السيد مهدي
09-30-2003, 06:25 AM
العبادات وأثرها في سلوك المسلم الملتزم ودورالواعي دينيا:
العبادات تكون على نوعين، عبادة على مستوى شخصي وعبادة على مستوى إجتماعي.
فعلى المستوى الشخصي،هناك ممارسة يومية يؤديها المسلم الملتزم خمسة مرات في اليوم وهي الصلوات اليومية بالإضافة إلى ممارسة تؤدى شهرا كاملا في كل سنة وهي عبادة الصوم، وهناك ممارسة سفرية تؤدى على الأقل مرة في العمر حسب الإستطاعة وهي فريضة الحج،.
وعلى المستوى الإجتماعي، هناك ممارسة دفع الحقوق الشرعية مثل الزكاة والخمس ومساعدة الفقراء في المجتمع. وهذه الممارسات العبادية والتي تؤدى لها دورا كبيرا جدا في ترسيخ العقيدة، وإبقاء جذوة الإيمان متقدة في قلب المسلم، وحاثة أياه على التفكر وفهم مغزى هذه الممارسات. ولذلك وبرغم التشويش والتخبط الذي تعيشه الأمة تعمل هذه الممارسات الروحية على تصحيح المسار المنحرف ولو بالتدريج، كما تعتبر دعوة صامتة لغير الملتزم للإقتداء والرجوع إلى أجواء الدين الحنيف. إضافة إلى ما فيها من مردودات إيجابية في مجالات الطهارة والصحة والإسترخاء الفكري والهدوء النفسي، وإذا كانت ضغوط الحياة النفسية والقلق المتزايد والإجهاد الفكري قد جعل العالم المعاصر يلجأ لرياضة(اليوكا)ترويحا لنفسه ونسيان همومه(إن لم يكن قد عاقر الخمر والمخدرات).فإن ديننا الحنيف بفريضة الصلاة المتكررة خمسة مرات في اليوم وإنقطاع العبد عن الدنيا إلى ربه ولفترة دقائق معدودة، قد سبق العالم المعاصر في سن قانون كيفية ترويح النفس ورفع الضغوط الحياتية عن البشرية ونسيان همومها .
هناك طرفة يتناقلها بعض اللادينيين، ومفادها بأن شخصا من مروضي القرود كان قد روض قردا له على إلإتيان ببعض الحركات محاكيا بذلك أوضاع الصلاة، من قيام وركوع وسجود، وكان هذا المروض قد أعد هذا الحيوان ليثبت لمن يناقشه بأن الصلاة يمكن أن يؤديها حتى الحيوان، ثم ليسخر من المؤدين والمقيمين للصلاة قائلا:
)هذا قرد وقد أدى الصلاة وبعد فراغه منها لازال قردا(.
إن هذه الطرفة التي تسخر من الملتزمين بتأدية الواجبات الدينية، ورغم ما فيها من وقاحة وتهكم، يجب أن لا تزعج وتغضب من يسمعها وإنها جديرة بالدراسة والتحليل والتأمل.
الصلاة التي توجبها الشريعة مظهر من مظاهر التدين والإلتزام(لاحظ -كلمة مظهر) ولا تميز من يقيمها ويؤديها بميزة أو صلاحية معينة.بل بالعكس تضع مؤديها في موقف حرج ومساءلة ذاتية وإجتماعية(إن أردنا أن نفكر بطريقة عقلانية).لإن مؤدي هذه الفريضة بين الناس، يعلن إلتزامه بالدين، ويدعو(صامتا)غيره إلى إحترام وتطبيق مثل وقيم الإسلام في معاملته والنظر إليه.
وفي الطرف الآخر هناك من يعلن صامتا عدم إيمانه بالصلاة(الإعلان الصامت يكون عن طريق الإتيان بما لا يتطابق مع الدين مثل إرتياد محلات ممارسة الحرام من شرب للخمرة ولعبا للقمار...و....و..الخ (.
