المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمد المحمود: التيار السلفي في السعودية يهيمن على جميع مناشط الحياة



مرتاح
09-01-2006, 12:07 AM
http://www.alarabiya.net/staging/portal/Archive/Media/2006/08/31/2152421.jpg


في حوار مفصل مع "العربية نت" شرح فيه أراءه المثيرة للجدل


الرياض - حسين الحربي

قال الكاتب الإسلامي السعودي المثير للجدل محمد علي المحمود إن أحباب الأمس أصبحوا أعداء اليوم لأنه منح نفسه "حق التعبير وقام بفضح السلفية التقليدية". وأشار إلى أنه لا يعتبر ذلك خسارة كبيرة لأن كل " قريب أو بعيد يريد أن يسلبك حريتك فهو عدو".
أوضح المحمود وهو كاتب في جريدة الرياض السعودية، وأكاديمي في جامعة القصيم كلية اللغه العربية وله العديد من الاطروحات الجريئة، في حوار مع "العربية.نت" إن مشكلة التيار السلفي في السعودية تتمثل "في حضوره الطاغي وهيمنته على الحراك الدعوي والإعلامي والتثقيفي والتعليمي، مما جعله متنفذا إلى حد بعيد في هذه الميادين، وزاد الأمر سوءا أنه أراد الهيمنة على جميع مناشط الحياة ، فضلا عن كونه يشدد دائما، على أنه الممثل الشرعي والوحيد للإسلام".

وكان الكاتب محمود قد اثار جدلا واسعا في الاوساط السعودية وعلى منتديات الانترنت بسبب طروحاته المثيرة للجدل، الامر الي دفع "العربية.نت" لاستطلاع اراءه حوا مختلف القضايا التي اثارها والأراء التي نسبت اليه.

عندما سئل عن سر تحوله الكبير من مجتمعه الصحوي السابق إلى وضعه الحالي الوسطي، أجاب بقوله: لم يكن هناك تحول كبير ؛ لأن المجتمع الصحوي الذي كان بيئة عامة لي ولغيري لم يكن يحتويني ، لا فكرا ولا سلوكا. كنت أُعايش الصحوية من قريب وأتعاطف معها، وأراها قادرة على عمل الجيّد رغم الأخطاء .

واستطرد: التحول ــ إن كان ثمة تحوّل يذكر ــ أني اكتشفت حجم الحراك الصحوي الإيديولوجي، والأكثر إيلاما في هذا ، أني اكتشفت أن هذا الحراك ليس بريئا من رغبة عارمة ، بل مجنونة، في الهيمنة والسيطرة على جميع مناحي الاجتماعي . لم أكتشف ذلك فيها ــ رغم وجود المؤشرات الكثيرة التي لم آخذها من قبل على محمل الجد ــ إلا بعد أن بدأت أطرح رؤيتي الفكرية علانية.

وأضاف: الصحوية لم تفزع ــ على هذا النحو الذي رأيته ــ يوم أن كنت أعبر عن قناعاتي في المجالس الخاصة التي لا تتعدى أصداؤها جدرانها . كانوا يرون ما أبوح به مجرد خطرات ، وليست قناعات فكرية، يراد لها أن تتموضع في الواقع المتعين.


لم أكن سلفيا قط

وفي رده على سؤال آخر نفى كونه سلفيا وصحويا سابقا قائلا: لا زلت ألح على أنني لم أكن سلفيا قط ، ولم أكن صحويا بالدرجة التي أستحق بها هذه الصفة( صحوي) . لكنني كنت متفهما للأطروحة الصحوية إلى حد كبير ، وإن كنت ــ حتى في ذلك الوقت ــ أحمل ازدراء عميقا للتصورات السلفية التقليدية التي كنت ولا أزال غارقا في محيطها الاجتماعي ، وأحملها جزءا كبيرا من مسؤولية التخلف وضمور الحريات العامة.

ومضى الكاتب محمد المحمود قائلا: صحيح أنني لم أكن أنتقد السلفية التقليدية على هذا النحو المفصل والصريح . لكن، لم يكن هذا الامتناع نتيجة قناعة من أي نوع بالسلفية ، بل لأن نقد السلفية ــ آنذاك ــ كان أشبه بالانتحار الاجتماعي، في وقت لم يكتب لي الاستقلال عن كثير من شروط الاجتماعي. إضافة إلى أن الوجه الكالح للسلفيات التقليدية المتشددة لم يلامس واقعنا على هذا النحو الحاد والمباشر، المتمثل في العمليات الإرهابية التي تمتاح من رؤى سلفية خالصة.

لا أدفع ثمنا باهظا

ثم عرج إلى الاجابة عن سؤال عن الثمن الذي يدفعه لمواجهة الهجوم المستمر عليه، خصوصا بعد أن شن هجوما عنيفا على التيار السلفي بالمملكة ووصفه بان فرعوني الرؤية ويمارس التقية وأن الإرهاب جزء من مكوناته، فقال المحمود: الثمن الذي أدفعه نتيجة فضحي السلفية التقليدية من داخلها هو ثمن يراه الكثير باهظا ، بينما هو في نظري على العكس من ذلك .

الثمن: هو التضحية بالعلائق الاجتماعية قريبها وبعيدها ، وأن أحباب الأمس أصبحوا أعداء اليوم، لا لشيء ، إلا لأني منحت نفسي حق التفكير . طبعا ، من ينظر إلى خسارة هؤلاء بوصفها خسارة كبيرة فهو مخطئ ؛ لأن كل قريب أو بعيد يريد أن يسلبك حريتك فهو عدو، بل هو شديد الضرر وأبدي العدوة ، ومن الأفضل أن ينكشف في أقرب وقت، وأن تتعامل معه على أساس حقيقته المقيتة( أنه يريد إلغائك ) بدل أن تمنحه من التقدير والمحبة مالا يستحق . والعاقل لا يريد أن يعيش مخدوعا ، ولو كان في ذلك سعادته وطمأنينته.

وأضاف: إن أفضل أنواع الصدام التي خضتها على المستوى الاجتماعي كانت هي التي كشفت لي أن الكثير كان يقبل بي، تحت شرط قاس، شرط يفقدني ذاتيتي. ومع أن الصدمة بالكثير من هؤلاء كانت مؤلمة على المستوى الشخصي، إلا أنها كانت تمحيصا ؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة. إذن، فكل كان يقبلني بشرط أن أمنحه حريتي فأنا أرفضه قبل يرفضني، وما عليه إلا أن يحدد موقفه من حقي في التعبير لكي أعتبر خسارتي له من فضل من الله علي.

لكن الكاتب الاسلامي محمد المحمود تحدث في حواره الطويل مع "العربية.نت" عن نوع آخر من الخسارة بقوله: هناك الخسارة ذات البعد المادي ، وهي التي قد تطالني وظيفيا ودراسيا ، ولها تأثير كبير على مستقبلي الوظيفي . هذه الخسارة ــ وما يدخل فيها من أنواع المضايقات ــ قد وطنت نفسي عليها ؛ لأني أعرف أن للكلمة التي تلتمس التغيير ثمنا باهظا . البعض يعتبر الخسارة في هذا المضمار هي الأشد إيلاما والأكثر ضراوة . لكنني لا أراها كذلك ؛ لأن الإنسان لا يعلم ماذا في المستقبل من خيارات قسرية لا يريدها في البداية ، لكنها قد تكون أفضل مما أراد وخطط له .

التيار السلفي في السعودية

وانتقل للحديث عن جانب آخر في هذه القضية مستطردا بأن "مشكلة التيار السلفي بالمملكة، هي حضوره الطاغي ، وهيمنته على مجمل ــ إن لم يكن كل ــ الحراك الدعوي والإعلامي والتثقيفي والتعليمي . هذا الحضور جعله متنفذا إلى حد بعيد في هذه الميادين . وزاد الأمر سوءا أنه أراد الهيمنة على جميع مناشط الحياة ، فضلا عن كونه يشدد ــ دائما ــ على أنه الممثل الشرعي والوحيد للإسلام .

من هنا ، أصبح لا يقبل النقد ولا المراجعات . ولأن له امتداداته ( لوبياته ) الكثيرة ، فهو لا يكتفي بالرد الفكري المتشنج ، وإنما يسعىــ عبر وسائل عديدة ــ إلى إسكات الناقد بالقوة ، ما استطاع إلى ذلك سبيلا .

