yasmeen
07-05-2006, 12:12 AM
فاروق الباز: عين العلم المتنقلة بين القمر والصحارى والمحيطات
شُغف الباز بتتبع المياه في جوف الصحارى
http://www.alhayat.com/science_tech/07-2006/Item-20060703-35eb61f4-c0a8-10ed-00d3-954e670a56e2/farouk_19.jpg_200_-1.jpg
القاهرة - أمينة خيري
ضمن استطلاع ضخم «حمل عنوان من يحكم عالمك؟»، سألت «هيئة الاذاعة البريطانية» (بي بي سي) أخيراً العالم المصري الدكتور فاروق الباز عما يحكم عالمه، فأجاب أن الذي يتحكم فيه كلياً هو العلم والمعرفة.
والحال ان الباز، الذي أتم عامه الـ 68 في كانون الثاني (يناير) الفائت، رفع صوته بدأب للمطالبة بإيجاد وسائل بديلة للتنمية غير تلك التي تعتمدها مصر راهناً. ويُلح على ضرورة التنبّه الى المشكلة الهائلة المتمثلة في ندرة الماء، وخصوصاً في مصر. ولم تمنعه إقامته في الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1970، من بذل جهود مستمرة للتركيز على مشروعه لحل المشكلة المزمنة لتجمع الكتلة البشرية المصرية في دلتا نهر النيل وبالقرب من ضفافه. ويتلخص مشروعه في ضرورة اقامة «خط تعمير» مواز لمجرى النيل، حيث يخترق مصر من بحيرة ناصر عند السد العالي في اسوان جنوباً الى ساحل المتوسط شمالاً.
ويحلم الباز بأن تنتقل كتلة بشرية كبرى للاستقرار على «ضفاف» ذلك الخط، الذي يجب ان يحتوي على اوتوستراد دولي كبير، وسكة حديد، ومجرى اصطناعي يحمل ماء النيل من السد العالي الى المتوسط. وأبدى الرئيس المصري الراحل محمد انور السادات إعجابه تلك الفكرة - الحلم، التي عرضها الباز لاحقاً على الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عام 1985. واستفاد من لقائه أخيراً مع «الحياة» ليجدد الدعوة الى تلك الفكرة، خصوصاً ان عدد المصريين ارتفع الى سبعين مليوناً (كانوا نحو ثلاثين مليوناً حين شدّ الباز رحاله الى اميركا)، وصار بقاؤهم في الاراضي عينها التي احتضنتهم منذ زمن الفراعنة، مصدراً لمشاكل لا تنتهي.
نال الباز شهادته في الكيمياء والجيولوجيا من جامعة عين شمس عام 1958 وتوجه الى الولايات المتحدة الاميركية. وحصل على الماجستير من معهد علم المعادن في ولاية ميسوري عام 1961، ثم نال الدكتوراه في التخصص نفسه من جامعة ميسوري عام 1964.
شُغف الباز بالفضاء، وخصوصاً بمحاولة التعرّف الى التركيب الجيولوجي للكواكب السيّارة التي تؤلف النظام الشمسي. فالتحق بوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) ليضع معرفته بالجيولوجيا في تصرف برنامج «ابوللو» لمركبات الفضاء المُخصصة لاستكشاف القمر. وعمل سكرتيراً للجنة اختيار موقع هبوط تلك المركبات على القمر. كما عمل مُحللاً للمشاهدات المرئية والتصويرية، ومديراً لمجموعة تدريب رواد الفضاء، في إطار البرنامج عينه. وقد وصفه رائد الفضاء ووردون، الذي حلّق حول القمر على متن المركبة «ابوللو 15»، بالـ «ملك»، وهو اللقب الذي يُحب التكني به، ربما تيمناً بالتطابق بين اسمه واسم آخر ملوك مصر.
وعُرف عن الباز قدرته الفائقة على تبسيط الأمور العلمية المُعقّدة وشرحها بكلمات بسيطة وواضحة. وظهر في مجموعة من الحلقات التلفزيونية التي أنتجها الفنان الاميركي توم هانكس، تحت عنوان «من الأرض الى القمر»، حيث شرح تدريب رواد الفضاء.
كذلك قدم التلفزيون الاميركي في مسلسل الخيال العلمي الشهير «ستار تريك: الجيل المقبل» سفينة فضاء اطلق عليها اسم «الباز». وحين انتهى برنامج «ابوللو» عام 1972، انضمّ الباز الى «معهد سميثونيان» في واشنطن ليدير «مركز دراسات الارض والكواكب» في «المتحف الوطني للهواء والفضاء». وفي عام 1973، اختارته «ناسا» محللاً رئيسياً لصور الارض من الفضاء في مشروع «ابوللو – سويوز» الذي مثّل مهمة الفضاء المشتركة الاولى بين اميركا والاتحاد السوفياتي. وتمثّلت المهمة الرئيسية للمشروع في تصوير البيئات الجافة، لا سيما في الصحراء الكبرى في شمال افريقيا وشبه الجزيرة العربية، إضافة الى تصوير سمات أخرى لمحيطات الأرض وأدى الأمر الى تعمّق خبرة الباز في الصحارى والبيئات الجافة. وزار الصين في رحلة تاريخية اعقبت تطبيع علاقاتها مع اميركا عام 1979، وحينها نظمت زيارة اولى لعلماء أميركيين الى الصحارى الواقعة في شمال غربي الصين. وانتخب زميلاً في «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم» American Association for the Advancement of Science.
