زوربا
08-03-2006, 01:55 PM
حذر من ترك القرار العربي نهباً لتحالفات إقليمية
عمان- »السياسة«
أعرب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن غضبه الشديد من تدمير لبنان الذي وصفه بنموذج التقدم والديمقراطية في المنطقة العربية محذراً من أن العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي تجاوز كل حد لن يؤدي إلا إلى زيادة مستوى التطرف وإضعاف الاعتدال في الشرق الأوسط وهو ما يجب على الولايات المتحدة الأميركية والعالم إدراكه والتحرك لوقفه.
وقال الملك عبدالله في مقابلة تنشرها »السياسة« بالتزامن مع صحيفتي »الرأي« و»الغد« الأردنيتين أن تهميش الدور العربي وجعله نهباً لقوى إقليمية لن يكون في صالح العرب على الإطلاق..
وأعلن العاهل الأردني أن المملكة الهاشمية »لن تشارك في قوة دولية« ترسل إلى لبنان, مؤكداً أن أي خطوة في المستقبل »يجب أن تحظى بموافقة« الحكومة اللبنانية.
وأجاب الملك رداً على سؤال في هذا الخصوص سندعم الحكومة اللبنانية بكل ما تريد. والأردن لن يشارك في هذه القوة. ونؤكد أن أي خطوة مستقبلية يجب أن تحظى بموافقة« هذه الحكومة.
وتابع قائلاً: »لا حل في الجنوب اللبناني من دون اتفاق مع الحكومة, ولا حل في فلسطين من دون إعادة الحقوق, نحن نرفض خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي (أيهود أولمرت) الهادفة إلى اتخاذ إجراءات أحادية«.
وأضاف: »نعتقد أن أميركا تدرك ذلك الآن أيضاً ويجب أن يدرك الإسرائيليون ذلك أيضاً.. أنا لم أجر أي اتصالات (مع إسرائيل) لكن الحكومة الإسرائيلية تعرف تماماً موقفنا في رفض وإدانة عدوانها على لبنان والفلسطينيين«.
وأكد أن »الأولوية الآن هي لوقف إطلاق النار وبعد ذلك يمكن التحدث في القضايا المطروحة. لابد أولاً من احتواء الأزمة والعمل على إطلاق تحرك سياسي يعالجها من جذورها«.
وحول رأيه حيال نجاح مشروع الشرق الأوسط الجديد, قال الملك »أي مشروع لا يستند إلى تطلعات الشعوب وحقها في تقرير مصيرها لن يرى طريقه إلى النور, إذا أردنا شرق أوسط آمناً ومستقراً, علينا أن نعطي الفلسطينيين حقهم ودولتهم, وأن يعم الأمن في العراق ولبنان وتطبق قرارات الشرعية الدولية«.
وقال الملك »نقول لأميركا إن عليها مسؤولية كبيرة في حل أزمات الشرق الأوسط فالشعوب العربية تدرك انحيازها لإسرائيل...معالجة جذور الصراع هي السبيل الوحيد لحله. الحرب على لبنان يجب أن تتوقف فوراً. إذا أرادت أميركا أن تحظى سياساتها باحترام وتقدير في العالم العربي عليها أن تسرع في إيجاد حل عادل«.
وحول القمة العربية, أوضح أنه »إذا حصل توافق على عقدها, فإننا سنشارك, لكن الدعوة إلى القمة لم تلق قبولاً.. نتمنى أن تنعقد لكن بعد دراستها بعناية حتى لا تفشل ونزيد من احباط ويأس الشعوب العربية«.
وقال: »اعتقد أن الحساسيات بين الدول العربية انتهت. هنالك إدراك أنه إذا لم نتحدث بصوت واحد فإننا سندفع الثمن. اعتقد أن صفحة جديدة في التعاون العربي بدأت. يجمعنا الخوف على المستقبل«.
وبالنسبة لانعكاسات الأوضاع على الأردن, قال: »لا ضرر مباشراً الآن لكننا كنا حذرنا من أن الأوضاع غير مقبولة.. يجب أن نخشى على العراق, إذا لم ينجح رئيس الوزراء نوري المالكي فسندفع جميعنا ثمناً كبيراً. كذلك بالنسبة للوضع في لبنان«.