وفي ضوء هذا التحليل نستنتج من الخطأ وقلة العقل أن تناقش وتعامل من لا يؤمن بالصلاة بمقاييس الدين، ومنهم مروض القرود وصاحب الطرفة السابقة، ولكن يمكن مناقشته ومقاضاته عن الأسلوب الذي يعلن فيه تحديه من لا يوافقه الرأي بخصوص الصلاة وغير الصلاة. فإذا سمح لنفسه التحرر والإعلان عما يؤمن به، وجب عليه مراعاة شعور غيره بما يؤمن به، وخاصة إذا كان تحديه صارخا ومستهترا بمبدأ تقدسه غالبية الأمة.وأيضا فإن الواجب يحتم على مروض القرود(ولا نقصد شتمه بهذا اللقب لإنها مهنته!!)يحتم الواجب عليه أن يعرف بأن الصلاة مظهرا فقط كما شرحنا أعلاه وأما جوهر الدين فتعريفه الآنف الذكر:
(إنما الدين المعاملة)
فإذا كان هناك من يتظاهر بالصلاة، شيطانا مخادعا وسارقا منافقا، هناك أيضا كثيرا من العلمانيين الذين يتظاهرون بالوطنية والثقافة والديمقراطية ولكن خبايا نفوسهم لا تحمل إلا الإثرة والجشع وحب الهيمنة والتسلط .
وأما فريضة الصوم فإلى جانب المردود الصحي، هناك الترويض على إمتحان الذات في الإخلاص بمنع النفس من مغريات الأكل والشرب والجنس و..و..وحتى التفكير الغير لائق بالمسلم المتزن.
وفي فريضة الحج حيث يشد المسلم الرحال إلى بيت الله الحرام ليلتقي بإخوته في العقيدة، وليتعارف على إخوته من كل بقاع العالم كاشبه مايكون من مؤتمرإسلامي يلتقي فيه أبناء العقيدة الواحدة.
تطبيق الشريعة وإقامة حدودها، يحقق العدالة المنشودة ويقطع أيدى الجشعين وسارقي قوت الشعب، وفي غياب التطبيق الكامل للشريعة ليس مستبعدا أن تظهر حالات إزدواجية ومظاهر للنفاق السلوكي.كما يجب على المثقفين الواعين المسلمين أن يتنبهوا إلى التركات التي صنعتها الظروف المفروضة، فيجب مراعاة وضع الأمة النفسي العام. وإذا كان إسلام الأمة قد أقتصر على إقامة الصلوات اليومية وبقية العبادات فهذا لا يخرجها من دائرة وحلبة الصراع الدائر بين الإسلام وخصومه من حكام وساسة منافقين. والملتزم الواعي والحركي النشط العامل على الساحة الإسلامية يقدر وضع الأمة الحرج والظروف التي أوصلتها إلى ما وصلت إليه، لذلك فهو يقدر ويقبل بأن ليس من الأنصاف أن تدان الأمة وتتهم بالتواطؤ مع الحاكم إذا لم تخرج وتثور عليه، وليس من الإسلام القيام بأي عمل فوضوي يزيد في الطين بلة فيعمق معاناة الأمة ويزيد من مآسيها.
ذكرنا بأن الحرب التي تشنها السلطة على كل نشاط ديني خلقت نوعا من الإرهاب والخوف عند الناس، وقلنا رغم كل ذلك ورغم ما تعانيه الأمة من منع حقيقي غير معلن على كل نشاط ديني فأن الأمة غير عاجزة عجزا تاما.وذكرنا السبب في ذلك يعود إلى طبيعة الرسالة الإسلامية وقوتها الكامنة فيها.ومن مظاهر هذه القوة الكامنة هو ماذكرناه من ممارسة روحية تؤدى خمسة مرات في اليوم، وحبذ الدين أن تؤدى جماعة وكل تجمع، تعارف، وكل تعارف، تناقل للأخبار وكشف عن وجود منفعة أو مضرة وهذا ما تخشاه السلطة خشية تامة.
وبالنسبة للصلاة،حتى لو أقيمت بصورة فردية ووعاها مقيمها وعاية حقيقية لألزمته بسلوك معين، وواجب يؤدى، وحقا يرد، وعرض يصان، وكرامة يجب أن لاتهان، وهذا مصداق للحديث الشريف :
الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر(
ومن الطبيعي أن يسأل الواعي نفسه إذا لم تمنعني صلاتي من المنكرات إذن ما فائدة الصلاة إذا كانت مجرد حركات وتمتمات ؟.
ولكي تقاوم السلطة هذه القوة الكامنة والطاقة الروحية المتأججة عملت على مراقبة المساجد وبثت جواسيسها بين الوعاظ وجعلت لكل واعظ راتبا شهريا وبذلك ضمنت ولاء الوعاظ كما ضمنت سكوتهم.
الشدة والشراسة التي أتبعتها السلطة في مراقبة الشعب قد تختلف من قطر إلى قطر لكن العلاقة تبقى بين الإثنين علاقة معلومة ومعروفة، سلطة جائرة طاغية وأمة مسحوقة ومراقبة على كل صغيرة وكبيرة.
