2005ليلى
07-03-2006, 11:56 AM
حلم الجميع: بنك يثق في زبونه.. ومطعم يثق في رواده
واشنطن: محمد علي صالح
«نام الشاب الاميركي جوليان ويست في سنة 1887 نوما مغناطيسيا عميقا في شقته في نيويورك، ولم يستيقظ الا في سنة 2000، بعد اكثر من مائة سنة. وجد، عندما استيقظ، ان الحياة في نيويورك، وفي كل اميركا تغيرت. تحولت اميركا من دولة رأسمالية الى اشتراكية، وسيطرت نقابات العمال على الحكم، وانتشرت الاحزاب الاشتراكية في كل مكان، وامتلأت شوارع نيويورك، وشوارع المدن الاخرى، بالاعلام الحمراء، والشعارات الحماسية» و «انخفضت ساعات العمل، وزادت ايام الاجازات، وأصبح العلاج والتعليم مجانا. وحصلت المرأة التي بقيت في البيت على علاوات حكومية مقابل اهتمامها برعاية زوجها واطفالها. وحصلت المرأة التي تعمل خارج البيت على تسهيلات مثل توفير الطعام لزوجها وعائلتها، تأخذه مجانا من مطاعم حكومية وهي في طريقها الى منزلها». و«بدلا عن المتاجر الصغيرة، ظهرت مراكز تجارية عملاقة، سوبرماركت، فيها كل كبيرة وصغيرة. ولم يحتاج الانسان ليحمل معه دولارات كثيرة ليشتري ما يريد، وذلك لأن الدولارات اختفت، وحلت محلها بطاقة ائتمان او كريدت كارد. هذه بطاقة فيها معلومات عن حساب كل شخص في البنك، وتخصم ماكينات متطورة قيمة كل شيء يشتريه الشخص من البطاقة».
هذا ملخص قصة «النظر الى الخلف» الخيالية التي نشرها، في سنة 1888، ادوارد بيلامي الذي كان محاميا في ولاية ماساشوستس. لم تشتهر القصة كثيرا عندما نشرت، وقال كثير من النقاد انها خيال غريب، وقال آخرون انها «يوتوبيا» اشتراكية تخيلها كاتبها بسبب ميوله الاشتراكية.
لكن، في سنة 1950، بعد ستين سنة من نشر القصة، صدرت اول بطاقة ائتمان حقيقية، وتذكر بعض الناس قصة «النظر الى الخلف»، واستغربوا من دقة خيال كاتبها. واذا كان بيلامي قاصا خياليا، فان فرانك ماكنمارا كان مستثمرا مغامرا. فكر في ان يحول بطاقات الائتمان التي اصدرتها البنوك (لتسهل على زبائنها الاستدانة منها) الى بطاقات ائتمان يشتري بها الزبائن اي شيء من اي متجر. فكر في ذلك عندما كان يتعشى في مطعم في نيويورك مع بعض اصدقائه، وجاء وقت دفع الحساب. اخرج بطاقته، وسألهم «ما دامت هذه بطاقة ائتمان، لماذا لا ادفع بها حساب العشاء هذا، ويأخذ صاحب المطعم حقه من البنك في اليوم التالي؟» لكن حلم ماكنمارا كان يحتاج الى شيئين: اولا، بنك يثق في زبونه، وثانيا، مطعم يثق في زبونه.
وقرر ماكنمارا ان يؤسس شركة تكون وسيطا بين البنك والمطعم. وهكذا اسس، في سنة 1950، مع اثنين من اصدقائه وهما رالف شنايدر، وكاسي تايلور شركة «داينر» (معناها «الذي يأكل في مطعم»). جمعوا مائتي شخص تقريبا من اصدقائهم وزملائهم، واختاروا 14 مطعما من مطاعمهم المفضلة في نيويورك، واتفقوا معها على الترتيب الجديد. لم تكن هناك بطاقات بلاستيكية مثل التي تستعمل الآن، وكانت البطاقة عبارة عن ورقة، مثل الشيك، عليها ختم الشركة وتوقيع مسؤول فيها، وتوقيع صاحب البطاقة، على ان يقدم معها بطاقة قيادة السيارة، او اي بطاقة قانونية اخرى فيها صورته، للتأكد من انه صاحبها. كانت «داينر» اول شركة بطاقات ائتمان في العالم. وقفز عدد زبائنها، خلال سنة واحدة، الى 20 الفا، وقفز عدد المطاعم التي تتعامل معهم الى 1000.