وأضاف »لابد من وقف العدوان على لبنان, يريدون تدمير حزب الله إذا دمرتم حزب الله, بعد سنة أو سنتين, ولم يتم حل القضية الفلسطينية أو لبنان سيبرز حزب الله جديد في بلد آخر, ربما في الأردن أو سورية أو مصر أو العراق«.
وشدد الملك على أن »القضية ليست دينية, والموضوع ليس بين سنة وشيعة. هنالك خلافات بين دول عربية وإيران. نحن حريصون على اشقائنا الشيعة حرصنا على أنفسنا ومجرم كل من يحاول زرع الفتنة بين السنة والشيعة.
وحذر العاهل الأردني من أن تهميش القرار العربي وجعله نهباً لقوى دولية وإقليمية سيؤدي إلى وضعه تحت هيمنة تحالفات لن تكون إطلاقاً في صالح العرب.
وأوضح أن عملية السلام العربية-الإسرائيلية يجب إعادة تقييمها بشكل يعيد حقوق الشعب الفلسطيني.
وقال: إن الشعوب ستدعم أي جهد يسعى إلى إعادة حقوقها وهي لهذا تعتبر »حزب الله« بطلاً لأنه يحارب العدوان.
زوربا
08-03-2006, 02:05 PM
نص المقابلة الصحفية
الملك عبدالله الثاني: غاضب لتدمير لبنان نموذج التقدم والديمقراطية والانفتاح في المنطقة
أجرى اللقاء رئيس تحرير "الرأي" و "الغد" عبد الوهاب زغيلات وأيمن الصفدي:
دعا العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني المجتمع الدولي الى مواجهة مسؤولياته والتحرك لوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان بعد ان تجاوز كل حد وحذر الولايات المتحدة من ان تغطيتها للحرب الاسرائيلية على لبنان لن تؤدي الا الى اذكاء التطرف في المنطقة واضعاف صوت الاعتدال.
وقال الملك عبد الله الثاني في حوار مع رئيس تحرير صحيفتي »الرأي« عبد الوهاب زغيلات و »الغد« أيمن الصفدي ان الغضب من العدوان الاسرائيلي وتدمير لبنان ليس شعبيا فقط فالحكام غاضبون ايضا بعد ان شاهدوا البلد الذي يعتبر نموذجا للتقدم والديمقراطية في المنطقة العربية وهو يتعرض لهذا الدمار الهائل.
ورأى العاهل الاردني ان الشعوب العربية ترى في »حزب الله« بطلا لأنه يحارب العدوان وهي ستدعم كل توجه يعيد اليها حقوقها وهو ما يستدعي ان يحقق الاعتدال انجازا ملموسا يجعل التاريخ يؤمن به.
وأكد ان على العالم ان يعي اولوية القضية الفلسطينية وان ينهي هذه المأساة والا فإن نماذج كثيرة مثل »حزب الله« ستظهر في دول عدة قريبا حتى لو نجحت اسرائيل في تدمير »حزب الله« اللبناني نافيا بشدة ان تكون المسألة قضية سنة وشيعة بل قضية مصير تستدعي اعادة تقييم عملية السلام.
ولفت العاهل الاردني الى ان بلاده لن تشارك في القوة الدولية المقترحة للبنان, مؤكدا ان اي خطوة في المستقبل يجب ان تحظى بموافقة الحكومة اللبنانية.
وحول رأيه في نجاح مشروع الشرق الاوسط الجديد قال ان اي مشروع لا يستند الى تطلعات الشعوب وحقها في تقرير مصيرها لن يرى طريقه الى النور, معتبرا ان الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية كبيرة في حل ازمات المنطقة.
وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة التي تنشرها »السياسة« بالتزامن مع »الرأي« و »الغد« الأردنيتين:
22 يوما مضت على بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان. ثمة جهود ديبلوماسية مكثفة لإنهاء الأزمة إلا أنها تصطدم بالعثرة الأميركية.. ماذا الآن?.
