سمير
07-26-2006, 12:43 AM
نشرة واشنطن
جون ماكلوغلين - واشنطن بوست
على الرغم من استمرار القتال في الشرق الأوسط فإننا لن نتعلم دروسا قريبا من هذه الأحداث المأساوية. وحتى لو بدأ هذا الوضع بالفتور فإن هناك الكثير من النقاط الساخنة في الشرق الأوسط ونقاط أخرى قابلة للانفجار في عالم لا يعرف سوى فترات هدوء قصيرة لأزماته.
الدرس الأول: يحدث التغير بشكل تدريجي وغير مرئي تقريبا في الشرق الأوسط، لكن حينما يصل إلى النقطة الحرجة تكون مفاجآت الكوارث كثيرة جدا. فالوضع الحالي لم يبرز بين عشية وضحاها. وجاء موت عرفات ليقدم فرصة كبيرة للمجتمع الدولي كي يدعم محمود عباس في إصلاح السلطة الفلسطينية. لكن تلك الجهود تعرقلت على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الرباعية ـ الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا. وهذا ساعد على توفير الأرضية لفوز «حماس» في الانتخابات الفلسطينية. وأعطى سيطرة «حماس» على غزة والضفة الغربية وعزلتها عن المجتمع الدولي «حزب الله» في لبنان فرصا غير متوقعة للوصول إلى تلك الأراضي. كذلك سمح ضعف الحكومة اللبنانية لـ«حزب الله» أن يتصرف بشكل حر في معقله.
الدرس الثاني: تتوفر فرص أفضل لتقصي الكوارث قبل وقوعها حينما يكون هناك سياسي كبير متفرغ بشكل يومي لمتابعة ما يجري في الشرق الأوسط. وهذا الدور لعبه دينيس روس خلال التسعينات بشكل كفوء. صحيح أن هناك الكثير من الأشخاص الكفوئين في الحكومة الأميركية والذين يتركز عملهم على الشرق الأوسط. لكن بدون الاهتمام بالمخاوف التي تعكسها كل الأطراف في المنطقة وإمكانية اتخاذ القرار السريع في واشنطن والاستمرار في التركيز من قبل شخص واحد له صلة مباشرة بالإدارة الأميركية فإننا سنبقى نتنقل من أزمة إلى أخرى.
الدرس الثالث: في معالجة أي مشكلة بالشرق الأوسط الشيء الأساسي هو الطريقة التي يتم اتباعها. فبدون وجود مفاوضات مستمرة ومنتظمة فإنه لن تكون هناك نقاط ارتكاز كافية تستطيع الأطراف المختلفة أن تقبل بها حالما ينفجر النزاع. وقد لا يكون مهما فيما إذا كان هناك تقدم محسوس يحدث باستمرار. فالشيء المهم هو أن طاولة النقاش موضوعة دائما وكل واحد له كرسي حولها وهناك شخص معني بإدارتها. لكن هذا لم يكن موجودا في الشرق الأوسط.
الدرس الرابع: هو أنه يتعين حتى على القوى العظمى أن تتحدث الى الأشرار. ويترك غياب علاقة دبلوماسية مع ايران وتدهور العلاقة مع سورية، وهما بلدان يتحملان مسؤولية كبرى عن الأزمة الراهنة، يترك الولايات المتحدة مع عدد اقل من الخيارات. ومهما كان مقيتا ان يمتلك المرء علاقات مفتوحة وطبيعية مع مثل هذه الدول، فان غياب مثل هذه العلاقات يؤكد أننا سنواجه المزيد من المناطق العمياء، حيث يتعذر ادراك الموقف، وانه سيتعين علينا التعامل عبر بدائل بشأن قضايا ذات اهمية حيوية بالنسبة للولايات المتحدة. وسيتوجب علينا ان نتغلب على فكرة أن الحديث الى الأشرار سيكون بمعنى ما مكافأة لهم أو علامة على الضعف. وكقوة عظمى ينبغي لنا أن نكون قادرين على التواصل بطريقة تشير الى قوتنا وثقتنا بأنفسنا.
أما الدرس الخامس فيتمثل في أنه ليست هناك حلول ثنائية للمشاكل الدولية الراهنة، حتى بالنسبة للقوى العظمى. وقد اصبحت هذه مستحيلة بسبب طائفة من العوامل الفريدة في هذا العصر، أي عصر العولمة والانترنت والثورة التكنولوجية والدور المتزايد للقوى التي هي غير الدول بنفوذها الذي يتجاوز الحدود. وهذا النفوذ غير المتكافئ لـ«حزب الله» في الوقت الحالي يوضح هذه المسألة. وهذا لا يعني تحويل كل شيء الى المنتديات الدولية. ولكن من المغري التفكير بأن طريقا ناجحا عبر الأدغال الراهنة قد يصبح يسيرا من خلال خطوات سلسلة من المؤتمرات الاقليمية مرتبطة بحلفائنا وبالأمم المتحدة يمكن أن يرغم فيها جميع الأطراف على وضع أوراقهم على الطاولة في ما يتعلق بقضايا مثل العراق والارهاب والنزاع الاسرائيلي الفلسطيني. هل يمكن لهذا ان يوصلنا الى مكان ما؟
في منطقة معقدة مثل الشرق الأوسط لا شيء يضمن التقدم. ولكن ما هو جلي هو ان هذه المشاكل متداخلة، وان كل الدول في المنطقة ذات مصالح حيوية تواجه الخطر وان معالجة هذه القضايا بالتسلسل لن يؤدي الا الى اطالة الدائرة المألوفة لخطوة الى الأمام وخطوتين الى الوراء.
* نائب مدير المخابرات المركزية من عام 2000 حتى عام 2004. وهو باحث في معهد بول نيتشه للدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز .
جون ماكلوغلين - واشنطن بوست
على الرغم من استمرار القتال في الشرق الأوسط فإننا لن نتعلم دروسا قريبا من هذه الأحداث المأساوية. وحتى لو بدأ هذا الوضع بالفتور فإن هناك الكثير من النقاط الساخنة في الشرق الأوسط ونقاط أخرى قابلة للانفجار في عالم لا يعرف سوى فترات هدوء قصيرة لأزماته.
الدرس الأول: يحدث التغير بشكل تدريجي وغير مرئي تقريبا في الشرق الأوسط، لكن حينما يصل إلى النقطة الحرجة تكون مفاجآت الكوارث كثيرة جدا. فالوضع الحالي لم يبرز بين عشية وضحاها. وجاء موت عرفات ليقدم فرصة كبيرة للمجتمع الدولي كي يدعم محمود عباس في إصلاح السلطة الفلسطينية. لكن تلك الجهود تعرقلت على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الرباعية ـ الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا. وهذا ساعد على توفير الأرضية لفوز «حماس» في الانتخابات الفلسطينية. وأعطى سيطرة «حماس» على غزة والضفة الغربية وعزلتها عن المجتمع الدولي «حزب الله» في لبنان فرصا غير متوقعة للوصول إلى تلك الأراضي. كذلك سمح ضعف الحكومة اللبنانية لـ«حزب الله» أن يتصرف بشكل حر في معقله.
الدرس الثاني: تتوفر فرص أفضل لتقصي الكوارث قبل وقوعها حينما يكون هناك سياسي كبير متفرغ بشكل يومي لمتابعة ما يجري في الشرق الأوسط. وهذا الدور لعبه دينيس روس خلال التسعينات بشكل كفوء. صحيح أن هناك الكثير من الأشخاص الكفوئين في الحكومة الأميركية والذين يتركز عملهم على الشرق الأوسط. لكن بدون الاهتمام بالمخاوف التي تعكسها كل الأطراف في المنطقة وإمكانية اتخاذ القرار السريع في واشنطن والاستمرار في التركيز من قبل شخص واحد له صلة مباشرة بالإدارة الأميركية فإننا سنبقى نتنقل من أزمة إلى أخرى.
الدرس الثالث: في معالجة أي مشكلة بالشرق الأوسط الشيء الأساسي هو الطريقة التي يتم اتباعها. فبدون وجود مفاوضات مستمرة ومنتظمة فإنه لن تكون هناك نقاط ارتكاز كافية تستطيع الأطراف المختلفة أن تقبل بها حالما ينفجر النزاع. وقد لا يكون مهما فيما إذا كان هناك تقدم محسوس يحدث باستمرار. فالشيء المهم هو أن طاولة النقاش موضوعة دائما وكل واحد له كرسي حولها وهناك شخص معني بإدارتها. لكن هذا لم يكن موجودا في الشرق الأوسط.
الدرس الرابع: هو أنه يتعين حتى على القوى العظمى أن تتحدث الى الأشرار. ويترك غياب علاقة دبلوماسية مع ايران وتدهور العلاقة مع سورية، وهما بلدان يتحملان مسؤولية كبرى عن الأزمة الراهنة، يترك الولايات المتحدة مع عدد اقل من الخيارات. ومهما كان مقيتا ان يمتلك المرء علاقات مفتوحة وطبيعية مع مثل هذه الدول، فان غياب مثل هذه العلاقات يؤكد أننا سنواجه المزيد من المناطق العمياء، حيث يتعذر ادراك الموقف، وانه سيتعين علينا التعامل عبر بدائل بشأن قضايا ذات اهمية حيوية بالنسبة للولايات المتحدة. وسيتوجب علينا ان نتغلب على فكرة أن الحديث الى الأشرار سيكون بمعنى ما مكافأة لهم أو علامة على الضعف. وكقوة عظمى ينبغي لنا أن نكون قادرين على التواصل بطريقة تشير الى قوتنا وثقتنا بأنفسنا.
أما الدرس الخامس فيتمثل في أنه ليست هناك حلول ثنائية للمشاكل الدولية الراهنة، حتى بالنسبة للقوى العظمى. وقد اصبحت هذه مستحيلة بسبب طائفة من العوامل الفريدة في هذا العصر، أي عصر العولمة والانترنت والثورة التكنولوجية والدور المتزايد للقوى التي هي غير الدول بنفوذها الذي يتجاوز الحدود. وهذا النفوذ غير المتكافئ لـ«حزب الله» في الوقت الحالي يوضح هذه المسألة. وهذا لا يعني تحويل كل شيء الى المنتديات الدولية. ولكن من المغري التفكير بأن طريقا ناجحا عبر الأدغال الراهنة قد يصبح يسيرا من خلال خطوات سلسلة من المؤتمرات الاقليمية مرتبطة بحلفائنا وبالأمم المتحدة يمكن أن يرغم فيها جميع الأطراف على وضع أوراقهم على الطاولة في ما يتعلق بقضايا مثل العراق والارهاب والنزاع الاسرائيلي الفلسطيني. هل يمكن لهذا ان يوصلنا الى مكان ما؟
في منطقة معقدة مثل الشرق الأوسط لا شيء يضمن التقدم. ولكن ما هو جلي هو ان هذه المشاكل متداخلة، وان كل الدول في المنطقة ذات مصالح حيوية تواجه الخطر وان معالجة هذه القضايا بالتسلسل لن يؤدي الا الى اطالة الدائرة المألوفة لخطوة الى الأمام وخطوتين الى الوراء.
* نائب مدير المخابرات المركزية من عام 2000 حتى عام 2004. وهو باحث في معهد بول نيتشه للدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز .