زهير
09-01-2006, 11:47 AM
باحثون عرب وأميركان يتحدثون لـ الشرق الاوسط عن:
الرياض: هدى الصالح
أثار ترديد جورج بوش الابن خلال خطاباته وفي أكثر من محفل عبارات دينية مختلفة كان أهمها في الحديث عن الصراع العربي الإسرائيلي كاستخدام عبارة «الأرض المقدسة» أو «الهام الرب له لغزو العراق وإنشاء دولتين مستقلتين جنبا إلى جنب إسرائيل وفلسطين»، وما كان أحدثها بوصفه المتورطين في المحاولة الفاشلة لتفجير القطارات البريطانية بـ«الفاشيين الإسلاميين».
تساؤلات عدة حول مدى تأثير التدين في العمل المؤسساتي وفي صياغة السياسة المحلية والدولية، وما إن كان هناك توظيف من قبل الرئيس الأميركي «لله» كأداة لتقويض النقاش على بعض السياسات الأمر الذي يعد مخالفة للدستور. حول ذلك أوضح الباحث السعودي الدكتور محمد البشر أستاذ العلوم السياسية ضرورة عدم إغفال حقيقة اعتبار العامل الديني عامل أساس في السياسة الأميركية وان اختلفت النظرة إليه من إدارة إلى أخرى.
وهو ما اعتبره البشر جليا من خلال السياسة التي ظلت تنتهجها الإدارة الأميركية الحالية، مفيدا انه وبالرغم من اعتبار الدستور الأميركي دستورا علمانيا إلا أن الخطاب السياسي وبالأخص عقب أحداث 11سبتمبر (ايلول) غلبت عليه النزعة الدينية.
ولا يرى أستاذ العلوم السياسية تناقضا في خروج السياسات الأميركية عن قاعدة دينية رغم علمانية الدستور بغرض أن السياسة الأميركية تقوم على مبدأ سيادة العالم في كافة المجالات، مفضيا ذلك إلى قيام السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومنذ استقلالها عن بريطانيا، في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، على المصلحة القومية مستندة الى ثلاثية هي الثروة، والقيم (الدين)، والقوة، «الأمر الذي لا يدع مجالا للشك في الرغبة الأميركية للهيمنة الاقتصادية والعسكرية والدينية على العالم». وأكد الدكتور محمد البشر اعتماد الإدارة الحالية للرئيس بوش الابن في خطابها السياسي على التعبئة الجماهيرية وإثارة المشاعر القومية حول الأمن القومي للولايات المتحدة وسلامتها من قوى الشر المحدقة بها، مشيرا إلى أن هذا التوجه يجعل من الخطاب الديني عنصرا ضروريا في ظل دعم التيار الديني الأصولي سياسة الرئيس «بوش».
والمتتبع للسياسة الحالية للإدارة الأميركية بحسب البشر فلابد من أن يرى التزاوج في خطابها ما بين العلمانية وبين استخدام الخطاب الديني المتشدد في المناسبات التي تتطلب ذلك.
من جانبه عارض المفكر السياسي المصري عبد المنعم سعيد رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية مقولة ازدواجية السياسة الأميركية ما بين العلمانية والدين مؤكدا على أن النظام السياسي الأميركي قائم على سيادة العملية السياسية وليس الإنجيل (المؤسسة الدينية). وبين سعيد أن الدستور أو العلمانية أو النظام الليبرالي لا تجد بأسا من الانطلاق من دوافع مختلفة قد يكون الدين أحدها وإنما ما يمنعه الدستور الاستناد في تشريع القوانين على الإنجيل، مفرقا ما بين أن يكون للإنسان معتقدات خاصة وما بين الإعلان عن سيادة «الكتاب المقدس» أو اتخاذ أي قرار تنفيذا لأوامر إلهية الأمر الذي تراقبه وتحاسب عليه المؤسسات الأميركية. وفيما يتعلق بما ردده بوش من عبارات دينية فلا يعتبرها المفكر السياسي المصري سوى محاولة لإغواء الجمهور الأميركي من خلال استغلال المادة الدينية، منوها إلى عدم استخدام بوش أي من آيات الإنجيل لسن وتشريع قانون من خلال الكونغرس الأميركي.
إلى ذلك أكد برنارد هيكل الباحث والمفكر الأميركي في جامعة نيويورك استغلال بوش لكلا الجانبين الديني والعلماني في سياساته الخارجية والمحلية، بغية جني الثمار من خلال الانقسام القطبي بالمجتمع الأميركي ما بين التأييد للنهج العلماني البحت وآخرين مؤيدين للنهج الديني، مستشهدا بذلك على رفضه العودة عن استخدام عبارة «الإسلام الفاشي» عقب ان اعترض المسلمون الأميركيون عليها.
