحا وقلت ان الحرب ليس سببها عملية الاسيرين.
الحرب هي قرار اميركي اسرائيلي ومغطى من اماكن معينة ومجهزة الحرب ويستكمل التجهيز لها والتوقيت محدد وكانت تعتمد على عنصر المفاجاة بشكل اساسي ولها سيناريو وحتى ان السيناريو الذي طبق ليس هو المقرر. عندما حصلت عملية الأسيرين وسقط هذا العدد من القتلى استفز الإسرائيليون ووجدوا انفسهم امام واقع اما ان يتحملوا ما حصل او يذهبوا الى المعركة المقررة في اوائل الخريف. معلوماتنا انه بعد التشاور مع الاميركيين في اليوم الاول تقرر الذهاب الى المعركة التي كانت معدة للتنفيذ في تشرين. نحن افقدناهم عنصر المفاجأة. فرضنا عليهم توقيتا غير التوقيت الذي اعد له بدقة وبالتالي حصلت المعركة ونحن مستنفرون ومتهيئون وهم ليسوا جاهزين، بينما لو حصلت في تشرين كانت ستبدأ المعركة بلا ذريعة لان اي ذريعة كانت ستعني بالنسبة لنا لفت الانتباه، لو جاء الى جنوب لبنان في تشرين من يضع صواريخ مجهولة ويطلقها على فلسطين المحتلة، حزب الله سيستنفر بطبيعة الحال لانه سوف يحتمل قيام اسرائيل برد فعل ما. الحرب التي كانت ستبدا في تشرين كانت ستبدا بشكل مفاجىء جدا ومن دون اي ذرائع، واسرائيل لم تكن بحاجة الى ذريعة لانها تحظى بتأييد اميركي مطلق وسوف تحتسب الحرب في تشرين بالحرب على الارهاب وبالتالي لها المشروعية الكاملة وليست بحاجة الى ذريعة أو حجة الدفاع عن النفس أو ما شاكل.
أجزم أننا لم نخطىء في التقدير
نعم كنت شفافا وصادقا عندما قلت اننا عندما ذهبنا لننفذ عملية الاسيرين لم نكن نقصد استدراج الاسرائيليين الى الحرب في تموز بدل تشرين. اكيد لم نكن نقصد ذلك، نحن كنا نعلم انه في يوم ما الإسرائيلي والاميركي سيخوضان ضدنا حربا قاضية وحرب إبادة، ولكن بالتاكيد لم نكن نعرف التوقيت وكنا نراقب الظروف والمعطيات السياسية. عندما يوجه الي السؤال لو عدنا الى 11 تموز ويقال لك ان عملية الاسر ستؤدي الى حرب تؤدي الى هذا الدمار وسقوط كل هؤلاء الشهداء والى ما هناك. اذا كان الجواب نعم يعني حتى لو كنا نحتمل او نعلم ان اسر الجنديين الاسيرين سيؤدي الى هذه الحرب الواسعة فكنا سنذهب الى الاسر. لو قلت ذلك ساكون كاذبا وسيقف الخبثاء للقول انظروا هؤلاء لا يعنيهم البلد ولا دماء الناس.
بكل بساطة كنت استطيع ان اهرب من السؤال، والآن يمكنني ذلك وان أقول على كل حال الحرب ليس لديها علاقة باسر الجنديين الإسرائيليين ولكن لانني أعرف ان هذا السؤال موجود عند الناس وأثير بقوة في زمن الحرب. اعتبر ان من مسؤوليتي الحقيقية ان اجيب عنه، وقلت نعم لو كنا نحتمل لما اقدمنا في هذا التوقيت على عملية الاسيرين. ولكن هذا الكلام جاء في اي سياق؟
.. جاء في سياق انه حتى هذا الاحتمال ليس واردا على الاطلاق وان لا احد في الدنيا لو يدرس ويقيم ويحلل كان يفترض بأن اسر جنديين يؤدي الى حرب بهذا المستوى لان الحرب لا صلة لها بأسر الجنديين. هذه الحرب هي خارج اي منطق او معيار او قانون او ضوابط. وكل تجارب الحروب العربية الاسرائيلية وتجارب المقاومة في حربها مع اسرائيل وتجارب حروب العالم في التاريخ كله لم يؤد اسر جنديين الى حرب. نعم الاسر استغل لتوقيت الحرب وبرأينا هذا كان من مصلحتنا ومصلحة لبنان وانه استعجل حربا كانت ستحصل بشكل قاطع، ولذلك اذا كنت اريد ان استعمل عبارات لا يمكن اجتزاؤها او اقتطاعها، انا اقول لم نخطئ التقدير وكانت حساباتنا دقيقة وصحيحة وأيضا لسنا نادمين وانا لم ألق خطاب ندم او هزيمة كما قال بعض الإسرائيليين بل كان خطابي خطاب انتصار من اليوم الاول وانا في اليوم الاول، عندما كانت الغيوم سوداء كنت واثقا بان النصر آت، وهذا ما يجمع عليه كل خبير موضوعي الان ويقيم ما حصل، واعتقد، وهذا قلته اكثر من مرة ان ما حصل في توقيت وقرار العملية وما ادت اليه كان توفيقا إلهيا ولطفا إلهيا، ولو اننا لم نذهب الى تلك العملية وبقينا غافلين الى تشرين لكان لبنان غير لبنان ولكن بشكل آخر كما قال الاستاذ طلال سلمان ولكانت اسرائيل غير اسرائيل ولكن بشكل آخر.
