سمير
08-08-2006, 12:09 PM
مقاتلون متمرسون مزودون بنظارات ليلية.. وبعض ملابسهم إسرائيلية
القدس: ستيفن ارلانغر وريتشارد اوبل
عندما دمر زلزال ضرب إيران في 26 ديسمبر (كانون الاول) 2003 مدينة «بام» التاريخية في ايران وقتل 35 ألف شخص، تدفقت الطائرات التي تحمل مساعدات انسانية من كل مكان في العالم، بما في ذلك سورية. غير أنه وبحسب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية فإن الطائرات السورية التي عادت من دمشق، لم تكن خاوية، بل كانت محملة بأسلحة متطورة بما فيها صواريخ «زلزال» بعيدة الأمد، التي تقول الاستخبارات الاسرائيلية ان دمشق ارسلتها بدورها لحزب الله في جنوب لبنان. ومع دخول المواجهات بين اسرائيل وحزب الله نهاية الاسبوع الرابع، فإن الأسلحة المتطورة هي مؤشر واحد للكيفية التي طور بها حزب الله مخزونه من الاسلحة، اضافة الى تطوير استراتيجيته خلال الستة أعوام الماضية بعد أن انسحاب اسرائيل من الجنوب. وقال جندي إسرائيلي عاد للتو من لبنان إن حزب الله مع انه ميليشيا، الا انه يتدرب كجيش ويتسلح كأن مقاتليه مقاتلون في جيش دولة، وليس في تنظيم. وتابع «لا يمكن مقارنتهم برجال حماس أو بالفلسطينيين. إنهم مدربون وكفوءون جدا. انهم مزودون بسترات واقية ونظارات للرؤية الليلية وأجهزة اتصالات جيدة، وأحيانا يرتدون بدلات إسرائيلية ويطلقون ذخائر اسرائيلية. نحن جميعنا مندهشون لهذا الاستعداد».
وتركز الانتباه إلى ما يمتلكه «حزب الله» من مخزون من الصواريخ المصنوعة في سورية وإيران، والتي أطلق منها حتى الآن 3000 صاروخ على إسرائيل، وقُتل أكثر من 48 إسرائيليا في الهجمات، بينهم 12 من جنود الاحتياط اول من امس كانوا متجمعين للاستراحة بمنطقة كفر جيلادي في شمال إسرائيل، عندما سقطت صواريخ محشوة بكريات حديدية انفجرت فيهم، ثم قُتل ثلاثة آخرون مساء ليل اول من امس في هجوم بالصواريخ على حيفا.
لكن إيران وسورية استخدمتا أيضا السنوات الست الأخيرة لتوفير اتصالات عبر الاقمار الصناعية وبعض أفضل أنواع أسلحة المشاة المتوفرة في العالم مثل الأسلحة المضادة للدبابات والمصنوعة في روسيا ومادة التفجير «سمتيكس»، إضافة إلى توفير التدريب الضروري لاستخدامها بكفاءة ضد دروع إسرائيل. وهذه هي الأسلحة التي يستخدمها حزب الله ـ وخصوصا الصواريخ المسيّرة بالليزر والأسلاك مع الرؤوس الحربية التي تتفجر على مرحلتين ذات المدى الذي يبلغ ميلين ـ والتي تسببت في معظم الخسائر البشرية في القوات المسلحة الإسرائيلية. فصواريخ حزب الله الروسية المضادة للدروع مصممة كي تخترقها وقد دمرت الكثير من العربات الإسرائيلية بما فيها دبابات حديثة مثل ميركافا، حيث كانت نسبة الإصابات بين هذا الصنف من الدبابات 20% من مجمل الإصابات حسبما قال مسؤولو وحدات إسرائيليون على الجبهة. واستخدم حزب الله صواريخ مضادة للدبابات أقل تطورا مثل «ساغر»، وهذه يمكن إطلاقها قرب البيوت التي يحتمي بها الجنود الإسرائيليون، وأول انفجار منها يحطم قوالب الكونكريت الخاصة بالجدران، اما الانفجار الثانى فينفذ إلى الداخل. وقال الجنرال يوسي كوبرواسر الذي عمل لفترة مديرا للتحليل الاستخباراتي في الجيش الإسرائيلي حول استخدام حزب الله لـ«ساغر»: «هم قادرون على استخدامها بدقة لمسافة ثلاثة كيلومترات وهي تخترق الجدار كأنها تخترق سطحا مدرعا لدبابة».