وهناك من يعتقد بأن الحالة التي وصفناها قد تبدو مبالغة بعض الشيء نظير التبرير الذي ذكروه دفاعا عن بعض الحكومات الجائرة، واصفين الشعب بالتخلف وقلة الوعي وإزاء حالة كهذه لابد من بعض الشدة والقسوة أو فرض ظروف إستثنائية لكبح جماح الشعب الغير مثقف .
الحديث الذي يدور عن شعب غير مثقف ومتخلف وحكومة معذورة في تعاملها مع واقع التخلف، هو ما تبرره السلطة المفروضة على رقاب الشعب، ولكن حتى لوصورنا السلطة كما لو كانت شرطي أو سجان شاهر سلاحه على رأس الأمة المحاصرة في سجن ضيق فإننا لا نعدوا الحقيقة بتاتا.
لإننا يجب أن نفهم، إن كانت الأمة هي الحاكمة وهي التي تحاول إصلاح ظرف إستثنائي فقد تكون معذورة في إجراءآتها الإستثنائية، ولكن عندما يكون مصير الأمة مناط بشخص واحد (وهو الحاكم)ويطالب كل الأمة بطاعته طاعة عمياء، من عالمهم إلى مثقفهم إلى قادة جيوشهم، وعندما يصدر أوامره بإعدام كل من يمس هيبته بكلمة في وقت لا يحاسب فيه من يسب الله. وعندما تصدر وزارة أعلامه بيانا مكتوبا بإسم خاله ووالد زوجته والذي يعترض فيه حتى على ما خلق الله و...و...وإلى غير ذلك من المهازل والسخريات.لا نكون قد جانبنا الصواب في تصوير الحاكم المتغطرس كشرطي مسلح والأمة المقهورة كسجينة .
ورغم كل الذي حدث تبقى جذوة الإيمان تعمل عملها في النفوس، ومتى ما تهيأت الفرصة وفي ظرف توفر القيادة الواعية فأن حركة الجماهير سوف تكون على مستوى المسؤولية لتحقيق حلمها في إقامة دولة العدل الآلهي ورفع الحيف والظلم الذي حل بالأمة. وأمامنا شواهد حية على عظمة الرسالة الإسلامية وخلودها.
وقبل إستعراض بعض هذه الشواهد والتجارب التي مر بها العالم الإسلامي لا بدمن إستعراض وفهم العلاقة القائمة بين كيانات الدول التي تسمى بالإسلامية والدول الإستكبارية .
_________________
العبادات تكون على نوعين، عبادة على مستوى شخصي وعبادة على مستوى إجتماعي.
فعلى المستوى الشخصي،هناك ممارسة يومية يؤديها المسلم الملتزم خمسة مرات في اليوم وهي الصلوات اليومية بالإضافة إلى ممارسة تؤدى شهرا كاملا في كل سنة وهي عبادة الصوم، وهناك ممارسة سفرية تؤدى على الأقل مرة في العمر حسب الإستطاعة وهي فريضة الحج،.
وعلى المستوى الإجتماعي، هناك ممارسة دفع الحقوق الشرعية مثل الزكاة والخمس ومساعدة الفقراء في المجتمع. وهذه الممارسات العبادية والتي تؤدى لها دورا كبيرا جدا في ترسيخ العقيدة، وإبقاء جذوة الإيمان متقدة في قلب المسلم، وحاثة أياه على التفكر وفهم مغزى هذه الممارسات. ولذلك وبرغم التشويش والتخبط الذي تعيشه الأمة تعمل هذه الممارسات الروحية على تصحيح المسار المنحرف ولو بالتدريج، كما تعتبر دعوة صامتة لغير الملتزم للإقتداء والرجوع إلى أجواء الدين الحنيف. إضافة إلى ما فيها من مردودات إيجابية في مجالات الطهارة والصحة والإسترخاء الفكري والهدوء النفسي، وإذا كانت ضغوط الحياة النفسية والقلق المتزايد والإجهاد الفكري قد جعل العالم المعاصر يلجأ لرياضة(اليوكا)ترويحا لنفسه ونسيان همومه(إن لم يكن قد عاقر الخمر والمخدرات).فإن ديننا الحنيف بفريضة الصلاة المتكررة خمسة مرات في اليوم وإنقطاع العبد عن الدنيا إلى ربه ولفترة دقائق معدودة، قد سبق العالم المعاصر في سن قانون كيفية ترويح النفس ورفع الضغوط الحياتية عن البشرية ونسيان همومها .