وعندما نجحت الفكرة، التقطتها بنوك كبيرة مثل «بانك اوف اميركا»، الذي اصدر بطاقة «فيزا»، وشركة «اميركان اكسبريس» التي اصدرت بطاقة بنفس الاسم (كانت الشركة تأسست قبل ذلك بمائة سنة، وتخصصت في الشيكات السياحية والتحويلات النقدية). تفوقت هذه، بعد عشرين سنة، على «داينر» لأن «داينر» اقتصرت على المطاعم، لكنها وسعت خدماتها مؤخرا، وتتبع الآن بنك «سيتي»، وهي جزء من شبكة «ماستر كارد». وتعتمد فلسفة بطاقة الائتمان على ان يشتري الزبون ما يريد، ثم يقدم البطاقة الى المطعم او الفندق او شركة الطيران، ثم تطلب هذه من البنك الذي يصدر البطاقة المبلغ المستحق عليها، ثم يرسل البنك فاتورة الى صاحب البطاقة ليدفع المبلغ. تمهل بعض البطاقات صاحبها شهرين، وتمهله اخرى شهرا واحدا (مؤخرا خفضت «اميركان اكسبريس» المهلة من شهر الى ثلاثة اسابيع)، وعليه ان يدفع غرامة اذا لم يدفع المبلغ المستحق عليه خلال المهلة المحددة.
بعد عشرين سنة من بطاقة الائتمان (التي يجب ان يدفع صاحبها فاتورتها شهريا)، ظهرت بطاقة الائتمان والاستدانة (التي يقدر صاحبها على ان يدفع جزءا من فاتورتها، ويؤجل الباقي، على ان يدفع عليه فائدة تتراوح نسبتها من عشرة الى عشرين في المائة). وأصبح واضحا ان شركات بطاقة الائتمان تفضل الا يدفع الزبون كل الفاتورة شهريا، لتستفيد من الفائدة التي يدفعها الزبون. وتفننت هذه الشركات في اغراء الزبون الا يدفع كل الفاتورة. (تقسم «اميركان اكسبريس» الفاتورة الشهرية الى جزءين: الاول، عاجل يجب ان يدفع كل شهر. والثاني «سياحي» (فواتير شركات الطيران والفنادق) يمكن ان يؤجل (مقابل فائدة تزيد عن عشرين في المائة).
وأصبحت «اميركان اكسبريس»، بسبب ابداعاتها، رائدة في هذا المجال، وأسست بنك «اميركان اكسبريس» لتتبع له، مثلما تصدر بنوك البطاقات المنافسة.
وبعد عشرين سنة اخرى، ظهرت بطاقة القيد (دبيت كارد)، وتسمي ايضا «شيك كارد» (بطاقة شيكية)، لأنها تستعمل مثل الشيك، ولأن المطعم او المتجر يخصم الفاتورة من حساب الزبون في البنك مباشرة. وأصبح هذا سهلا بفضل الكمبيوتر الذي يوصل كل مطعم او متجر بالبنك، للتأكد من ان هناك مبلغا كافيا في حساب الزبون، ولخصم قيمة الفاتورة منه، ويحدث ذلك خلال ثوان قليلة.
وتشكل بطاقتا «فيزا» و«ماستر كارد» اغلبية بطاقات القيد على النطاق العالمي (بالاضافة الى الولايات المتحدة)، لكن بعض الدول تركز على بطاقات محلية، مثل: «مايسترو» و«سولو» في بريطانيا، و«كارت بلو» في فرنسا، و«ليزر» في ايرلندا، و«يوروشيك» في المانيا، و «بانكوماكساي» في النمسا، و«بنباس» في هولندا، و«بانكونتاكت» في بلجيكا، و«بولكارد» في بولندا.