لكانت اسرائيل في تشرين ومن خلال عامل المفاجأة والاستفادة من عوامل عدة اخرى لكانت راهنت على القضاء على المقاومة في لبنان وهذا كان سيؤدي الى استسلام لبنان الى اميركا واسرائيل، سوف يؤدي الى آفق قاس وخطير على مستوى المقاومة الفلسطينية، على مستوى موقع سوريا، على مستوى مشروع المقاومة على امتداد العالم العربي. لذلك اكرر واقول لسنا نادمين ولم نرتكب اي خطأ وكانت تقديراتنا صحيحة وان ما حصل هو اهم بكثير من التقديرات التي كنا ننويها، نعم لو تجاوزنا كل هذه المشاريع والجوانب الاساسية في القضية وحشرنا انفسنا في زاوية وقلنا لو كنا نحتمل، لفعلنا او لم نفعل الجواب المنطقي لما كنا فعلنا. لو حصرنا الموضوع في عملية الأسر ورد الفعل على العملية، لكن حقيقة ما حصل في تموز خارج هذا السياق والمنطق بالكامل.
05/09/2006
اجرى اللقاء: طلال سلمان
رأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن ما قاله حول انه لو جرى تقدير للنتائج لما حصلت عملية أسر الجنديين الاسرائيليين، جرى اقتطاعه من سياقه لان اسرائيل كانت ستقوم بالحرب في تشرين الأول (اكتوبر)، ولكانت الكارثة كبيرة جدا جدا جدا على لبنان والمنطقة، وقال انه يجزم بأنه لم يخطئ في التقدير.
واعلن في مقابلة ل'السفير' تنشرها 'القبس' بالتزامن معها، اجراها رئيس تحرير الزميلة 'السفير' الاستاذ طلال سلمان، ان اسرائيل عجزت عن تحقيق كل اهدافها، مؤكدا ان سلاح المقاومة لم يمس، مشيرا الى ان تداعيات النصر على اسرائيل ستكون كبيرة جدا.
واوضح ان سياسة الحزب تجنب المظاهر المسلحة في مناطق انتشار الجيش والقوات الدولية جنوب الليطاني، وستكون كذلك شمال الليطاني، مشددا على ان مهمة الجيش من الان وصاعدا مقاومة الخروقات الاسرائيلية وليس مداهمة سلاح الحزب، الذي ستكون مهمته مؤزارة ومساندة الجيش، كما ان مهمة 'اليونيفيل مساندة الدولة اللبنانية والجيش اللبناني'. واشار الى ان قبول الحزب بالنقاط السبع للحكومة اللبنانية تم كمبادئ عامة، ولكن تفصيلاتها تحتاج الى نقاشات. ورأى السيد نصرالله ان الموقف العربي، بقصد او من دون قصد، شكل غطاء للعدو وبالحد الادنى تخليا عن لبنان والمقاومة.
واذ اشار الى ان العتب على الاخوة السعوديين اكبر كون العلاقة معهم كانت متطورة، شدد على ان الامور تتحسن الان، وهناك من يقوم بوساطات لتقريب وجهات النظر.
واكد ان عدم تلبيته قبل الحرب الدعوة لزيارة المملكة كان بسبب الظروف الامنية، وان لا توصيات ايرانية وسورية لرفض الزيارة، بل على العكس تماما.
وشدد نصرالله على ان الحديث عن فتنة سنية - شيعية في لبنان غير واقعي.
وجدد التزام حزب الله باعادة اعمار ما تهدم كما كان قبل الحرب وافضل، وحول دعوته لتشكيل حكومة اتحاد وطني، اكد ان مطالبته تأتي من منطق الحرص وليس منطق الكيد السياسي، مجددا الدعوة الى تشكيل هذه الحكومة لمواجهة التحديات المقبلة. واوضح ان الحزب لم يغلق الباب مع النائب وليد جنبلاط وانه لم يسع إلى قطيعة معه ولا مع غيره.
