المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدل حول «بوادر» للفتنة الطائفية في البحرين



سلسبيل
07-06-2006, 02:02 PM
عندما يكون مجلس النواب مسرحا للتجاذب السني الشيعي:


دبي: سلمان الدوسري


لم يكن الأمر يحتاج لأكثر من سبب بسيط ليتحول فجأة لحادثة عراك في أعلى سلطة تشريعية في البحرين. ويكشف هذا السبب البسيط أن هناك جدلا لم ينقطع حول الفتنة الطائفية المستترة بين مجموعة من الطائفتين السنية والشيعية في البحرين، وبالرغم من أن الخلاف الذي حدث بين نواب البرلمان السبت الماضي كان سياسيا بالدرجة الأولى، إلا أنه سرعان ما تحول إلى خلاف ونزاع طائفي، ظهر فجأة بين ممثلي الشعب، فهل بوادر الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة متوافرة في البحرين؟ وإذا كانت البحرين تعتبر البلد الخليجي الأكثر إظهارا لهذا الخلاف بين الطائفتين الرئيسيتين لدى المسلمين، فإن ذلك لا يعكس الترابط الذي خلقه المجتمع البحريني أيضا بين أفراد الطائفتين؛ فالتزاوج بين أفراد المجتمع غدا أمرا طبيعيا وليس مستغربا بين البحرينيين أنفسهم، بل أن هناك من التيار الرافض لوجود هذه الفتنة يدلل بعدم وجودها بهذا الترابط بين الطائفتين. إلا أن هناك آخرين يرون ضرورة معالجة هذه القضية الحساسة حاليا وبأدوات عملية، قبل أن تستفحل ويصعب تداركها، وهنا نشير إلى إحدى أدوات الطائفية التي تنتشر بين البحرينيين، وهي تداول كل طائفة قائمة بالعاملين بوزارات معينة مصنفين على حسب طائفتهم، ويتبادل البعض منهم نسخا من قوائم تخص وظائف وأسماء موظفين في هذه الوزارة ومقارنتهم بأعداد الطائفة الأخرى، وهي وسيلة بالطبع يقوم بها البعض لتأكيد أن هذه الطائفة مظلومة مقارنة بنظيرتها الأخرى.

ويعترف الشيخ عبد الله العالي، النائب الشيعي في البرلمان البحريني، بوجود «بوادر» للفتنة الطائفية بين بعض البحرينيين، معتبرا أن هناك من الجانب الشيعي ما زالت لديه آثار لم تزل من فترة ما قبل الاصلاحات السياسية التي شهدتها البحرين مع قدوم الملك حمد بن عيسى ملك البحرين، مؤكدا أن الطائفة الشيعية «ظلمت كثيرا في تلك الفترة وحرمت من كثير من الامتيازات التي حصرت في المواطنين من الطائفة السنية، وأستطيع التأكيد أن الانصاف لم يشعر به المواطنون الشيعه على الاطلاق في تلك الفترة، ومن الطبيعي أن تبقى آثاره باقية حتى هذه اللحظة»، ويشير الشيخ العالي الى هذه التراكمات من فترة ما قبل الاصلاحات السياسية والبرنامج الاصلاحي للملك حمد «شكلت ردود فعل وخيبة أمل لدى البعض من الشيعه، بأن الظلم ما يزال مستمرا، وهو الأمر الذي لا يمكن تجاهله بتاتا». ويضيف الشيخ العالي أنه حتى الآن لا يمكن القول «أو لا يملك أحد القول ان التمييز ضد الشيعه قد انتهى في البحرين، بدليل أن الوظائف محدودة والمناصب القيادية محصورة على أفراد الطائفة السنية، وهو الأمر الذي يبقي الكثير من الترسبات داخل الصدور ولا يمكن بسهولة إزالتها»، إلا أن العالي يستدرك بالقول إنه في كل مجتمع متعدد الطوائف تحدث أحيانا حوادث قد يفهم منها أنها نزاع
طائفي «وهذا بسبب الثقافات الطارئة التي تحدث بالمنطقة مثل ما يحدث من نزاع طائفي في العراق أو افغانستان.