ويستخدم مقاتلو «حزب الله» الأنفاق كي يختفوا بسرعة في الأرض، فهم يطلقون الصواريخ المضادة للدبابات بواسطة المنصات المحمولة على الكتف ثم يختفون بسرعة وهي نفس الطريقة التي يستخدمها المتمردون الشيشان حيث أنهم يستخدمون نظام المجاري والانفاق في غروزني لمهاجمة صفوف المدرعات الروسية. وقال الجنرال كوبرواسر «نحن نعرف ما يمتلكونه وكيف يعملون. لكننا لا نعرف أين هي كل الأنفاق. لذلك فهم يستطيعون أن يحققوا مفاجآت تكتيكية».
وقال المجنَّد ديفيد بن نون، 24 سنة، في لواء «ناهال» والذي عاد للتو من لبنان بعد قضائه أسبوعا هناك، إن الصواريخ المضادة للدبابات هي «الخوف الأساسي» للقوات الإسرائيلية. وما عادت الوحدات الإسرائيلية تقضي وقتا طويلا داخل أي بيت بسبب فرق الصواريخ المختبئة. وأضاف «أنت لا تستطيع حتى مشاهدتها». ومع توفر اتصالات حديثة وشبكة من الأنفاق وغرف للخزن وحواجز وعبوات ناسفة تحت سطوح التلال، وتدريب حزب الله، والتكتيكات والأسلحة الحديثة، أصبح لزاما على الإسرائيليين التحرك بحذر.
ويقول الإسرائيليون إن عدد مقاتلي حزب الله يتراوح ما بين 2000 و4000 وهو جيش صغير تساعده دائرة أوسع من العاملين معه بشكل جزئي لتوفير السكن والنقل وتخزين الأسلحة في البيوت والمباني الأهلية.
ويعمل «حزب الله» مثل قوة ثورية وسط بحر من المدنيين، مما يجعل من الصعب خوض القتال معه دون قصف المناطق المدنية. وبموجب أوامر يظهر بعض المقاتلين لاستعادة مطلقات الصواريخ، والقيام بعملية الاطلاق، ثم الذوبان وسط الناس. غير أن الأعداد ما تزال صغيرة بالمقارنة مع الجيش الاسرائيلي. كما درب الحرس الثوري حزب الله على كيفية استهداف الصواريخ وصنع أجهزة التفجير البسيطة، من النوع الذي يستخدم ضد القوات الأميركية المدرعة في العراق ويحقق نتائج مدمرة، بل وحتى اطلاق صواريخ C-802 من الأرض الى السفن، وهو ما لم يعرف الاسرائيليون ان حزب الله يمتلكها. وقام ضباط من القوة الجوية الايرانية بزيارات متكررة الى لبنان لتدريب «حزب الله» على اطلاق صواريخ ايرانية متوسطة المدى من طراز «فجر 3» و«فجر 5»، وفقا لمسؤولين استخباراتيين في واشنطن. ويقول الأميركيون انهم يعتقدون ان عددا صغيرا من المدربين الايرانيين ما زالوا في بيروت، ولكنهم يقولون انه ليس هناك دليل على انهم يوجهون هجمات حزب الله.
