مقاتل
08-16-2006, 04:18 PM
محللون: قرار مجلس الأمن تراجع كبير عن تطلعات الإدارة الأميركية
واشنطن: بيتر وولستين*
ظلت ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش تقاوم الضغوط الدولية الرامية الى التوصل الى وقف إطلاق النار بين اسرائيل و«حزب الله» مع إصرارها على ان نزع سلاحه سيكون العلاج الوحيد «للسبب الاساسي» للقتال ويمنع انهيار اتفاق سلام آخر. إلا ان الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من صباح الاثنين، دون القضاء على التهديد العسكري الذي يشكله «حزب الله» ودون سبيل واضح لنزع سلاحه، تشير الى نهاية اقل درامية مقارنة بالنتائج التي كانت تأمل ادارة بوش في التوصل اليها عندما بدأ القتال في يوليو (تموز) الماضي. وبدلا من النظر الى النزاع في لبنان باعتباره جبهة جديدة في اجندة الرئيس بوش الواسعة لنشر الديمقراطية والقضاء على الإرهاب اضطر مسؤولو ادارة بوش الى مواجهة واقع تزايد القتلى المدنيين في لبنان وعجز اسرائيل عن التعامل مع «حزب الله» على اساس الضربة القاضية.
ويقول ادوارد لوتواك، مستشار السياسات للرئيس الاميركية السابق رونالد ريغان، ان ما حدث لم يكن فشل وإنما خيبة أمل هائلة. ووصف عدة خبراء قرار مجلس الامن الجديد الذي ايدته الادارة الاميركية بأنه «تراجع كبير» عن تطلعات واشنطن.
إذ قال ادوارد ووكر، الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة لدى كل من مصر واسرائيل خلال عقد التسعينات، معلقا: «انهم يريدون ان يغيروا العالم ولا يريدون الوضع الراهن، وفي هذه الحالة توصلوا الى ان هناك حدودا لما يمكن ان يفعلوه لتحقيق ذلك». وسعى بوش يوم اول من امس لتصوير اتفاق الامم المتحدة كنجاح واصفا مساعي ادارته مع اسرائيل ولبنان كونها جزءا من «استراتيجية متقدمة للحرية في الشرق الاوسط الكبير». وقال بوش ان الاتفاق الذي جرى التوصل اليه يمثل «هزيمة» لـ«حزب الله» الذي فقد قدرته في ان يكون «دولة داخل دولة» في جنوب لبنان. ولكن لدى سؤاله حول كيف سيضعف القرار «حزب الله» ويقطع الإمدادات عنه من سورية وإيران، لم يرد بوش بأي تأكيدات ولم يكن لديه احساس بالتفاؤل فيما يبدو.
وأعرب بوش ان امله، عقب لقاء له بكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية، في ان تعالج سلسلة القرارات التي جرت المصادقة عليها السبب الاساسي للمشكلة. وقال خلال حديثه ان الولايات المتحدة تريد السلام ولا تهتم للإجراءات وإنما تريد نتائج. إلا ان عدة محللين قالوا ان قرار الامم المتحدة مبهم إزاء كيفية لجم «حزب الله»، وأشاروا ايضا الى ان الاتفاق مبهم في كيفية منع كل من ايران وسورية من مواصلة إرسال السلاح الى «حزب الله»، بما في ذلك الصواريخ. وعلى الرغم من ان الاتفاق ينادي بترك «حزب الله» جنوب لبنان، فإنه غير واضح في كيفية وقف الحزب من العمل في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني على بعد 20 ميلا من حدود اسرائيل. وحتى قبل ان يتخذ قرار الامم المتحدة شكله دفعت مسألة تراجع مصداقية الولايات المتحدة في الشرق الاوسط الرئيس بوش الى اعلان ان وضع قوات اميركية في الخطوط الأمامية لقوات حفظ السلام في لبنان سيأتي بنتائج عكسية. وانعكس تراجع تطلعات الادارة الاميركية في قرار الامم المتحدة المشار اليه في تعليقات ادلى بها خلال فترة نهاية الاسبوع الماضي مسؤولون لم يكن لديهم سوى كلمات الامل والتفاؤل وليس عبارات التأكيد على الانتصار المعهودة. فعلى سبيل المثال، تحاشى توني سنو المتحدث باسم البيت الابيض الاجابة على اسئلة بخصوص ما اذا كانت الولايات المتحدة تأمل في هزيمة حزب الله، وقال ان «نزع السلاح هو مسؤولية حكومة لبنان، بمساعدة من القوات الدولية». ولكنه اوضح «لن يحدث ذلك بين ليلة وضحاها».