ويعود الفضل الى الباز في ابتكار تقنيات متقدمة في تحليل الصور الملتقطة للصحارى من الفضاء. وطبق هذا النظام على الصور الفضائية المُلتقطة للصحراء الغربية في مصر، وكذلك للصحارى في الكويت وقطر والامارات وعمان والصين والهند.
وبين عامي 1982 و1986، شغل الباز منصب نائب رئيس العلوم والتكنولوجيا في أنظمة «آيتك» البصرية في لكسينغتون، وانتخب زميلاً في «اكاديمية العالم الثالث للعلوم» TWAS (ومقرها مدينة تريستا الايطالية - وأسسها عالم الفيزياء الهندي عبدالسلام الحائز جائزة نوبل في الفيزياء). وانضم العالم المصري الى جامعة بوسطن عام 1986 كمدير لـ «مركز الاستشعار عن بُعد»، وذلك بغرض تشجيع استخدام تكنولوجيا الفضاء في مجالات الحفريات والجغرافيا والجيولوجيا. والحال ان وكالة «ناسا» اختارت ذلك المركز باعتباره رائداً في تقنيات الاستشعار من بُعد، عام 1997.
وطبّق الباز تقنيات ذلك النوع لمعرفة تركيب احدى الغُرف المُغلقة في قاع الهرم الأكبر. ولعب دوراً مهماً في حرب الخليج الثانية عام 1991، خصوصاً لجهة تحليل المعلومات عن الصحراء في تلك المنطقة، مع التركيزعلى أماكن الخلل البيئي. كما طوّر مجموعة من التقنيات المتصلة بتحليل الصور الملتقطة عبر الاقمار الاصطناعية للمحيطات، وللتعرف الى مواقع الشروخ الأرضية، وكذلك لاستخدام الرادار في تحديد مسارات الانهار القديمة المدفونة. ووُضع اسمه على عدد من مواقع المياه الجوفية في مصر والصومال والسودان وعُمان. ولذا، نال جائزة «ام· تي·هالباوتي للحاجات الانسانية» التي تمنحها المؤسسة الاميركية لجيولوجيي البترول· كما عُيّن مستشاراً أعلى في «مفوضية المياه للقرن 21» التابعة للبنك الدولي.
شُغف الباز بتتبع المياه في جوف الصحارى
http://www.alhayat.com/science_tech/07-2006/Item-20060703-35eb61f4-c0a8-10ed-00d3-954e670a56e2/farouk_19.jpg_200_-1.jpg
القاهرة - أمينة خيري
ضمن استطلاع ضخم «حمل عنوان من يحكم عالمك؟»، سألت «هيئة الاذاعة البريطانية» (بي بي سي) أخيراً العالم المصري الدكتور فاروق الباز عما يحكم عالمه، فأجاب أن الذي يتحكم فيه كلياً هو العلم والمعرفة.
والحال ان الباز، الذي أتم عامه الـ 68 في كانون الثاني (يناير) الفائت، رفع صوته بدأب للمطالبة بإيجاد وسائل بديلة للتنمية غير تلك التي تعتمدها مصر راهناً. ويُلح على ضرورة التنبّه الى المشكلة الهائلة المتمثلة في ندرة الماء، وخصوصاً في مصر. ولم تمنعه إقامته في الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1970، من بذل جهود مستمرة للتركيز على مشروعه لحل المشكلة المزمنة لتجمع الكتلة البشرية المصرية في دلتا نهر النيل وبالقرب من ضفافه. ويتلخص مشروعه في ضرورة اقامة «خط تعمير» مواز لمجرى النيل، حيث يخترق مصر من بحيرة ناصر عند السد العالي في اسوان جنوباً الى ساحل المتوسط شمالاً.
ويحلم الباز بأن تنتقل كتلة بشرية كبرى للاستقرار على «ضفاف» ذلك الخط، الذي يجب ان يحتوي على اوتوستراد دولي كبير، وسكة حديد، ومجرى اصطناعي يحمل ماء النيل من السد العالي الى المتوسط. وأبدى الرئيس المصري الراحل محمد انور السادات إعجابه تلك الفكرة - الحلم، التي عرضها الباز لاحقاً على الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عام 1985. واستفاد من لقائه أخيراً مع «الحياة» ليجدد الدعوة الى تلك الفكرة، خصوصاً ان عدد المصريين ارتفع الى سبعين مليوناً (كانوا نحو ثلاثين مليوناً حين شدّ الباز رحاله الى اميركا)، وصار بقاؤهم في الاراضي عينها التي احتضنتهم منذ زمن الفراعنة، مصدراً لمشاكل لا تنتهي.