الآن على المجتمع الدولي أن يواجه مسؤولياته الأخلاقية والسياسية, وأن يضع حدا لهذه الحرب الهمجية التي قتلت الأبرياء ودمرت بلدا عربيا شقيقا وأدخلت المنطقة في دوامة عنف سيدفع الجميع ثمنها غاليا. يجب أن تدرك أميركا أن الحرب لن تجلب إلا المزيد من الويلات والعنف والتطرف, وأنه لا حل عسكريا للصراع. رأينا المذبحة التي ذهب ضحيتها الأطفال والنساء في قانا.. رأينا مشاهد الدم والدمار الذي لحق بلبنان... قانا جريمة بشعة خرقت كل المواثيق والأعراف الدولية.. ولقد تجاوز حجم العدوان الإسرائيلي كل حد ويجب أن يتوقف فورا.. ونحن لم نأل ولن نألو جهدا للتأثير على الولايات المتحدة والعمل مع أوروبا والأشقاء العرب لوقف هذه الحرب بشكل فوري.. كما أننا ننسق مع الأشقاء اللبنانيين بشكل يومي.. نحاول أن نساعد في التخفيف من معاناتهم.. فنحن لن نن¯زوي بعيدا عن مسؤولياتنا تجاه أشقائنا, ولم نقف متفرجين على ما يجري.. فاتصالاتنا مستمرة لوضع حد لهذه الأزمة, وتطويق تداعياتها.. ولا بد لصوت العقل أن ينتصر أخيرا.
هنالك حال من الغضب الشعبي على العدوان. الموقف الشعبي يحمل النظام الرسمي العربي مسؤولية ما يجري. كيف تتعاملون جلالتكم مع هذا الموقف?
الغضب ليس فقط على المستوى الشعبي, نحن أيضا غاضبون, عندما شاهدت جريمة قصف مطار بيروت شعرت بالصدمة والغضب, ووجهت المسؤولين فورا لبدء الاتصالات للمساعدة في إصلاحه. وأوعزت بإرسال طائرات أردنية للبنان على الرغم من تعثر الاتصالات الأولية لتحقيق ذلك.. وقلت لرئيس هيئة الأركان المشتركة: " اذهبوا إلى لبنان حتى لو كان هنالك خطر في تعرض طائرتنا للقصف". نحن نشاهد مناظر القتل والدمار في لبنان الذي نعتبره نموذجا للتقدم والديمقراطية والانفتاح في المنطقة, ونغضب جدا حين نرى الحرب الهمجية عليه.. لا يمكن لأحد أن يقبل ما يجري في لبنان, فهذه الأعمال الإجرامية, أعمال مدانة لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال. ومنذ اندلاع فتيل الأزمة كان الصوت الأردني هو الصوت الأقوى في الإدانة والتنديد بهذه الحرب. وسعينا وما زلنا نسعى في كل التحركات التي نقوم بها, والجهود التي نبذلها إلى بلورة موقف عربي موحد, لأننا نخشى من تهميش الدور العربي, ولأننا حريصون على الدم العربي وعلى المستقبل العربي. الوضع صعب جدا والمعاناة كبيرة ونحن نفعل كل ما نستطيعه. يجب أن نتحرك معا من أجل مستقبل العرب. ونحن نعمل مع الأشقاء في السعودية, وفي مصر ودول عربية اخرى لبلورة تحرك عربي فاعل ومؤثر.
تحدثت بعض الدوائر الحزبية والسياسية والإعلامية في بعض الدول العربية, أن هناك محورا أردنيا مصريا سعوديا تبلور في الآونة الأخيرة "عند اندلاع الحرب", حمل حزب الله مسؤولية ما حدث وراج مفهوم " انعدام المسؤولية وروح المغامرة".. هل لدى جلالتكم تأكيد على وجود هذا المحور?
أولا, لا بد من التركيز على نقطة مهمة هي وقف إطلاق النار بغض النظر عن كل أسباب ما جرى. يجب أن يدرك الجميع أن أساس المشكلة هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.. وأؤكد مجددا أنه ما دام هناك احتلال فسيكون هناك مقاومة.