وفيما يلي نص الحوار:
هل هناك خوف من تضييع الانتصار في الزواريب الداخلية اللبنانية؟ كيف تحسبون النصر بالمقارنة مع الكلفة البشرية والاجتماعية والاقتصادية والاعمارية؟
- بالنسبة الى الوضع اللبناني ونظرته، المشكلة الرئيسية هي ماذا نعتبر ما جرى او ما آلت اليه الامور، هل نعتبره نصرا ام هزيمة. وإذا اعتبرناه نصرا، فما هي حدود هذا النصر وقيمته حتى تصح مقايسة النصر بما قدم من تضحيات. وبالتالي يمكن أن نقول ان هذا النصر أخذت التضحيات من وهجه أو لم تأخذ، وإذا أخذت من وهجه كما اخذت من وهجه هذا هو مفتاح النقاش لكل هذه المسألة. ما يدعو الى القلق هو الاختلاف في تقييم نتائج الحرب وانا برأيي ان الاختلاف في تقييم نتائج الحرب ليست له اسباب موضوعية وانما ينطلق من الخلفيات السياسية او المذهبية او الطائفية. بالنسبة للكثير ممن يقدمون آراء مختلفة في هذه المسألة. لو ذهبنا بعيدا في العالم العربي والاسلامي عند الكثير من الخبراء الاستراتيجيين الذين يقرأون نتائج الحرب ومجريات الحرب بشكل موضوعي. سنجد اجماعا على انتصار لبنان وانتصار المقاومة. وحتى لو ذهبنا الى الكيان الإسرائيلي نفسه وحسب متابعتي سنجد ان هناك إجماعا اسرائيليا على فشل إسرائيل في لبنان. هزيمة اسرائيل في لبنان. حتى دان حالوتس رئيس الأركان وفي إطار الدفاع عن نفسه هو تحدث عن قصور في المؤسسة العسكرية وتجنب الكلام عن التقصير. والحديث عن القصور هو حديث لتبرير الفشل. لكن مع ذلك في لبنان قد نجد قراءات مختلفة لما حصل. هذا يثير مشاعر القلق الذي اشار اليه السؤال بكل تاكيد. إلى هنا قد تكون هناك نية مسبقة لتشويه صورة النصر تدريجيا ولدفع الآخرين احيانا الى الانفعال واحيانا الى الاستفزاز من اجل اضاعته نهائيا.
الحفاظ على النصر اصعب من صنعه
هنا استطيع القول ان مسؤولية لبنان الذي اعتبره منتصرا واذا اردت ان اكون دقيقا اكثر لبنان المنتصر ومسؤولية اللبنانيين الذين يعتقدون ان لبنان انتصر ومسؤولية اللبنانيين الذين يعتقدون انفسهم شركاء في صنع هذا النصر من المسلمين والمسيحيين من كل الاتجاهات والطوائف والتيارات السياسية ان يعملوا على حفظ هذا النصر وعدم السماح بتضييعه في الازقة المذهبية والسياسية والطائفية. هذه مسؤولية كبيرة وكما كان يقال الحفاظ على النصر احيانا اصعب من صنعه. استطيع القول ان الحفاظ على النصر في اي مكان من العالم اصعب من صنعه لكنه في لبنان اصعب بكثير. اكتفي بهذا الجواب الآن.
الانتصار مس اسس الكيان والمشروع الاسرائيليين
الآن في الجانب الإسرائيلي كيف هي التداعيات على بنية اسرائيل الاستراتيجية في المنطقة. اسرائيل قبل 12 يوليو هل ستبقى إسرائيل بعده؟
- هذا يعود الى تقييمنا لما جرى، كيف نفهم ما جرى يمكن ان نتوقع نتائجه وتداعياته. يمكن هنا ان اقدم خلاصة في الشق الاسرائيلي واعتقد ان هذا النصر في كلمة عامة استراتيجي وتاريخي وبرأيي ستكون له تداعيات كبيرة جدا على المستوى الاسرائيلي الفلسطيني وعلى مستوى العالم العربي وعلى مستوى المنطقة. اظن بانه ما زال الوقت مبكرا لاستكشاف ولاستيعاب النتائج الاستراتيجية والتداعيات الكبيرة لهذا الانتصار. من فلسطين الى العراق الى ايران، اذا تجاوزنا حتى المنطقة العربية.