ولكن ايران لم تسمح لـ«حزب الله» حتى الآن بإطلاق واحد من صواريخ «زلزال» وفقا لما يقوله الاسرائيليون. ومن ناحيتها، زودت سورية حزب الله بصواريخ 220 مليمترا و302 مليمتر، وكلاهما مزودان برؤوس حربية كبيرة مضادة. كما أعطت سورية «حزب الله» اكثر أسلحتها المضادة للدبابات تطورا التي بيعت الى الجيش السوري من جانب روسيا. وتشتمل هذه الاسلحة، حسب الجنرال كوبرواسر «متيس» و«آر بي جي 29»، و«سلاح آر بي جي 29 » المضاد للدبابات والمدرعات ومضاد للأشخاص. غير ان صاروخ «متيس» أكثر تطورا، ويوجه بالأسلاك مع مدى أطول وسرعة أعلى ويمكنه أن يطلق ما يصل الى أربع اطلاقات في الدقيقة. ويقول بعض الاسرائيليين انهم يعتقدون ان سورية زودت «حزب الله» بصاروخ «كورنيت» الروسي الصنع الذي يوجه بالليزر ويبلغ مداه ثلاثة اميال، والذي قد يحتفظ به «حزب الله» منتظرا أن يتوغل الاسرائيليون أكثر في جنوب لبنان ويوسعوا من خطوط امدادهم. وقال مسؤول اسرائيلي سابق انه على الرغم من الشكاوى الاسرائيلية الى موسكو فان «روسيا قررت ان تغض النظر». وفي سنواته الأولى تخصص «حزب الله» بالتفجيرات الانتحارية وعمليات الاختطاف. وتوجه الولايات المتحدة اليه اللوم على الهجمات الانتحارية على السفارة الأميركية في بيروت ومواقع المارينز عام 1983. وأصبحت للجماعة شعبية في الجنوب واقامت دولتها الصغيرة هناك، كما انها احتفظت لنفسها بجزء من جنوب بيروت، المعروف باسم المربع الأمني.
وحتى عام 2003 ظل تيمور غوكسل كبير المستشارين السياسيين لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، التي تراقب الحدود، يقول انه يعرف حزب الله جيدا ويتحدث بإعجاب عن التزامه وتنظيمه. وبعد القتال ضد الاسرائيليين لمدة 18 عاما فانهم «لم يعودوا خائفين من الجيش الاسرائيلي»، وفقا لما قاله في مقابلة معه بالهاتف من بيروت. وقد منحت قدرة «حزب الله» على ازعاج الاسرائيليين ومعرفة عيوبهم، مثل الميل الى نقاط الحراسة المتكررة وقوافل القوات عشية أيام السبت، منحته الثقة في أن الجيش الاسرائيلي «جيش بشري عادي يمكن ان يرتكب الحماقات والأخطاء العادية». غير ان حزب الله الآن «يمتلك اسلحة أفضل بكثير من السابق» حسب قوله. ويصف غوكسل حزب الله على نحو يشبه كثيرا ما يصفه به الاسرائيليون فهو تنظيم دقيق وصبور وقادر على جمع المعلومات، ولديه خبرة متراكمة في حرب العصابات من الثورة الأميركية حتى الماويين والفيتكونغ ويقدر قوة اسرائيل وقدرتها على التعبئة. وقال ان «حزب الله درس الحرب غير المتكافئة ويتمتع أفراده بمزية القتال في ارضهم، وبين أهلهم، حيث هم مستعدون للقيام لما يقوم به الاسرائيليون، وهو الدخول خلف مدرعاتهم للاراضي». وقال غوكسل ان مقاتلى حزب الله لديهم عمل مخطط وان تخطيطهم بعيد الأمد، وهو شيء لا يتميز به الفلسطينيون. وأضاف انهم يشاهدون ويرصدون لمدة شهرين كل التفاصيل الخاصة بعدوهم كما يعيدون النظر بغرض تحديد الأخطاء ورد فعل العدو فضلا عن تميزهم بمرونة التكتيكات دون تراتبية او هياكل قيادية ضخمة. هذه السمات جعلتهم يتميزون عن الجيوش العربية السوفياتية التدريب التي هزمتها اسرائيل في حربي 1967 و1973. وعندما تسلم حسن نصر الله قيادة «حزب الله» عام 1992 أعاد تنظيم «حزب الله» في ثلاث قيادات مناطقية تتمتع باستقلالية عسكرية.