وعودة إلى سؤالك... نحن لسنا مع سياسة المحاور, ولكن هل يعاب علينا أن نلتقي ونتشاور ونتخذ الموقف الذي يخدم أمتنا وشعوبنا. لقد أجريت اتصالات مع الكثير من القادة العرب لأؤكد لهم ضرورة أن يكون موقفنا واحدا, وأن نتحدث للعالم بلغة واحدة. وقلت أكثر من مرة أن أمريكا والغرب إذا لم يجدوا من يتحدثون معه من العرب, فإنهم سيجدون حتما من يتحدثون معه نيابة عن العرب.. فهل يريد البعض أن نوكل قضايانا للآخرين لكي يتحدثوا باسمنا.. أم نطرح موقفا عربيا واحدا لنحظى باحترام العالم من حولنا?. إن أكثر ما يقلقنا أن تخرج المسألة من الأيدي العربية فتزداد الأمور تعقيدا واتساعا.. بحيث لا نجني بعدها سوى تصدعا وشقا واسعا في الجسم العربي.. أتفهم وسط هذا الغضب, أن يضعف منطق الاعتدال, خصوصا أن المواقف المعتدلة التي صبغت السياسة العربية لم تؤت الثمار المطلوبة, لأسباب خارجة عن إرادتنا. لكن في النهاية لا نستطيع أن نستسلم لليأس, وسنظل نعمل على إحقاق الحق العربي بكل ما أوتينا من قدرات.
برأي جلالتكم, ما هي الخطوات التي يجب إتباعها لحل الأزمة. وإذا كان هنالك أولويات, فما هي هذه الأولويات?
الأولوية الآن هي لوقف إطلاق النار.. لوقف القتل, لوقف التدمير, لإنقاذ الأبرياء.. وبعد ذلك يمكن التحدث في القضايا المطروحة. لا بد أولا من احتواء الأزمة والعمل على إطلاق تحرك سياسي يعالج الأزمة من جذورها.
أجريتم جلالتكم اتصالات عربية ودولية مكثفة للبحث عن مخرج لهذه الأزمة. إلى أين وصلت هذه الاتصالات?
لقد أجريت اتصالات مع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا والأمين العام للأمم المتحدة. تحدثت إلى الرئيس الأميركي جورج بوش وقلت له " ما ذنب الأبرياء? ولماذا يضرب المطار والبنية التحتية في لبنان?", وأخبرت بوش وكذلك الرئيس الفرنسي شيراك أن حماية لبنان هي مسؤوليتكم. وللأسف فإن ما لمسناه من هذه الاتصالات في البداية لم يكن مشجعا بالنسبة للضغط على إسرائيل لوقف العدوان, وكانوا يطالبون بحل ضمن حزمة سياسية تشمل ضمان أمن إسرائيل وإبعاد حزب الله عن الحدود مع إسرائيل. ولكن أعتقد أن الصورة الآن أصبحت مختلفة.. فالأصوات التي تطالب بوقف إطلاق النار أصبحت اليوم الأكثر بروزا من ذي قبل.
هنالك رأي يقول إن الحرب على لبنان هي حرب أمريكية - إيرانية, هل تتفقون جلالتكم مع هذا الرأي?.
بغض النظر عن التقاطعات والتحالفات الإقليمية, فإن الأهم هو كيف نوقف هذه الحرب ونحمي لبنان.. واللبنانيون هم الأقدر على تقييم وضعهم وحسم خلافاتهم وتحديد علاقاتهم مع جيرانهم ومع القوى الإقليمية الأخرى, لكن المطلوب عربيا هو أن يكون لدينا خطة إستراتيجية عربية موحدة في مواجهة التحديات سواء في فلسطين أو العراق أو لبنان.. ونحن نقف بكل ثقلنا مع الحكومة اللبنانية في سعيها لإعادة الأمن إلى لبنان وبناء الدولة المستقرة التي تملك قرارها.