وبين هيكل حرص «بوش» على إرضاء المسيحية المتطرفة في الوقت الذي يجد فيه تلاؤما ما بين وجهات نظره المسيحية وسياساته المحلية والخارجية، الأمر الذي خلق ومن وجهة نظره تناقضا واضحا مبينا الاستغلال الديني والمناداة بالعلمانية. وأشار الباحث والمفكر الأميركي خشية الغالبية الليبرالية الأميركية من أبعاد سيطرة وهيمنة المتطرفين المسيحيين وعلى رأسهم جورج بوش الابن على السياسات الخارجية والمحلية الأميركية، مؤكدا على أن سياساته والتي لطالما أعلن عنها إنما تركزت على معارضة العلمانيين والليبراليين في أميركا. وأوضح هيكل تمثيل بوش لأقلية هامة ومسيطرة تتميز بالتشدد الديني والمحافظة الأمر الذي تخوف منه، مبينا بالإضافة إلى ذلك انسجام وتلاؤم سياساته الداخلية والخارجية والتي مزجت ما بين العلماني والديني بحسب برنارد هيكل. ولم يجعل انتماء جورج بوش الابن لحزب المحافظين الجدد «المتدينين الأصوليين» والتي ضمن معتقداتها إمكانية تحدث الإنسان مع المسيح وهو الأمر الذي أعلن عنه بوش وفي عدة مناسبات «اتصاله بالله» وتوجيه «الرب» له في سياساته كما ذكر الدكتور جعفر إدريس مدير الجامعة الأميركية المفتوحة في السعودية أي شك بالنسبة إليه في انطلاق سياسات بوش من منطلقات دينية، مستدركا ذلك من منع الدولة العلمانية إصدار أي قانون ولأسباب دينية.
وبحسب الدكتور إدريس لا يمنع ذلك مرشحي الرئاسة الأميركية من إتباع سياسات من منطلق ديني حيث كثيرا ما اشتكت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة من عدم انطلاق ممن عملت معهم وبرغم تدينهم في سياساتهم من منطلقات دينية، إلا أن ذلك لا ينفي أو لا يتعارض مع احتفاظ الدولة بتشريعاتها العلمانية.
الرياض: هدى الصالح
أثار ترديد جورج بوش الابن خلال خطاباته وفي أكثر من محفل عبارات دينية مختلفة كان أهمها في الحديث عن الصراع العربي الإسرائيلي كاستخدام عبارة «الأرض المقدسة» أو «الهام الرب له لغزو العراق وإنشاء دولتين مستقلتين جنبا إلى جنب إسرائيل وفلسطين»، وما كان أحدثها بوصفه المتورطين في المحاولة الفاشلة لتفجير القطارات البريطانية بـ«الفاشيين الإسلاميين».
تساؤلات عدة حول مدى تأثير التدين في العمل المؤسساتي وفي صياغة السياسة المحلية والدولية، وما إن كان هناك توظيف من قبل الرئيس الأميركي «لله» كأداة لتقويض النقاش على بعض السياسات الأمر الذي يعد مخالفة للدستور. حول ذلك أوضح الباحث السعودي الدكتور محمد البشر أستاذ العلوم السياسية ضرورة عدم إغفال حقيقة اعتبار العامل الديني عامل أساس في السياسة الأميركية وان اختلفت النظرة إليه من إدارة إلى أخرى.
وهو ما اعتبره البشر جليا من خلال السياسة التي ظلت تنتهجها الإدارة الأميركية الحالية، مفيدا انه وبالرغم من اعتبار الدستور الأميركي دستورا علمانيا إلا أن الخطاب السياسي وبالأخص عقب أحداث 11سبتمبر (ايلول) غلبت عليه النزعة الدينية.
ولا يرى أستاذ العلوم السياسية تناقضا في خروج السياسات الأميركية عن قاعدة دينية رغم علمانية الدستور بغرض أن السياسة الأميركية تقوم على مبدأ سيادة العالم في كافة المجالات، مفضيا ذلك إلى قيام السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومنذ استقلالها عن بريطانيا، في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، على المصلحة القومية مستندة الى ثلاثية هي الثروة، والقيم (الدين)، والقوة، «الأمر الذي لا يدع مجالا للشك في الرغبة الأميركية للهيمنة الاقتصادية والعسكرية والدينية على العالم». وأكد الدكتور محمد البشر اعتماد الإدارة الحالية للرئيس بوش الابن في خطابها السياسي على التعبئة الجماهيرية وإثارة المشاعر القومية حول الأمن القومي للولايات المتحدة وسلامتها من قوى الشر المحدقة بها، مشيرا إلى أن هذا التوجه يجعل من الخطاب الديني عنصرا ضروريا في ظل دعم التيار الديني الأصولي سياسة الرئيس «بوش».