في سياق الجواب ساركز على الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني. بالنسبة للمعركة مع اسرائيل هي مست اسس المشروع الاسرائيلي والكيان الاسرائيلي، هذا الكلام ذكره كثيرون. عندما يقال كل دولة لها جيش الا اسرائيل جيش له دولة. الكيان الاسرائيلي هو جيش. هو معسكر بالحقيقة هو ثكنة عسكرية كبيرة وضخمة. عنصر الامن والامان والاستقرار والطمأنينة والامل في الكيان الإسرائيلي هو الجيش. وثقة الشعب الإسرائيلي بالجيش الإسرائيلي وثقة الجيش الإسرائيلي بنفسه وهذه الثقة منشأها قوة الجيش سواء القوة الواقعية الحقيقية او المصطنعة في عيون اعدائه. احيانا لا تكون قوة حقيقية بل اقنعت الطرف الآخر بانه ضعيف ومهزوم وانه يواجه جيشا لا يقهر. الحروب العربية الاسرائيلية عززت ثقة الجيش الاسرائيلي بنفسه وثقة شعبه به. مثلا نحن نعمل قياسا على عدد وشعب وجمهور المقاومة المباشر في مقابل اسرائيل وجيشها. هم كانوا يعملون من اجل قياس اسرائيل في مقابل الامة العربية والشعوب العربية وعملوا منها اسطورة.
بين 2000 و2006 الاثر استراتيجي وتاريخي
عام 2000 اهتزت الاسطورة ولكن اسرائيل اعتبرت انها تحتاج الى فرصة لاعادة ترميم صورة الجيش وبشكل أو بآخر تم التشكيك بالنصر عام 2000، حصل تشكيك لبناني وعربي. وحتى بعض الزعماء العرب قال ان اسرائيل لم تخرج مهزومة من لبنان عام 2000 وانما اقتنعت بتطبيق القرار .425 وتحدث آخرون عن صفقة لبنانية إيرانية سورية اسرائيلية. وذهب بعضهم اكثر من ذلك. ويمكن القول ايضا عن انتصار ال2000 ان المقاومة التي تخوض حربا طويلة على مدى 18 عاما ونتيجة استنزاف طويل الامد لجيش نظامي يمكن في نهاية المطاف ان تفرض على هذا الجيش النظامي ان يخرج. هذا نصر ولكن هذه هي حدوده. ليس له آثار استراتيجية كاملة. لكن ما حصل الان في هذه المواجهة انه اثبت خطأ بعض ما كان يقال على طاولة الحوار في نقاش الاستراتيجيات الدفاعية وما قيل في الأيام الاولى، كان يقال ان المقاومة الشعبية تستطيع ان تحرر الأرض من خلال حرب استنزاف طويلة المدى لكنها لا تستطيع ان تصمد امام اجتياح. ولا تستطيع ان تمنع احتلال البلد وسقوط البلد في قبضة الجيش الاسرائيلي.
جاءت هذه الحرب لتثبت قدرة المقاومة العالية على الصمود وتسقط اسطورة الجيش الاسرائيلي بلا نقاش.
في العام2000 كان هناك نقاش. الآن لا يوجد نقاش في هذه النتيجة. من الممكن ان المقاومة خلال 18 سنة حظيت باحترام كبير في العالم العربي ولكن لم تستطع ان تتحول الى اسطورة حقيقية. 33 يوما تبدلت المواقع. الجيش الذي كان أسطورة أصبح مثالا للفشل والارتباك والضياع، والمقاومة التي توقع الكثيرون وراهنوا على سحقها خلال 48 ساعة اصبحت هي الاسطورة. هذا الامر الأساسي الذي يقوم عليه الكيان، وهذا ما فهمه شيمون بيريز بخبرته وتجربته الطويلة عندما قال هي مسألة حياة او موت. وهو الآن ما يناقش في داخل الكيان وإذا لم يتم معالجته يعني إقناع الجمهور الإسرائيلي بما يطمئنه ويعيد الثقة، فأنا اعتقد ان المجتمع الاسرائيلي سيكون امام تداعيات خطيرة جدا على المستوى الامني والمعنوي والاقتصادي والسياسي، وحتى المستوى الديموغرافي، هذا يعني إذا فقد شعب هذا الكيان الثقة بجيشه الحامي والذي هو الحصن الحصين لهذا الكيان، فان الكثير من الاستثمارات ستغادر وتهاجر والمزيد من الانشقاقات السياسية داخل الكيان ستحصل.
