المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسائل وجهها جنبلاط من خلال استشهاده بكتاب خاتمي



جمال
08-19-2006, 04:07 PM
http://www.aawsat.com/2006/08/19/images/news.378712.jpg


بيروت: خلدون زين الدين

«نعرف تماما بأنه يجب ألا تعطى إسرائيل فرصة للتذرع بحجج جديدة بغية تجنيد القوى الاميركية لخدمة اهدافها. اننا لا نرغب في المشاركة في تصعيد التوتر في المنطقة او التورط في احداث تزعزع الاستقرار في حالة وقوعها».
... الكلام للسيد محمد خاتمي، وقد ورد ذلك في رسالة اراد «الحكيم الاسلامي» ـ كما يصفه رئيس «اللقاء الديمقراطي» اللبناني النائب وليد جنبلاط ـ توجيهها الى اللبنانيين «كل اللبنانيين» خلال زيارة قام بها الى لبنان في العام 2003 حيث ألقى خطاباً في المدينة الرياضية في بيروت، أتى مفعماً بعبارات «الانفتاح والديمقراطية».

بالأمس أعاد جنبلاط التذكير بكلام خاتمي خلال مؤتمر الصحافي الاخير «اول من امس» ، ما طرح اسئلة كثيرة حول التوقيت، فهل اتى الاستشهاد بخاتمي بشكل عبثي ام انه استخدم لـ «بثّ» رسائل متنوعة الى الداخل الللبناني والخارج الاقليمي؟

الجواب لا يختلف عليه اثنان سواء من الاقربين او الابعدين. من المعروف ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يختار كلماته بعناية كبيرة، خصوصاً في المحطات المصيرية. اراد التشديد على كلام خاتمي لسببين اساسيين ظهرا جلياً من خلال المقتطفات التي اختار جنبلاط قراءتها امام الصحافيين امس الاول من كتاب «خاتمي يخاطب لبنان». جنبلاط قرأ التالي: «ان الاسلام العقلاني التقدمي هو الذي من شأنه ان يضيق الساحة على ما يطرح ويقدم باسم الاسلام من تصلب ورجعية وتطرف. ان المسيحية الداعية الى المحبة والتسامح هي التي من شأنها ان تقلل من خطر الاصولية ونشوب الصراعات الدينية باسم المسيحية». وهنا يعلق جنبلاط بالقول: «كأن السيد خاتمي استشرف آنذاك خطر الاصولية المسيحية conservatives neo- في اميركا، والاصولية الاسلامية لجماعة احمدي نجاد اليوم في طهران».

ثم تابع قراءته في الكتاب: «ان الروح اللبنانية والثقافة اللبنانية تشكلان الارضية الملائمة لنشوء مثل هذه الافكار وتطورها. نحن وانتم نعرف جيدا أن اعداء السلام والحرية في منطقتنا يحاولون توسيع نطاق التوتر والاضطراب، وذلك بهدف تدمير الجهود التي بذلتها شعوب الشرق الاوسط في مجال الديمقراطية الحقيقية والسير نحو الاعمار والبناء والتنمية. اننا نتطلع الى لبنان كبلد وكمجتمع من اجل الانتباه الى هذا الخطر لأننا نعرف ان هذا البلد يشكل للحوار مركزا اساسيا يدوي صوته في المنطقة. لبنان يمثل مهدا للتعقل والحنكة والسير نحو السلام والاستقرار».

ويختم جنبلاط بفقرة وردت في الكتاب ايضا وجاء فيها: «اننا نعرف ان اسرائيل لا ترى بأسا ان تسعى وراء بعض أطماعها التاريخية بعد استقرار القوات العسكرية الاميركية في العراق. ونعرف تماما أنه يجب ألا تعطى اسرائيل ـ هذا الكلام للسيد خاتمي ـ فرصة للتذرع بحجج جديدة بغية تجنيد القوى الاميركية لخدمة اهدافها. اننا لا نرغب في المشاركة في تصعيد التوتر في المنطقة او التورط في إحداث تزعزع الاستقرار في حال وقوعها. اننا نعرف جيدا ذكاء ابناء لبنان واحزابه وطوائفه وبصيرتهم ووعيهم في هذا الظرف الخطير. واننا نؤمن بأن لبنان كان دوما على وعي ويقظة وانه قد فرض الهزيمة على الاعداء بفضل مقاومته الشاملة. الشاملة يعني الاجماع، الاجماع العسكري والاجماع السياسي».