إذ ان بيروت ومجلس الحزب رسما السياسة، لكنهما لم يحاولا إدارة الحرب. وتمكن الشيخ حسن نصر الله ـ الذي يقال انه تلقى استشارات من عماد مغنية، وهو مهندس مطلوب القبض عليه من الولايات المتحدة بتهم تتعلق بالإرهاب ـ من تحسين الجانب الأمني للحزب وتمكن من الحد من اتصالاته.
إذ ان نصر الله أقام وحدات تتمتع بالاستقلالية الى حد كبير تعمل وسط الناس، فضلا عن وجود قوات احتياط بغرض تقديم الدعم وتوفير الإمدادات والاحتياجات اللوجستية بصورة عامة. ويقول غوكسل ان قياديي «حزب الله» العسكريين يتنقلون بسيارات قديمة دون ان يرافقهم حراس شخصيون او مرافقين ولا يرتدون زي به شارات او علامات واضحة وذلك بغرض إخفاء هويتهم. وكان «حزب الله» قد بدأ بصنع عبوات ناسفة يجري تفجيرها بواسطة أسلاك، إلا ان الاسرائيليين تعلموا كيف يتغلبوا على هذه الوسيلة بمركبات مجهزة بأجهزة لقطع الأسلاك. وانتقل الحزب بعد ذلك الى استخدام عبوات ناسفة يجري تفجيرها بالراديو، إلا ان الاسرائيليين نجحوا ايضا في التغلب عليها. واستخدم «حزب الله» بعد ذلك وسيلة التفجير عن طريق الهواتف المحمولة ثم في وقت لاحق نظام مزدوج للهواتف المحمولة ثم اجهزة التفجير التي تعمل بالخلايا الضوئية ـ مثل الشعاع الذي يفتح بابا اوتوماتيكيا. ويقول غوكسل ان «حزب الله» يعمل بأجهزة تفجير تعمل بالضغط وتدفن في الشوارع حتى مع تزويد اسرائيل دباباتها بألواح معدنية من اسفل.
* خدمة «نيويورك تايمز» شارك في إعداد هذا التقرير يتشارد اوبيل من زاريت في اسرائيل، ومارك مازيتي من واشنطن.
القدس: ستيفن ارلانغر وريتشارد اوبل
عندما دمر زلزال ضرب إيران في 26 ديسمبر (كانون الاول) 2003 مدينة «بام» التاريخية في ايران وقتل 35 ألف شخص، تدفقت الطائرات التي تحمل مساعدات انسانية من كل مكان في العالم، بما في ذلك سورية. غير أنه وبحسب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية فإن الطائرات السورية التي عادت من دمشق، لم تكن خاوية، بل كانت محملة بأسلحة متطورة بما فيها صواريخ «زلزال» بعيدة الأمد، التي تقول الاستخبارات الاسرائيلية ان دمشق ارسلتها بدورها لحزب الله في جنوب لبنان. ومع دخول المواجهات بين اسرائيل وحزب الله نهاية الاسبوع الرابع، فإن الأسلحة المتطورة هي مؤشر واحد للكيفية التي طور بها حزب الله مخزونه من الاسلحة، اضافة الى تطوير استراتيجيته خلال الستة أعوام الماضية بعد أن انسحاب اسرائيل من الجنوب. وقال جندي إسرائيلي عاد للتو من لبنان إن حزب الله مع انه ميليشيا، الا انه يتدرب كجيش ويتسلح كأن مقاتليه مقاتلون في جيش دولة، وليس في تنظيم. وتابع «لا يمكن مقارنتهم برجال حماس أو بالفلسطينيين. إنهم مدربون وكفوءون جدا. انهم مزودون بسترات واقية ونظارات للرؤية الليلية وأجهزة اتصالات جيدة، وأحيانا يرتدون بدلات إسرائيلية ويطلقون ذخائر اسرائيلية. نحن جميعنا مندهشون لهذا الاستعداد».
