سلسبيل
08-29-2006, 07:04 AM
بيروت - نبيه البرجي
هل انتجت الحرب اللبناني.. الغريب الأطوار!
كل أشكال المساعدات قدمت للضحايا: البطانيات، المعلبات، الخيم، الادوية، الشوكولا، لكن لا احد اكترث بالأهم: المساعدة السيكولوجية.
من الأساس اللبناني غريب الأطوار عاشق هائل للحياة، ولكن من اجل خلاف بسيط على افضلية المرور يمكن ان يقتل او يقتل او يدخل الى السجن.
المسألة اختلفت الآن: اغنيات فيروز قدمت -سوسيولوجيا - الى حد بعيد. لم يعد لبنان بحاجة الى سفيرة الى النجوم. يشعر المواطن ان كل ما قيل له كان كذبا بكذب. هذا بلد مفتوح، او مشرع، على كل الاحتمالات.
تزوج من أجنبية
الأم التي كانت تعارض زواج ابنها من اجنبية غيرت رأيها الآن، ما دام هذا الزواج يؤمن له جنسية اجنبية، وحتى لو كانت هذه الجنسية السريلانكية.. بالطبع تبالغ، ولكن من الان فصاعدا سيزداد، بالتأكيد، عدد اللبنانيين الذين سيتزوجون من اميركيات وكنديات، والمانيات، وفرنسيات وروسيات. غريب ان عدد البريطانيات المتزوجات من لبنانيين يكاد لا يتعدى عدد اصابع اليدين، وان كان هناك لبنانيون يحملون جنسية صاحبة الجلالة منذ ان كانت بعض البلدان الافريقية التي هاجروا اليها تحت التاج البريطاني.
قبل الحرب، كان هناك لبناني، ونصف لبناني حاليا، لن تعثر على لبناني. يفترض تعديل المعطيات التي تعطى، عادة في دروس الجغرافيا: عدد السكان 4 ملايين.. نصف لبناني.
لبناني بدرجة الصفر
وانت تتحدث الى الناس، تشعر ان هناك من هو ربع لبناني، او لبناني بدرجة الصفر. ماذا يقدم هذا البلد الخلاق سوى الخوف والخراب. كل الرؤوس في الطبقة السياسية، الا ما ندر، مباعة للخارج، لا شيء اهم من الكرسي، لا شيء اهم من الثروة، وكل شيء آخر في المزاد العلني حتى ولو كانت عظام جبران خليل جبران.
اللبناني الضائع، اللبناني المهاجر، اللبناني المقطع الاوصال. في السابق كانت هناك قدم في لبنان وقدم اخرى وراء البحار او وراء الصحارى (او حتى وراء الادغال).
الآن، اللبناني هو مواطن مجنح، او هو يبحث عن جناحين، للانتقال الى ما وراء البحار، وما وراء الصحارى، وما وراء الادغال. المشكلة النفسية ان الكثيرين يقولون انهم سيذهبون او انهم نجوا ولن يعودوا.
دمار العقول
الكل يتحدث الآن عن دمار الابنية، والجسور والمؤسسات. قلما يتحدث احد عن الذي لحق بالذاكرة، وبالقلب. لا، لا، ان وزير الثقافة طارق متري يقر بالدمار الذي اصاب العقل اللبناني.
انقلاب كامل في طريقة التفكير، وفي الرؤية.. كان يقال 'هنيئا لمن له مرقد عنزة في لبنان'. تغيرت الصورة تماما: 'هنيئا لمن له مرقد عنزة خارج لبنان'.
هناك قناعة شبه كاملة بأنه لا مجال لجولة ثانية من الحرب والبعض يرى في المقابلة الاخيرة لأمين عام حزب الله حسن نصرالله (مساء الاحد) 'فعل ندامة' على اختطاف الجنديين الاسرائيليين. هذا نقد ذاتي مهم جدا، وان كان مكلفا جدا ايضا، مع تأكد الالتزام باتفاق الطائف، اي انه لا وجود لأي توجه نحو 'الدولة الشيعية' او حول دور اكبر للشيعة في الصيغة التي هي عرجاء، اساسا، ولا تسمح بإطلاق اي ديناميكية وطنية لالغاء الطائفية السياسية سندا للمادة 95 من الدستور التي لا تعدو كونها مادة للكوميديا السوداء.