تحول القرني والعودة

وعندما طلبت منه تحليل التحول الكبير لرموز ما سمي بالصحوة مثل عائض القرني وسلمان العودة ، وهل هو مجرد لعبة مصالح وللحفاظ على ما بقي لهم من أضواء وجماهيرية، أجاب المحمود: لكي نفهم ما يحدث لسلمان والقرني وغيرهما، لا بد أن ننظر إلى الأمر من جهتين : الأولى : تخص الأشخاص أصحاب التحول . فهم ــ حتى إبان المد الصحوي ــ لديهم القابلية النفسية للتفاعل الإيجابي مع الواقع . ولم يكن يخشى عليهم في ذلك الوقت إلا من أن يستطيع التقاطع مع السلفية التقليدية ، والاندماج الشديد في مقولاتها التصنيفية الحادة ، أن يلغي ملامح هذه القابلية النفسية للتفاعل.

وقال: شخصيا ؛ كنت أراهن على أن سلمان الثلاثيني لا بد أن يختلف عن سلمان الأربعيني والخمسيني ، حتى لو لم تتوفر الظروف التي تشجع على مثل هذا التحول ، مع أنها ساهمت بدور فعال فيه .

أما القرني ، فكنت أرى أن تفاعله مع ظروف الانفتاح الإعلامي والاجتماعي شرط لتحوله . ولذلك، لن أستبعد أن تتوقف التحولات القرنية تحت ضغط المجتمع الصغير الذي يحاول أن يحتويه، إن لم يقطع معه على نحو حاسم . بينما سلمان ، سيبقى رهين تحولات كثيرة ، وإن تكن محكومة ــ إلى حد مــا ــ بتاريخه .

ثم انتقل المحمود إلى سبب ثان يتعلق بـ "الظروف المحيطة بهما. وهما من النوع الذي يحمل قدرة ــ لا بأس بها ــ على التكيف مع الظروف. أنا لا أرى الأمر لعبة، بقدر ما أراه وعيا منهما بالظروف التي تفرض شروطها عليهما. قد تكون الظروف تلعب بهما بأكثر مما يلعبان بها. لكني أراهما ممن لا يعاند الزمن ، وإيجابية هذا لا تخفى، عكس كثير من أقطاب الصحوة وسدنة المدرسة السلفية الذي يرون في الثبات لمجرد الثبات فضيلة يفتخرون بها".

ثم أضاف: أما الحفاظ على الجماهيرية، فإن المشهد الديني في السعودية وجماهيره الواسعة، لا يساعد على هذا التفسير للتحول لأنهما خسرا ــ على الأقل في بداية التحول ــ الكثير من الجماهير. إن جماهير الديني لدينا تميل إلى التشدد والثبات وإعلان أكبر قدر من العداء للآخر، ومن يريد الجماهيرية فعليه أن يتشدد ويقصي ويرفض كل الآراء خارج الأطروحة السلفية التقليدية، وهما ــ بتحولهما ــ مارسا عكس ذلك .

سألته: قلت في أحد كتاباتك أن منهاجنا التربوية الشرعية غيرت وبدلت في المفردات الحادة لكنها بقيت رهينة التركيبة السلفية التقليدية في عمومها .. وهناك من يقول أنك أنت أحد خريجي هذه المناهج في بدايتك الصحوية والسلفية.

فيجيب: كوني خريج مناهج تمتاح من المنظمة السلفية لا يعني أن تمثلت هذه المناهج . هذه المناهج كانت إلزامية، درستها ــ كغيري ــ وفي نفسي نفور من تزمتها وإقصائيتها وضيق أفقها . كنت في ذلك الوقت وأنا لا أستطيع نقدها بصراحة أكتفي بالإشادة بالرموز من خارجها فقط ؛ كنوع ممن الاعتراض الصامت عليها. كنت أقرأ الإسلام في مصادره الأولى ( الكتاب والسنة الصحيحة ) فأراه بريئا من هذه التشنجات المذهبية والتقليدية الميتة . الإسلام ــ كما قرأته ــ كان حيويا وتقدميا وخلاّقا ومتسامحا، بينما السلفيات كانت عكس ذلك.

