yasmeen
07-25-2006, 12:45 PM
انيس منصور
مهمة صعبة جدا. أن اقنع شابا متعلما ناضجا أن يتزوج وهو مصر ألا يفعل ذلك. وعنده أسباب. وطلب مني والده أن أحاول اقناعه بعد أن بلغ الثلاثين وقد آن الاوان أن يتزوج. والبنات «على قفا من يشيل» كما يقول المثل الشعبي. أما أسباب والده فلم تقنعني. ولأنه أب ويرى ما لا أرى، ذهبت الى الشاب. وتكلمنا في كل شيء إلا الزواج. واستدرجته الى الكلام عن الزواج. وكأنه كان مستعدا لهذا اليوم. تماما كما لو كان محاميا أعد أوراقه والدفوع الشكلية والقانونية، ووقف أو تخيلت ذلك وقال: يا حضرات المستشارين. انني مؤمن تماما بعدالتكم. القضية يا حضرات السادة هي محاولة مستمرة على وضع السلاسل والقيود في يدي وقدمي شاب متعلم غني ذكي. يريد أن يموت حرا كما عاش حرا. ولكن الذين ينصحون بالزواج هم أقل الناس استحقاقا لهذا الدور فقد تعذبوا بالزواج. ولم يفلتوا من القيود وهم لذلك يحسدون الاحرار ويريدون أن يتحول العالم الى سجن كبير. هذه هي القضية يا حضرات المستشارين.
ثم جلس وقلب أوراقه واستأذن في أن يبل ريقه بقليل من الماء. واستأذن في إكمال المرافعة: يا حضرات المستشارين يا حضرات القضاة العدول ان الماثل أمامكم هو ابن الزوجة الاولى لوالدي ونحن خمسة، ورغم التضحيات الهائلة التي بذلتها أمي الغنية جدا من أجل أن يقف والدي على قدميه فقد طلّقها. وفي الصف الاول من هذه المحكمة الموقرة يجلس أخي غير الشقيق وهو ابن الزوجة الاستاذة في الجامعة. الاستاذة المرموقة التي حصلت على جائزة الدولة التقديرية في العام الماضي. وله ثلاث بنات في غاية الجمال. وقد طلقها والدي أيضا. واما اخوتي من الزوجة الثالثة بنت الباشا فهم أطفال رضع ولم أفلح في أن آتي بهم الى المحكمة. يا حضرات المستشارين انني أكبر الاولاد وشاهد على العصور الثلاثة لوالدي، ولقد تزوج الغنية، وتزوج العالمة الجليلة، ثم تزوج بنت الاكابر وسيدة الصالونات.
يا حضرات المستشارين هل هناك أدلة أقوى وأوضح وأفدح من هذه الادلة على بطلان أي زواج أو على فشل الحياة الزوجية أو على أن الزواج هو أسوأ رباط اهتدى اليه الانسان. انا أعرف أن الذي أقوله بصوت مرتفع يتردد في أعماق الحاضرين جميعا بصوت منخفض. انني لا اترافع وانما أقر حقيقة وانا لا اطلب العدل وانما أشير اليه واسمحوا لي يا حضرات المستشارين أن اطلب الى السادة الحضور في القاعة أو في القفص أو على المنصة: من كان منكم سعيدا في زواجه فليرفع اصبعه.
لم يرفع أحد وصفقت أنا للمحامي، ولما طلبني أبوه في التليفون وجدتني وبمنتهى الهدوء اغلقت السكة في وجهه.
فقد رفعت الجلسة.
مهمة صعبة جدا. أن اقنع شابا متعلما ناضجا أن يتزوج وهو مصر ألا يفعل ذلك. وعنده أسباب. وطلب مني والده أن أحاول اقناعه بعد أن بلغ الثلاثين وقد آن الاوان أن يتزوج. والبنات «على قفا من يشيل» كما يقول المثل الشعبي. أما أسباب والده فلم تقنعني. ولأنه أب ويرى ما لا أرى، ذهبت الى الشاب. وتكلمنا في كل شيء إلا الزواج. واستدرجته الى الكلام عن الزواج. وكأنه كان مستعدا لهذا اليوم. تماما كما لو كان محاميا أعد أوراقه والدفوع الشكلية والقانونية، ووقف أو تخيلت ذلك وقال: يا حضرات المستشارين. انني مؤمن تماما بعدالتكم. القضية يا حضرات السادة هي محاولة مستمرة على وضع السلاسل والقيود في يدي وقدمي شاب متعلم غني ذكي. يريد أن يموت حرا كما عاش حرا. ولكن الذين ينصحون بالزواج هم أقل الناس استحقاقا لهذا الدور فقد تعذبوا بالزواج. ولم يفلتوا من القيود وهم لذلك يحسدون الاحرار ويريدون أن يتحول العالم الى سجن كبير. هذه هي القضية يا حضرات المستشارين.
ثم جلس وقلب أوراقه واستأذن في أن يبل ريقه بقليل من الماء. واستأذن في إكمال المرافعة: يا حضرات المستشارين يا حضرات القضاة العدول ان الماثل أمامكم هو ابن الزوجة الاولى لوالدي ونحن خمسة، ورغم التضحيات الهائلة التي بذلتها أمي الغنية جدا من أجل أن يقف والدي على قدميه فقد طلّقها. وفي الصف الاول من هذه المحكمة الموقرة يجلس أخي غير الشقيق وهو ابن الزوجة الاستاذة في الجامعة. الاستاذة المرموقة التي حصلت على جائزة الدولة التقديرية في العام الماضي. وله ثلاث بنات في غاية الجمال. وقد طلقها والدي أيضا. واما اخوتي من الزوجة الثالثة بنت الباشا فهم أطفال رضع ولم أفلح في أن آتي بهم الى المحكمة. يا حضرات المستشارين انني أكبر الاولاد وشاهد على العصور الثلاثة لوالدي، ولقد تزوج الغنية، وتزوج العالمة الجليلة، ثم تزوج بنت الاكابر وسيدة الصالونات.
يا حضرات المستشارين هل هناك أدلة أقوى وأوضح وأفدح من هذه الادلة على بطلان أي زواج أو على فشل الحياة الزوجية أو على أن الزواج هو أسوأ رباط اهتدى اليه الانسان. انا أعرف أن الذي أقوله بصوت مرتفع يتردد في أعماق الحاضرين جميعا بصوت منخفض. انني لا اترافع وانما أقر حقيقة وانا لا اطلب العدل وانما أشير اليه واسمحوا لي يا حضرات المستشارين أن اطلب الى السادة الحضور في القاعة أو في القفص أو على المنصة: من كان منكم سعيدا في زواجه فليرفع اصبعه.
لم يرفع أحد وصفقت أنا للمحامي، ولما طلبني أبوه في التليفون وجدتني وبمنتهى الهدوء اغلقت السكة في وجهه.
فقد رفعت الجلسة.