المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إيران : حديث عن الفقه والشرعية !



زهير
09-01-2006, 11:51 AM
أمير طاهري


ترى، ما هو القاسم المشترك بين سكان كل من اليابان وباكستان وسويسرا وكندا ؟

الإجابة هي ان مواطني هذه الدول، الى جانب مواطني جميع الدول الأعضاء في الامم المتحدة باستثناء دولة واحدة، يعيشون تحت ظل حكومات غير شرعية.

إذاً، ما هي الدولة الوحيدة هذه التي تتمتع دون سواها من دول العالم بحكومة شرعية؟

الإجابة، طبقا لحديث على أكبر مشكيني، هي الجمهورية الاسلامية الايرانية.

قال مشكيني ان «النقطة المضيئة» الوحيدة في العالم هي ايران، التي تشكل اقل من 1 بالمائة من كوكب الارض، وقال مشكيني ايضا ان بقية البشرية تعيش في «ظلام دامس» تحت ظل انظمة «قهرية واستبدادية».

ربما يستعجب القارئ ويتساءل عن مشكيني وما اذا كان لديه سلطة في الإدلاء بمثل هذه المزاعم الغريبة.

بالنسبة لمنتقديه، مشكيني هو رجل دين ايراني ظل يتنقل على مدى سنوات طويلة من حلقة دراسية الى اخرى بمدينة قم الايرانية الى ان اتت الثورة الخمينية بالملالي الى السلطة في طهران عام 1979.

وبالنسبة لمعجبه، مشكيني وصل الى مرتبة «آية الله» ويترأس «مجلس الخبراء»، وهو الجهاز المعني باختيار او عزل «الوالي الفقيه»، المعروف بـ«المرشد الأعلى»، اذا استلزم الأمر. أي انه يملك سلطة عزل الرجل الذي يحكم الجمهورية الاسلامية بسلطات وصلاحيات لا حدود لها.

أدلى مشكيني بالأقوال المشار اليها خلال اجتماع للجمعية الاسبوع الماضي، وهو اول اجتماع يقعد بحضور كامل الأعضاء منذ انتخاب محمود احمدي نجاد رئيسا لإيران العام الماضي. وعلى وجه التحديد، قال مشكيني ما يلي: «الحكومة الشرعية الوحيدة التي تحظى برضاء الله من بين كل حكومات العالم هي حكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية».

ولتعضيد كلامه قال مشكيني ان نظام الجمهورية الاسلامية هو الوحيد الذي يحظى بمباركة الله والـ14 المنزهين عن الخطأ، أي الرسول (ص) وابنته فاطمة وعلي بن أبي طالب والأئمة الـ11 المتحدرين منه مباشرة.

قال مشكيني ايضا: «الجمهورية الاسلامية امتداد لله في الارض، زعيمها نصبه الله، وحرسها الثوري هو جيش الله، وجميع مواطنيها اعضاء في حزب الله».

لم يعلق أي من اعضاء المجلس الذي يترأسه مشكيني (92 عضوا) على هذه التصريحات، كما ان وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة اوردتها بمزيج من الدهشة والاحترام.

طبقا لدستور الجمهورية الاسلامية يعتبر «مجلس الخبراء» اعلى جهاز في الدولة، وهذا يعود الى طبيعة سلطاته المتمثل في اختيار وعزل الرجل الذي يمارس «السلطة المقدسة» الى جانب سلطة اصدار تعليمات بتعليق الأحكام الاسلامية اذا اعتبرت غير ضرورية.

الراحل آية الله روح الله الخميني دائما ما كان يقول انه لم تكن هناك حكومة شرعية في الاسلام منذ اختيار علي بن أبي طالب وحتى قيام الجمهورية الاسلامية في ايران، إلا ان الخميني لم يحدث ان ادعى ان الدول غير المسلمة ليست شرعية لأنها لا تخضع لنظم حكم «ولاية الفقيه». واعترف، على سبيل المثال، بأن سويسرا لا فكرة لديها حول ما يعنيه نظام ولاية الفقيه، ولا يجب بالتالي ان يتوقع منها ان تتبناه كنظام حكم. كما لم يتجرأ الخميني بادعاء ان حكومته كانت «امتدادا لله».

إلا ان مشكيني ومن هم مثله من الملالي ليس لديهم مثل هذه الشكوك. فهم متقوقعون ولا يعرفون ما يجري في العالم الخارجي. كما انهم اقنعوا انفسهم بأنهم قادرون على مهاجمة وإساءة أي دولة في الارض دون ان يتعرضوا لأي مساءلة.

اذا كان مشكيني ملا بسيط، فإن تعليقاته المفارقة هذه ربما لا تلفت انتباه احد، لكنه يحتل ثاني اهم موقع يشغله رجل دين في ايران بعد «المرشد الأعلى» علي خامنئي.

ترى، ما هي النتيجة التي يمكن ان يخرج بها العالم من تعليقات مشكيني، خصوصا في وقت تثير فيه طموحات ايران النووية ازمة عالمية؟

النتيجة الاولى تتلخص في ان الجمهورية الاسلامية لا تنظر الى أي دولة اخرى في العالم كونها مساوية لها في الشرعية والرضاء الالهي. وهذا بدوره يعني انه ليس لإيران ما يلزمها باحترام قوانين واحترام مبادئ وقواعد الانظمة الأخرى. ومن المؤكد ان الامم المتحدة نفسها، التي لا تتمتع الدول الأعضاء فيها باستثناء ايران بالشرعية، لا تملك أي سلطة للمطالبة بأي معايير اخلاقية من الحكومة الشرعية الوحيدة منذ القرن السابع الميلادي.

«نهج مشكيني» ، واذا ترجم الى سياسة عملية، فإنه يعني ان أي اتفاقيه تتوصل اليها ايران مع كل الأنظمة الشرعية في العالم ستكون باطلة تلقائيا. كما تعني ايضا ان الجمهورية الاسلامية الايرانية كـ«امتداد لله» لديها مهمة تتلخص في إطاحة الحكومات الاخرى قبل توحيد البشرية جمعاء تحت ظل حكم «ولاية الفقيه». مرة اخرى تعود ايران الى طموحها القديم في «تصدير» الثورة الخمينية،التي تعتبر، على حد تعبير خامنئي «هدية للبشرية».

ربما يفسر بعض المختصين الغربيين في الشؤون الايرانية تصريحات مشكيني بأنه ضرب من الغلو، او تفسير مثل ان بعض رجال الدين المتشددين «لا يقصدون ما يقولون» او انهم «يتحدثون فقط الى جمهورهم المحلي». ربما يكون المقصد من هذا التحليل إخراج الملالي من أي مأزق، إلا ان مثل هذه التحليل لا يعدو ان يكون اساءة للملالي من أمثال مشكيني لأنه يصورهم وكأنهم اشخاص لا يمكن الثقة في ما يقولون او انهم سياسيون ضبطوا وهم يمارسون غشهم وخداعهم.

المنطق يتطلب منا ان نأخذ ما قاله مشكيني مأخذ الجد ونفترض انه يقصد ما يقوله. وهذا يقودنا الى نتيجة حاسمه مفادها الآتي: ما دام ايران لا تعتقد في المساواة بين الدولة القومية في سياق القانون الدولي، بصرف النظر عن العرق او الجدين او نوع نظام الحكم، لا يمكن ان تصبح على الإطلاق جادة في أي اتفاقيه ثنائية او دولية.