المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صواريخ 'السيد' قلبت الطاولة في انتظار القادم



زوربا
07-27-2006, 10:40 AM
27/07/2006

كتب حمزة عليان - القبس


فجأة قلب الطاولة رأسا على عقب وتعرض الاسم للتشكيك وتبدلت الخطابات، وأمسك بقرار الحرب منفردا وهو ما جعله في مهب الانتقاد وبين قائل بالمغامرة بدل الحكمة والتروي لمصلحة لبنان والعرب وبين قائل بأن الحساب كان خاطئا ومميتا لكنه في النهاية بقي بالواجهة يخوض المعركة المفتوحة وفي كل الاتجاهات.

كمثل صواريخ 'رعد' التي تتساقط فوق حيفا، صار 'السيد حسن' الاسم الاكثر حضورا وشيوعا في العالم، انقسم الناس من حوله، بين محب وكاره واليوم يشد العالم إليه والى مواقفه وتحركاته... وتحول الى أشهر شخصية في عام 2006 تفوق شهرة زعماء وقيادات سياسية واقتصادية وفنية سجلت أعمالا لفتت الانتباه وحازت النجومية.

حبس أنفاسا من شدة الصدمة، والكاميرات تترقب ظهوره او خروجه على الملأ، فتحركاته تزداد سرية مع اشتداد الهجمة الاسرائيلية والاشاعات تكثر من حوله، ساعة يقولون انه تعرض للموت اثناء قصف احد الملاجئ وساعة يروجون انه هرب باتجاه سوريا لكن سرعان ما تحتل صورته شاشات التلفزة ويعود الحديث عن شخصه وعن شعاراته.

الاسرائيليون يثقون به وبما يصدر عنه ويأخذون كلامه على محمل الجد بعدما اختبروه جيدا في المواجهات والمفاوضات، وفي استطلاعات الرأي حصل على اغلبية المستطلعين، وبأنه إذا قال فعل... ومن هنا بات يشكل هاجسا من الخوف لديهم لا ينفك عن الظهور عليهم ومباغتتهم. 'السيد' اليوم في قمة المواجهة والرهان عليه وصل الى قمة الهرم، وكل ينتظر اشارة التحرك لليمين او لليسار والساحة ملأى بالمتفرجين والشامتين، والمسألة تبقى معلقة الى حين ما ستسفر عنه المعارك والمواجهات العسكرية بينما استعجل البعض تسجيل السبق بإعداد الملفات التي تنتظر من يدفع فواتيرها وتهيئة الطاولة الى يوم الحساب.

حظي بعداوة لا تنقطع من قبل اسرائيل والعواصم التي ترفع شعار مكافحة الارهاب وبالاخص الادارة الاميركية، والمناشير التي توزع على السكان اثناء الغارات وصورته 'كالأفعى السامة' التي تخرج من خريطة لبنان كما تخرج صواريخ الكاتيوشا باتجاه حيفا ونهاريا وهو حدث لم تشهده تلك المدن في حروبها النظامية مع الانظمة العربية منذ قيامها عام .1948

في دائرة الخطر
'السيد' وضع نفسه في دائرة الخطر وهو قرار يدرك عواقبه جيدا فتحركاته دائما محفوفة بالسرية المطلقة سواء في حالة 'الهدنة' ام في حالة 'الحرب' التي ضاعفت المخاطر عليه، تسعى الآلة العسكرية الى اختطافه او قتله كما طاردت ياسر عرفات من قبل ولاحقته من بيت الى بيت اثناء حصاره في بيروت عام .1982

حقق انجازا تاريخيا للبنان لم يكن ليتحقق لولا ذلك الالتفاف والتضحيات التي قدمها الشعب والدولة، بفرض انسحاب اسرائيلي من اراضيه عام 2000 وهزيمة عسكرية لجيش لا يقهر، وعلى المسافة نفسها ظل يشهر المواجهة مع اسرائيل ويقيم معها توازن الرعب الى ان جاءت احداث اختطاف الجنديين لتقلب الطاولة رأسا على عقب وينزل السيد الى الميدان متخفيا من غارات الطيران الاسرائيلي الذي يمارس هوايته المفضلة بالقتل والتدمير في معظم الاراضي اللبنانية.

محبوه ومناصروه جعلوا منه بطلا ووضعوه في مرتبة القداسة باعتباره رمزا للتحرير والمقاومة، يتسابقون على توزيع صوره وخطاباته على اجهزة هواتفهم، وصاروا ينظرون اليه على انه الشخص الذي لا يخطئ الهدف، هؤلاء يعيشون حالة شوق دائم لسماع خطبه من على التلفزيون ومفاجآته.

قسم كبير من اللبنانيين والعرب مسلمين ومسيحيين يبدون اعجابهم بشخصيته المحببة وطريقة ادائه في الحياة العامة، والى وقت قريب، وفي مرحلة ما بعد ال2000 اي انسحاب اسرائيل وما بعد اتفاق الطائف اتجه 'السيد' بحزبه للمشاركة في العمل الحكومي حكومة السنيورة بعد اغتيال الحريري ونزل الانتخابات النيابية 1992 وحصد نتائج لم تكن متوقعة واستدار نحو الداخل وعقد تحالفات سياسية مع قوى غير اسلامية ليعطي حزب الله 'اللبننة' والانخراط اكثر في الحياة السياسية اليومية وان كان هناك كما تردد ماكينة الاعلام الاميركية واصدقاؤها من يصر على انه ايراني النزعة وسوري التوجه بالرغم من قاعدته اللبنانية وانتمائه اللبناني وارتباطه بأرضه ومجتمعه.

