سلسبيل
09-04-2006, 02:04 PM
دبلوماسيون: الرئيس الإيراني وحلقته الضيقة يستفيدون من العزلة المفروضة على إيران
طهران: مايكل سليكمان*
تخيل لو ان الرئيس الاميركي جورج بوش رفع سماعة التليفون وشكر الرئيس الايراني على الرسالة التي بعثها اليه، ثم طلب منه ان يجلس الجانبان ويبحثان التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يواجهها البلدان. طبعا فكرة أن يقوم الرئيس الاميركي بالاتصال بالرئيس الايراني تبدو خيالية تماما؛ فالولايات المتحدة تحاول في الوقت الراهن، ان تعاقب ايران على رفضها وقف تخصيب اليورانيوم، لكن العقوبات الاقتصادية قد تفشل، والخيار العسكري يبدو خطوة منعزلة، على أفضل تقدير.
فماذا يمكن ان يحدث لو ان واشنطن قررت فجأة، وبشكل علني، أن تنفذ نصيحة «دون كورليوني» بإبقاء اصدقائها قريبا، لكن بإبقاء أعدائها أقرب؟ ماذا لو قررت واشنطن ان تتقرب من ايران بخطوات مثل الموافقة على إجراء حوار مباشر مع الرئيس الايراني؟ وتقديم الكثير لإقناع الرئيس الإيراني بالتنازل عن استئناف البرنامج النووي بأي ثمن. لكن الدبلوماسيين سيقولون إن الدبلوماسية لا تعمل بهذه الطريقة العلنية، وبالمقابل فان المفاوضات الهادئة، بعيدا عن الاعين، فعالة أكثر، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك استثناءات لهذه القاعدة العامة، مثل تحدي الرئيس المصري الراحل أنور السادات القيادة الاسرائيلية في خطاب تلفزيوني ان يقوم رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغين بدعوته الى القدس لعقد اتفاق سلام 1977.
لكن في الحالة الايرانية، فان المحللين السياسيين والدبلوماسيين الغربيين يقولون إن مثل هذا الجهد الدبلوماسي لن يكون مؤثرا على الأقل في البداية. ولأن القادة الايرانيين واثقون من ان الغرب يريد ان يطيح بسلطتهم، فان رد الفعل الايراني الاولي على الدعوة الاميركية المفترضة لهم بحسب المحليين، هي ان الايرانيين سيقولون ان الدعوة الاميركية «فخ منصوب». أما رد الفعل الثاني فسيكون قول البعض ان تغيير السياسة الاميركية نحو ايران يؤكد صحة طريقة تعامل التيار المتشدد حيال الغرب. وان المواجهة مع الغرب أفلحت، وكلما تشددت كلما حصلت على نتائج جيدة. كما أن الكثير من المحللين السياسيين والدبلوماسيين الغربيين والإصلاحيين المنفتحين في ايران، يقولون إن أي إشارات إيجابية من واشنطن نحو طهران، وبشكل أدق أي اشارات او مظاهر توضح احتراما وانفتاحا نحو طهران، يمكن ان ترى في ايران على أنها تهديد للقيادة السياسية. ويقول عماد باغي المحلل السياسي والذي يرأس منظمة تعمل في مجال حقوق الانسان، ان «الراديكالية لطالما دعمت وقوت شوكتها عبر الغرب».
وأوضح محلل سياسي في مركز للدراسات، رفض الكشف عن هويته، ان الداعين في النخبة الايرانية للاندماج في النظام العالمي باتوا أقلية اليوم. وتابع أن القيادة السياسية تعارض الاندماج في العالم، لأنهم يخافون من ان يؤدي ذلك الى انهيارهم. وقد يكون من الصعب على الأميركيين أن يتصورا الى أي حد يميل الايرانيون، على الأقل هؤلاء الذين يعيشون في طهران، الى تحسين العلاقات مع اميركا. والى اي مدى تتمتع اميركا بصورة ايجابية عند الايرانيين في الشارع. لكن الكثير من المحلليين والدبلوماسيين في ايران يقولون إن ملامح التقارب هذه لا يمكن ان تغير المجتمع الايراني اذا كانت واشنطن تتحدث عن تغيير النظام الايراني، وتهدد بفرض عقوبات. واليوم أكثر من أي وقت مضى يرى المسؤولون الايرانيون بلادهم بلغة الثورة؛ فالرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني عمل على بناء اتفاقيات تجارية واقتصادية مع العواصم الغربية، اما الرئيس السابق محمد خاتمي فكان يتحدث عن الحوار بين الحضارات والثقافات ولغة الدبلوماسية، أما أحمدي نجاد فيتحدث عن العودة الى قيم الثورة. ويقول الكثير من المحللين والمسؤولين الايرانيين السابقين والدبلوماسيين في طهران، انه بأسلوبه استطاع الرئيس الايراني والحلقة المقربة منه، ان يستفيدوا من العزلة المفروضة على إيران بسبب الخلاف حول البرنامج النووي. ويوضح هؤلاء أنه سيكون من الصعب الاحتفاظ بنفس المكاسب عندما تنضم ايران الى منظمة التجارة العالمية، او تدخل في اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة. وبوضع ذلك في الاعتبار، فانهم يرون حتى المنتجات الاميركية بمثابة تهديد.