الحرب السياسية
الجولة الثانية من الحرب العسكرية مستبعدة ان لم تكن مستحيلة، كل من تبقى من اللبنانيين يسأل عن الجولة الثانية من الحرب السياسية، خصوصا مع تأكيد 'السيد' على البند الاول من اتفاق الطائف الذي يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية. والهدف بالطبع تشكيل حكومة يشارك فيها التيار الوطني الحر بزعامة النائب ميشال عون.
لكن للحرب السياسية وجه آخر، تقرير سيرج برامرتس في منتصف الشهر المقبل حول جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، خصوصا ان هناك من بدأ يسرب، ودون اي نفي من الجهات التي يتم التسريب منها، بأن 'حزب الله' ضالع في العملية. كلام خطير، ويفترض الا يبقى وراء الستار، وان كانت الحجة ان الحزب الذي يملك مثل تلك التقنية العالية هو وحده القادر على تنفيذ خطة الاغتيال، بمواصفاتها التقنية البالغة الدقة.
حتى الكلام، وان استند الى استنتاج، يعني على الساحة اللبنانية ما يعنيه. ويجن جنون اللبنانيين: ماذا ينتظرنا؟
أعوذ بالله..
عودة الى الدوامة: لا احد من اللبنانيين عنده الحد الادنى من الاقتناع بأن هذه الطبقة السياسية مؤهلة للانقاذ.
كلهم يهربون اذا لم توضع استراتيجية سيكولوجية لانقاذ اللبنانيين من مسلسله الصدمات. كان حلم كل شخص ان يشتري شقة، لا سيما من ابناء الجنوب والبقاع، في الضاحية، الآن يقول الناس: اعوذ بالله.
حالة مرضية، اجل، لكنها شديدة الواقعية. الحرب انتهت. اكتشف الطرفان كم هي مكلفة، وكم هي عبثية، تداعياتها بدأت. قواعد اللعبة داخل المجتمع اللبناني تغيرت. ثمة خوف، ورغبة في الرحيل.
استراتيجية سيكولوجية لترحيل اللبنانيين الى لبنان من فضلكم ساعدونا..
هل انتجت الحرب اللبناني.. الغريب الأطوار!
كل أشكال المساعدات قدمت للضحايا: البطانيات، المعلبات، الخيم، الادوية، الشوكولا، لكن لا احد اكترث بالأهم: المساعدة السيكولوجية.
من الأساس اللبناني غريب الأطوار عاشق هائل للحياة، ولكن من اجل خلاف بسيط على افضلية المرور يمكن ان يقتل او يقتل او يدخل الى السجن.
المسألة اختلفت الآن: اغنيات فيروز قدمت -سوسيولوجيا - الى حد بعيد. لم يعد لبنان بحاجة الى سفيرة الى النجوم. يشعر المواطن ان كل ما قيل له كان كذبا بكذب. هذا بلد مفتوح، او مشرع، على كل الاحتمالات.
تزوج من أجنبية
الأم التي كانت تعارض زواج ابنها من اجنبية غيرت رأيها الآن، ما دام هذا الزواج يؤمن له جنسية اجنبية، وحتى لو كانت هذه الجنسية السريلانكية.. بالطبع تبالغ، ولكن من الان فصاعدا سيزداد، بالتأكيد، عدد اللبنانيين الذين سيتزوجون من اميركيات وكنديات، والمانيات، وفرنسيات وروسيات. غريب ان عدد البريطانيات المتزوجات من لبنانيين يكاد لا يتعدى عدد اصابع اليدين، وان كان هناك لبنانيون يحملون جنسية صاحبة الجلالة منذ ان كانت بعض البلدان الافريقية التي هاجروا اليها تحت التاج البريطاني.
قبل الحرب، كان هناك لبناني، ونصف لبناني حاليا، لن تعثر على لبناني. يفترض تعديل المعطيات التي تعطى، عادة في دروس الجغرافيا: عدد السكان 4 ملايين.. نصف لبناني.