انحى بنفسه الحديث عن خطايا النظام السوري في لبنان والافعال المنسوبة اليه اثناء حكمه للبنان وبالاخص الشبهات حول دوره باغتيال الرئيس الحريري وهو ما كان مثار استغراب لذاك الصمت الذي سيطر عليه وجعله من الواقفين في الصف المواجه لقوى 14 آذار.

متماسك امام استشهاد نجله
المعجبون به ازاحوا عن اعينهم اي مشاهد اخرى سوى النظر اليه والى صورته التي تعلق داخل جدران المنازل، والبسوه ثوب 'النضال' و'الجهاد' فالصحافي المصري داود ابراهيم يحكي جانبا من سيرة حياته بالقول 'عندما استشهد نجله هادي في احدى الغارات الاسرائيلية طلب من زملائه ان يتركوه وحده في مكتبه، ليس رغبة في البكاء ولكن لكي يستجمع قواه وقيمه ومفاهيمه التي اوصلته لهذا المقام، بعدها خرج متماسكا قويا ليتلقى التعازي ولا يرضى بكلمة 'عزاء' يطلب من الناس ان يباركوا استشهاد ابنه البالغ 18 عاما والذي كان سيزف الى عروسته بعد اسبوعين قال 'السيد' لاهالي من سبق لابنائهم الاستشهاد 'اصبحت اليوم لا اخجل من مواساتكم بعد ان اصبحت مثلكم'..

الطفولة والدراسة
ولد في 'حي الكرنتينا' احد احياء بيروت الشرقية الفقيرة، والده كان بائع خضروات وعندما بلغ التاسعة من عمره راح يساعد اسرته من خلال عمله باحدى البقالات ويساهم في اعالة اشقائه، درس المرحلة الابتدائية في حي النبعة وانتقل لدراسة المرحلة الثانوية بثانوية سن الفيل.
كان يذهب الى مسجد اسرة التآخي ليستمع الى خطب السيد محمد حسين فضل الله بمنطقة النبعة اتجه عام 1974 الى بلدته البازورية في قضاء صور جنوب لبنان ليكمل المرحلة الثانوية باحدى ثانويات مدينة صور وينضم لحركة 'امل' سنة .1975

سافر الى النجف بالعراق وهناك التقى السيد عباس الموسوي الذي قام بتدريسه.
عاد الى لبنان عام 1978 بعد ان ضايقته المخابرات العراقية وتابع تحصيله الديني في احدى مدارس بعلبك الدينية التي اسسها السيد عباس الموسوي واستمر يتدرج في مناصب قيادية بحركة امل الى غاية سنة 1982 ليترك الحركة ويلتقي مجموعة من الشباب ليؤسسوا حزب الله على خلفية الاجتياح الاسرائيلي لبيروت.

إلى إيران
عام 1985 سافر الى قم لمتابعة تحصيله الديني لكنه عاد الى لبنان عام 1986 وفي عام 1992 صار امينا عاما للحزب بعد اغتيال السيد عباس الموسوي.
انجذب الى السيد موسى الصدر مؤسس حركة امل ونظر اليه باعجاب وانبهار وتأثر بأفكاره بالمرحلة الاولى من عمله السياسي.

نشوء حزب الله
روايته لنشوء حزب الله تختلف عن كل الروايات الاخرى يقول 'نحن مجموعة من اللبنانيين تشكلت عام 1982 اثر الاجتياح الاسرائيلي للبنان واحتلال العدو لجزء كبير من الاراضي اللبنانية ودخوله بيروت، وهذه المجموعة التقت على عدد من المبادئ الاساسية اولها: انتماؤها الى الاسلام وثانيها: التزام خط واضح هو المقاومة والجهاد لتحرير الارض والدفاع عن الامة في مواجهة المشروع الصهيوني'.
ملف 'السيد' عند المخابرات الاسرائيلية له قراءة شاعت في العالم العربي تقول انه مجرد لعبة خيوطها موجودة في طهران ودمشق وان هذا الرجل يناور بمهارة رجل الدين وانه لا يعلم ما سيفعله في اليوم الذي سيلي، وانه محاط بمجموعة حسابات معقدة وكابحة فهم يشيرون الى حذره الكبير من الداخل اللبناني وايضا من الغد الايراني واكثر شخصيتين اثرتا على مسار حياته هما السيد محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة الاسلامية والسيد عباس الموسوي فهذان جعلاه اكثر تدينا وايمانا.

العلاقة مع الحريري
اول مرة يشاهد فيها الوسط التجاري بمدينة بيروت كانت على اثر اغتيال الشهيد رفيق الحريري وذلك لصعوبة تنقلاته واضطراره للمبيت في اكثر من منزل وبالسر.. تلك هي سيرة رجل محاط بالخوف على حياته بعد ان تحول الى هدف دائم للمخابرات الاسرائيلية تقتنص اي فرصة للفوز بهذا الصيد الثمين وهي امنية يشارك اسرائيل فيها الكثير من اصدقائها وحلفائها في العالم.

ارتبط بعلاقة خاصة مع الرئيس الحريري وهي علاقة امتدت لسنوات طويلة تعززت في الازمات الكبرى مثل عملية عناقيد الغضب ومجزرة قانا عام ،1996 والدور الذي لعبه بتفاهم نيسان وفي السنوات الاخيرة وبعد التحرير في مايو 2000 بقي الحريري الى جانب المقاومة ومن خلال تواصل شخصي مع 'السيد' ويروي مصطفى ناصر، الرجل الذي كان حلقة الوصل بين الاثنين، ان كلمة السر التي كانت بينهما عندما يريد احدهما الالتقاء بالآخر هي دعنا 'نأكل فواكه' اليوم والمعروف ان 'السيد' مولع بشرب الشاي وأكل الفواكه.