هناك طرفة يتناقلها بعض اللادينيين، ومفادها بأن شخصا من مروضي القرود كان قد روض قردا له على إلإتيان ببعض الحركات محاكيا بذلك أوضاع الصلاة، من قيام وركوع وسجود، وكان هذا المروض قد أعد هذا الحيوان ليثبت لمن يناقشه بأن الصلاة يمكن أن يؤديها حتى الحيوان، ثم ليسخر من المؤدين والمقيمين للصلاة قائلا:
)هذا قرد وقد أدى الصلاة وبعد فراغه منها لازال قردا(.
إن هذه الطرفة التي تسخر من الملتزمين بتأدية الواجبات الدينية، ورغم ما فيها من وقاحة وتهكم، يجب أن لا تزعج وتغضب من يسمعها وإنها جديرة بالدراسة والتحليل والتأمل.
الصلاة التي توجبها الشريعة مظهر من مظاهر التدين والإلتزام(لاحظ -كلمة مظهر) ولا تميز من يقيمها ويؤديها بميزة أو صلاحية معينة.بل بالعكس تضع مؤديها في موقف حرج ومساءلة ذاتية وإجتماعية(إن أردنا أن نفكر بطريقة عقلانية).لإن مؤدي هذه الفريضة بين الناس، يعلن إلتزامه بالدين، ويدعو(صامتا)غيره إلى إحترام وتطبيق مثل وقيم الإسلام في معاملته والنظر إليه.
وفي الطرف الآخر هناك من يعلن صامتا عدم إيمانه بالصلاة(الإعلان الصامت يكون عن طريق الإتيان بما لا يتطابق مع الدين مثل إرتياد محلات ممارسة الحرام من شرب للخمرة ولعبا للقمار...و....و..الخ (.
وفي ضوء هذا التحليل نستنتج من الخطأ وقلة العقل أن تناقش وتعامل من لا يؤمن بالصلاة بمقاييس الدين، ومنهم مروض القرود وصاحب الطرفة السابقة، ولكن يمكن مناقشته ومقاضاته عن الأسلوب الذي يعلن فيه تحديه من لا يوافقه الرأي بخصوص الصلاة وغير الصلاة. فإذا سمح لنفسه التحرر والإعلان عما يؤمن به، وجب عليه مراعاة شعور غيره بما يؤمن به، وخاصة إذا كان تحديه صارخا ومستهترا بمبدأ تقدسه غالبية الأمة.وأيضا فإن الواجب يحتم على مروض القرود(ولا نقصد شتمه بهذا اللقب لإنها مهنته!!)يحتم الواجب عليه أن يعرف بأن الصلاة مظهرا فقط كما شرحنا أعلاه وأما جوهر الدين فتعريفه الآنف الذكر:
(إنما الدين المعاملة)
فإذا كان هناك من يتظاهر بالصلاة، شيطانا مخادعا وسارقا منافقا، هناك أيضا كثيرا من العلمانيين الذين يتظاهرون بالوطنية والثقافة والديمقراطية ولكن خبايا نفوسهم لا تحمل إلا الإثرة والجشع وحب الهيمنة والتسلط .
وأما فريضة الصوم فإلى جانب المردود الصحي، هناك الترويض على إمتحان الذات في الإخلاص بمنع النفس من مغريات الأكل والشرب والجنس و..و..وحتى التفكير الغير لائق بالمسلم المتزن.
وفي فريضة الحج حيث يشد المسلم الرحال إلى بيت الله الحرام ليلتقي بإخوته في العقيدة، وليتعارف على إخوته من كل بقاع العالم كاشبه مايكون من مؤتمرإسلامي يلتقي فيه أبناء العقيدة الواحدة.
تطبيق الشريعة وإقامة حدودها، يحقق العدالة المنشودة ويقطع أيدى الجشعين وسارقي قوت الشعب، وفي غياب التطبيق الكامل للشريعة ليس مستبعدا أن تظهر حالات إزدواجية ومظاهر للنفاق السلوكي.كما يجب على المثقفين الواعين المسلمين أن يتنبهوا إلى التركات التي صنعتها الظروف المفروضة، فيجب مراعاة وضع الأمة النفسي العام. وإذا كان إسلام الأمة قد أقتصر على إقامة الصلوات اليومية وبقية العبادات فهذا لا يخرجها من دائرة وحلبة الصراع الدائر بين الإسلام وخصومه من حكام وساسة منافقين. والملتزم الواعي والحركي النشط العامل على الساحة الإسلامية يقدر وضع الأمة الحرج والظروف التي أوصلتها إلى ما وصلت إليه، لذلك فهو يقدر ويقبل بأن ليس من الأنصاف أن تدان الأمة وتتهم بالتواطؤ مع الحاكم إذا لم تخرج وتثور عليه، وليس من الإسلام القيام بأي عمل فوضوي يزيد في الطين بلة فيعمق معاناة الأمة ويزيد من مآسيها.
ذكرنا بأن الحرب التي تشنها السلطة على كل نشاط ديني خلقت نوعا من الإرهاب والخوف عند الناس، وقلنا رغم كل ذلك ورغم ما تعانيه الأمة من منع حقيقي غير معلن على كل نشاط ديني فأن الأمة غير عاجزة عجزا تاما.وذكرنا السبب في ذلك يعود إلى طبيعة الرسالة الإسلامية وقوتها الكامنة فيها.ومن مظاهر هذه القوة الكامنة هو ماذكرناه من ممارسة روحية تؤدى خمسة مرات في اليوم، وحبذ الدين أن تؤدى جماعة وكل تجمع، تعارف، وكل تعارف، تناقل للأخبار وكشف عن وجود منفعة أو مضرة وهذا ما تخشاه السلطة خشية تامة.
وبالنسبة للصلاة،حتى لو أقيمت بصورة فردية ووعاها مقيمها وعاية حقيقية لألزمته بسلوك معين، وواجب يؤدى، وحقا يرد، وعرض يصان، وكرامة يجب أن لاتهان، وهذا مصداق للحديث الشريف :
الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر(
ومن الطبيعي أن يسأل الواعي نفسه إذا لم تمنعني صلاتي من المنكرات إذن ما فائدة الصلاة إذا كانت مجرد حركات وتمتمات ؟.
ولكي تقاوم السلطة هذه القوة الكامنة والطاقة الروحية المتأججة عملت على مراقبة المساجد وبثت جواسيسها بين الوعاظ وجعلت لكل واعظ راتبا شهريا وبذلك ضمنت ولاء الوعاظ كما ضمنت سكوتهم.
الشدة والشراسة التي أتبعتها السلطة في مراقبة الشعب قد تختلف من قطر إلى قطر لكن العلاقة تبقى بين الإثنين علاقة معلومة ومعروفة، سلطة جائرة طاغية وأمة مسحوقة ومراقبة على كل صغيرة وكبيرة.
وهناك من يعتقد بأن الحالة التي وصفناها قد تبدو مبالغة بعض الشيء نظير التبرير الذي ذكروه دفاعا عن بعض الحكومات الجائرة، واصفين الشعب بالتخلف وقلة الوعي وإزاء حالة كهذه لابد من بعض الشدة والقسوة أو فرض ظروف إستثنائية لكبح جماح الشعب الغير مثقف .
الحديث الذي يدور عن شعب غير مثقف ومتخلف وحكومة معذورة في تعاملها مع واقع التخلف، هو ما تبرره السلطة المفروضة على رقاب الشعب، ولكن حتى لوصورنا السلطة كما لو كانت شرطي أو سجان شاهر سلاحه على رأس الأمة المحاصرة في سجن ضيق فإننا لا نعدوا الحقيقة بتاتا.
لإننا يجب أن نفهم، إن كانت الأمة هي الحاكمة وهي التي تحاول إصلاح ظرف إستثنائي فقد تكون معذورة في إجراءآتها الإستثنائية، ولكن عندما يكون مصير الأمة مناط بشخص واحد (وهو الحاكم)ويطالب كل الأمة بطاعته طاعة عمياء، من عالمهم إلى مثقفهم إلى قادة جيوشهم، وعندما يصدر أوامره بإعدام كل من يمس هيبته بكلمة في وقت لا يحاسب فيه من يسب الله. وعندما تصدر وزارة أعلامه بيانا مكتوبا بإسم خاله ووالد زوجته والذي يعترض فيه حتى على ما خلق الله و...و...وإلى غير ذلك من المهازل والسخريات.لا نكون قد جانبنا الصواب في تصوير الحاكم المتغطرس كشرطي مسلح والأمة المقهورة كسجينة .
ورغم كل الذي حدث تبقى جذوة الإيمان تعمل عملها في النفوس، ومتى ما تهيأت الفرصة وفي ظرف توفر القيادة الواعية فأن حركة الجماهير سوف تكون على مستوى المسؤولية لتحقيق حلمها في إقامة دولة العدل الآلهي ورفع الحيف والظلم الذي حل بالأمة. وأمامنا شواهد حية على عظمة الرسالة الإسلامية وخلودها.
وقبل إستعراض بعض هذه الشواهد والتجارب التي مر بها العالم الإسلامي لا بدمن إستعراض وفهم العلاقة القائمة بين كيانات الدول التي تسمى بالإسلامية والدول الإستكبارية .
_________________