كشفت الحرب الدائرة الآن والتي لم تتوقف بعد أن حملت من المواقف السياسية والديبلوماسية وبعض التحالفات والمعادلات الإقليمية ما يدفعنا إلى التخوف بما يمكن أن يحدث من صفقات في المستقبل وبخاصة في شأن مستقبل الملف النووي الإيراني وبعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1696? أين نحن, الأردن والعرب من هذا المشهد?.
إن تهميش الدور العربي وترك القرار العربي نهبا لقوى دولية وإقليمية سيرتب عليه تحالفات لن تكون إطلاقا لصالح العرب. إن جهودنا وطاقاتنا يجب أن تكرس لتوحيد الموقف العربي إزاء الأخطار التي تهدد المنطقة. إن غياب موقف عربي موحد إزاء هذه التحديات سيكون خيانة لشعوبنا وسنندم جميعا على حالة الضياع والتشرذم والانقسامات التي ستعصف بالمنطقة.. إن أعداء أمتنا العربية سيشعلون الفتنة والحروب على أرضنا لإبقائنا ضعفاء يسهل السيطرة على قرارنا ومقدراتنا. اعتقد أن الحساسيات بين الدول العربية انتهت. هنالك إدراك أنه إذا لم نتحدث بصوت واحد فإننا سندفع الثمن. اعتقد أن صفحة جديدة في التعاون العربي بدأت.. يجمعنا الخوف على المستقبل.
تمثلون جلالتكم موقف الاعتدال في العالم العربي. هل أضعفت الحرب الحالية موقفكم في ضوء حال الاحتقان السياسي في الأردن والمنطقة?
للأسف إن السياسة الإسرائيلية ومنذ اندلاع الانتفاضة الثانية في فلسطين, ساهمت في ازدياد موجة التشدد والتطرف في العالم العربي على حساب صوت الاعتدال. وجاءت هذه الحرب لتضعف أصوات الاعتدال... لقد كان يمكن منذ البداية أن نفسح المجال للحلول الديبلوماسية بدل هذا الدمار والكوارث التي حلت بلبنان الشقيق.. لكن ذلك لم يحدث.. وها نحن الآن نواجه حربا جديدة.. قتل في لبنان وقتل في فلسطين.. ويأس في المنطقة برمتها. الناس تريد فعلا, تريد أن ترى وقفا لسلب الحقوق ونهاية للاحتلال. نعم أضعفت الحرب أصوات الاعتدال في المنطقة. وعلى من يريد أن يطفو صوت العقل في المنطقة أن يعالج أسباب الأزمات.. لا بد للاعتدال أن يحقق إنجازا ملموسا حتى يؤمن به الناس. عكس ذلك, لن يجد الناس خيارا إلا برفض أصوات الاعتدال وبتبني وسائل أخرى للدفاع عن حقوقهم. فإما سلام يعيد الحقوق ويرفع الظلم ويعطي الأمل, وإما دخول في دوامة من العنف والعداء, التي ستدفع إسرائيل وستدفع أميركا وسيدفع العرب ثمنها مستقبلا.
ثمة أصوات في الأردن تنادي بسحب السفير الأردني في تل أبيب وطرد السفير الإسرائيلي في عمان احتجاجا على الحرب. هل تدرسون جلالتكم هذا الخيار وهل تعتقدون بجدواه?
لنتذكر جميعا أننا دخلنا عملية السلام وفق إجماع عربي على اعتماد التفاوض سبيلا لاستعادة الحقوق العربية. ولنتذكر جميعا أننا وقعنا الاتفاقية بعد أن وصل الأشقاء الفلسطينيون إلى اتفاق مع إسرائيل.. دخلنا العملية السلمية لنحمي الأردن ومصالحه, ولنستعيد الحق الفلسطيني ولنعمل على بناء منطقة آمنة تنعم شعوبها بالأمن والاستقرار. وقعنا معاهدة السلام لخدمة مصالح الأردن ولخدمة مصالح الشعب الفلسطيني الشقيق.. ولنتذكر المرات الكثيرة التي استطاع الأردن أن يوظف علاقاته مع إسرائيل ومع أمريكا لنصرة الشعب الفلسطيني. وتأكد - يا أخي - أننا سنفعل كل ما يجب فعله, لحماية الأردن وحماية فلسطين وحماية اللبنانيين ولخدمة أمتنا العربية. الأردن رئة فلسطين مثلما هو اليوم رئة لبنان. لسنا في وارد الشعارات والمزايدات. نحن نعمل كل ما نستطيع. لولا معاهدة السلام مع إسرائيل ما تمكنا من مساعدة الفلسطينيين. من يقدر دور الأردن هم أشقاؤنا الفلسطينيون.. وكلما تعثرت الأمور في فلسطين كان المرحوم أبو عمار والآن أبو مازن يناشدوننا للتدخل لإنقاذ الموقف.. ونحن نقوم بذات الدور الآن لإسناد الأشقاء في لبنان.
