المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جزائري يروي قصة اختطافه ونقله إلى أفغانستان في سجن مظلم



فاتن
07-08-2006, 03:56 PM
http://www.aawsat.com/2006/07/08/images/news.372120.jpg

قال إن المحققين أبلغوه أنه في مكان خارج العالم


الجزائر: كريغ سميث سعاد مخنيت*


قبل عامين، قضى أفراد مجموعة من السجناء ليلة بعد الأخرى، يكررون ارقام هواتفهم لبعضهم البعض داخل الزنازين المظلمة والقذرة التي كانوا محتجزين فيها في افغانستان. واتفقوا على أن أي شخص يخرج قبل الآخر عليه استخدام ارقام الهواتف للاتصال بعائلات الآخرين، ليؤكد لها انهم على قيد الحياة.
وأفرج عن اثنين من هؤلاء السجناء، وشكرا لتجربة حفظ ارقام الهواتف، وعادا للاتصال ببعضهما البعض.

وواحد من هؤلاء هو خالد المصري، وهو مواطن ألماني قبض عليه في اطار برنامج التسليم الخاص بمكافحة الارهاب، وهي القضية التي كشف عنها في العام الماضي، واعترف المسؤولون الالمان والاميركيون بأن الولايات المتحدة اعتقلته. ولكن قصة الآخر وهو جزائري اسمه لعيد سعيدي، لم ترو من قبل، وتحمل مجموعة جديدة من الاتهامات ضد برنامج التسليم السري الاميركي.

ففي مايو( ايار) 2003 طرد سعيدي من تنزانيا، حيث كان يدير فرعا لمؤسسة الحرمين، وهي مؤسسة خيرية اسلامية مقرها السعودية، اغلقت ابوابها بعد توجيه اتهامات لها بتمويل الجماعات الارهابية. وأشارت الصحف التنزانية انذاك الى طرد سعيدي، ولكن لم يعرف الى اين ذهب. وفي مقابلة صحافية في الآونة الأخيرة، ذكر سعيدي البالغ من العمر 43 سنة، انه بعدما طرد من تنزانيا سلم لعناصر اميركية ونقل الى افغانستان، حيث احتجز لمدة 16 شهرا قبل تسليمه للجزائر، وأفرج عنه بدون توجيه أية تهمة له، أو إبلاغه بأسباب سجنه. واعترف بأنه كان يحمل جوازا مزيفا عند اعتقاله، ولكنه اكد عدم وجود علاقة له بالارهاب. وعرض حذاء أبيض، قال إن معتقليه أعطوه له عند الإفراج عنه في أغسطس (آب) 2004. والدليل الآخر الوحيد الذي قدمه على سجنه هو آثار جراح قديمة على رسغه، قال انها ناتجة عن تقييده في سقف الزنزانة لخمسة ايام.

وأضاف في أول مقابلة له عن سجنه «عندما أتذكر ما حدث، أبكى في بعض الأحيان. لم أكن أعتقد أنني سأرى أسرتي مرة أخرى».

وبالرغم من أن اتهامات سعيدي، بتعرضه للتعذيب، لا يمكن تأكيدها، فإن هناك عناصر اخرى في قصته يمكن التأكد منها.

وقد رفض المسؤولون الاميركيون والتنزانيون والجزائريون التعليق على اتهامات سعيدي، ولكن المصري قال انه شاهد سعيدي في سجن في افغانستان كان محتجزا فيه. بينما يريد المحققون الالمان الذين يحققون في اعتقال المصري لقاء سعيدي، طبقا لما ذكره هوفمان المدعي الالماني في ميونيخ.

كما ان التحقيقات الجنائية في موت افغانيين في مركز الاعتقال العسكري الاميركي في بغرام شمال كابول، أكدت ان السجناء كانوا يقيدون في السقف من الرسغ عقابا لهم كما ذكر سعيدي. الا ان المسؤولين العسكريين ذكروا ان الممارسة توقفت عقب حادثة الوفاة.

وقال سعيدي انه يعتقد ان خاطفيه من الاميركيين لأنهم كانوا يتحدثون الانجليزية، ويبدو انهم كانوا مسؤولين عن السجن الافغاني. وقال انه يأمل في رفع قضية ضد الحكومة في اواخر هذا العام. الا ان محاميه مصطفى بوتشاشي قال «لا نعرف من الذي سنرفع قضية ضده. ولا نعرف من المسؤول وكالة الاستخبارات المركزية ام مكتب المباحث الفيدرالي».

