زوربا
08-26-2006, 02:04 PM
موسى الصدر آمن بأن الدين واحد والله واحد فقرعت له أجراس الطوائف
بيروت - من ليندا عثمان
صدر أخيراً كتاب "موسى الصدر قدر ودور" للكاتبة الصحافية منى سكرية, وهو كناية عن حوار مع الباحث الخبير الدكتور حسين كنعان تحدث فيه عن مرحلة مهمة قضاها مع الإمام المغيب منذ تركه الحركة, -أمل- حتى الغياب. سرد الكاتب في كتابه وكما قال في حواره مع "السياسة", وقائع شخصية الإمام وتحدث عن الكاريزما التي امتاز بها هذا القائد الكبير وعن الرؤية والعقلانية التي كانت بمثابة القسط الأكبر من حركته السياسية..
وروى الدكتور حسين كنعان, بعض الحوارات مع "السيد" والتي تنم عن بعض الوقائع السياسية, لقد قال سماحته لكنعان بأن السوريين ينوون قصف زحلة سنة 1976, حيث كانت تتمركز القوات اللبنانية في المدينة وقد علم السيد بهذا الأمر من مصادر موثوقة, جداً, فسأله كنعان: كيف يتم ذلك وزحلة عاصمة الكاثوليك في البقاع وفي لبنان? فأجابه السيد: إنك لا تزال تنظر من خلال كتبك الأكاديمية.. وبالفعل بدأ بعد وقت قليل قصف "زحلة" من قبل القوات السورية وكنت قد عدت معه إلى عرمون وتوقفنا في بيت أحد ضباط الدرك وإسمه حبيب الأسمر, فقلت له إنني سأعرج إلى بيتي في بيروت لتفقده. قال إذاً سنلتقي غداً في مستشفى الزهراء... الساعة التاسعة, التقيت به في الوقت المحدد, وبعد عشر دقائق أو ربع ساعة, سمعنا الطيران الإسرائيلي يحلق على علو منخفض فوق بيروت, ومنها مدينة الزهراء, وانهمر الزجاج على الأرض, وهرعنا إلى السيارة حيث ركب معي السيد وكنا نشاهد بهلع زحمة السير, على طريق الأوزاعي وفي مدخل بيروت, وكانت المرة الأولى نسمع فيها أصوات الطائرات وهي تجوب سماءنا, والآن تعودنا على هذه التجربة, وعندما وصلنا إلى عرمون قال لي الإمام على ما يبدو: هنالك بعض الحقيقة في هذه الكتب, الأكاديمية التي تقرأ.
وفيما يلي نص الحوار:
ما هي الميزة الخاصة التي يتضمنها الكتاب?
لغاية الآن لم يكتب أحد عن فكر موسى الصدر, وقد تطرقت إلى فكره الروحي, والستراتيجي والأخلاقي, كان رجلاً, يؤمن إيماناً مطلقاً بحقوق الإنسان ولهذا كانت حركته حركة المحرومين هي من صلب حقوق الإنسان والجماعة, وكان يطلق هذه الأفكار بأخلاق عالية وإيمان صادق. النقطة الثانية في الكتاب, يعلم الإمام اللبنانيين كيف يكون الولاء للوطن-لبنان, عندما تحفظ كرامة وقيمة الفرد, كقيمة وحقوق وكيف تحقق كلمة العدالة في جميع المناطق اللبنانية, مع العدالة الشاملة ولا تمييز للبناني على آخر إلا بقدر ما يعطي لبنان ويتفانى في سبيله بعد صدور هذا الكتاب التقيت السيد حسن نصر الله, لمدة ساعة وربع الساعة, فسألني, كيف كان الإمام يوزع وقته ما بين احتواء الطبقات الشعبية والطبقة الفكرية والرأسمالية, وبقية الطوائف التي قرعت له الأجراس في جبيل ودير الأحمر, وكان وراء كل قمة عربية تخص لبنان ولم ينقطع في يوم من الأيام عن التحدث والتفاعل مع القادة العرب, فمن أين كان يأتي بهذا الوقت وهذه العزيمة, هل كان يستعين بكم سألني السيد نصر الله, فأجبته: حقيقة الأمر أننا كنا نستعين به, قلما كان يستعين بنا, إنما حسب معرفتي به كانت له طاقات مميزة, وفذة, وكان لا ينام أكثر من ساعتين أو ثلاث ساعات, في اليوم, فقد كان السيد موسى الصدر مدرسة في الحركة, ليس حركة المحرومين فقط, إنما
الحركة السياسية الدائمة, ولو كان السيد بيننا حسب انطباعي لما كانت الحرب العراقية الإيرانية حصلت.