اما رايس فقد كانت اقل حسما، فعندما سألها مقدم برامج اذاعي عما اذا كان حزب الله سيتمكن من العمل، قالت ان الحكومة اللبنانية وحدها «ملتزمة ببداية نزع سلاح حزب الله». وهذه اللغة الحذرة تتعارض بحدة مع الرسائل التي كانت تتردد في البداية، عندما اعتقدت الادارة ان الجيش الاسرائيلي سيشل حزب الله قبل الاتفاق على وقف اطلاق النار. ففي 18 يوليو، تكهن بوش بأنه النزاع سيتحول «الى فرصة» لمواجهة الاسباب الجذرية للارهاب وتؤدي الى استقرار الديمقراطية الناشئة في لبنان. وبعدما توقف اطلاق النار الاثنين، ذكر عدد من المحللين ان وقف اطلاق النار، مع افتقاره للوضوح في عدد من النقاط يمكن ان يتحول الى ما ذكر بوش انه لا يريده.
واوضح جوشوا مورافتشيك الباحث المقيم في معهد «اميركان انتربرايز» الذي كتب كثيرا عن الامم المتحدة والشرق الاوسط والسياسة الخارجية لادارة بوش «ليس من المرجح نزع سلاح حزب الله. اذا كنت اشغل منصب الامن القومي او الرئيس، لما طلبت ذلك».
وقال المحللون ان لهجة ادارة بوش الجديدة تعكس معرفة ان اهدافها العامة لم تنطبق على المنطقة، وان اجندة الولايات المتحدة بدأت في الابتعاد عن الاجندة الاسرائيلية.
واراد البعض في ادارة بوش من اسرائيل شن هجوم هائل لتدمير حزب الله. ولكن الاسرائيليين كانوا يواجهون سؤالا سياسيا خطيرا حول ما اذا كانوا يواجهون الافا من القوات البرية في وقت كانت فيه صواريخ حزب الله لا تؤدي الى دمار على نطاق واسع. وبدلا من ذلك، ذكر الخبراء ان اسرائيل حاولت الحاق اكبر ضرر ممكن عن طريق الغارات الجوية. وفي الوقت ذاته، وطبقا لوسائل الاعلام الاسرائيلية وتقرير في صحيفة «فوروارد» اليهودية التي تصدر في نيويورك، فان الاسرائيليين كانوا يأملون في اجراء الولايات المتحدة اتصالات علي مستويات عليا مع سورية على امل الوصول الى حزب الله – ولكن تلك الاتصالات لم تتبلور. وكما بدا واضحا في الايام الاخيرة ان اسرائيل لن تتمكن من القضاء على حزب الله، انتقل الدعم في البيت الابيض من المتشددين، الذين يقودهم عادة نائب الرئيس ديك تشيني، الى المدافعين عن مزيد من الدبلوماسية. وقال مورافتشيك «ان تردد اسرائيل سحب البساط من تحت اقدام المتشددين».
واكد سنو، في مقابلة صحافية، ان البعض في الادارة كانوا يأملون، في ان يصبح الهجوم الاسرائيلي اكثر حزما. ولكنه رفض تقديم المزيد من التفاصيل وحذر من ان ذلك «لم يكن الوضع المحدد او الواضح للرئيس او كبار مستشاريه». واضاف سنو «هناك العديد من الناس الذين قالوها، البعض في الداخل».
ومع عودة بوش للبيت الابيض يوم الاثنين، بعد اجازة عمل قضاها في تكساس استمرت 10 ايام، فإن افاق تعزز حزب الله واستمرار المعارك تلوح في الافق.
* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»
واشنطن: بيتر وولستين*
ظلت ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش تقاوم الضغوط الدولية الرامية الى التوصل الى وقف إطلاق النار بين اسرائيل و«حزب الله» مع إصرارها على ان نزع سلاحه سيكون العلاج الوحيد «للسبب الاساسي» للقتال ويمنع انهيار اتفاق سلام آخر. إلا ان الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من صباح الاثنين، دون القضاء على التهديد العسكري الذي يشكله «حزب الله» ودون سبيل واضح لنزع سلاحه، تشير الى نهاية اقل درامية مقارنة بالنتائج التي كانت تأمل ادارة بوش في التوصل اليها عندما بدأ القتال في يوليو (تموز) الماضي. وبدلا من النظر الى النزاع في لبنان باعتباره جبهة جديدة في اجندة الرئيس بوش الواسعة لنشر الديمقراطية والقضاء على الإرهاب اضطر مسؤولو ادارة بوش الى مواجهة واقع تزايد القتلى المدنيين في لبنان وعجز اسرائيل عن التعامل مع «حزب الله» على اساس الضربة القاضية.
ويقول ادوارد لوتواك، مستشار السياسات للرئيس الاميركية السابق رونالد ريغان، ان ما حدث لم يكن فشل وإنما خيبة أمل هائلة. ووصف عدة خبراء قرار مجلس الامن الجديد الذي ايدته الادارة الاميركية بأنه «تراجع كبير» عن تطلعات واشنطن.
إذ قال ادوارد ووكر، الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة لدى كل من مصر واسرائيل خلال عقد التسعينات، معلقا: «انهم يريدون ان يغيروا العالم ولا يريدون الوضع الراهن، وفي هذه الحالة توصلوا الى ان هناك حدودا لما يمكن ان يفعلوه لتحقيق ذلك». وسعى بوش يوم اول من امس لتصوير اتفاق الامم المتحدة كنجاح واصفا مساعي ادارته مع اسرائيل ولبنان كونها جزءا من «استراتيجية متقدمة للحرية في الشرق الاوسط الكبير». وقال بوش ان الاتفاق الذي جرى التوصل اليه يمثل «هزيمة» لـ«حزب الله» الذي فقد قدرته في ان يكون «دولة داخل دولة» في جنوب لبنان. ولكن لدى سؤاله حول كيف سيضعف القرار «حزب الله» ويقطع الإمدادات عنه من سورية وإيران، لم يرد بوش بأي تأكيدات ولم يكن لديه احساس بالتفاؤل فيما يبدو.
وأعرب بوش ان امله، عقب لقاء له بكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية، في ان تعالج سلسلة القرارات التي جرت المصادقة عليها السبب الاساسي للمشكلة. وقال خلال حديثه ان الولايات المتحدة تريد السلام ولا تهتم للإجراءات وإنما تريد نتائج. إلا ان عدة محللين قالوا ان قرار الامم المتحدة مبهم إزاء كيفية لجم «حزب الله»، وأشاروا ايضا الى ان الاتفاق مبهم في كيفية منع كل من ايران وسورية من مواصلة إرسال السلاح الى «حزب الله»، بما في ذلك الصواريخ. وعلى الرغم من ان الاتفاق ينادي بترك «حزب الله» جنوب لبنان، فإنه غير واضح في كيفية وقف الحزب من العمل في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني على بعد 20 ميلا من حدود اسرائيل. وحتى قبل ان يتخذ قرار الامم المتحدة شكله دفعت مسألة تراجع مصداقية الولايات المتحدة في الشرق الاوسط الرئيس بوش الى اعلان ان وضع قوات اميركية في الخطوط الأمامية لقوات حفظ السلام في لبنان سيأتي بنتائج عكسية. وانعكس تراجع تطلعات الادارة الاميركية في قرار الامم المتحدة المشار اليه في تعليقات ادلى بها خلال فترة نهاية الاسبوع الماضي مسؤولون لم يكن لديهم سوى كلمات الامل والتفاؤل وليس عبارات التأكيد على الانتصار المعهودة. فعلى سبيل المثال، تحاشى توني سنو المتحدث باسم البيت الابيض الاجابة على اسئلة بخصوص ما اذا كانت الولايات المتحدة تأمل في هزيمة حزب الله، وقال ان «نزع السلاح هو مسؤولية حكومة لبنان، بمساعدة من القوات الدولية». ولكنه اوضح «لن يحدث ذلك بين ليلة وضحاها».