وقد سهلت بطاقات الائتمان والقيد النشاطات المالية للافراد والمؤسسات، وذلك لأنها: اولا، قللت الاعتماد على الاوراق النقدية. ثانيا، وفرت بيانات مالية مفصلة بالتاريخ والساعة والدقيقة. ثالثا، قللت سرقة وفقدان ونسيان دفتر الشيكات او العملة النقدية. رابعا، سهلت العملية الشرائية فأصبحت تستغرق ثوان قليلة وفي اي وقت. خامسا، قللت تعقيدات التحويل الى عملات اجنبية في حالات السفر. سادسا، وفرت للبنوك تكاليف الاعتماد على عدد كبير من الموظفين. سابعا، خلقت فرص الفوز بجوائز نقدية او عينية كلما استعملت كثيرا. ثامنا، سهلت تعليم صغار السن المعاملات التجاريه. تاسعا، قللت زيارات الزبائن للبنوك. عاشرا، ساعدت على زيادة البيع والشراء عن طريق الانترنت. لكن، في الجانب الآخر، ورغم تركيز بنوكها وشركاتها على الجوانب الامنية، خلقت بطاقات الائتمان والقيد مشاكل: اولا، ضاعفت الاذى في حالات السرقة (يقدر السارق على سحب مبالغ كبيرة خلال فترة قصيرة). ثانيا، خلقت «سوقا سوداء» لتجارة البطاقات. ثالثا، عرضت حسابات عشرات الآلاف من الزبائن للخطر (اذا فقد بنك اقراص حساباتهم). رابعا، وضعت البيع والشراء الالكتروني تحت رحمة «الهاكرز» واللصوص. لكن ناقدي بطاقات الائتمان والقيد يشيرون الى مشكلة اكبر، وهي ان سرعة وسهولة الشراء والبيع شجعت الاستهلاك، وقللت التوفير، وزادت الديون (ليس ديون الناس فقط، ولكن، ايضا، ديون الدول، لأن زيادة الاستهلاك تزيد الواردات، وتزيد، في كثير من الحالات، عجز الميزان التجاري).
وهناك مشكلة انتشار استعمال بطاقات الائتمان وسط طلاب المدارس الثانوية والجامعات، وذلك لأن بنوك البطاقات تشن حملات دعائية واعلانية مغرية لكسبهم، وترفع شعارات مثل: «استمتع الآن، وادفع غدا». لكن هذه البنوك تنسى، او تتناسى الآتي: اولا، لا يقدر الاولاد والبنات، في هذه السن، على تقييم اوضاعهم الاقتصادية تقييما حكيما. وثانيا، تقترض اغلبية طلاب الجامعات في اميركا من البنوك (او يقترض لهم آباؤهم وامهاتهم بالنيابة عنهم)، ولهذا فان بطاقات الائتمان تزيد عبء القروض عليهم بعد ان يكملوا دراساتهم.
ناقش الكونغرس، مؤخرا، مشكلة زيادة ديون حاملي بطاقات الائتمان. وناقش ارقاما قدمتها منظمات تدافع عن المستهلكين اوضحت ان بنوك بطاقات الائتمان تعمدت تشجيع زبائنها على عدم دفع كل الفاتورة الشهرية.
كانت هذه البنوك، حتى وقت قريب، تشترط ان يدفع كل زبون، على الاقل، خمسة في المائة من الفاتورة الشهرية. لكن كثيرا من هذه البنوك خفضت، مؤخرا، النسبة الى اثنين في المائة، وذلك لضمان الحصول على فائدة اعلى من الجزء الذي لا يدفع ويبقى دينا. وأوضح نقاش الكونغرس ان كثيرا من المواطنين لا يعرفون تعقيدات هذا الموضوع، ولا يقدرون على فهم حيل ودهاء بنوك بطاقات الائتمان. وقدم النقاش المثال الآتي: اذا وافق بنك على ان يدفع زبونه اثنين في المائة فقط من فاتورة شهرية قيمتها الف دولار (او اذا اغرته بان يفعل ذلك)، ثم فرض عليه فائدة 15 في المائة على باقي المبلغ، يحتاج الشخص الى 15 سنة ليدفع الالف دولار. هذا بالاضافة الى ان البنك يشترط دائما ان يدفع الزبون القسط الشهري لهذا الدين في وقت معين، ويفرض عليه فائدة اضافية اذا تأخر. لكن رغم مشاكلها تستمر بطاقات الائتمان والقيد في التطور.
وقد نشرت مجلة «موني» (مال) في الشهر الماضي ان بنك «مورغان تشيز» بدأ في استعمال بطاقة لا تحتاج الى توقيع او رقم حساب سري. وقال كارتر فرانك، مدير التسويق في البنك بأن الهدف هو «تقديم خدمة سريعة ومناسبة لحاملي البطاقات ولاصحاب المحلات التي يشتري منها هؤلاء». وأشار الى ان عدد بطاقات «فيزا» و«ماستر كارد» التي يصدرها البنك وصل الى قرابة مائة مليون بطاقة.