وقال سعيدي، إنه ترك الجزائر في عام 1991 للهرب من العنف الذي كان منتشرا في البلاد. وأضاف انه درس في اليمن قبل أن يتوجه إلى كينيا وتنزانيا في أوائل عام 1997. وقد بدأ العمل في مؤسسة الحرمين، واصبح مديرا لفرعه في بلدة تانغا الساحلية، وهي الوظيفة التي منحته شهرة.

وقال إنه خلال ذلك الوقت، كان يستخدم جوازا تونسيا مزورا، ويعيش تحت اسم رمزي بن ميزوني بن فرج. واضاف انه فقد جواز السفر واشترى جوازا مزورا آخر، لأنه كان يخشى التوجه الى السفارة الجزائرية بينما الجزائر في حرب أهلية مع الأصوليين. ونفى وجود أسباب أخرى لإخفاء هويته أو أن نشاطات مؤسسة الحرمين لم تكن خيرية.

ومن غير المعروف ما اذا كان إغلاق مؤسسة الحرمين، ادى الى اعتقال سعيدي، ولكن في يوم السبت 10 مايو (ايار) 2003 حاصرت الشرطة التنزانية سيارته، وهو يغادر منزله متجها الى عمله، طبقا لما ذكره هو وزوجته والتقارير الصحافية انذاك. وفي تلك الليلة نقلته الشرطة الى دار السلام ووضعته في السجن.

وأوضح «اعتقدت انهم قبضوا علي لحمل جواز مزور، ولكني لم اقل لهم انه مزور». وبعد ثلاثة ايام، طبقا لروايته، وضع في سيارة لاند روفر اتجهت الى حدود ملاوي، حيث تم تسليمه الى مجموعة من الملاويين في ملابس مدنية في صحبة رجلين أبيضين في منتصف العمر يرتديان قميصي جينز وتي شيرت. وكانا يتحدثان الانجليزية مع الملاويين. وعندئذ تأكد بوجود شيء خطير.

وبعد طرده، رفع محام باسم زوجة سعيدي قضية أمام المحاكم التنزانية، تشير الى ان وثائق الهجرة توضح انه تم ترحيل سعيدي عبر الحدود بين كاسومولو، بين تنزانيا وملاوي. وبعدما احتجز اسبوعا في سجن في جبال ملاوي، ذكر سعيدي ان مجموعة من الاشخاص وصلت في سيارة رياضية: امرأة بيضاء رمادية الشعر، وخمسة رجال يرتدون اقنعة سوداء تكشف فقط عن عيونهم.

وأضاف أن الملاويين عصبوا عينيه وتم تقطيع ملابسه. وسمع شخصا يلتقط صورا. ثم أزيلت العصبة التي كانت تغطي عينيه، ووضعوا مكانها قطنا وشريطا لاصقا، وسدوا أذنيه ثم ألبسوه حفاضا قبل ان يرتدي ملابسه مرة اخرى، ثم نقلوه الى طائرة حيث وضعوه على الارض.

ويتذكر سعيدي «كانت رحلة طويلة، من مساء السبت الى صباح الأحد. وعندما هبطت الطائرة، نقل إلى ما وصفه بأنه «سجن مظلم» يبث موسيقي غربية عالية. ولم يكن يضيء الا نادرا. وأوضح أن رجالا يرتدون الملابس السوداء وصلوا، ويتذكر أن واحدا منهم صاح عليه عبر المترجم: انت في مكان خارج العالم. لا يعلم أحد أين أنت، ولن يدافع عنك أحد». وقال إن التحقيق تركز على محادثة هاتفية اجراها مع اسرة زوجته في كينيا حول الطائرات. ولكن سعيدي قال انه أوضح لهم انه لا يتذكر الحديث مع أي شخص حول الطائرات.

وأكد ان المحققين تركوه مقيدا لمدة خمس أيام بدون ملابس ولا طعام. وأوضح «ضربوني والقي علي بالماء البارد، بصقوا في وجهي، وكان يعطونني ماء قذرا لشربه في بعض الأحيان. وقال لي الرجل الاميركي انني سأموت هنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»