كيف تصفه لنا?
كان السيد منفتحاً ومحاوراً, في تقارب الديانات وحوار الحضارات, وعلى حد علمي إنه الرجل الديني الكبير والإمام الذي ألقى خطبة في كنيسة الكبوشيين ومن ورائه صورة السيد المسيح, وألقى كلمة منشور قسم منها في الكتاب وهي تصلح أن تكون قاعدة أساسية لحوار الحضارات وتقارب الأديان, حيث يقول فيها: "كان الدين واحد عند الجميع ولم يزل واحداً إنما المجموعات البشرية هي التي جعلت منه أدياناً عدة, الله واحد للجميع".
هل يمكن القول أن هناك ما يشبه الكاريزما الخاصة بين الإمام الصدر والسيد نصر الله?
قال لي السيد حسن نصر الله أنه عندما كان طفلاً كان يأتي إلى متجر والده وكان والده يعلق صورة السيد "موسى" في الدكان. وكنت آتي وأنظر إلى صورة الرجل. تعلقت به منذ صغري فجئت في احدى الأيام وقلت لوالدي: أريد أن أكون مثل السيد وفعلاً درست الفقه ولم يزل الإمام الخميني والسيد موسى الصدر المثل الأعلى بالنسبة لي".
وقال لي مرة السيد نصر الله- ينتقدني البعض بأنني أقلد السيد موسى مع أن ذلك مديح ومفخرة لي.. لأنني كما ذكرت هو بالنسبة لي المثل الأعلى ولم يعط حقه في الإعلام, وهو طلب من محطة "المنار" أن تقوم بأرشفة فكر السيد ودوره بالصوت والصورة.
لماذا موسى الصدر في هذه الأيام تحديداً?
لم يكتب أحد عن السيد موسى, حتى الآن سوى تاريخ حياته وخطبه وما إلى ذلك... كتبت أنا تجربة حياة, مع هذا القائد ونشرت حوالى 20 رسالة بخط يده موجهة لي, وبعض الرسائل لم أستطع نشرها لأنها تنم عن قضايا خاصة.. هذه الرسائل تحمل في طياتها العمل السياسي في تلك الحقبة الزمنية التي عشناها ابتداءً من سنة 1974 حتى غيابه..
لو أن السيد كان موجوداً الآن هل كان حصل ما حصل من حرب ودمار?
وأنا من قال في الكتاب: لو عاد موسى الصدر إمام المقاومة لقبل عمامة سيد المقاومة وانحنى إجلالاً لكل الشهداء اللبنانيين الأبرار وفي ذلك الوقت لقبل تراب الوطن اللبناني الذي احتضن الوطن ولولا هذا الشعب وهذا الانفتاح لما تسنى للمقاومة عملية الإنتصار, نعم السيد موسى هو المقاوم الأول, في وجه التعنت الإسرائيلي, أليس هو القائل: إسرائيل شر مطلق وغدة سرطانية في هذا الشرق.
ماذا عن السفر إلى ليبيا قبيل عملية الإختطاف, سمعنا بإحساسه أن شيئاً ما يحدث?
الإمام رجل كبير دخل التاريخ من بابه الواسع منذ اختطافه في ليبيا.. فكل يوم وكل سنة الناس في ذكره وفي ذكر تعاليمه ومبادئه ومواقفه, ولكن الحاسة عنده كانت ولا شك من وحي الأنبياء والطهارة التي يوصف بها كانت من صفات الكبار في التاريخ كان مقاوماً ومؤسساً للمقاومة, كان دائماً يريد أن يكون مع المقاومين في الجنوب وهو صاحب القول "إنني لن أكون في البئر مثل (إرميا) بل أريد أن أكون مقاوماً مع أهلي وأخوتي في الجنوب". الخائفون يتآمرون, لقد خافوا من دوره فتآمروا عليه وأخفوه ولكن المقاومة هي العزاء الوحيد له في غربته وتحرير الجنوب هو البلسم الذي يجلب الإطمئنان.
وفي ما يتعلق بسؤالك عن شعوره بالخطر?
بعض التحاليل الفلسفية المرتكزة إلى الإسلام تقول بأن الله خلق الروح والنفس, فالروح هي الذرة الإلهية, المزروعة في الإنسان. وبمعنى آخر إنها الضمير المطلق, عنده, ولكن في الوقت ذاته خلق الله النفس. لها مراحلها في التطور, فمن النفس الإمارة بالسوء إلى النفس الآمنة والراضية المرضية, فإذا استطاع الإنسان أن يهذب النفس ويرتقي بها إلى النفس المرضية, فإنها عندئذٍ تحتك بالروح التي هي الذرة الإلهية عند الإنسان. فإذا حصل هذا الإحتكاك فإن أصحاب هذه النفوس يصبحون في مصاف الأنبياء. وتقوى عندهم الحاسة السادسة التي ترشدهم باللاوعي إلى المسار المطلوب.
أسرد ذلك, لأقول أن الإمام الصدر حسبما رأيته يفعل في جنتا, يجعلني في بعض الحالات الروحانية أعتقد أن لديه توجهاً روحياً داخلياً يقرر له دوره ومسيره, وبالنتجية إنها إرادة الله. في النهاية أقول: هذا قدر السيد موسى, ورسالته وهو الذي لم يساوم بأفكاره ومبادئه, فمن يساوم لا يدرج التاريخ اسمه في قائمة القادة. والقادة الحقيقيون دائماً يدفعون ثمن خطهم المستقيم ومشروع موسى الصدر كان أكبر مما يتصوره البعض, أكبر من أن يزور ضيعه ويأكل عند سكانها أو أن يأكل بوظة من بائع تقاطعه الزبائن لا يشترون من عنده لأنه مسيحي. موسى الصدر مشروع سياسي كبير ولو قدر له أن يكون رئيساً لإيران لما حصلت الحرب العراقية الإيرانية لأنه يفهم العرب كما يفهم الفرس, ولكان الوضع على ساحة الشرق الأوسط أسلم بكثير مما هو عليه, من هنا فإن قادة التاريخ الذين يدافعون عن حقوق الإنسان تطاردهم دائماً يد الشر... أما السياسي فهو الذي يتعاطى بالشأن اليومي وبالإنتخابات... قادة التاريخ يكونون رؤية بعيدة للمستقبل ينطلقون في سبيل تحقيقه, لذلك فإن القائد يختلف عن السياسي بالرؤية, موسى الصدر كان من هؤلاء القادة الذين يملكون رؤية بعيدة..
بيروت - من ليندا عثمان
صدر أخيراً كتاب "موسى الصدر قدر ودور" للكاتبة الصحافية منى سكرية, وهو كناية عن حوار مع الباحث الخبير الدكتور حسين كنعان تحدث فيه عن مرحلة مهمة قضاها مع الإمام المغيب منذ تركه الحركة, -أمل- حتى الغياب. سرد الكاتب في كتابه وكما قال في حواره مع "السياسة", وقائع شخصية الإمام وتحدث عن الكاريزما التي امتاز بها هذا القائد الكبير وعن الرؤية والعقلانية التي كانت بمثابة القسط الأكبر من حركته السياسية..
وروى الدكتور حسين كنعان, بعض الحوارات مع "السيد" والتي تنم عن بعض الوقائع السياسية, لقد قال سماحته لكنعان بأن السوريين ينوون قصف زحلة سنة 1976, حيث كانت تتمركز القوات اللبنانية في المدينة وقد علم السيد بهذا الأمر من مصادر موثوقة, جداً, فسأله كنعان: كيف يتم ذلك وزحلة عاصمة الكاثوليك في البقاع وفي لبنان? فأجابه السيد: إنك لا تزال تنظر من خلال كتبك الأكاديمية.. وبالفعل بدأ بعد وقت قليل قصف "زحلة" من قبل القوات السورية وكنت قد عدت معه إلى عرمون وتوقفنا في بيت أحد ضباط الدرك وإسمه حبيب الأسمر, فقلت له إنني سأعرج إلى بيتي في بيروت لتفقده. قال إذاً سنلتقي غداً في مستشفى الزهراء... الساعة التاسعة, التقيت به في الوقت المحدد, وبعد عشر دقائق أو ربع ساعة, سمعنا الطيران الإسرائيلي يحلق على علو منخفض فوق بيروت, ومنها مدينة الزهراء, وانهمر الزجاج على الأرض, وهرعنا إلى السيارة حيث ركب معي السيد وكنا نشاهد بهلع زحمة السير, على طريق الأوزاعي وفي مدخل بيروت, وكانت المرة الأولى نسمع فيها أصوات الطائرات وهي تجوب سماءنا, والآن تعودنا على هذه التجربة, وعندما وصلنا إلى عرمون قال لي الإمام على ما يبدو: هنالك بعض الحقيقة في هذه الكتب, الأكاديمية التي تقرأ.
وفيما يلي نص الحوار:
ما هي الميزة الخاصة التي يتضمنها الكتاب?
لغاية الآن لم يكتب أحد عن فكر موسى الصدر, وقد تطرقت إلى فكره الروحي, والستراتيجي والأخلاقي, كان رجلاً, يؤمن إيماناً مطلقاً بحقوق الإنسان ولهذا كانت حركته حركة المحرومين هي من صلب حقوق الإنسان والجماعة, وكان يطلق هذه الأفكار بأخلاق عالية وإيمان صادق. النقطة الثانية في الكتاب, يعلم الإمام اللبنانيين كيف يكون الولاء للوطن-لبنان, عندما تحفظ كرامة وقيمة الفرد, كقيمة وحقوق وكيف تحقق كلمة العدالة في جميع المناطق اللبنانية, مع العدالة الشاملة ولا تمييز للبناني على آخر إلا بقدر ما يعطي لبنان ويتفانى في سبيله بعد صدور هذا الكتاب التقيت السيد حسن نصر الله, لمدة ساعة وربع الساعة, فسألني, كيف كان الإمام يوزع وقته ما بين احتواء الطبقات الشعبية والطبقة الفكرية والرأسمالية, وبقية الطوائف التي قرعت له الأجراس في جبيل ودير الأحمر, وكان وراء كل قمة عربية تخص لبنان ولم ينقطع في يوم من الأيام عن التحدث والتفاعل مع القادة العرب, فمن أين كان يأتي بهذا الوقت وهذه العزيمة, هل كان يستعين بكم سألني السيد نصر الله, فأجبته: حقيقة الأمر أننا كنا نستعين به, قلما كان يستعين بنا, إنما حسب معرفتي به كانت له طاقات مميزة, وفذة, وكان لا ينام أكثر من ساعتين أو ثلاث ساعات, في اليوم, فقد كان السيد موسى الصدر مدرسة في الحركة, ليس حركة المحرومين فقط, إنما
الحركة السياسية الدائمة, ولو كان السيد بيننا حسب انطباعي لما كانت الحرب العراقية الإيرانية حصلت.
كيف تصفه لنا?
كان السيد منفتحاً ومحاوراً, في تقارب الديانات وحوار الحضارات, وعلى حد علمي إنه الرجل الديني الكبير والإمام الذي ألقى خطبة في كنيسة الكبوشيين ومن ورائه صورة السيد المسيح, وألقى كلمة منشور قسم منها في الكتاب وهي تصلح أن تكون قاعدة أساسية لحوار الحضارات وتقارب الأديان, حيث يقول فيها: "كان الدين واحد عند الجميع ولم يزل واحداً إنما المجموعات البشرية هي التي جعلت منه أدياناً عدة, الله واحد للجميع".
هل يمكن القول أن هناك ما يشبه الكاريزما الخاصة بين الإمام الصدر والسيد نصر الله?
قال لي السيد حسن نصر الله أنه عندما كان طفلاً كان يأتي إلى متجر والده وكان والده يعلق صورة السيد "موسى" في الدكان. وكنت آتي وأنظر إلى صورة الرجل. تعلقت به منذ صغري فجئت في احدى الأيام وقلت لوالدي: أريد أن أكون مثل السيد وفعلاً درست الفقه ولم يزل الإمام الخميني والسيد موسى الصدر المثل الأعلى بالنسبة لي".
وقال لي مرة السيد نصر الله- ينتقدني البعض بأنني أقلد السيد موسى مع أن ذلك مديح ومفخرة لي.. لأنني كما ذكرت هو بالنسبة لي المثل الأعلى ولم يعط حقه في الإعلام, وهو طلب من محطة "المنار" أن تقوم بأرشفة فكر السيد ودوره بالصوت والصورة.
لماذا موسى الصدر في هذه الأيام تحديداً?
لم يكتب أحد عن السيد موسى, حتى الآن سوى تاريخ حياته وخطبه وما إلى ذلك... كتبت أنا تجربة حياة, مع هذا القائد ونشرت حوالى 20 رسالة بخط يده موجهة لي, وبعض الرسائل لم أستطع نشرها لأنها تنم عن قضايا خاصة.. هذه الرسائل تحمل في طياتها العمل السياسي في تلك الحقبة الزمنية التي عشناها ابتداءً من سنة 1974 حتى غيابه..
