المهدى
09-27-2003, 07:24 AM
توماس فريدمان*
تلقت الحرب ضد الارهاب ضربة كبيرة الاسبوع الماضي، ليس في بغداد او كابل وإنما في كانكون، حيث انعقدت المحادثات الاخيرة لمنظمة التجارة العالمية، وهي المحادثات التي انهارت بسبب رفض الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان وقف الدعم السخي لمزارعيها. وكما هو معروف فإن الدعم الذي تقدمه حكومات هذه الدول الى مزارعيها، يجعل من اسعار القطن والمنتجات الزراعية الاخرى منخفضة الى درجة لا تستطيع معها الدول النامية منافسة منتجات الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي واليابان.
ليس ثمة شك في انها كارثة حقيقية، خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار ان تصدير الاغذية والمنسوجات هو السبيل الوحيد لنمو الدول الفقيرة. اذ نشرت مجلة «ايكونوميست» دراسة اجراها البنك الدولي اشارت نتائجها الى ان التوصل الى اتفاق في محادثات كانكون الاخيرة، بشأن خفض التعرفات والدعم الزراعي، كان من شأنه ان يؤدي الى تحقيق زيادة في الدخل العالمي، قدرها 500 مليار دولار اميركي، بنهاية العام 2005 ، من المفترض ان يكون نصيب الدول الفقيرة منها 60 بالمائة، مما يساعد في إخراج 144 مليون شخص من وهدة الفقر.
من المؤكد ان الفقر ليس مسببا للإرهاب، إلا انه يعتبر في نفس الوقت عاملا مساعدا على الارهاب، لأن الفقر يتسبب في الإذلال، ويبدد الطموحات، ويدفع الكثيرين الى هجر مزارعهم التقليدية والانضمام الى فقراء المدن، حيث تساعد مثل هذه الاوضاع على تفريخ الارهابيين.
رغم ذلك، فإن القرار الذي حدد موقف الوفد الاميركي في محادثات كانكون الاخيرة، لم يضع في الاعتبار الآثار المترتبة عليه، فيما يتعلق بالحرب ضد الارهاب. ألم يكن من الحكمة والعقل ان تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة في كانكون، بعرضها خفض نسبة الدعم الزراعي وتعرفات المنسوجات، حتى تتمكن دول فقيرة مثل مصر وباكستان من رفع مستويات المعيشة، والاحساس بالكرامة الانسانية، والعمل على ان تصبح سوقا افضل للبضائع الاميركية؟ نعم، إلا ان هذا الموقف ربما يكون سلبيا فيما يتعلق بالسياسة، اذ ربما يعني ذلك مطالبة المزارعين الاميركيين بالتضحية بالدعم الذي يتلقونه من الحكومة الفيدرالية (3 مليارات دولار سنويا لـ25000 من مزارعي القطن).
الامر الذي ندركه جيدا في حرب بوش ضد الارهاب، هو ان التضحية تعتبر في عرفها حكرا على جنود وضباط الجيش الاحتياطيين منهم والنظاميين. فعندما يتعلق الامر بالجانب العسكري او جانب النظام والقانون، فيما يتصل بالحرب ضد الارهاب، يتصرف الجنود مثل مقاتلي الفايكينغ، ولكن عندما تتعلق المسألة بالتضحيات السياسية والاقتصادية والنظر في الاستراتيجيات اللازمة لخوض حرب ناجحة ضد الارهاب، فإنهم يتصرفون على نحو تنقصه الشجاعة. هذا تحديدا هو السبب في ان حربنا ضد الارهاب أحادية الجانب وتطغى عليها سيطرة البنتاغون. فالأمر كله يبدو كهواية، او شيء نفعله الى حين اصطدامه بأجندة إعادة انتخاب الرئيس جورج بوش.
يقول روبرت رايت، مؤلف كتاب «نونزيرو» حول الاعتماد المتبادل بين الدول: «ان ابناء الولايات المتحدة اذا حاربوا وماتوا في العراق، فإن بوسع مزارعي القطن الاميركيين، الذين يقدر متوسط دخلهم بحوالي مليون دولار، التخلي عن الدعم الزراعي الحكومي من أجل المحافظة على سلامتنا. ففتح اسواقنا للمنتجات الزراعية والمنسوجات سيكون عاملا حاسما في إدخال الكثير من الدول، بما في ذلك الدول المسلمة، في شبكة الاعتماد المتبادل بين الدول والرأسمالية العالمية والديمقراطية فيما بعد».