ثانيا : أنا لم أدرس الشريعة على نحو تخصصي . فأنا منذ أن كنت في المرحلة المتوسطة وأنا أقرأ الأدب والتاريخ ، وبعد ذلك الفكر والفلسفة ، ثم تخصصت في اللغة العربية والأدب العربي على نحو أخص. كان نهمي في الأدب والعلوم الإنسانية ، وكان الدين من بينها . قرأت الأفكار والمذاهب والنزاعات الداخلية والخارجية ، كجزء من تاريخ الفكر ، وقرأت الفكر الإسلامي، من حيث هو تمهر ديني وحضاري ، ولكني لم أتقولب في كلية من كليات الشريعة.

وعن الشائعات التي تتعلق بحبه وتأثره بالحضارة الغربية كموقفه من الزواج والاسرة، أكد المحمود أنها "ليست شائعات. فما أكتبه عن الغرب يعبر عن رؤيتي بكل وضوح . جزء من إشكاليتنا أننا فقدنا عنصر الدهشة في النظر إلى المعجزة الحضارية الغربية . نحن نتعاطى مع المنجز الغربي وكأنه شيء طبيعي أن يحدث ذلك . لولا الغرب ؛ لبقيت البشرية كما كانت عليه منذ آلاف السنين ، ولما انقلبت حياة البشرية رأسا على عقب في معظم أنحائها .

إننا لا نجهل ولا نتجاهل المناحي اللا إنسانية في مسيرة الغرب الحضارية ، وبقاياها لا زالت تؤرقنا كما تؤرق المفكرين في الغرب. لكن فضل هذه الحضارة على البشرية مما لا يمكن إنكاره . ومن كان صادقا في رفضه هذه الحضارة ؛ فليعش لشهر واحد ، دون التمتع بمعطياتها ، وليعد إلى حياة الأسلاف، حيث الجوع والأمراض والعالم المحدود .

أما من حيث الزواج والأسرة ، فأنا لم أتزوج حتى الآن ليس لموقف فكري من الأسرة والزواج، حتى يقال أنني متأثر بالغرب في هذا ، بل هي مسألة شخصية ، تخضع للحسابات الشخصية الخاصة .

وقال محمد المحمود إن الكتابة تخص الشأن العام، وليس من حق الإنسان أن يطرح طرحا إعلاميا ــ كالكتابة مثلا ــ لمجرد أن يعلن عن تغيره الذاتي؛ لأن تغيره لا يعني غيره ؛ ما لم يكن التغير يمس أفكارا تعني المجتمع الذي يعيش فيه. المسألة ليست أقنعة يتم نزعها بين الحين والآخر، بل هي رؤى فكرية، يراد لها أن تعمل عملها في انتشال الأمة من واقعها البائس .

الإنسان الفرد ـ من حيث هو فرد ــ لا يهم تغير أم لم يتغير؛ لأنه رقم من ملايين الأرقام . الذي يهم ،هو الأثر الفكري لهذا التغير ، وما يحمله من شفرات لقراءة المجتمع الذي يحتويه.

خنق الابداع

ويرى المحمود أنه ربما كان العكس هو الصحيح، إجابة على عما إذا كان يرى أن المجتمع الذي يحيط به ولا يقبل بأطروحاته المثيرة هو أكبر خانق للإبداع، ويضيف: عندما يكفرك المتطرف الديني ، فإن هذا قد يؤلمك ، ولكن هذا يكشف لك على نحو حاد وشخصي حقائق لم تكن لتعرفها أو لم تكن تتوقع قربها ومستوى خطورتها . قد تسمع بالتكفير للمفكرين والفنانين والإعلاميين ؛ فتكتب عن خطر التكفير ، بوصفه من إنتاج الشباب المتطرف ذي الحماس الشديد. لكن أن يقف أمامك أكبر أستاذ في العقيدة ، يحمل درجة الدكتوراه، ويكفرك وجها لوجه ؛ فهذا ــ بلا شك ــ يكشف لك على نحو واضح من أين يأتي التكفير، وكيف تتعاطى المنظومة السلفية ــ بوصفها المرجعية لهؤلاء ــ مع الاختلاف في الرأي .