وتركز الانتباه إلى ما يمتلكه «حزب الله» من مخزون من الصواريخ المصنوعة في سورية وإيران، والتي أطلق منها حتى الآن 3000 صاروخ على إسرائيل، وقُتل أكثر من 48 إسرائيليا في الهجمات، بينهم 12 من جنود الاحتياط اول من امس كانوا متجمعين للاستراحة بمنطقة كفر جيلادي في شمال إسرائيل، عندما سقطت صواريخ محشوة بكريات حديدية انفجرت فيهم، ثم قُتل ثلاثة آخرون مساء ليل اول من امس في هجوم بالصواريخ على حيفا.
لكن إيران وسورية استخدمتا أيضا السنوات الست الأخيرة لتوفير اتصالات عبر الاقمار الصناعية وبعض أفضل أنواع أسلحة المشاة المتوفرة في العالم مثل الأسلحة المضادة للدبابات والمصنوعة في روسيا ومادة التفجير «سمتيكس»، إضافة إلى توفير التدريب الضروري لاستخدامها بكفاءة ضد دروع إسرائيل. وهذه هي الأسلحة التي يستخدمها حزب الله ـ وخصوصا الصواريخ المسيّرة بالليزر والأسلاك مع الرؤوس الحربية التي تتفجر على مرحلتين ذات المدى الذي يبلغ ميلين ـ والتي تسببت في معظم الخسائر البشرية في القوات المسلحة الإسرائيلية. فصواريخ حزب الله الروسية المضادة للدروع مصممة كي تخترقها وقد دمرت الكثير من العربات الإسرائيلية بما فيها دبابات حديثة مثل ميركافا، حيث كانت نسبة الإصابات بين هذا الصنف من الدبابات 20% من مجمل الإصابات حسبما قال مسؤولو وحدات إسرائيليون على الجبهة. واستخدم حزب الله صواريخ مضادة للدبابات أقل تطورا مثل «ساغر»، وهذه يمكن إطلاقها قرب البيوت التي يحتمي بها الجنود الإسرائيليون، وأول انفجار منها يحطم قوالب الكونكريت الخاصة بالجدران، اما الانفجار الثانى فينفذ إلى الداخل. وقال الجنرال يوسي كوبرواسر الذي عمل لفترة مديرا للتحليل الاستخباراتي في الجيش الإسرائيلي حول استخدام حزب الله لـ«ساغر»: «هم قادرون على استخدامها بدقة لمسافة ثلاثة كيلومترات وهي تخترق الجدار كأنها تخترق سطحا مدرعا لدبابة».
ويستخدم مقاتلو «حزب الله» الأنفاق كي يختفوا بسرعة في الأرض، فهم يطلقون الصواريخ المضادة للدبابات بواسطة المنصات المحمولة على الكتف ثم يختفون بسرعة وهي نفس الطريقة التي يستخدمها المتمردون الشيشان حيث أنهم يستخدمون نظام المجاري والانفاق في غروزني لمهاجمة صفوف المدرعات الروسية. وقال الجنرال كوبرواسر «نحن نعرف ما يمتلكونه وكيف يعملون. لكننا لا نعرف أين هي كل الأنفاق. لذلك فهم يستطيعون أن يحققوا مفاجآت تكتيكية».
وقال المجنَّد ديفيد بن نون، 24 سنة، في لواء «ناهال» والذي عاد للتو من لبنان بعد قضائه أسبوعا هناك، إن الصواريخ المضادة للدبابات هي «الخوف الأساسي» للقوات الإسرائيلية. وما عادت الوحدات الإسرائيلية تقضي وقتا طويلا داخل أي بيت بسبب فرق الصواريخ المختبئة. وأضاف «أنت لا تستطيع حتى مشاهدتها». ومع توفر اتصالات حديثة وشبكة من الأنفاق وغرف للخزن وحواجز وعبوات ناسفة تحت سطوح التلال، وتدريب حزب الله، والتكتيكات والأسلحة الحديثة، أصبح لزاما على الإسرائيليين التحرك بحذر.
ويقول الإسرائيليون إن عدد مقاتلي حزب الله يتراوح ما بين 2000 و4000 وهو جيش صغير تساعده دائرة أوسع من العاملين معه بشكل جزئي لتوفير السكن والنقل وتخزين الأسلحة في البيوت والمباني الأهلية.