ويقول احمد زاده، 68 عاما، الذي يتاجر في الادوات الكهربائية في وسط طهران «كل زبائني مغرمون بالسلع الاميركية». مثل هذا الكلام يضع المتشددين في وضع حرج، فهم يسعون لتصوير اميركا على أنها سبب كل مشاكل ايران. وكان احمدي نجاد قد قال الاسبوع الماضي في مؤتمر صحافي، إن «الانحطاط هو سبب المادية الغربية»، متابعا «نحن الى حد ما تم تعقيمنا». وخلال هذا الصيف، قامت السلطات بحملة من أجل منع سكان طهران من مشاهدة المحطات الفارسية التي تبث من الخارج عبر الستلايت. (اطباق الالتقاط الهوائي غير القانونية، لكنها مثل الكثير في ايران
يمكن شراؤها من السوق السوداء). وقامت السلطات التي تريد الحد من تأثير الثقافة الغربية والثقافة الآسيوية بإرسال شرطة الى العمارات التي فيها اطباق لاقطة لمصادرتها. وطوال الصيف احتلت اخبار «حرب الاطباق اللاقطة» تغطية أوسع في الصحف الايرانية اليومية من أخبار البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل. اذا هل كان أحمدي نجاد بخطابه الذي أرسله الى بوش الربيع الماضي يريد إجراء حوار مع بوش؟ وهل دعوته لإجراء مناظرة تلفزيونية كانت خالصة أم أنها خطوة استراتيجية؟
ان محاولة قراءة النوايا دائما مهمة خطيرة، لكن ما حصل عليه احمدي نجاد كان واضحا، فقد رفض بوش الرد على خطابه، كما رفض إجراء مناظرة تلفزيونية معه. ولهذا فان الرئيس الايراني عندما ألقى كلمة أمام ايرانيين محتفين الاسبوع الماضي قال: ان اولئك الذين يرفضون تبادل الأفكار حول القضايا العالمية، لا يستطيعون ان يدافعوا عن انفسهم بشكل منطقي. اذا، ما الذي كان سيحدث اذا ما قال البيت الابيض بحرص نعم لدعوات أحمدي نجاد؟ ما الذي كان قادة ايران سيقولونه للايرانيين؟
* خدمة «نيويورك تايمز»
طهران: مايكل سليكمان*
تخيل لو ان الرئيس الاميركي جورج بوش رفع سماعة التليفون وشكر الرئيس الايراني على الرسالة التي بعثها اليه، ثم طلب منه ان يجلس الجانبان ويبحثان التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يواجهها البلدان. طبعا فكرة أن يقوم الرئيس الاميركي بالاتصال بالرئيس الايراني تبدو خيالية تماما؛ فالولايات المتحدة تحاول في الوقت الراهن، ان تعاقب ايران على رفضها وقف تخصيب اليورانيوم، لكن العقوبات الاقتصادية قد تفشل، والخيار العسكري يبدو خطوة منعزلة، على أفضل تقدير.
فماذا يمكن ان يحدث لو ان واشنطن قررت فجأة، وبشكل علني، أن تنفذ نصيحة «دون كورليوني» بإبقاء اصدقائها قريبا، لكن بإبقاء أعدائها أقرب؟ ماذا لو قررت واشنطن ان تتقرب من ايران بخطوات مثل الموافقة على إجراء حوار مباشر مع الرئيس الايراني؟ وتقديم الكثير لإقناع الرئيس الإيراني بالتنازل عن استئناف البرنامج النووي بأي ثمن. لكن الدبلوماسيين سيقولون إن الدبلوماسية لا تعمل بهذه الطريقة العلنية، وبالمقابل فان المفاوضات الهادئة، بعيدا عن الاعين، فعالة أكثر، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك استثناءات لهذه القاعدة العامة، مثل تحدي الرئيس المصري الراحل أنور السادات القيادة الاسرائيلية في خطاب تلفزيوني ان يقوم رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغين بدعوته الى القدس لعقد اتفاق سلام 1977.