اما رايس فقد كانت اقل حسما، فعندما سألها مقدم برامج اذاعي عما اذا كان حزب الله سيتمكن من العمل، قالت ان الحكومة اللبنانية وحدها «ملتزمة ببداية نزع سلاح حزب الله». وهذه اللغة الحذرة تتعارض بحدة مع الرسائل التي كانت تتردد في البداية، عندما اعتقدت الادارة ان الجيش الاسرائيلي سيشل حزب الله قبل الاتفاق على وقف اطلاق النار. ففي 18 يوليو، تكهن بوش بأنه النزاع سيتحول «الى فرصة» لمواجهة الاسباب الجذرية للارهاب وتؤدي الى استقرار الديمقراطية الناشئة في لبنان. وبعدما توقف اطلاق النار الاثنين، ذكر عدد من المحللين ان وقف اطلاق النار، مع افتقاره للوضوح في عدد من النقاط يمكن ان يتحول الى ما ذكر بوش انه لا يريده.
واوضح جوشوا مورافتشيك الباحث المقيم في معهد «اميركان انتربرايز» الذي كتب كثيرا عن الامم المتحدة والشرق الاوسط والسياسة الخارجية لادارة بوش «ليس من المرجح نزع سلاح حزب الله. اذا كنت اشغل منصب الامن القومي او الرئيس، لما طلبت ذلك».
وقال المحللون ان لهجة ادارة بوش الجديدة تعكس معرفة ان اهدافها العامة لم تنطبق على المنطقة، وان اجندة الولايات المتحدة بدأت في الابتعاد عن الاجندة الاسرائيلية.
واراد البعض في ادارة بوش من اسرائيل شن هجوم هائل لتدمير حزب الله. ولكن الاسرائيليين كانوا يواجهون سؤالا سياسيا خطيرا حول ما اذا كانوا يواجهون الافا من القوات البرية في وقت كانت فيه صواريخ حزب الله لا تؤدي الى دمار على نطاق واسع. وبدلا من ذلك، ذكر الخبراء ان اسرائيل حاولت الحاق اكبر ضرر ممكن عن طريق الغارات الجوية. وفي الوقت ذاته، وطبقا لوسائل الاعلام الاسرائيلية وتقرير في صحيفة «فوروارد» اليهودية التي تصدر في نيويورك، فان الاسرائيليين كانوا يأملون في اجراء الولايات المتحدة اتصالات علي مستويات عليا مع سورية على امل الوصول الى حزب الله – ولكن تلك الاتصالات لم تتبلور. وكما بدا واضحا في الايام الاخيرة ان اسرائيل لن تتمكن من القضاء على حزب الله، انتقل الدعم في البيت الابيض من المتشددين، الذين يقودهم عادة نائب الرئيس ديك تشيني، الى المدافعين عن مزيد من الدبلوماسية. وقال مورافتشيك «ان تردد اسرائيل سحب البساط من تحت اقدام المتشددين».
واكد سنو، في مقابلة صحافية، ان البعض في الادارة كانوا يأملون، في ان يصبح الهجوم الاسرائيلي اكثر حزما. ولكنه رفض تقديم المزيد من التفاصيل وحذر من ان ذلك «لم يكن الوضع المحدد او الواضح للرئيس او كبار مستشاريه». واضاف سنو «هناك العديد من الناس الذين قالوها، البعض في الداخل».
ومع عودة بوش للبيت الابيض يوم الاثنين، بعد اجازة عمل قضاها في تكساس استمرت 10 ايام، فإن افاق تعزز حزب الله واستمرار المعارك تلوح في الافق.
* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»