ويعمل «حزب الله» مثل قوة ثورية وسط بحر من المدنيين، مما يجعل من الصعب خوض القتال معه دون قصف المناطق المدنية. وبموجب أوامر يظهر بعض المقاتلين لاستعادة مطلقات الصواريخ، والقيام بعملية الاطلاق، ثم الذوبان وسط الناس. غير أن الأعداد ما تزال صغيرة بالمقارنة مع الجيش الاسرائيلي. كما درب الحرس الثوري حزب الله على كيفية استهداف الصواريخ وصنع أجهزة التفجير البسيطة، من النوع الذي يستخدم ضد القوات الأميركية المدرعة في العراق ويحقق نتائج مدمرة، بل وحتى اطلاق صواريخ C-802 من الأرض الى السفن، وهو ما لم يعرف الاسرائيليون ان حزب الله يمتلكها. وقام ضباط من القوة الجوية الايرانية بزيارات متكررة الى لبنان لتدريب «حزب الله» على اطلاق صواريخ ايرانية متوسطة المدى من طراز «فجر 3» و«فجر 5»، وفقا لمسؤولين استخباراتيين في واشنطن. ويقول الأميركيون انهم يعتقدون ان عددا صغيرا من المدربين الايرانيين ما زالوا في بيروت، ولكنهم يقولون انه ليس هناك دليل على انهم يوجهون هجمات حزب الله.
ولكن ايران لم تسمح لـ«حزب الله» حتى الآن بإطلاق واحد من صواريخ «زلزال» وفقا لما يقوله الاسرائيليون. ومن ناحيتها، زودت سورية حزب الله بصواريخ 220 مليمترا و302 مليمتر، وكلاهما مزودان برؤوس حربية كبيرة مضادة. كما أعطت سورية «حزب الله» اكثر أسلحتها المضادة للدبابات تطورا التي بيعت الى الجيش السوري من جانب روسيا. وتشتمل هذه الاسلحة، حسب الجنرال كوبرواسر «متيس» و«آر بي جي 29»، و«سلاح آر بي جي 29 » المضاد للدبابات والمدرعات ومضاد للأشخاص. غير ان صاروخ «متيس» أكثر تطورا، ويوجه بالأسلاك مع مدى أطول وسرعة أعلى ويمكنه أن يطلق ما يصل الى أربع اطلاقات في الدقيقة. ويقول بعض الاسرائيليين انهم يعتقدون ان سورية زودت «حزب الله» بصاروخ «كورنيت» الروسي الصنع الذي يوجه بالليزر ويبلغ مداه ثلاثة اميال، والذي قد يحتفظ به «حزب الله» منتظرا أن يتوغل الاسرائيليون أكثر في جنوب لبنان ويوسعوا من خطوط امدادهم. وقال مسؤول اسرائيلي سابق انه على الرغم من الشكاوى الاسرائيلية الى موسكو فان «روسيا قررت ان تغض النظر». وفي سنواته الأولى تخصص «حزب الله» بالتفجيرات الانتحارية وعمليات الاختطاف. وتوجه الولايات المتحدة اليه اللوم على الهجمات الانتحارية على السفارة الأميركية في بيروت ومواقع المارينز عام 1983. وأصبحت للجماعة شعبية في الجنوب واقامت دولتها الصغيرة هناك، كما انها احتفظت لنفسها بجزء من جنوب بيروت، المعروف باسم المربع الأمني.