وبطبيعة الحال هناك من يتعاطف مع هذه الطائفة أو تلك، لكني برغم كل ذلك أستطيع القول إن المجتمع البحريني مجتمع متماسك ولم يؤثر فيه هذا الفكر الطارئ إلا بنسبة قليلة»، وبرغم ما أثاره الشيخ العالي من نقاط حساسة لها دورها في ما سماه بوادر الفتنة الطائفية، ولكنه في الوقت ذاته يوضح أن تناسق المجتمع البحريني بطائفتيه السنية والشيعية «سيتغلب على أي أسباب داخلية كانت أو خارجية، ولا أدل من ذلك أنني وبصفتي رجل دين أقوم بإجراء عقود الزواج، كثيرا ما أقوم بإجراء عقود لرجال شيعه يتزوجون بنساء سنيات ورجال سنه يتزوجون بنساء شيعيات». ويتفق مع رأي العالي النائب السلفي الشيخ جاسم السعيدي، في وجود بوادر تلك الفتنة الطائفية بين «بعض» المواطنين البحرينيين، لافتا أن هذه القضية الجميع لا يزال يتحدث عنها بصوت منخفض «برغم أن ما يعرض على سبيل المثال في الصحافة يوميا ينبئنا بأن وجود طائفية، هو أمر ظاهر وغير مخفي، والقريب والبعيد يعرف ذلك»، ويحذر الشيخ السعيدي من حدوث ما لا تحمد عقباه في البرلمان المقبل، عندما يشارك المقاطعون «عندها ستتحرك بعوث الطائفية. وسبب ذلك ان المقاطعين سيدخلون المجلس التشريعي وهنا سيبدأون في إزالة الأقنعة عن تطلعاتهم»، مضيفا «أتمنى أن لا نرى تأجيجا للطائفية في البرلمان المقبل، وعندها ستكون الصورة أسوأ مما هي عليه الآن».

ويقول الشيخ جاسم السعيدي إن القيادة البحرينية سعت إلى القضاء على الطائفية «والدليل إعطاء الكفاءات والفرص للجميع. وهذا ما يلاحظه الكثير من الحقوقيين والسياسيين، وأصبح هناك من الاخوة الشيعة من يتقلدون مناصب عالية في الوزارات، بل أصبحوا وزراء في عدد من الوزارات القيادية والمهمة».

من جهته، يبدي نائب رئيس البرلمان البحريني عبد الهادي المرهون، أسفه لوصول الطائفية للمجلس النيابي، بل أنه يعتبرها جزءا من المجتمع البحريني «وما يحدث في المجتمع من الطبيعي أن تكون له انعكاساته على المجلس والعكس صحيح، حيث أن النقاشات الصريحة في المجلس من الطبيعي أن تنعكس هي الأخرى على المجتمع، وهي إحدى السلبيات للأسف الشديد»، وينوه المرهون بأنه من واجبات النواب ـ وأن تكون من مهمات المجلس ـ تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز عوامل التوافق الاجتماعي، «فالاختلاف لا بد أن يقتصر تحت القبة البرلمانية، وبالتالي على النواب التدقيق في ما يصدر عنهم من عبارات حتى لا يؤثر ذلك على عمل المجلس وعلى المواطنين وعلاقاتهم ببعضهم البعض»، مبينا أنه تمت بذلك جهود كبيرة في كتلة الديمقراطيين (التي يرأسها المرهون) بالاشتراك مع الكتل الأخرى لاحتواء تلك الأزمات، «فنجحنا أحيانا، غير أننا أخفقنا في أحيان أخرى، خاصة مع الظاهرة الجديدة التي برزت في المجلس من سؤال وسؤال مضاد. ففي اعتقادي ان من حق النائب التعبير عن رأيه وأن يوجه سؤالا لمن يريد من أجل أن ينتزع معلومة أو يتعرف على خلل خاص بالأداء الإداري أو المالي بأجهزة الدولة،

غير أن ما شهدناه في الفترة الأخيرة ـ من قيام بعض النواب بتوجيه أسئلة لها مدلول معين وفي المقابل يحاول النواب الآخرون توجيه السؤال على نفس المدلول وبنفس المنحى ـ هو ما دفعني أن أدعوهم جميعا للتوقف عن مثل هذه الممارسات التي لا تعود بالفائدة على الناس بل انها تنخر في مجتمعنا وتفرقه». ويضيف عبد الهادي المرهون «للأسف الشديد وقع ما كنت أحذر منه، فقد كنت ألمس من خلال علاقاتنا مع بعض النواب أنهم يسيرون في هذا المنحى الطائفي، حتى حدث الاحتكاك المباشر الفعلي وأفرز نتائج سيئة غير محمودة العواقب، لكن أتصور أن البحرين قطعت شوطا كبيرا في التغلب على القضية الطائفية والمذهبية، وتعيش حاليا فترة تعايش كبير يجب الحفاظ عليه».