اليوم مستقبل اولمرت على المحك. مستقبل بيريتس على المحك، ورؤساء احزاب وهناك احزاب مستقبلها على المحك، وفي مقدمتها 'كاديما' وهو حزب بكامله مستقبله على المحك. يكفي لو توقفت فقط عند هذه الاثار دون ان اتناول جوانب اخرى حتى لا اطيل الكلام من اجل القول هذا نصر استراتيجي تاريخي. واليوم في اسرائيل يتكلمون عن الاثار الداخلية حتى بعض الخبراء الاستراتيجيين تكلموا عنها وايضا بعض الحكام العرب. نعم اسرائيل التي كانت تخيف الانظمة العربية وكان يقال ان المقاومة تحرر ولكن لا تستطيع ان تقف امام جيش بهذه القوة. المقاومة ليست ميزتها انها صمدت، الاهمية انها الحقت خسائر كبيرة جدا وفادحة بالاسرائيلي وهذا لا يمكن اخفاؤه عن الشعب الاسرائيلي ولا يمكن اخفاؤه عن العالم رغم الحصار الإعلامي الذي حصل.
الفشل الاسرائيلي هو سبب وقف الحرب وليس الدول
إذا في الأساس إذا قلنا ان المعركة في العمق هي معركة إرادة، استطيع ان اقول ان إرادة المقاومة صمدت وان الإرادة الاسرائيلية اهتزت بدليل ان إسرائيل اضطرت لوقف الحرب والذي يصدق ان الضغط الدولي اوقف الحرب الإسرائيلية هو واهم وليسمح لي هو لا يعرف حقيقة الوضع السياسي في العالم وكيف تدور الامور في العالم. العنصر الرئيسي الذي أوقف الحرب هو الفشل الذريع الذي اصاب العملية البرية في الأيام الاخيرة وحجم الخسائر، وخشية القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية من الذهاب الى ما هو اسوأ واخطر وما هو كارثي اكثر على الجيش وعلى الكيان، إضافة الى صوت دولي تصاعد وادى الى وقف الحرب، لكن بالدرجة الاولى لو كانت إدارة بوش واولمرت على ثقة انها لو استمرت في الحرب لاسبوع او اسبوعين إضافيين يمكن ان تحدث تغييرا نوعيا في مسار المعركة لاستمرت الحرب ولم تتوقف يوم الاثنين. هذا يعمق الاثر الاستراتيجي للمعركة ومن هنا ثقة الشعب الاسرائيلي في جيشه وكيانه ستتراجع، ثقة الشعوب العربية وثقة الشعب الفلسطيني ان خيار المقاومة يمكن ان يصنع انتصارا في هذا الحجم ستقوى، برأيي هذا امر ستكون له بالتأكيد تأثيراته على اصل وجود الكيان على المدى المتوسط او البعيد. طبعا لا ادعي ولا يدعي احد ان هذا ستكون له تداعيات وجودية قريبة وسريعة.
طبعا نحكي عن وجود كيان ومستقبل كيان ومستقبلنا لكن يبقى في الشق الفلسطيني الهاجس الاساسي ان الفلسطيني يملك فكرة المقاومة ومشروعها وايمانها وإرادتها ويجب ان تمكنه بأن يمتلك بقية العناصر التي توفرت في تجربة الحرب الاخيرة لكي يتمكن من صنع نصره ايضا. أما استمرار الحصار المفروض على الفلسطينيين وجزء من هذا الحصار المفروض للأسف عربي قد يجعل إمكانية توظيف هذا النصر سريعا على الساحة الفلسطينية إمكانية محدودة.
انتهت اهدافهم بالحديث عن ملجأ حسن نصرالله!
هل ترون ان اسرائيل ستعود الى شن الحرب بعد تنظيم وضعها الداخلي إما ضد مجددا لبنان إما الذهاب نحو حرب اسهل مع سوريا؟
- مع التأكيد على الطبيعة العدوانية لإسرائيل وعندما اقول 'يمكن او لا يمكن يستبعد او لا يستبعد' الامر ليس له علاقة بطبيعة اسرائيل ولا بنواياها وانما له علاقة بالظروف والامكانات المتاحة. لو اتينا الى هذه الحرب قليلا وهذا يظل يساعد في التقييم. هذه الحرب كان هدفها القضاء على حزب الله. هذا هو الهدف الرئيسي والمباشر وبالتالي إخضاع لبنان نهائيا للإرادة الاميركية التي هي في المنطقة إرادة إسرائيلية وهذا الهدف اعلنه الاميركيون والإسرائيليون منذ الأيام الاولى، أنا لا احلل ولا اجتهد، هناك شيء يقولونه وهذه نصوصهم واضحة ولا تحتاج الى اجتهاد.
ومع ذلك اسرائيل عجزت عن القضاء على 'حزب الله'. باعتبار ذلك هو الهدف الاعلى بل عجزت عن تحقيق كل الاهداف المعلنة للحرب من القضاء على حزب الله نهائيا وبنيته العسكرية الى القضاء على البنية الصاروخية ل 'حزب الله'، الى إخراجه من جنوب لبنان وجنوب الليطاني الى استعادة الأسيرين بلا قيد او شرط. أي من هذه الاهداف المعلنة لم تستطع إسرائيل أن تحققه، آخر انجازات أولمرت التي يقول انه انجز شيئا هو انه وضعني في الملجأ. انتهت الاهداف للحرب الإسرائيلية بان يضعوني في الملجأ. هذه حرب طويلة عريضة اتت بالنهاية بهذا الهدف. في هذه الحرب اسرائيل استخدمت 'لا اريد ان اقول كل قوتها' ولكن الجزء الأكبر والاهم من قوتها.
من الناحية النوعية لم يبق شيء لم تستخدمه اسرائيل الا السلاح النووي. انواع الطائرات الإسرائيلية على اختلافها استعملت في هذه الحرب. أحدث انواع الدبابات، ألوية النخبة جلبتها الى الحرب، لواء 'غولاني' و'جيفعاتي' سحبوه من غزة وجاؤوا به الى الحرب ايضا وحدات المظليين. اتوا ايضا ب40 الف جندي. ثلاث فرق احتياط. بالنسبة الى حجم النار نفذوا 9 آلاف غارة جوية وليس طلعة جوية يعني ان الطيران قصف. تكلموا عن 175 الف قذيفة خلال 33 يوما. حجم النار الذي استخدم كان كبيرا جدا. صواريخ الطائرات الإسرائيلية استنفد مخزونها الاستراتيجي ولذلك حتى الصواريخ التي كانت معزولة من اجل التلف تم قصفها واستخدامها في لبنان. واسرائيل احتاجت من الاميركيين ليس فقط للصواريخ الذكية بل الى كل انواع الصواريخ التي تقصف بالطيران.
الحرب مع لبنان تحتاج الى آلاف الحسابات في إسرائيل
الاهمية في تلك التفاصيل بالقول ان اسرائيل استخدمت جزءا كبيرا من طاقتها يعني هناك مئات الطائرات كانت تحلق وتقصف في لبنان، هم ليسوا قادرين على اخراج كل سلاح الجو واستخدامه في لبنان. لم تعد هناك أهداف ليضربوها، لان لبنان صغير ولا يتحمل كل طائرات اسرائيل تحلق وتقصف فيه اهدافا. اسرائيل بهذه الطاقة والإمكانية الهائلة وبتأييد اميركي ودولي وخذلان عربي كبير للبنان. ومع ذلك (لنكن متواضعين) فشلت اسرائيل في الحرب ولحقت بها خسائر اضرت بصورة جيشها وبفاعليته، بالجندي والدبابة، حتى الدول التي اقامت صفقات مع اسرائيل لتشتري ميركافا الجيل الرابع تراجعت عن الصفقات. في الحرب مع المقاومة الشعبية تتحول الدبابة المحصنة الى تابوت. اسرائيل التي تعاني ما تعانيه من الفشل في لبنان. هل تذهب الى حرب جديدة؟ برأيي هذا الامر يحتاج الى وقت طويل حتى لا انفي الذهاب الى حرب جديدة. اما باتجاه لبنان فبالتأكيد الإسرائيلي عندما يريد ان يذهب الى حرب جديدة مع لبنان سيحتاج الى آلاف الحسابات وخصوصا إذا انتهينا في الوضع اللبناني الى وضع داخلي معقول بعد انتشار الجيش وقوات اليونيفل ولم يمس سلاح المقاومة. وبالتالي اذا بقيت المقاومة وبقي سلاحها وبقيت القوة التي الحقت الهزيمة باسرائيل في هذه الحرب. ما دامت هذه القوة موجودة فإسرائيل سوف تحسب حسابات كبيرة وطويلة لمعاودة الحرب على لبنان.
الإسرائيليون صاروا يحسبون الحسابات مع سوريا
اما ان تذهب اسرائيل الى الحرب باتجاه آخر انا لا اعتقد ذلك ولمن يتصور ان الحرب مع سوريا ستكون اسهل هو ايضا مخطئ. اريد ان اقول شيئا انه في الوقت الذي كانت اسرائيل تهاجم لبنان ومن المفترض انها تستهين بسوريا (كما يحاول البعض ان يستهين بسوريا) وفي الوقت الذي كانت تعلن فيه اسرائيل ان الصواريخ التي قصفت حيفا والخضيرة والعفولة هي صواريخ سورية الصنع وفي تلك الأيام نفسها كان وزير الحرب الإسرائيلي عمير بيريتس يؤكد على مدى عدة ايام انهم لا يريدون استهداف سوريا ولا فتح جبهة معها.