لبناني بدرجة الصفر
وانت تتحدث الى الناس، تشعر ان هناك من هو ربع لبناني، او لبناني بدرجة الصفر. ماذا يقدم هذا البلد الخلاق سوى الخوف والخراب. كل الرؤوس في الطبقة السياسية، الا ما ندر، مباعة للخارج، لا شيء اهم من الكرسي، لا شيء اهم من الثروة، وكل شيء آخر في المزاد العلني حتى ولو كانت عظام جبران خليل جبران.
اللبناني الضائع، اللبناني المهاجر، اللبناني المقطع الاوصال. في السابق كانت هناك قدم في لبنان وقدم اخرى وراء البحار او وراء الصحارى (او حتى وراء الادغال).
الآن، اللبناني هو مواطن مجنح، او هو يبحث عن جناحين، للانتقال الى ما وراء البحار، وما وراء الصحارى، وما وراء الادغال. المشكلة النفسية ان الكثيرين يقولون انهم سيذهبون او انهم نجوا ولن يعودوا.
دمار العقول
الكل يتحدث الآن عن دمار الابنية، والجسور والمؤسسات. قلما يتحدث احد عن الذي لحق بالذاكرة، وبالقلب. لا، لا، ان وزير الثقافة طارق متري يقر بالدمار الذي اصاب العقل اللبناني.
انقلاب كامل في طريقة التفكير، وفي الرؤية.. كان يقال 'هنيئا لمن له مرقد عنزة في لبنان'. تغيرت الصورة تماما: 'هنيئا لمن له مرقد عنزة خارج لبنان'.
هناك قناعة شبه كاملة بأنه لا مجال لجولة ثانية من الحرب والبعض يرى في المقابلة الاخيرة لأمين عام حزب الله حسن نصرالله (مساء الاحد) 'فعل ندامة' على اختطاف الجنديين الاسرائيليين. هذا نقد ذاتي مهم جدا، وان كان مكلفا جدا ايضا، مع تأكد الالتزام باتفاق الطائف، اي انه لا وجود لأي توجه نحو 'الدولة الشيعية' او حول دور اكبر للشيعة في الصيغة التي هي عرجاء، اساسا، ولا تسمح بإطلاق اي ديناميكية وطنية لالغاء الطائفية السياسية سندا للمادة 95 من الدستور التي لا تعدو كونها مادة للكوميديا السوداء.
الحرب السياسية
الجولة الثانية من الحرب العسكرية مستبعدة ان لم تكن مستحيلة، كل من تبقى من اللبنانيين يسأل عن الجولة الثانية من الحرب السياسية، خصوصا مع تأكيد 'السيد' على البند الاول من اتفاق الطائف الذي يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية. والهدف بالطبع تشكيل حكومة يشارك فيها التيار الوطني الحر بزعامة النائب ميشال عون.
لكن للحرب السياسية وجه آخر، تقرير سيرج برامرتس في منتصف الشهر المقبل حول جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، خصوصا ان هناك من بدأ يسرب، ودون اي نفي من الجهات التي يتم التسريب منها، بأن 'حزب الله' ضالع في العملية. كلام خطير، ويفترض الا يبقى وراء الستار، وان كانت الحجة ان الحزب الذي يملك مثل تلك التقنية العالية هو وحده القادر على تنفيذ خطة الاغتيال، بمواصفاتها التقنية البالغة الدقة.
حتى الكلام، وان استند الى استنتاج، يعني على الساحة اللبنانية ما يعنيه. ويجن جنون اللبنانيين: ماذا ينتظرنا؟
أعوذ بالله..
عودة الى الدوامة: لا احد من اللبنانيين عنده الحد الادنى من الاقتناع بأن هذه الطبقة السياسية مؤهلة للانقاذ.
كلهم يهربون اذا لم توضع استراتيجية سيكولوجية لانقاذ اللبنانيين من مسلسله الصدمات. كان حلم كل شخص ان يشتري شقة، لا سيما من ابناء الجنوب والبقاع، في الضاحية، الآن يقول الناس: اعوذ بالله.
حالة مرضية، اجل، لكنها شديدة الواقعية. الحرب انتهت. اكتشف الطرفان كم هي مكلفة، وكم هي عبثية، تداعياتها بدأت. قواعد اللعبة داخل المجتمع اللبناني تغيرت. ثمة خوف، ورغبة في الرحيل.
استراتيجية سيكولوجية لترحيل اللبنانيين الى لبنان من فضلكم ساعدونا..