هل يعني ذلك جلالتكم أن خيار سحب السفير وارد?
ذلك يعني أننا سنفعل كل ما هو في مصلحة وطننا وفي خدمة أشقاءنا في فلسطين ولبنان.
جلالة الملك هل ترى ضررا مباشرا لما يجري في لبنان على الأردن?
لا ضرر مباشر الآن.. لكننا كنا حذرنا منذ أشهر من أن الأوضاع في المنطقة غير مقبولة. لا بد من حلول جذرية لأسباب التوتر في المنطقة. يجب أن نخشى على العراق, إذا لم ينجح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فسندفع جميعا ثمنا كبيرا. كذلك بالنسبة للوضع في لبنان, لا بد من وقف العدوان على لبنان.. يريدون تدمير حزب الله بالدبابات الإسرائيلية وسلاح الجو الإسرائيلي. السلام يكون بإعادة الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية... هذا هو الحل الوحيد. طيب إذا دمرتم حزب الله.. وبعد سنة.. سنتين, لا يتم إيجاد حل بالنسبة للقضية الفلسطينية أو لبنان أو سورية.. سيبرز حزب الله جديد في بلد أخر, ربما في الأردن أو سوريا أو مصر أو العراق.. على إسرائيل أن تدرك ذلك. لا حل في الجنوب اللبناني من دون اتفاق مع الحكومة اللبنانية, ولا حل في فلسطين من دون إعادة الحقوق الفلسطينية. نحن نرفض خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي الهادفة إلى اتخاذ إجراءات أحادية. ونعتقد أن أمريكا تدرك ذلك الآن أيضا.. ويجب أن يدرك الإسرائيليون ذلك أيضا.
بدا واضحا جلالة الملك أن عملية السلام التي انطلقت من مدريد أخفقت, الجامعة العربية نعتها, والشعوب العربية فقدت الإيمان بها. هل تعتقدون جلالتكم بضرورة إعادة تقويم العملية السلمية والبحث عن رؤية إستراتيجية جديدة للتعامل مع إسرائيل?.
من المؤكد أن تجربة السنوات الماضية من المفاوضات لم تحقق أهدافها بشكل كامل وكاف, وإن الحاجة تدعو إلى إعادة تقييم عملية السلام وبنائها على أسس تحترم قرارات الشرعية الدولية. يجب أن يدرك العالم أن القضية الفلسطينية هي الأساس في كل ما يجري, وهي جوهر الصراع, وأن عدم إيجاد حل عادل يضمن عودة الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967, سيكون ثمنه فادحا, ولن تهدأ المنطقة إطلاقا.... اليوم يسعون إلى تجريد حزب الله من سلاحه.. فهل ستحل المشكلة?. المشكلة هي أن يعترف العالم بأن للشعب الفلسطيني أرضا محتلة يجب استعادتها, وأن له آمال وتطلعات مشروعة في قيام دولة فلسطينية مستقلة.. وعلى العالم أن يعمل من أجل ضمان قيامها. الحرب لن تحل شيئا.. الشعوب العربية ترى في حزب الله الآن بطلا لأنه يواجه العدوان ويدافع عن أرضه.. وستدعم الشعوب العربية كل جهد وكل موقف يعيد حقوقها.. تلك حقيقة على أمريكا وإسرائيل أن تفهماها.. طالما هنالك عدوان واحتلال.. سيكون هنالك مقاومة وسيكون هنالك امتداد شعبي ودعم للمقاومة. الحرب لن تحقق شيئا.. نهاية الصراع هي في إحقاق الحقوق, في رفع الظلم, في إقناع الناس بأن هنالك عملية سلمية ستنهي الاحتلال, وستوفر بداية لحياة آمنة كريمة.