والمتتبع للسياسة الحالية للإدارة الأميركية بحسب البشر فلابد من أن يرى التزاوج في خطابها ما بين العلمانية وبين استخدام الخطاب الديني المتشدد في المناسبات التي تتطلب ذلك.
من جانبه عارض المفكر السياسي المصري عبد المنعم سعيد رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية مقولة ازدواجية السياسة الأميركية ما بين العلمانية والدين مؤكدا على أن النظام السياسي الأميركي قائم على سيادة العملية السياسية وليس الإنجيل (المؤسسة الدينية). وبين سعيد أن الدستور أو العلمانية أو النظام الليبرالي لا تجد بأسا من الانطلاق من دوافع مختلفة قد يكون الدين أحدها وإنما ما يمنعه الدستور الاستناد في تشريع القوانين على الإنجيل، مفرقا ما بين أن يكون للإنسان معتقدات خاصة وما بين الإعلان عن سيادة «الكتاب المقدس» أو اتخاذ أي قرار تنفيذا لأوامر إلهية الأمر الذي تراقبه وتحاسب عليه المؤسسات الأميركية. وفيما يتعلق بما ردده بوش من عبارات دينية فلا يعتبرها المفكر السياسي المصري سوى محاولة لإغواء الجمهور الأميركي من خلال استغلال المادة الدينية، منوها إلى عدم استخدام بوش أي من آيات الإنجيل لسن وتشريع قانون من خلال الكونغرس الأميركي.
إلى ذلك أكد برنارد هيكل الباحث والمفكر الأميركي في جامعة نيويورك استغلال بوش لكلا الجانبين الديني والعلماني في سياساته الخارجية والمحلية، بغية جني الثمار من خلال الانقسام القطبي بالمجتمع الأميركي ما بين التأييد للنهج العلماني البحت وآخرين مؤيدين للنهج الديني، مستشهدا بذلك على رفضه العودة عن استخدام عبارة «الإسلام الفاشي» عقب ان اعترض المسلمون الأميركيون عليها.
وبين هيكل حرص «بوش» على إرضاء المسيحية المتطرفة في الوقت الذي يجد فيه تلاؤما ما بين وجهات نظره المسيحية وسياساته المحلية والخارجية، الأمر الذي خلق ومن وجهة نظره تناقضا واضحا مبينا الاستغلال الديني والمناداة بالعلمانية. وأشار الباحث والمفكر الأميركي خشية الغالبية الليبرالية الأميركية من أبعاد سيطرة وهيمنة المتطرفين المسيحيين وعلى رأسهم جورج بوش الابن على السياسات الخارجية والمحلية الأميركية، مؤكدا على أن سياساته والتي لطالما أعلن عنها إنما تركزت على معارضة العلمانيين والليبراليين في أميركا. وأوضح هيكل تمثيل بوش لأقلية هامة ومسيطرة تتميز بالتشدد الديني والمحافظة الأمر الذي تخوف منه، مبينا بالإضافة إلى ذلك انسجام وتلاؤم سياساته الداخلية والخارجية والتي مزجت ما بين العلماني والديني بحسب برنارد هيكل. ولم يجعل انتماء جورج بوش الابن لحزب المحافظين الجدد «المتدينين الأصوليين» والتي ضمن معتقداتها إمكانية تحدث الإنسان مع المسيح وهو الأمر الذي أعلن عنه بوش وفي عدة مناسبات «اتصاله بالله» وتوجيه «الرب» له في سياساته كما ذكر الدكتور جعفر إدريس مدير الجامعة الأميركية المفتوحة في السعودية أي شك بالنسبة إليه في انطلاق سياسات بوش من منطلقات دينية، مستدركا ذلك من منع الدولة العلمانية إصدار أي قانون ولأسباب دينية.
وبحسب الدكتور إدريس لا يمنع ذلك مرشحي الرئاسة الأميركية من إتباع سياسات من منطلق ديني حيث كثيرا ما اشتكت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة من عدم انطلاق ممن عملت معهم وبرغم تدينهم في سياساتهم من منطلقات دينية، إلا أن ذلك لا ينفي أو لا يتعارض مع احتفاظ الدولة بتشريعاتها العلمانية.