المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من كلمات أمير المؤمنين(1) ..النفس ومحاسبتها..



خادمة الخمسة
07-30-2006, 04:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عضوة جديدة انضمت إلى ركب منتدى منار للحوار..
آثرت إبتداء مشاركاتي بكلمات أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه حول النفس ومحاسبتها.. مع شرح يسير لها.
وقد نقلت الأحاديث العلوية الشريفة من كتاب ( هداية العلم ) لمؤلفه ( الآمدي ) وهو كتاب جديد لكتاب قديم اسمه غرر الحكمة.

فأتمنى الاستفادة للجميع ..

---------------------------------------


* إِزْراءُ الرَّجُلِ على نَفْسِهِ بُرْهانُ رِزانَةِ عَقْلِهِ وعُنْوانُ وُفورِ فَضْلِهِ.(1)

الفضل بمعنى الزيادة، وباللغة الفضل حسن.. أي أن الزيادة الحسنة هي الفضل بينما الزيادة غير الحسنة لا يقال لها فضل.
والوفور أي الكثرة
الرزانة أي الثقل.. والمقصود الثقل غير المادي ( شخص ثقيل في شخصيته) أي وقور حكيم.. إلخ
الإزراء أي التحقير.
والناس في مواقفهم بالنسبة لأنفسهم على ثلاثة أقسام:
شخص يمدح نفسه بشكل كاذب وهذا مرفوض
وآخر يحقر نفسه بشكل كاذب وهذا أيضا مرفوض
وثالث هو بالمستوى المعقول لصلاح النفس ومع ذلك يمدحها ولا يحقرها .. والإنسان يجب أن لا يرضى عن نفسه أبدا ولا يكتفي بمستواه الحالي وإن كان ناجحا، بل عليه السعي نحو الكمال والوصول إلى أعلى المراتب.
بالجامعات هناك نجاح وهناك نجاح بتفوق وهو على مراحل، مقبول.. جيد.. جيد جدا.. امتياز، والطالب المثالي المجتهد عادة لا يقنع بالنجاح بدرجة أقل من التفوق.
المعنى المراد هو من يحقر نفسه وينتقصها ويديم انتقادها ساعيا بها للارتقاء والتطور نحو الكمال فهو رزين العقل وكثير الفضل.. إذا فمحاسبة النفس وتحقيرها وعدم الرضا عنها وانتقاصها الدائم سعيا للارتقاء بها لهو الدليل على رزانة العقل ورجاحته وكثرة الفضل وحسنه.




*النُّفوسُ طًلِقًةٌ لكنَّ أيْدي العُقولِ تُمْسِكُ أَعِنَّتَها عن النُّحوس.(2)

طلقة بمعنى سائرة إلى الأمام أي منطلقة.
والنحوس هنا إما بمعنى المصدر النحوسة أو جمع النحس.
أعنتها: جمع عنان وهو لجام الفرس أو جماحه.
ملاحظة مهمة:
النفس كلمة تحمل معنيين.. إما بمعنى الفرد كشخص، نسمة، كيان، فرد _يقال تسجيل النفوس أي إحصاء عدد الأفراد_. وإما بمعنى مجموعة الغرائز المودوعة في داخل الإنسان – تماما مثل القلب كعضو جسدي أو القلب المجازي الذي يحمل المشاعر والأحاسيس وما إلى ذلك –

والغرائز جمع غريزة والغريز فعيل بمعنى مفعول، غرز أي أدخل والغريز بمعنى المفعول أي المدخل، فالله عندما خلق الإنسان أدخل فيه مجموعة من المدخلات أودعها فيه وهذه المدخلات تسمى الغرائز كـ الأكل، الشرب، حب الاستطلاع، حب النوم .. وما أشبه

والغرائز بشكل عام موجودة في كل نفس بشرية لكن منها ما يضره ومنها ما ينفعه، وبمعنى أصح فبإمكانه بواسطة عقله إما أن يسخرها لصالحه ويحسن الاستفادة منها وإما أن يسيء إلى نفسه بتمكين تلك الغرائز منه فيجعلها تقوده وتتحكم فيه فيصبح عبدا لها.
إذا فالغرائز تكون في صالح الإنسان وفي مضرته بنفس الوقت تماما كالكهرباء أو الغاز، إن خطط لها العقل تخطيطا سليما وأدارها وأحسن الإستفادة منها كانت نعمة له وإن تركها وأهملها ولم يدرها ويحسن استخدامها صارت وبالا عليه، بحيث لو ترك الغاز مشتعلا ومسربا بالبيت لأحرق البيت بأكمله وتضرر الضرر الكثير بينما لو أحسن استخدامه لاستفاد استفادة كبيرة.
بعبارة آخرى النفوس مندفعة لا تعرف التعقل والتوقف عن ما تريد، لذا فالعقول هي من تخطط للنفس.
والمعنى العام المراد من الحديث العلوي الشريف هو أن النفس التي هي مجموعة الغرائز تنطلق لتتحكم في النفس التي هي شخص الإنسان.. لكن عقله هو الكابح لجماحها والممسك بعنانها والمسيطر عليها.



* النّفسُ الكريمةُ لا تُؤَثّرُ فيها النّكَبات. (3)

الكريم في اللغة العربية هو ضد اللئيم
والنكبة هي المشكلة التي تحدث وتصيب الإنسان، مثلا عندما حدثت حروب بين إسرائيل والعرب حيث انهزم العرب فيها .. قيل (( النكبة التي ألمت بالعرب ))
والتأثر المعني هنا هو التأثر السلبي ولا يعني عدم الحزن أو البكاء أو ما أشبه
وبعبارة أخرى أقول : إن النفس الكريمة التي هي ليست بلئيمة لا تسخط وتعترض وتقنط من رحمة الله جلت قدرته، بل تمارس حياتها وتفوض أمرها إلى الله وتسلم بقضائه تبارك وتعالى.

-----------------------
(1) الحديث رقم 4 الصفحة 601
(2) الحديث رقم 5 الصفحة 601
(3) الحديث رقم 1 الصفحة 600

jameela
07-30-2006, 04:55 AM
شكرا لك اختي الكريمة على هذه المشاركة الرائعة ومرحبا بك في منتدى منار