كثيرون في المنطقة وخارجها يتحدثون عن محور تطرف مركزه إيران وسورية. كيف يمكن جلالتكم لأصوات الاعتدال أن تواجه هذا المحور? هل هنالك حاجة لمحور اعتدال ومن هي الدول المرشحة برأيكم لتكوين هذا المحور?.
نحن نطالب بموقف عربي واضح لمواجهة كل التحديات.. عندما ابتعد العرب عن العراق, ولم يلتفتوا إلى ما يجري داخل هذا البلد العربي, كانت النتائج كما نراها اليوم, حيث التدخلات في شؤونه من كل جانب.. ونحن لا نريد لأي بلد عربي أخر أن يكون عرضة للتدخل من أي جهة كانت, وهذا يتأتى من خلال سياسة التنسيق وتوحيد المواقف بين الأقطار العربية.
كيف ترون جلالتكم تأثير الحرب على لبنان والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين على الرأي العام العربي. هل أسقطت هذه الأوضاع طروحات الاعتدال وهيأت البيئة لانتشار التطرف بشكل اكبر.
بالتأكيد أن تأثير الحرب على لبنان كان كارثيا بكل معنى الكلمة, وإن تواصل الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وفلسطين سيعزز الشعور باليأس والإحباط الذي يوفر البيئة الخصبة لانتشار التطرف, ولكن يجب أن نتحدث بصوت عال لرفض وإدانة الحرب والتأكيد على أن الحل هو بالاعتراف بالحقوق المشروعة وحق الشعوب بالأمن والاستقرار والسلام. يجب أن تصمت المدافع حتى تجد أصوات الاعتدال من يسمعها.. لا يمكن أن ينام الناس ويفيقون على صور القتلى.. على صور أطفال قانا.. على مشاهد الدمار في لبنان وفي غزة, ونقول نريد اعتدال.. الاعتدال يحتاج إنجازا.. وآن للشعوب العربية أن ترى إنجازا.. وآن لأمريكا وأوروبا والعالم كله أن يدرك ذلك.
كان الأردن أول دولة كسرت الحصار الجوي على لبنان وأقامت جسرا جويا بين عمان وبيروت, وما يزال الجسر الجوي مستمرا, إضافة إلى استجابة جلالتكم لمطلب رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة باعتبار عمان "بوابة" للمساعدات الدولية والعربية.. هل يمكن لجلالتكم أن يعطينا صورة عما تم إنجازه حتى الآن?.
منذ اندلاع الأزمة, أجريت عدة اتصالات مع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة, واليوم أوفدت وزير الخارجية إلى لبنان, لأوكد تضامننا معهم ودعمنا لهم سياسيا وإنسانيا. وكانت فحوى جهودنا واتصالاتنا هي البحث عن سبل تقديم دعم ملموس ومباشر للشعب اللبناني لتمكينه من تخطي الأزمة المأساوية التي يواجهها... وقد بذلنا كل جهد ممكن لمساعدة الأشقاء اللبنانيين, وكان الأردن أول دولة عربية تبادر إلى إرسال مساعدات من خلال الشاحنات التي مرت عبر الأراضي السورية.. ثم كان الاختراق الذي حققناه وبعد اتصالات دولية عدة, حيث تمكنت الأربعاء الماضي أول طائرة أردنية تحمل المساعدات إلى الشعب اللبناني من الهبوط في مطار بيروت. وقد وصل عدد الطائرات لغاية الآن إلى (9) طائرات حملت مئات الأطنان من المواد الغذائية والمساعدات الطبية. كما ساعدنا في وصول طائرات مساعدات من السعودية والإمارات ودول أخرى. وهناك الآن مستشفى ميداني أردني تعامل حتى الآن مع أكثر من (2500) حالة لمواطنين لبنانيين من الذين يحتاجون إلى العلاج والرعاية الطبية نتيجة القصف الإسرائيلي. هل يكفي هذا? لا. لكننا نفعل كل ما نستطيعه, وسنظل نفعل كل ما نستطيعه.