هذا مؤشر وهناك مؤشر آخر مهم جدا. عندما اعلنت سوريا انه إذا اقترب الإسرائيليون من حدودها البرية فسوف تدخل المعركة. الملاحظ في كل الحروب الإسرائيلية الاخيرة انه لم يقترب الاسرائيليون من الحدود السورية بر، ومع العلم ان محاور مزارع شبعا هي محاور مهمة جدا والمساحات مفتوحة ويمكن للإسرائيلي ان يتحرك فيها بقوة للالتفاف على المقاومة في منطقة جنوب النهر، مع ذلك في هذه المنطقة لم يحرك الإسرائيلي فيها ساكنا وتجنب الاقتراب من الحدود السورية، فهذا يعني ان الإسرائيلي كان يعمل حسابات كبيرة جدا لاحتمال الصدام مع سوريا او ادخال سوريا في الحرب. هذا يحتاج الى تقييم اكبر وادق ولكن انا شخصيا اميل الى القول ان الاسرائيلي يحتاج الى وقت طويل للتفكير بحرب جديدة ليس فقط مع لبنان حتى مع سوريا. انا اعتقد نقطة الضعف الوحيدة التي سيركز عليها الاسرائيلي ويحاول من خلالها ليس استعادة صورة ردع وانما سيحاول من خلالها المنع من توظيف الانتصار في لبنان في الوضع الفلسطيني لان الفلسطيني محاصر ومقطع الاوصال، ظروفه صعبة وان كانت ارادته صلبة ومعنوياته عالية، فالجهد الإسرائيلي سيتركز هناك اكثر.
لو كنا نعلم او كنا نحتمل هذا هو موقفنا!
في موضوع ملف سلاح المقاومة ومسألة القول انه لو جرى تقدير النتائج لما حصلت العملية.. وكيف استخدم اولمرت الامر داخليا؟
- كلامي مع محطة الnew tv هو تأكيد لما قلته اثناء الحرب وانا اسهبت في هذه النقطة والحديث عن انه لو كنا نعلم او كنا نحتمل جاء في سياق هذا الحديث ولكن للاسف تم اقتطاع هذا الجزء بخبث وذلك من اجل تركيب مواقف سياسية وبناء تحليلات سياسية على اساسها.
عليه، لو أردت ان اعيد صياغة ما قلت من جديد، انا قلت وبشكل واضح جدا ان عملية الأسيرين دفعت الإسرائيلي للقيام بحرب في تموز كان سيقوم بها في تشرين الاول ولو قام بها في تشرين الاول لكانت الكارثة كبيرة جدا جدا جدا على لبنان وعلى المنطقة، ولكانت النتائج سيئة جدا جدا جدا، عملية الأسيرين من حيث لا نعلم (وانا كنت شفافا) احبطت الخطة المعدة والتي كانت معدة بإحكام، ولكن كان توقيتها في أوائل الخريف وكانت تحتاج الى استكمال بعض الجهوزية وبعض المعطيات ولاسباب اخرى. لذلك انا كنت واضحا وقلت ان الحرب ليس سببها عملية الاسيرين.
الحرب هي قرار اميركي اسرائيلي ومغطى من اماكن معينة ومجهزة الحرب ويستكمل التجهيز لها والتوقيت محدد وكانت تعتمد على عنصر المفاجاة بشكل اساسي ولها سيناريو وحتى ان السيناريو الذي طبق ليس هو المقرر. عندما حصلت عملية الأسيرين وسقط هذا العدد من القتلى استفز الإسرائيليون ووجدوا انفسهم امام واقع اما ان يتحملوا ما حصل او يذهبوا الى المعركة المقررة في اوائل الخريف. معلوماتنا انه بعد التشاور مع الاميركيين في اليوم الاول تقرر الذهاب الى المعركة التي كانت معدة للتنفيذ في تشرين. نحن افقدناهم عنصر المفاجأة. فرضنا عليهم توقيتا غير التوقيت الذي اعد له بدقة وبالتالي حصلت المعركة ونحن مستنفرون ومتهيئون وهم ليسوا جاهزين، بينما لو حصلت في تشرين كانت ستبدأ المعركة بلا ذريعة لان اي ذريعة كانت ستعني بالنسبة لنا لفت الانتباه، لو جاء الى جنوب لبنان في تشرين من يضع صواريخ مجهولة ويطلقها على فلسطين المحتلة، حزب الله سيستنفر بطبيعة الحال لانه سوف يحتمل قيام اسرائيل برد فعل ما. الحرب التي كانت ستبدا في تشرين كانت ستبدا بشكل مفاجىء جدا ومن دون اي ذرائع، واسرائيل لم تكن بحاجة الى ذريعة لانها تحظى بتأييد اميركي مطلق وسوف تحتسب الحرب في تشرين بالحرب على الارهاب وبالتالي لها المشروعية الكاملة وليست بحاجة الى ذريعة أو حجة الدفاع عن النفس أو ما شاكل.