وحتى عام 2003 ظل تيمور غوكسل كبير المستشارين السياسيين لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، التي تراقب الحدود، يقول انه يعرف حزب الله جيدا ويتحدث بإعجاب عن التزامه وتنظيمه. وبعد القتال ضد الاسرائيليين لمدة 18 عاما فانهم «لم يعودوا خائفين من الجيش الاسرائيلي»، وفقا لما قاله في مقابلة معه بالهاتف من بيروت. وقد منحت قدرة «حزب الله» على ازعاج الاسرائيليين ومعرفة عيوبهم، مثل الميل الى نقاط الحراسة المتكررة وقوافل القوات عشية أيام السبت، منحته الثقة في أن الجيش الاسرائيلي «جيش بشري عادي يمكن ان يرتكب الحماقات والأخطاء العادية». غير ان حزب الله الآن «يمتلك اسلحة أفضل بكثير من السابق» حسب قوله. ويصف غوكسل حزب الله على نحو يشبه كثيرا ما يصفه به الاسرائيليون فهو تنظيم دقيق وصبور وقادر على جمع المعلومات، ولديه خبرة متراكمة في حرب العصابات من الثورة الأميركية حتى الماويين والفيتكونغ ويقدر قوة اسرائيل وقدرتها على التعبئة. وقال ان «حزب الله درس الحرب غير المتكافئة ويتمتع أفراده بمزية القتال في ارضهم، وبين أهلهم، حيث هم مستعدون للقيام لما يقوم به الاسرائيليون، وهو الدخول خلف مدرعاتهم للاراضي». وقال غوكسل ان مقاتلى حزب الله لديهم عمل مخطط وان تخطيطهم بعيد الأمد، وهو شيء لا يتميز به الفلسطينيون. وأضاف انهم يشاهدون ويرصدون لمدة شهرين كل التفاصيل الخاصة بعدوهم كما يعيدون النظر بغرض تحديد الأخطاء ورد فعل العدو فضلا عن تميزهم بمرونة التكتيكات دون تراتبية او هياكل قيادية ضخمة. هذه السمات جعلتهم يتميزون عن الجيوش العربية السوفياتية التدريب التي هزمتها اسرائيل في حربي 1967 و1973. وعندما تسلم حسن نصر الله قيادة «حزب الله» عام 1992 أعاد تنظيم «حزب الله» في ثلاث قيادات مناطقية تتمتع باستقلالية عسكرية.
إذ ان بيروت ومجلس الحزب رسما السياسة، لكنهما لم يحاولا إدارة الحرب. وتمكن الشيخ حسن نصر الله ـ الذي يقال انه تلقى استشارات من عماد مغنية، وهو مهندس مطلوب القبض عليه من الولايات المتحدة بتهم تتعلق بالإرهاب ـ من تحسين الجانب الأمني للحزب وتمكن من الحد من اتصالاته.
إذ ان نصر الله أقام وحدات تتمتع بالاستقلالية الى حد كبير تعمل وسط الناس، فضلا عن وجود قوات احتياط بغرض تقديم الدعم وتوفير الإمدادات والاحتياجات اللوجستية بصورة عامة. ويقول غوكسل ان قياديي «حزب الله» العسكريين يتنقلون بسيارات قديمة دون ان يرافقهم حراس شخصيون او مرافقين ولا يرتدون زي به شارات او علامات واضحة وذلك بغرض إخفاء هويتهم. وكان «حزب الله» قد بدأ بصنع عبوات ناسفة يجري تفجيرها بواسطة أسلاك، إلا ان الاسرائيليين تعلموا كيف يتغلبوا على هذه الوسيلة بمركبات مجهزة بأجهزة لقطع الأسلاك. وانتقل الحزب بعد ذلك الى استخدام عبوات ناسفة يجري تفجيرها بالراديو، إلا ان الاسرائيليين نجحوا ايضا في التغلب عليها. واستخدم «حزب الله» بعد ذلك وسيلة التفجير عن طريق الهواتف المحمولة ثم في وقت لاحق نظام مزدوج للهواتف المحمولة ثم اجهزة التفجير التي تعمل بالخلايا الضوئية ـ مثل الشعاع الذي يفتح بابا اوتوماتيكيا. ويقول غوكسل ان «حزب الله» يعمل بأجهزة تفجير تعمل بالضغط وتدفن في الشوارع حتى مع تزويد اسرائيل دباباتها بألواح معدنية من اسفل.
* خدمة «نيويورك تايمز» شارك في إعداد هذا التقرير يتشارد اوبيل من زاريت في اسرائيل، ومارك مازيتي من واشنطن.