هل سيشارك الأردن في قوات دولية لحفظ السلام في لبنان إذا ما قرر المجتمع الدولي تشكيلها?.
نحن سندعم الحكومة اللبنانية بكل ما تريد. والأردن لن يشارك في هذه القوة. ونحن نؤكد أن أي خطوة مستقبلية يجب أن تحظى بموافقة الحكومة اللبنانية.
ماذا تقولون للإدارة الاميركية حول الأزمة, وهل يستمع الأمريكيون لجلالتكم?
نقول لأميركا أن عليها مسؤولية كبيرة في حل أزمات الشرق الأوسط... إن الشعوب العربية تدرك انحياز أميركا لإسرائيل, وأن الشرق الأوسط لن ينعم بالأمن, إذا لم ينعم الفلسطينيون بالاستقرار, وإذا لم يستعيدوا حقوقهم ويبنوا دولتهم. نقول أن معالجة جذور الصراع هي السبيل الوحيد لحله.. نقول أن الحرب على لبنان يجب أن تتوقف فورا. وأن الحاجة تدعو إذا أرادت أميركا أن تحظى سياستها باحترام وتقدير في العالم العربي أن تسرع في إيجاد حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي.
هل أجريتم جلالتكم اتصالات مع الحكومة الإسرائيلية بعد الحرب على لبنان? وما هو فحوى حديثكم لهم?.
أنا لم أجر أي اتصالات. لكن الحكومة الإسرائيلية تعرف تماما موقفنا في رفض وإدانة لعدوانها على لبنان وعلى الفلسطينيين.
لماذا لم تنعقد قمة عربية بعد الحرب على لبنان?. الناس يرون في ذلك انقساما للنظام العربي الرسمي.
كان موقفنا أنه إذا حصل توافق على عقد هذه القمة, فإننا سنشارك بها, لكن الدعوة إلى القمة لم تلقى القبول... نحن لم نتخلف عن قمة عربية... ونتمنى أن تنعقد القمة لكن بعد أن يتم دراستها بعناية حتى لا تفشل ونزيد من إحباط ويأس الشعوب العربية.
هل تتوقعون جلالتكم أن يرى مشروع الشرق الأوسط الجديد "النور" حيث قالت رئيسة الديبلوماسية الاميركية كوندليزا رايس أنه في "مخاض الآن"?.
أي مشروع لا يستند إلى تطلعات الشعوب وحقها في تقرير مصيرها, ويلبي آمالها في الأمن والرخاء لن يرى طريقه إلى النور.. إذا أردنا شرق أوسط آمن ومستقر, علينا أن نعطي الفلسطينيين حقهم ودولتهم, وأن يعم الأمن في العراق ولبنان... وتطبق قرارات الشرعية الدولية.
هل تخشون جلالتكم من انعكاسات الأوضاع على المنطقة في انقسامات جدية? رأينا أثر الأوضاع في العراق على العلاقة بين السنة والشيعة.. هل ستتفاقم هذه الانقسامات في ضوء التوتر بين إيران ودول عربية?
القضية ليست دينية, والموضوع ليس بين سنة وشيعة. هنالك خلافات بين دول عربية وإيران. ولنتذكر أن رسالة عمان انطلقت من الأردن لتثبت وحدة المذاهب الإسلامية, وتبنى مؤتمر القمة الإسلامية في مكة هذا الموقف بدعم ومبادرة من الأردن.. نحن حريصون على أشقائنا الشيعة حرصنا على أنفسنا, وعلى وحدة الصف الإسلامي. ومجرم كل من يحاول زرع الفتنة بين السنة والشيعة.. ويجب أن نتصدى له جميعا.. أنا سليل آل البيت ووحدة الصف الإسلامي رسالة نحملها وندافع عنها.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir