المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كاتب أمريكي: الأساطير الدينية دفعت واشنطن لاحتلال العراق



دشتى
09-03-2006, 11:51 AM
يدعو لقراءة الأحداث الجارية في ضوء خلفيات تاريخية

القاهرة - رويترز

لا يكتفي كاتب أمريكي بوصف احتلال بلاده للعراق بأنه مغامرة سيئة الاعداد بل يذهب الى أغوار التاريخ ليدلل على أن اليمين الامريكي الحاكم ينطلق في السيطرة على العراق من القصص الدينية.
ويرى جون كولي أنه لا يختلف في هذا التوجه الاصوليون اليهود عن مسيحيين اعتبرهم موالين للصهيونية مشددا على أن حماس ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش «لجنرالات اسرائيل والمتدينين اليوم موجودة في هذه القصص الغابرة».

وقال في كتابه «التحالف ضد بابل.. الولايات المتحدة واسرائيل والعراق» ان بلاد ما بين النهرين تظهر في قصص التوراة مثيرة للدهشة.
وصدر الكتاب الذي ترجمه ناصر عفيفي عن مكتبة الشروق الدولية في القاهرة ويقع في 355 صفحة كبيرة القطع.

مؤلف الكتاب صحفي بارز عمل مراسلا لصحف أمريكية اضافة الى شبكة ايه بي سي نيوز وله كتب منها «حروب أمريكا الطويلة في الشرق الاوسط» و«الحروب غير المقدسة.. أفغانستان أمريكا والارهاب الدولي» و«المخابرات الامريكية والجهاد.. تحالف مشؤوم ضد الاتحاد السوفيتي» و«مارس الاخضر وأيلول الاسود قصة الفلسطينيين العرب» عن محنة الفلسطينيين الذين لجأوا الى العنف باعتباره «سلاح الضعيف».
وتساءل ناشر الكتاب عادل المعلم في مقدمته «هل يمكن فهم الصراع في الشرق الاوسط دون العودة الى قصة بابل القديمة..».

وأشار الى ضرورة قراءة الاحداث الجارية في ضوء خلفيات تاريخية منها الاستعمار الاوروبي للعالم العربي في القرن التاسع عشر والحروب الصليبية على الشرق قبل نحو تسعة قرون والتي تأسست على خلفية خطبة شهيرة للبابا أوربان الثاني بفرنسا عام 1095 اعتبر فيها المسلمين «الجنس الكافر المحتقر عن حق المجرد من القيم الانسانية وعبد الشيطان» كما دعا لاسترداد «الارض المقدسة» في فلسطين وحاولت الجيوش الغربية تنفيذ هذا الحلم عبر حملات استمرت حتى عام .1292
ووصف كولي الاحتلال الامريكي للعراق بأنه مغامرة سيئة الاعداد فرغم سهولة الغزو شهد الاحتلال كثيرا من المآسي.

وقال ان «ادعاء» اليمين الحاكم في واشنطن أنه المدافع الاول عن حقوق الانسان في العالم «لطخته الفضيحة المدوية والمصورة للاساءة والتعذيب وحتى القتل للسجناء العراقيين المحتجزين بواسطة القوات الامريكية في العراق».

وأضاف أن الربط بين العراق في عهد رئيسه السابق صدام حسين وتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن يهدف الى «التضليل المتعمد للرأي العام الامريكي»، مشيرا الى أن بوش اتخذ قرار الحرب قبل هجمات 11 سبتمبر .2001

وقادت أمريكا عقب هجمات سبتمبر حربا أسقطت نظام طالبان الذي كان يؤوي تنظيم القاعدة في أفغانستان.كما احتلت العراق وأنهت حكم صدام في التاسع من ابريل 2003 بعد حرب دامت نحو ثلاثة أسابيع تحت ذرائع ثبت عدم صدقها أهمها حيازة أسلحة الدمار الشامل.
وسخر المؤلف من اصرار حكومتي بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير على اطلاق صفة «التحالف» على الاحتلال العسكري للعراق.

وقال عالم الاجتماع الامريكي وليام بولك في تقديم الكتاب ان المؤلف كولي كان دائما في موقع الحدث واصفا بحوثه بالحياد والنزاهة والاقتحام على مدى أكثر من أربعين عاما في الشرق الاوسط تفرد خلالها بتناول عدد من القضايا منذ كتابه الاول «البعل والمسيح ومحمد.. الدين والثورة في شمال افريقيا».
وعمل بولك مستشارا للرئيسين جون كنيدي وليندون جونسون كما قام بتدريس التاريخ العربي وشؤون الشرق الاوسط في جامعتي هارفارد وشيكاغو التي أسس بها مركز دراسات الشرق الاوسط وأصدر كتاب «فهم العراق» عام .2005

وأشار بولك الى زمالته لكولي في مجلس العلاقات الخارجية الامريكية بين عامي 1964 و1965 بعد جولة لكولي في شمال افريقيا «حيث وضع كتابه الاول عن أسباب فشل المسيحية هناك واستبدالها بالاسلام لان المسيحية تم ربطها دائما بالاستعمار الاوروبي» مضيفا أن كتاب كولي تحليل للاحداث «المأساوية والخلفية التاريخية للحرب على العراق.هو (الكتاب) اخر غزواته لحقل الالغام السيكولوجي والسياسي للشرق الاوسط وهناك الكثير الواجب تعلمه من هذا الكتاب».
وتناول مؤلف الكتاب قصة السبي البابلي لليهود في القرن السادس قبل الميلاد على يد الملك نبوخذ نصر الثاني «بختنصر» الذي حكم البلاد بين عامي 604 و562 قبل الميلاد مشيرا الى أن صدام أمر باعادة بناء قصر نبوخذ نصر في بابل «كرمز للانا المتضخمة» بعد مضي نحو 80 عاما على تصوير فيلم «لا تسامح» الذي أخرجه عام 1916 الامريكي دافيد وارك جريفيث وصور فيه «بابل على أنها تجسيد لكل الشرور في العقل الامريكي».

وقال كولي ان «مؤرخي الكتاب المقدس والمؤرخين العلمانيين» قدموا الوقود الذي جعل من العراق بقعة لصناعة الشر بالاستناد الى رؤية العهد القديم لبابل كمركز للفساد والظلام.
واستشهد بوصف باحث ألماني لبابل بأنها «دولة معادية لله» وأنها ذات سمعة سيئة بين اليهود كما يعتبرها كثير من المسيحيين «أم كل البغايا» والاثام.
وفي تقديره أن كل أمريكي «يحارب في العراق منذ عام 2003» يقابله مسيحي أو أكثر من الموالين للصهيونية.

ويرى أن من يحاول فهم الشرق الاوسط «يرتكب خطأ فادحا»اذا تجاهل هذه القصص الغابرة التي قال ان فيها أسبابا تدعو الى وجود «أشد أنصار اسرائيل تعصبا في الولايات المتحدة بمن فيهم أقرب مستشاري جورج بوش وهم حلفاء متحمسون لساسة وجنرالات اسرائيل اليمينيين اليوم... ينطلقون من أعماق قصص التوراة والتاريخ والاساطير وخاصة دراما الاسرائيليات القديمة».
وقال كولي ان اسرائيل دائما ترى أن العراق عدو استراتيجي.

وأضاف أن الحرب التي قادتها أمريكا حققت بعض أهدافها العسكرية الخالصة بتدمير البنى التحتية لدولة صدام لكنها فشلت في استعادة الدولة أو توفير حياة كريمة للمواطنين كما حققت «هدف اسرائيل الاثير وهو تدمير القوات المسلحة العراقية» بلا خسائر اسرائيلية.
وأشار الى أن بوش الابن بعد أن أصبح رئيسا في يناير 2001 سعى مع مستشاريه «نحو حملتهم الصليبية» للاطاحة بصدام وأن اسرائيل كانت خلال الحرب تقدم برامج تدريب نظرية وميدانية للقوات الخاصة الامريكية عن «الاساليب الوحشية» التي تستخدمها لقمع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.