«الديك» له أنياب
واشنطن: محمد علي صالح
«نام الشاب الاميركي جوليان ويست في سنة 1887 نوما مغناطيسيا عميقا في شقته في نيويورك، ولم يستيقظ الا في سنة 2000، بعد اكثر من مائة سنة. وجد، عندما استيقظ، ان الحياة في نيويورك، وفي كل اميركا تغيرت. تحولت اميركا من دولة رأسمالية الى اشتراكية، وسيطرت نقابات العمال على الحكم، وانتشرت الاحزاب الاشتراكية في كل مكان، وامتلأت شوارع نيويورك، وشوارع المدن الاخرى، بالاعلام الحمراء، والشعارات الحماسية» و «انخفضت ساعات العمل، وزادت ايام الاجازات، وأصبح العلاج والتعليم مجانا. وحصلت المرأة التي بقيت في البيت على علاوات حكومية مقابل اهتمامها برعاية زوجها واطفالها. وحصلت المرأة التي تعمل خارج البيت على تسهيلات مثل توفير الطعام لزوجها وعائلتها، تأخذه مجانا من مطاعم حكومية وهي في طريقها الى منزلها». و«بدلا عن المتاجر الصغيرة، ظهرت مراكز تجارية عملاقة، سوبرماركت، فيها كل كبيرة وصغيرة. ولم يحتاج الانسان ليحمل معه دولارات كثيرة ليشتري ما يريد، وذلك لأن الدولارات اختفت، وحلت محلها بطاقة ائتمان او كريدت كارد. هذه بطاقة فيها معلومات عن حساب كل شخص في البنك، وتخصم ماكينات متطورة قيمة كل شيء يشتريه الشخص من البطاقة».
هذا ملخص قصة «النظر الى الخلف» الخيالية التي نشرها، في سنة 1888، ادوارد بيلامي الذي كان محاميا في ولاية ماساشوستس. لم تشتهر القصة كثيرا عندما نشرت، وقال كثير من النقاد انها خيال غريب، وقال آخرون انها «يوتوبيا» اشتراكية تخيلها كاتبها بسبب ميوله الاشتراكية.
لكن، في سنة 1950، بعد ستين سنة من نشر القصة، صدرت اول بطاقة ائتمان حقيقية، وتذكر بعض الناس قصة «النظر الى الخلف»، واستغربوا من دقة خيال كاتبها. واذا كان بيلامي قاصا خياليا، فان فرانك ماكنمارا كان مستثمرا مغامرا. فكر في ان يحول بطاقات الائتمان التي اصدرتها البنوك (لتسهل على زبائنها الاستدانة منها) الى بطاقات ائتمان يشتري بها الزبائن اي شيء من اي متجر. فكر في ذلك عندما كان يتعشى في مطعم في نيويورك مع بعض اصدقائه، وجاء وقت دفع الحساب. اخرج بطاقته، وسألهم «ما دامت هذه بطاقة ائتمان، لماذا لا ادفع بها حساب العشاء هذا، ويأخذ صاحب المطعم حقه من البنك في اليوم التالي؟» لكن حلم ماكنمارا كان يحتاج الى شيئين: اولا، بنك يثق في زبونه، وثانيا، مطعم يثق في زبونه.
وقرر ماكنمارا ان يؤسس شركة تكون وسيطا بين البنك والمطعم. وهكذا اسس، في سنة 1950، مع اثنين من اصدقائه وهما رالف شنايدر، وكاسي تايلور شركة «داينر» (معناها «الذي يأكل في مطعم»). جمعوا مائتي شخص تقريبا من اصدقائهم وزملائهم، واختاروا 14 مطعما من مطاعمهم المفضلة في نيويورك، واتفقوا معها على الترتيب الجديد. لم تكن هناك بطاقات بلاستيكية مثل التي تستعمل الآن، وكانت البطاقة عبارة عن ورقة، مثل الشيك، عليها ختم الشركة وتوقيع مسؤول فيها، وتوقيع صاحب البطاقة، على ان يقدم معها بطاقة قيادة السيارة، او اي بطاقة قانونية اخرى فيها صورته، للتأكد من انه صاحبها. كانت «داينر» اول شركة بطاقات ائتمان في العالم. وقفز عدد زبائنها، خلال سنة واحدة، الى 20 الفا، وقفز عدد المطاعم التي تتعامل معهم الى 1000.
وعندما نجحت الفكرة، التقطتها بنوك كبيرة مثل «بانك اوف اميركا»، الذي اصدر بطاقة «فيزا»، وشركة «اميركان اكسبريس» التي اصدرت بطاقة بنفس الاسم (كانت الشركة تأسست قبل ذلك بمائة سنة، وتخصصت في الشيكات السياحية والتحويلات النقدية). تفوقت هذه، بعد عشرين سنة، على «داينر» لأن «داينر» اقتصرت على المطاعم، لكنها وسعت خدماتها مؤخرا، وتتبع الآن بنك «سيتي»، وهي جزء من شبكة «ماستر كارد». وتعتمد فلسفة بطاقة الائتمان على ان يشتري الزبون ما يريد، ثم يقدم البطاقة الى المطعم او الفندق او شركة الطيران، ثم تطلب هذه من البنك الذي يصدر البطاقة المبلغ المستحق عليها، ثم يرسل البنك فاتورة الى صاحب البطاقة ليدفع المبلغ. تمهل بعض البطاقات صاحبها شهرين، وتمهله اخرى شهرا واحدا (مؤخرا خفضت «اميركان اكسبريس» المهلة من شهر الى ثلاثة اسابيع)، وعليه ان يدفع غرامة اذا لم يدفع المبلغ المستحق عليه خلال المهلة المحددة.
بعد عشرين سنة من بطاقة الائتمان (التي يجب ان يدفع صاحبها فاتورتها شهريا)، ظهرت بطاقة الائتمان والاستدانة (التي يقدر صاحبها على ان يدفع جزءا من فاتورتها، ويؤجل الباقي، على ان يدفع عليه فائدة تتراوح نسبتها من عشرة الى عشرين في المائة). وأصبح واضحا ان شركات بطاقة الائتمان تفضل الا يدفع الزبون كل الفاتورة شهريا، لتستفيد من الفائدة التي يدفعها الزبون. وتفننت هذه الشركات في اغراء الزبون الا يدفع كل الفاتورة. (تقسم «اميركان اكسبريس» الفاتورة الشهرية الى جزءين: الاول، عاجل يجب ان يدفع كل شهر. والثاني «سياحي» (فواتير شركات الطيران والفنادق) يمكن ان يؤجل (مقابل فائدة تزيد عن عشرين في المائة).
وأصبحت «اميركان اكسبريس»، بسبب ابداعاتها، رائدة في هذا المجال، وأسست بنك «اميركان اكسبريس» لتتبع له، مثلما تصدر بنوك البطاقات المنافسة.
وبعد عشرين سنة اخرى، ظهرت بطاقة القيد (دبيت كارد)، وتسمي ايضا «شيك كارد» (بطاقة شيكية)، لأنها تستعمل مثل الشيك، ولأن المطعم او المتجر يخصم الفاتورة من حساب الزبون في البنك مباشرة. وأصبح هذا سهلا بفضل الكمبيوتر الذي يوصل كل مطعم او متجر بالبنك، للتأكد من ان هناك مبلغا كافيا في حساب الزبون، ولخصم قيمة الفاتورة منه، ويحدث ذلك خلال ثوان قليلة.
وتشكل بطاقتا «فيزا» و«ماستر كارد» اغلبية بطاقات القيد على النطاق العالمي (بالاضافة الى الولايات المتحدة)، لكن بعض الدول تركز على بطاقات محلية، مثل: «مايسترو» و«سولو» في بريطانيا، و«كارت بلو» في فرنسا، و«ليزر» في ايرلندا، و«يوروشيك» في المانيا، و «بانكوماكساي» في النمسا، و«بنباس» في هولندا، و«بانكونتاكت» في بلجيكا، و«بولكارد» في بولندا.