نال الباز شهادته في الكيمياء والجيولوجيا من جامعة عين شمس عام 1958 وتوجه الى الولايات المتحدة الاميركية. وحصل على الماجستير من معهد علم المعادن في ولاية ميسوري عام 1961، ثم نال الدكتوراه في التخصص نفسه من جامعة ميسوري عام 1964.
شُغف الباز بالفضاء، وخصوصاً بمحاولة التعرّف الى التركيب الجيولوجي للكواكب السيّارة التي تؤلف النظام الشمسي. فالتحق بوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) ليضع معرفته بالجيولوجيا في تصرف برنامج «ابوللو» لمركبات الفضاء المُخصصة لاستكشاف القمر. وعمل سكرتيراً للجنة اختيار موقع هبوط تلك المركبات على القمر. كما عمل مُحللاً للمشاهدات المرئية والتصويرية، ومديراً لمجموعة تدريب رواد الفضاء، في إطار البرنامج عينه. وقد وصفه رائد الفضاء ووردون، الذي حلّق حول القمر على متن المركبة «ابوللو 15»، بالـ «ملك»، وهو اللقب الذي يُحب التكني به، ربما تيمناً بالتطابق بين اسمه واسم آخر ملوك مصر.
وعُرف عن الباز قدرته الفائقة على تبسيط الأمور العلمية المُعقّدة وشرحها بكلمات بسيطة وواضحة. وظهر في مجموعة من الحلقات التلفزيونية التي أنتجها الفنان الاميركي توم هانكس، تحت عنوان «من الأرض الى القمر»، حيث شرح تدريب رواد الفضاء.
كذلك قدم التلفزيون الاميركي في مسلسل الخيال العلمي الشهير «ستار تريك: الجيل المقبل» سفينة فضاء اطلق عليها اسم «الباز». وحين انتهى برنامج «ابوللو» عام 1972، انضمّ الباز الى «معهد سميثونيان» في واشنطن ليدير «مركز دراسات الارض والكواكب» في «المتحف الوطني للهواء والفضاء». وفي عام 1973، اختارته «ناسا» محللاً رئيسياً لصور الارض من الفضاء في مشروع «ابوللو – سويوز» الذي مثّل مهمة الفضاء المشتركة الاولى بين اميركا والاتحاد السوفياتي. وتمثّلت المهمة الرئيسية للمشروع في تصوير البيئات الجافة، لا سيما في الصحراء الكبرى في شمال افريقيا وشبه الجزيرة العربية، إضافة الى تصوير سمات أخرى لمحيطات الأرض وأدى الأمر الى تعمّق خبرة الباز في الصحارى والبيئات الجافة. وزار الصين في رحلة تاريخية اعقبت تطبيع علاقاتها مع اميركا عام 1979، وحينها نظمت زيارة اولى لعلماء أميركيين الى الصحارى الواقعة في شمال غربي الصين. وانتخب زميلاً في «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم» American Association for the Advancement of Science.
ويعود الفضل الى الباز في ابتكار تقنيات متقدمة في تحليل الصور الملتقطة للصحارى من الفضاء. وطبق هذا النظام على الصور الفضائية المُلتقطة للصحراء الغربية في مصر، وكذلك للصحارى في الكويت وقطر والامارات وعمان والصين والهند.
وبين عامي 1982 و1986، شغل الباز منصب نائب رئيس العلوم والتكنولوجيا في أنظمة «آيتك» البصرية في لكسينغتون، وانتخب زميلاً في «اكاديمية العالم الثالث للعلوم» TWAS (ومقرها مدينة تريستا الايطالية - وأسسها عالم الفيزياء الهندي عبدالسلام الحائز جائزة نوبل في الفيزياء). وانضم العالم المصري الى جامعة بوسطن عام 1986 كمدير لـ «مركز الاستشعار عن بُعد»، وذلك بغرض تشجيع استخدام تكنولوجيا الفضاء في مجالات الحفريات والجغرافيا والجيولوجيا. والحال ان وكالة «ناسا» اختارت ذلك المركز باعتباره رائداً في تقنيات الاستشعار من بُعد، عام 1997.
وطبّق الباز تقنيات ذلك النوع لمعرفة تركيب احدى الغُرف المُغلقة في قاع الهرم الأكبر. ولعب دوراً مهماً في حرب الخليج الثانية عام 1991، خصوصاً لجهة تحليل المعلومات عن الصحراء في تلك المنطقة، مع التركيزعلى أماكن الخلل البيئي. كما طوّر مجموعة من التقنيات المتصلة بتحليل الصور الملتقطة عبر الاقمار الاصطناعية للمحيطات، وللتعرف الى مواقع الشروخ الأرضية، وكذلك لاستخدام الرادار في تحديد مسارات الانهار القديمة المدفونة. ووُضع اسمه على عدد من مواقع المياه الجوفية في مصر والصومال والسودان وعُمان. ولذا، نال جائزة «ام· تي·هالباوتي للحاجات الانسانية» التي تمنحها المؤسسة الاميركية لجيولوجيي البترول· كما عُيّن مستشاراً أعلى في «مفوضية المياه للقرن 21» التابعة للبنك الدولي.