ويستطرد: مهم أن يكتوي الذي يناقش مسائل الإرهاب بالإرهاب مباشرة، وأن يتعاطى مع الظاهرة على نحو ملموس. أذكر أنني كنت أتكلم أمام طلابي عن الإرهاب والإرهابيين ، وقلت: إنهم الخوارج في هذا العصر. كانت ردة الفعل أن كثيرا من الطلاب أمسك بي بعد المحاضرة ؛ ليقول لي : إنهم متشددون ، ولكنهم ليسوا خوارج ، إنهم من عائلات معروفة ، بل إن بعض أقاربهم أصدقاء لنا ، يحدثوننا عنهم . وهنا تتضح المشكلة ، فهؤلاء الطلاب يدرسون الخوارج وأعمالهم الإرهابية في التاريخ ، ولكنهم لا يتصورون أن يكون من يعرفونه منه . لا يتصور الطالب أن يكون أخاه أو عمه أو خاله من الخوارج ، فهذا عنده غير معقول . إن يصفه بالمتشدد ، لكنه لا يريد أن يصدق أن الخطر قريب منه إلى هذه الدرجة . ومن هنا ، فمن المهم أن يصطدم به على نحو صريح ؛ كي يدرك مدى خطورته . والمفكر في هذا أولى من غيره .

الكاتب يعرقل نفسه

وتناول المشكلات التي تعرقل الإبداع عند الكاتب والكاتبة هل هو الرقابة أم سوء الفهم فقال: أهم ما يعرقل الكاتب هو الكاتب نفسه. إرادة الكاتب ، وإيمانه بما يقول ، هو ما سيكفل للكاتب الصمود ، على الرغم من الرقابة ، وعلى الرغم من سوء الفهم . وفي ظني أن هناك انفراجا في مستوى الرقابة، وهو في اطراد معقول. أما سوء الفهم ، فهو لا يأتي إلا ممن يريد أن يسيء الفهم ، وهذا لا حيلة فيه .

إرادة الكاتب قبل كل شيء، ثم تأتي الظروف المتاحة التي تقوم ــ من حيث توفرها ــ على أكتاف رجال يتمتعون بمستوى عال من الشجاعة والإيمان. بدون الإرادة الصلبة للكاتب تستطيع رسالة تهديد مجهولة أن تجعله يتوقف، ويستطيع الإزعاج الوظيفي والاجتماعي أن يجعله مترددا فيما يقول، وأن تكون حسابات الربح والخسارة بين ثنايا كل كلمة يكتبها . بل إن بعضهم لمجرد أن يرى تضاءل مستوى الترحيب الاجتماعي به ، ينقلب على عقبيه، ويتنكر لذاته، ويمنح عقله إجازة طويلة الأمد .

وعما إذا كانت قد مورست أية ضغوط على جريدة"الرياض" التي يكتب فيها لكي توقفه عن الكتابة.. قال المحمود: من تعاملي مع التيارات المتشددة ، ومعرفتي بطبيعة عملها ، فأنا أدرك أنها تحاول إسكاتي بوسائل كثيرة ، ولا غرابة في ذلك ، فهذا جزء من نشاطها الروتيني شبه اليومي . لكن على وجه التحديد والتفصيل ؛ إجابة هذا السؤال ، عند الزملاء في جريدة " الرياض".

جدير بالذكر أن الكاتب الاسلامي محمد بن على المحمود من مواليد 1971 في مدينة البكيرية بمنطقة القصيم، ودرس الابتدائية والمتوسطة في مدرسة تحفيظ القران بالبكيرية ، والثانوية في المعهد العلمي بالبكيرية، والجامعة في كلية اللغة العربية بالقصيم (فرع
جامعة الإمام سابقا) ولا يزال يقيم في مدينة البكيرية، وتخصص في الأدب العربي ولا يزال يقوم بتدريسه منذ عين معيدا في قسم الأدب العربي بجامعة القصيم، وأعد رسالة الماجستير في الأدب العربي التي كان مقر را حسبما قال المحمود أن يقدمها للمناقشة "قبل ثلاث سنوات من الآن حيث كانت في غمرة التصدي لخطاب التطرف الأصولي وما تقاطع معه من مناهج ورؤى ، وأدركت استحالة ذلك ، خاصة وأن الكثير من أعضاء هيئة التدريس في قسم الأدب ، كانوا - كما تأكدت من بعض الزملاء - قد بيّتوا
أمرا بليل . لذلك توقفت عن تقديم الرسالة إلى قسم يتربص بي".