هذه الفقرات التي تلاها جنبلاط، وعلّق في الختام على ما قرأه قائلا: «اين كنا في العام 2003 واين اصبحنا اليوم في العام 2006. من جهة مغامرات اميركا واسرائيل، ومن جهة مغامرات احمدي نجاد وغير احمدي نجاد». بعض القريبين من رئيس «اللقاء الديمقراطي» رأوا ان استشهاد جنبلاط بالسيد خاتمي امر طبيعي. وهو ـ أي جنبلاط ـ يتحدث بشكل دائم عن مزايا وافكار ورؤى «السيد» في مجالسه الخاصة، ويصفة بـ «المنفتح» و«الحكيم» و«الديمقراطي». مفوَّض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي «الذي يتزعمه جنبلاط» رامي الريس قال لـ«الشرق الاوسط» ان «الرسائل التي اراد جنبلاط توجيهها من خلال السيد خاتمي داخلية وخارجية، للتدليل على التحول الكبير الذي حصل في ايران، والذي ادى الى انتقال الجمهورية الاسلامية من الديمقراطية والانفتاح ايام خاتمي الى التشدد والتطرف مع احمدي نجاد الرئيس الايراني الحالي». ورأى الريّس ان «تجربة خاتمي هي تجربة ديمقراطية عريقة. واراد الرئيس وليد جنبلاط الاستشهاد به لتوجيه اكثر من رسالة الى الداخل والخارج على حد سواء، وخصوصاً في مسألة عدم اعطاء اسرائيل ذريعة». وختم الريّس بالقول: «ان جنبلاط يرى ان التنوع في لبنان اصبح مفقودا». النائب علاء الدين ترو «عضو في اللقاء الديمقراطي» وقريب من جنبلاط قال لـ «الشرق الاوسط»: «ان الرئيس وليد جنبلاط استشهد بكلام السيد خاتمي للمقارنة بين احد اسس ودعائم حوار الحضارات محمد خاتمي، هذا الكبير المتنور والمنفتح ـ كما وصفه ـ وبين التطرف الذي يقوده الرئيس الايراني الحالي احمدي نجاد الذي اتى بتصريحات نارية تحدث فيها عن المحرقة اليهودية مثلا وازالة دولة اسرائيل، كما حرّض على العنف». واضاف: «النائب جنبلاط اراد تذكير الايرانيين بان هناك حقبة مهمة في تاريخ جمهوريتهم سادتها الديمقراطية والسلام مع المجتمع الدولي بمجمله وليس كهذه الحقبة اليوم، التي ادخل فيها نجاد ايران في صراع وتصادم مع الدول الكبرى. كما اراد جنبلاط القول ان هناك شيعة منفتحين يريدون السلام والحوار ويحترمون الرأي الاخر، وهناك فئة لا تريد ذلك ولا تحترم الرأي الاخر ولا التنوع». من جهته قال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل بو فاعور لـ«الشرق الاوسط» ان «جنبلاط وجه رسالتين من خلاله استشهاده بالسيد خاتمي. رسالة الى الداخل اللبناني واخرى الى ايران. ففي ما يتعلق برسالته الى ايران اراد جنبلاط توجيه رسالة مفادها ان على ايران ان تتعامل مع لبنان ليس كساحة صراع وليس كملعب لسياساتها كما يجري اليوم من خلال سياسات احمدي نجاد، بل كقيمة ونموذج للتنوع والديمقراطية كما تعامل معه السيد خاتمي كبلد رسالة. كما وجّه جنبلاط رسالة الى الشيعة في لبنان ـ برأي بو فاعور ـ لكي يقتدوا بالرسالات الاسلامية المنفتحة التي تدعو الشيعة الى الانخراط في التجربة الديمقراطية اللبنانية والوطنية اللبنانية كما كانوا سابقا رافعة للاحزاب الوطنية بدل الانكفاء الى مواقع خاصة ومشاريع خاصة، بل عليهم الاندماج بلبنان اكثر وتقديم مصلحته على أي مصلحة اخرى بدل الالتحاق بمشاريع ايرانية».

... من المتعارف عليه ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يوجه رسائله غالباً من خلال كتب تكون بحوزته. وهذا ما ظهر في مؤتمر الحوار اللبناني حيث كان جنبلاط يحضر معه غالبا الى طاولة الحوار كتبا مخصصة لتوجيه الرسائل.

رسالتان اختار جنبلاط توجيههما بالامس. الاولى عن الذريعة التي اعطاها حزب الله لاسرائيل وارتباطه تاليا بسياسات ايرانية. والثانية تتعلق باحترام التنوع اللبناني، حيث ورد في مؤتمره اكثر من مرّة، ان حزب الله لم يستشر «الحكماء الآخرين، كالحكومة والقوى اللبنانية الاخرى، ولم يستشر بقية اللبنانيين، بل اخذ قرار الحرب والسلم منفردا».