أجزم أننا لم نخطىء في التقدير
نعم كنت شفافا وصادقا عندما قلت اننا عندما ذهبنا لننفذ عملية الاسيرين لم نكن نقصد استدراج الاسرائيليين الى الحرب في تموز بدل تشرين. اكيد لم نكن نقصد ذلك، نحن كنا نعلم انه في يوم ما الإسرائيلي والاميركي سيخوضان ضدنا حربا قاضية وحرب إبادة، ولكن بالتاكيد لم نكن نعرف التوقيت وكنا نراقب الظروف والمعطيات السياسية. عندما يوجه الي السؤال لو عدنا الى 11 تموز ويقال لك ان عملية الاسر ستؤدي الى حرب تؤدي الى هذا الدمار وسقوط كل هؤلاء الشهداء والى ما هناك. اذا كان الجواب نعم يعني حتى لو كنا نحتمل او نعلم ان اسر الجنديين الاسيرين سيؤدي الى هذه الحرب الواسعة فكنا سنذهب الى الاسر. لو قلت ذلك ساكون كاذبا وسيقف الخبثاء للقول انظروا هؤلاء لا يعنيهم البلد ولا دماء الناس.
بكل بساطة كنت استطيع ان اهرب من السؤال، والآن يمكنني ذلك وان أقول على كل حال الحرب ليس لديها علاقة باسر الجنديين الإسرائيليين ولكن لانني أعرف ان هذا السؤال موجود عند الناس وأثير بقوة في زمن الحرب. اعتبر ان من مسؤوليتي الحقيقية ان اجيب عنه، وقلت نعم لو كنا نحتمل لما اقدمنا في هذا التوقيت على عملية الاسيرين. ولكن هذا الكلام جاء في اي سياق؟
.. جاء في سياق انه حتى هذا الاحتمال ليس واردا على الاطلاق وان لا احد في الدنيا لو يدرس ويقيم ويحلل كان يفترض بأن اسر جنديين يؤدي الى حرب بهذا المستوى لان الحرب لا صلة لها بأسر الجنديين. هذه الحرب هي خارج اي منطق او معيار او قانون او ضوابط. وكل تجارب الحروب العربية الاسرائيلية وتجارب المقاومة في حربها مع اسرائيل وتجارب حروب العالم في التاريخ كله لم يؤد اسر جنديين الى حرب. نعم الاسر استغل لتوقيت الحرب وبرأينا هذا كان من مصلحتنا ومصلحة لبنان وانه استعجل حربا كانت ستحصل بشكل قاطع، ولذلك اذا كنت اريد ان استعمل عبارات لا يمكن اجتزاؤها او اقتطاعها، انا اقول لم نخطئ التقدير وكانت حساباتنا دقيقة وصحيحة وأيضا لسنا نادمين وانا لم ألق خطاب ندم او هزيمة كما قال بعض الإسرائيليين بل كان خطابي خطاب انتصار من اليوم الاول وانا في اليوم الاول، عندما كانت الغيوم سوداء كنت واثقا بان النصر آت، وهذا ما يجمع عليه كل خبير موضوعي الان ويقيم ما حصل، واعتقد، وهذا قلته اكثر من مرة ان ما حصل في توقيت وقرار العملية وما ادت اليه كان توفيقا إلهيا ولطفا إلهيا، ولو اننا لم نذهب الى تلك العملية وبقينا غافلين الى تشرين لكان لبنان غير لبنان ولكن بشكل آخر كما قال الاستاذ طلال سلمان ولكانت اسرائيل غير اسرائيل ولكن بشكل آخر.
لكانت اسرائيل في تشرين ومن خلال عامل المفاجأة والاستفادة من عوامل عدة اخرى لكانت راهنت على القضاء على المقاومة في لبنان وهذا كان سيؤدي الى استسلام لبنان الى اميركا واسرائيل، سوف يؤدي الى آفق قاس وخطير على مستوى المقاومة الفلسطينية، على مستوى موقع سوريا، على مستوى مشروع المقاومة على امتداد العالم العربي. لذلك اكرر واقول لسنا نادمين ولم نرتكب اي خطأ وكانت تقديراتنا صحيحة وان ما حصل هو اهم بكثير من التقديرات التي كنا ننويها، نعم لو تجاوزنا كل هذه المشاريع والجوانب الاساسية في القضية وحشرنا انفسنا في زاوية وقلنا لو كنا نحتمل، لفعلنا او لم نفعل الجواب المنطقي لما كنا فعلنا. لو حصرنا الموضوع في عملية الأسر ورد الفعل على العملية، لكن حقيقة ما حصل في تموز خارج هذا السياق والمنطق بالكامل.