وقد سهلت بطاقات الائتمان والقيد النشاطات المالية للافراد والمؤسسات، وذلك لأنها: اولا، قللت الاعتماد على الاوراق النقدية. ثانيا، وفرت بيانات مالية مفصلة بالتاريخ والساعة والدقيقة. ثالثا، قللت سرقة وفقدان ونسيان دفتر الشيكات او العملة النقدية. رابعا، سهلت العملية الشرائية فأصبحت تستغرق ثوان قليلة وفي اي وقت. خامسا، قللت تعقيدات التحويل الى عملات اجنبية في حالات السفر. سادسا، وفرت للبنوك تكاليف الاعتماد على عدد كبير من الموظفين. سابعا، خلقت فرص الفوز بجوائز نقدية او عينية كلما استعملت كثيرا. ثامنا، سهلت تعليم صغار السن المعاملات التجاريه. تاسعا، قللت زيارات الزبائن للبنوك. عاشرا، ساعدت على زيادة البيع والشراء عن طريق الانترنت. لكن، في الجانب الآخر، ورغم تركيز بنوكها وشركاتها على الجوانب الامنية، خلقت بطاقات الائتمان والقيد مشاكل: اولا، ضاعفت الاذى في حالات السرقة (يقدر السارق على سحب مبالغ كبيرة خلال فترة قصيرة). ثانيا، خلقت «سوقا سوداء» لتجارة البطاقات. ثالثا، عرضت حسابات عشرات الآلاف من الزبائن للخطر (اذا فقد بنك اقراص حساباتهم). رابعا، وضعت البيع والشراء الالكتروني تحت رحمة «الهاكرز» واللصوص. لكن ناقدي بطاقات الائتمان والقيد يشيرون الى مشكلة اكبر، وهي ان سرعة وسهولة الشراء والبيع شجعت الاستهلاك، وقللت التوفير، وزادت الديون (ليس ديون الناس فقط، ولكن، ايضا، ديون الدول، لأن زيادة الاستهلاك تزيد الواردات، وتزيد، في كثير من الحالات، عجز الميزان التجاري).
وهناك مشكلة انتشار استعمال بطاقات الائتمان وسط طلاب المدارس الثانوية والجامعات، وذلك لأن بنوك البطاقات تشن حملات دعائية واعلانية مغرية لكسبهم، وترفع شعارات مثل: «استمتع الآن، وادفع غدا». لكن هذه البنوك تنسى، او تتناسى الآتي: اولا، لا يقدر الاولاد والبنات، في هذه السن، على تقييم اوضاعهم الاقتصادية تقييما حكيما. وثانيا، تقترض اغلبية طلاب الجامعات في اميركا من البنوك (او يقترض لهم آباؤهم وامهاتهم بالنيابة عنهم)، ولهذا فان بطاقات الائتمان تزيد عبء القروض عليهم بعد ان يكملوا دراساتهم.
ناقش الكونغرس، مؤخرا، مشكلة زيادة ديون حاملي بطاقات الائتمان. وناقش ارقاما قدمتها منظمات تدافع عن المستهلكين اوضحت ان بنوك بطاقات الائتمان تعمدت تشجيع زبائنها على عدم دفع كل الفاتورة الشهرية.
كانت هذه البنوك، حتى وقت قريب، تشترط ان يدفع كل زبون، على الاقل، خمسة في المائة من الفاتورة الشهرية. لكن كثيرا من هذه البنوك خفضت، مؤخرا، النسبة الى اثنين في المائة، وذلك لضمان الحصول على فائدة اعلى من الجزء الذي لا يدفع ويبقى دينا. وأوضح نقاش الكونغرس ان كثيرا من المواطنين لا يعرفون تعقيدات هذا الموضوع، ولا يقدرون على فهم حيل ودهاء بنوك بطاقات الائتمان. وقدم النقاش المثال الآتي: اذا وافق بنك على ان يدفع زبونه اثنين في المائة فقط من فاتورة شهرية قيمتها الف دولار (او اذا اغرته بان يفعل ذلك)، ثم فرض عليه فائدة 15 في المائة على باقي المبلغ، يحتاج الشخص الى 15 سنة ليدفع الالف دولار. هذا بالاضافة الى ان البنك يشترط دائما ان يدفع الزبون القسط الشهري لهذا الدين في وقت معين، ويفرض عليه فائدة اضافية اذا تأخر. لكن رغم مشاكلها تستمر بطاقات الائتمان والقيد في التطور.
وقد نشرت مجلة «موني» (مال) في الشهر الماضي ان بنك «مورغان تشيز» بدأ في استعمال بطاقة لا تحتاج الى توقيع او رقم حساب سري. وقال كارتر فرانك، مدير التسويق في البنك بأن الهدف هو «تقديم خدمة سريعة ومناسبة لحاملي البطاقات ولاصحاب المحلات التي يشتري منها هؤلاء». وأشار الى ان عدد بطاقات «فيزا» و«ماستر كارد» التي يصدرها البنك وصل الى قرابة مائة مليون بطاقة.
«الديك» له أنياب