اهتماماتي كانت أدبية

ويقول إن اهتماماته في البداية كانت "أدبية . وقد نشرت عدة قصائد في صحف الرياض واليمامة والوطن وملحق الأربعاء والفيصل ...إلخ . لكن ، لم يكن الفكر بمعزل عني على مستوى القراءة ، حتى في بداياتي ، فقد كان الفكر الديني ، وما تقاطع معه من التاريخي والسياسي ــ فضلا عن الفلسفي ــ من صلب اهتماماتي

ويضيف: بدأت الكتابة المنتظمة في جريدة الرياض قبل نهاية عام 2002 م على نحو شهري بناء على طلبي ؛ لا شتغالي بالرسالة، ثم بعد ستة أشهر طلبت جريدة الرياض أن يكون نصف شهري فكان. وبداية من أوائل عام 2004م استقر الأمر على الكتابة الأسبوعية ؛ ولا يزال ، حيث كتبت أكثر من مئة وخمسين مقالا .

ويوضح المحمود أنه لم يخض "معارك سجالية مباشرة ؛ لإيماني بأن مثل هذه المعارك تشد الخطاب إلى وقائع محددة ، فضلا عن إستهلاكها للكاتب والقارئ لكن، معظم ما طرحته كان ردا غير مباشر على وقائع وأطروحات ملأت الساحة المحلية والعربية بضجيجها ،فمثلا ، الإرهاب لم يكن ليستفزني للرد عليه فكرا وممارسة ؛ لو لم أجد أن حجم التأييد له في الأوساط المحافظة ، يتجاوز الأفراد ، إلى الروح العامة التي تعلي من شأن كل تشدد.

كذلك، ردة الفعل على توظيف المرأة ، لم تجعلني أرد بشكل مباشر على فلان أو فلان ، بل ناقشت مسألة المرأة من حيث الحقوق الإنسانية، ومن حيث الوعي بها في المجتمع المحافظ، وكذلك بقية القضايا .

ويضيف: أنا كما أنا – تقريبا- منذ كنت . أعي أبعاد الأطروحة الإسلامية ، وأتفهمها منذ كنت وإلى الآن. لكن ، ما أحاوله الآن هو : عقلنة الخطاب الإسلامي ، الذي أدرك دوره الفاعل في النهضة لأمة تعي نفسها من خلال الإسلام. وهذه المحاولة هي ما جعلتني أصطدم بالخطاب التقليدي الذي يرفض هذه المحاولة . قبل أن أطرح هذه المسألة على نحو علني وفي صحيفة سيارة ، لم يكن هناك داع للإصطدام ، لا من قبلي ولا من قبلهم . درك طبيعة الصراع ، وأتفهم رد فعلهم،ولكن هذا التفهم ، لا يعني الرجوع عن مرتكزات الخطاب .

ويشير إلى أنه زار كثيرا من دول العالم ،"وقد أخذت دورت صيفية في اللغة في كل من بريطانيا، وكندا وأستراليا، وفي كل زياراتي ، أحاول أن أستبطن الأبعاد الثقافية في كل بلد ، وأن أعرف التمايز الحضاري من خلال المقارنة التي لا تكتفي بالمنظور والمتعين، وإنما بقراء الخلفية التاريخية ، والعناصر الفاعلة التي ساهمت في تشكيل كل بلد ، بوصفه ( أمة ) لها استقلاليتها ، بقدر ما لها من مشترك عولمي.

كتبت عن المناهج عدة مقالات بعنون : من حديث المناهج . وكتبت عن العراق سبعة مقالات: الجهاد الكاذب ، لا للمعركة الخاسرة ، مابعد المعركة الخاسرة ،أمريكا في العراق، تحرير أم احتلال. إلخ .

وكتبت عن التنوير وإشكالية تموضعه في مجتمعنا عدة مقالات ( التنوير والإسلام ) وأكثر من ثلاثين مقالا عن التطرف والإرهاب، وأكثر من عشر مقالات عن المرأة، وكلها تقوم، على الأقل كما أدعى، على استشعار البعد الإنساني، وأن الإنسان في أية قضية ، هو محور الرؤية.