يعتقد كلايد بريستويتز، الخبير التجاري ومؤلف كتاب «الدول المارقة»، ان الولايات المتحدة واوروبا، يجب ان تخفضا حجم الدعم المقدم للمزارعين، حتى اذا لم ترد الدول النامية بخطوة مماثلة فورا. فهذه الخطوة، طبقا لاعتقاد بريستويتز، لا تمثل فحسب، الدفعة اللازمة التي تحتاجها الدول النامية بصورة ماسة في الوقت الراهن، وإنما لتلافي أخطار فشل محادثات كانكون التي تهدد بنسف الامل في تحقيق النمو الاقتصادي اللازم لإخراج الدول النامية من دوامة الفقر.
يرى بريتسويتز ان ادارة الرئيس بوش اذا حاولت ربط الاشياء ببعضها بعضا، فإنها ستكتشف خللا في حربها ضد الارهاب. فهذه الحرب، طبقا لوجهة نظره، تبشر بالتجارة الحرة، لكنها لا تعمل على تنفيذ ما يمكن ان يحقق هذا الهدف، لذا فإن المزارعين الباكستانيين يصبحون اكثر فقرا وعوزا. يضاف الى ما سبق ان الجهات المختصة تطلب من الكونغرس المصادقة على إصدار إعفاء ضريبي لكل من يشتري مركبة هامفي من النوع الكبير غير الاقتصادي بغرض الاستخدام التجاري مع مطالبة الكونغرس ايضا بالوقوف في وجه أي مساع لإنتاج ديترويت لسيارات جديدة اكثر اقتصادا للوقود، مما يعني المزيد من استيراد النفط.
المزارع الباكستاني الذي تسببنا في خسارته بسبب الدعم الذي نقدمه لمزارعينا سيرسل ابناءه الى المدارس الدينية لأنها مجانية، وتقدم لطلابها وجبة ساخنة. سينشأ ابناء هذا المزارع على رفض تقبل الحداثة، لكنهم درسوا بالتأكيد شيئا واحدا ألا وهو ان الولايات المتحدة هي السبب وراء كل مشاكلهم. من المحتمل بالطبع ان ينضم أحد ابناء هذا المزارع الى تنظيم «القاعدة»، ويلقى حتفه في افغانستان بواسطة القوات الاميركية، وعند ذلك نظن نحن اننا منتصرون في الحرب ضد الارهاب.
تلقت الحرب ضد الارهاب ضربة كبيرة الاسبوع الماضي، ليس في بغداد او كابل وإنما في كانكون، حيث انعقدت المحادثات الاخيرة لمنظمة التجارة العالمية، وهي المحادثات التي انهارت بسبب رفض الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان وقف الدعم السخي لمزارعيها. وكما هو معروف فإن الدعم الذي تقدمه حكومات هذه الدول الى مزارعيها، يجعل من اسعار القطن والمنتجات الزراعية الاخرى منخفضة الى درجة لا تستطيع معها الدول النامية منافسة منتجات الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي واليابان.
ليس ثمة شك في انها كارثة حقيقية، خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار ان تصدير الاغذية والمنسوجات هو السبيل الوحيد لنمو الدول الفقيرة. اذ نشرت مجلة «ايكونوميست» دراسة اجراها البنك الدولي اشارت نتائجها الى ان التوصل الى اتفاق في محادثات كانكون الاخيرة، بشأن خفض التعرفات والدعم الزراعي، كان من شأنه ان يؤدي الى تحقيق زيادة في الدخل العالمي، قدرها 500 مليار دولار اميركي، بنهاية العام 2005 ، من المفترض ان يكون نصيب الدول الفقيرة منها 60 بالمائة، مما يساعد في إخراج 144 مليون شخص من وهدة الفقر.
من المؤكد ان الفقر ليس مسببا للإرهاب، إلا انه يعتبر في نفس الوقت عاملا مساعدا على الارهاب، لأن الفقر يتسبب في الإذلال، ويبدد الطموحات، ويدفع الكثيرين الى هجر مزارعهم التقليدية والانضمام الى فقراء المدن، حيث تساعد مثل هذه الاوضاع على تفريخ الارهابيين.
رغم ذلك، فإن القرار الذي حدد موقف الوفد الاميركي في محادثات كانكون الاخيرة، لم يضع في الاعتبار الآثار المترتبة عليه، فيما يتعلق بالحرب ضد الارهاب. ألم يكن من الحكمة والعقل ان تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة في كانكون، بعرضها خفض نسبة الدعم الزراعي وتعرفات المنسوجات، حتى تتمكن دول فقيرة مثل مصر وباكستان من رفع مستويات المعيشة، والاحساس بالكرامة الانسانية، والعمل على ان تصبح سوقا افضل للبضائع الاميركية؟ نعم، إلا ان هذا الموقف ربما يكون سلبيا فيما يتعلق بالسياسة، اذ ربما يعني ذلك مطالبة المزارعين الاميركيين بالتضحية بالدعم الذي يتلقونه من الحكومة الفيدرالية (3 مليارات دولار سنويا لـ25000 من مزارعي القطن).
الامر الذي ندركه جيدا في حرب بوش ضد الارهاب، هو ان التضحية تعتبر في عرفها حكرا على جنود وضباط الجيش الاحتياطيين منهم والنظاميين. فعندما يتعلق الامر بالجانب العسكري او جانب النظام والقانون، فيما يتصل بالحرب ضد الارهاب، يتصرف الجنود مثل مقاتلي الفايكينغ، ولكن عندما تتعلق المسألة بالتضحيات السياسية والاقتصادية والنظر في الاستراتيجيات اللازمة لخوض حرب ناجحة ضد الارهاب، فإنهم يتصرفون على نحو تنقصه الشجاعة. هذا تحديدا هو السبب في ان حربنا ضد الارهاب أحادية الجانب وتطغى عليها سيطرة البنتاغون. فالأمر كله يبدو كهواية، او شيء نفعله الى حين اصطدامه بأجندة إعادة انتخاب الرئيس جورج بوش.
يقول روبرت رايت، مؤلف كتاب «نونزيرو» حول الاعتماد المتبادل بين الدول: «ان ابناء الولايات المتحدة اذا حاربوا وماتوا في العراق، فإن بوسع مزارعي القطن الاميركيين، الذين يقدر متوسط دخلهم بحوالي مليون دولار، التخلي عن الدعم الزراعي الحكومي من أجل المحافظة على سلامتنا. ففتح اسواقنا للمنتجات الزراعية والمنسوجات سيكون عاملا حاسما في إدخال الكثير من الدول، بما في ذلك الدول المسلمة، في شبكة الاعتماد المتبادل بين الدول والرأسمالية العالمية والديمقراطية فيما بعد».
يعتقد كلايد بريستويتز، الخبير التجاري ومؤلف كتاب «الدول المارقة»، ان الولايات المتحدة واوروبا، يجب ان تخفضا حجم الدعم المقدم للمزارعين، حتى اذا لم ترد الدول النامية بخطوة مماثلة فورا. فهذه الخطوة، طبقا لاعتقاد بريستويتز، لا تمثل فحسب، الدفعة اللازمة التي تحتاجها الدول النامية بصورة ماسة في الوقت الراهن، وإنما لتلافي أخطار فشل محادثات كانكون التي تهدد بنسف الامل في تحقيق النمو الاقتصادي اللازم لإخراج الدول النامية من دوامة الفقر.
يرى بريتسويتز ان ادارة الرئيس بوش اذا حاولت ربط الاشياء ببعضها بعضا، فإنها ستكتشف خللا في حربها ضد الارهاب. فهذه الحرب، طبقا لوجهة نظره، تبشر بالتجارة الحرة، لكنها لا تعمل على تنفيذ ما يمكن ان يحقق هذا الهدف، لذا فإن المزارعين الباكستانيين يصبحون اكثر فقرا وعوزا. يضاف الى ما سبق ان الجهات المختصة تطلب من الكونغرس المصادقة على إصدار إعفاء ضريبي لكل من يشتري مركبة هامفي من النوع الكبير غير الاقتصادي بغرض الاستخدام التجاري مع مطالبة الكونغرس ايضا بالوقوف في وجه أي مساع لإنتاج ديترويت لسيارات جديدة اكثر اقتصادا للوقود، مما يعني المزيد من استيراد النفط.
المزارع الباكستاني الذي تسببنا في خسارته بسبب الدعم الذي نقدمه لمزارعينا سيرسل ابناءه الى المدارس الدينية لأنها مجانية، وتقدم لطلابها وجبة ساخنة. سينشأ ابناء هذا المزارع على رفض تقبل الحداثة، لكنهم درسوا بالتأكيد شيئا واحدا ألا وهو ان الولايات المتحدة هي السبب وراء كل مشاكلهم. من المحتمل بالطبع ان ينضم أحد ابناء هذا المزارع الى تنظيم «القاعدة»، ويلقى حتفه في افغانستان بواسطة القوات الاميركية، وعند ذلك نظن نحن اننا منتصرون في الحرب ضد الارهاب.