لو أن السيد كان موجوداً الآن هل كان حصل ما حصل من حرب ودمار?
وأنا من قال في الكتاب: لو عاد موسى الصدر إمام المقاومة لقبل عمامة سيد المقاومة وانحنى إجلالاً لكل الشهداء اللبنانيين الأبرار وفي ذلك الوقت لقبل تراب الوطن اللبناني الذي احتضن الوطن ولولا هذا الشعب وهذا الانفتاح لما تسنى للمقاومة عملية الإنتصار, نعم السيد موسى هو المقاوم الأول, في وجه التعنت الإسرائيلي, أليس هو القائل: إسرائيل شر مطلق وغدة سرطانية في هذا الشرق.
ماذا عن السفر إلى ليبيا قبيل عملية الإختطاف, سمعنا بإحساسه أن شيئاً ما يحدث?
الإمام رجل كبير دخل التاريخ من بابه الواسع منذ اختطافه في ليبيا.. فكل يوم وكل سنة الناس في ذكره وفي ذكر تعاليمه ومبادئه ومواقفه, ولكن الحاسة عنده كانت ولا شك من وحي الأنبياء والطهارة التي يوصف بها كانت من صفات الكبار في التاريخ كان مقاوماً ومؤسساً للمقاومة, كان دائماً يريد أن يكون مع المقاومين في الجنوب وهو صاحب القول "إنني لن أكون في البئر مثل (إرميا) بل أريد أن أكون مقاوماً مع أهلي وأخوتي في الجنوب". الخائفون يتآمرون, لقد خافوا من دوره فتآمروا عليه وأخفوه ولكن المقاومة هي العزاء الوحيد له في غربته وتحرير الجنوب هو البلسم الذي يجلب الإطمئنان.
وفي ما يتعلق بسؤالك عن شعوره بالخطر?
بعض التحاليل الفلسفية المرتكزة إلى الإسلام تقول بأن الله خلق الروح والنفس, فالروح هي الذرة الإلهية, المزروعة في الإنسان. وبمعنى آخر إنها الضمير المطلق, عنده, ولكن في الوقت ذاته خلق الله النفس. لها مراحلها في التطور, فمن النفس الإمارة بالسوء إلى النفس الآمنة والراضية المرضية, فإذا استطاع الإنسان أن يهذب النفس ويرتقي بها إلى النفس المرضية, فإنها عندئذٍ تحتك بالروح التي هي الذرة الإلهية عند الإنسان. فإذا حصل هذا الإحتكاك فإن أصحاب هذه النفوس يصبحون في مصاف الأنبياء. وتقوى عندهم الحاسة السادسة التي ترشدهم باللاوعي إلى المسار المطلوب.
أسرد ذلك, لأقول أن الإمام الصدر حسبما رأيته يفعل في جنتا, يجعلني في بعض الحالات الروحانية أعتقد أن لديه توجهاً روحياً داخلياً يقرر له دوره ومسيره, وبالنتجية إنها إرادة الله. في النهاية أقول: هذا قدر السيد موسى, ورسالته وهو الذي لم يساوم بأفكاره ومبادئه, فمن يساوم لا يدرج التاريخ اسمه في قائمة القادة. والقادة الحقيقيون دائماً يدفعون ثمن خطهم المستقيم ومشروع موسى الصدر كان أكبر مما يتصوره البعض, أكبر من أن يزور ضيعه ويأكل عند سكانها أو أن يأكل بوظة من بائع تقاطعه الزبائن لا يشترون من عنده لأنه مسيحي. موسى الصدر مشروع سياسي كبير ولو قدر له أن يكون رئيساً لإيران لما حصلت الحرب العراقية الإيرانية لأنه يفهم العرب كما يفهم الفرس, ولكان الوضع على ساحة الشرق الأوسط أسلم بكثير مما هو عليه, من هنا فإن قادة التاريخ الذين يدافعون عن حقوق الإنسان تطاردهم دائماً يد الشر... أما السياسي فهو الذي يتعاطى بالشأن اليومي وبالإنتخابات... قادة التاريخ يكونون رؤية بعيدة للمستقبل ينطلقون في سبيل تحقيقه, لذلك فإن القائد يختلف عن السياسي بالرؤية, موسى الصدر كان من هؤلاء القادة الذين يملكون رؤية بعيدة..