لكن في الحالة الايرانية، فان المحللين السياسيين والدبلوماسيين الغربيين يقولون إن مثل هذا الجهد الدبلوماسي لن يكون مؤثرا على الأقل في البداية. ولأن القادة الايرانيين واثقون من ان الغرب يريد ان يطيح بسلطتهم، فان رد الفعل الايراني الاولي على الدعوة الاميركية المفترضة لهم بحسب المحليين، هي ان الايرانيين سيقولون ان الدعوة الاميركية «فخ منصوب». أما رد الفعل الثاني فسيكون قول البعض ان تغيير السياسة الاميركية نحو ايران يؤكد صحة طريقة تعامل التيار المتشدد حيال الغرب. وان المواجهة مع الغرب أفلحت، وكلما تشددت كلما حصلت على نتائج جيدة. كما أن الكثير من المحللين السياسيين والدبلوماسيين الغربيين والإصلاحيين المنفتحين في ايران، يقولون إن أي إشارات إيجابية من واشنطن نحو طهران، وبشكل أدق أي اشارات او مظاهر توضح احتراما وانفتاحا نحو طهران، يمكن ان ترى في ايران على أنها تهديد للقيادة السياسية. ويقول عماد باغي المحلل السياسي والذي يرأس منظمة تعمل في مجال حقوق الانسان، ان «الراديكالية لطالما دعمت وقوت شوكتها عبر الغرب».
وأوضح محلل سياسي في مركز للدراسات، رفض الكشف عن هويته، ان الداعين في النخبة الايرانية للاندماج في النظام العالمي باتوا أقلية اليوم. وتابع أن القيادة السياسية تعارض الاندماج في العالم، لأنهم يخافون من ان يؤدي ذلك الى انهيارهم. وقد يكون من الصعب على الأميركيين أن يتصورا الى أي حد يميل الايرانيون، على الأقل هؤلاء الذين يعيشون في طهران، الى تحسين العلاقات مع اميركا. والى اي مدى تتمتع اميركا بصورة ايجابية عند الايرانيين في الشارع. لكن الكثير من المحلليين والدبلوماسيين في ايران يقولون إن ملامح التقارب هذه لا يمكن ان تغير المجتمع الايراني اذا كانت واشنطن تتحدث عن تغيير النظام الايراني، وتهدد بفرض عقوبات. واليوم أكثر من أي وقت مضى يرى المسؤولون الايرانيون بلادهم بلغة الثورة؛ فالرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني عمل على بناء اتفاقيات تجارية واقتصادية مع العواصم الغربية، اما الرئيس السابق محمد خاتمي فكان يتحدث عن الحوار بين الحضارات والثقافات ولغة الدبلوماسية، أما أحمدي نجاد فيتحدث عن العودة الى قيم الثورة. ويقول الكثير من المحللين والمسؤولين الايرانيين السابقين والدبلوماسيين في طهران، انه بأسلوبه استطاع الرئيس الايراني والحلقة المقربة منه، ان يستفيدوا من العزلة المفروضة على إيران بسبب الخلاف حول البرنامج النووي. ويوضح هؤلاء أنه سيكون من الصعب الاحتفاظ بنفس المكاسب عندما تنضم ايران الى منظمة التجارة العالمية، او تدخل في اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة. وبوضع ذلك في الاعتبار، فانهم يرون حتى المنتجات الاميركية بمثابة تهديد.
ويقول احمد زاده، 68 عاما، الذي يتاجر في الادوات الكهربائية في وسط طهران «كل زبائني مغرمون بالسلع الاميركية». مثل هذا الكلام يضع المتشددين في وضع حرج، فهم يسعون لتصوير اميركا على أنها سبب كل مشاكل ايران. وكان احمدي نجاد قد قال الاسبوع الماضي في مؤتمر صحافي، إن «الانحطاط هو سبب المادية الغربية»، متابعا «نحن الى حد ما تم تعقيمنا». وخلال هذا الصيف، قامت السلطات بحملة من أجل منع سكان طهران من مشاهدة المحطات الفارسية التي تبث من الخارج عبر الستلايت. (اطباق الالتقاط الهوائي غير القانونية، لكنها مثل الكثير في ايران
يمكن شراؤها من السوق السوداء). وقامت السلطات التي تريد الحد من تأثير الثقافة الغربية والثقافة الآسيوية بإرسال شرطة الى العمارات التي فيها اطباق لاقطة لمصادرتها. وطوال الصيف احتلت اخبار «حرب الاطباق اللاقطة» تغطية أوسع في الصحف الايرانية اليومية من أخبار البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل. اذا هل كان أحمدي نجاد بخطابه الذي أرسله الى بوش الربيع الماضي يريد إجراء حوار مع بوش؟ وهل دعوته لإجراء مناظرة تلفزيونية كانت خالصة أم أنها خطوة استراتيجية؟
ان محاولة قراءة النوايا دائما مهمة خطيرة، لكن ما حصل عليه احمدي نجاد كان واضحا، فقد رفض بوش الرد على خطابه، كما رفض إجراء مناظرة تلفزيونية معه. ولهذا فان الرئيس الايراني عندما ألقى كلمة أمام ايرانيين محتفين الاسبوع الماضي قال: ان اولئك الذين يرفضون تبادل الأفكار حول القضايا العالمية، لا يستطيعون ان يدافعوا عن انفسهم بشكل منطقي. اذا، ما الذي كان سيحدث اذا ما قال البيت الابيض بحرص نعم لدعوات أحمدي نجاد؟ ما الذي كان قادة ايران سيقولونه للايرانيين؟
* خدمة «نيويورك تايمز»