المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البروفسور خالد أبو الفضل: المسلمون بحاجة إلى ثورة فكرية تجبر الآخر على احترامهم



سمير
06-30-2006, 12:47 AM
عينه بوش عضوا في لجنة الحريات الدينية بالكونغرس


القاهرة: هاني نسيرة


يعد البروفسور خالد أبو الفضل، أستاذ الشريعة والقانون في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس والأستاذ الزائر في جامعة ييل للقانون، واحداً من أشهر الباحثين المسلمين في الولايات المتحدة الآن، برز ظهوره بشكل قوي في الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، واقترب من إدارة الرئيس جورج بوش، وكان واحدا من ثلاثة صدر قرار خاص من الرئيس الأميركي بتعيينهم في لجنة الحريات الدينية بالكونغرس، وقد تولى أبو الفضل رئاسة اللجنة في بعثتها لبحث أوضاع الأقليات الدينية في مصر، لكن أبو الفضل مع ذلك يرفض قراءته من خلال هذه الزاوية ويلح في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» اثناء زيارته أخيرا للقاهرة على اختلافه مع توجهات الإدارة الأميركية في كثير من الجوانب، وهو ما يعرِّضه لانتقادات حادة أحيانا من الصحافة مثل الهجمة الشرسة عليه من الكاتب اليهودي دانييل بايبز الذي يعتبره أبو الفضل نموذجا متشددا للأصولية في الغرب.

كما تناول الحوار مساره الفكري الممتد من تكوين وانتماء أصولي مبكر في وطنه الأول مصر إلى اقتراب جزئي من إدارة بوش، إلى رؤاه لوضعية الفكر الإسلامي عموما، وفي الغرب والولايات المتحدة خصوصا.. وهنا نص الحوار:
> رغم اقترابك من المؤسسة الرئاسية الأميركية إلا أن لك بعض التحفظات عليها فما هي؟

ـ بداية أؤكد أنني أحد مستشاري الرئيس بوش العديدين في الشؤون الإسلامية ولست مستشاره الوحيد، كما أؤكد اختلافي عن توجهات المحافظين الجدد المسيطرين على الإدارة الأميركية الحالية وخاصة سياساتها في الشرق الأوسط، وموقفها من النزاع العربي

ـ الإسرائيلي أو إدارة مواقفها في العراق، كما أن دوري في لجنة الحريات الدينية

ـ وأنا المسلم الوحيد بها ـ يجعلني عديم الفاعلية في ظل سيطرة عديد من اللامتسامحين دينيا عليها، فأغلب المعينين بها من المتطرفين المسيحيين أو اليهود.

> كيف ترى مشكلة صورة الإسلام في الغرب ومشكلة اندماج المسلمين في المجتمعات الغربية؟

ـ كان للإرهاب دوره الفاعل في تشويه صورة الإسلام في الغرب في السنين الأخيرة وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كما أن بعض الباحثين المتحيزين في الغرب كان لهم دورهم السلبي في ترويج هذه الصورة السلبية عن الإسلام كتحد جديد للحضارة الغربية أو التبشير به كصدام أول في صدام الحضارات، وكلها قراءات خارج سياقاتها التاريخية الخاصة، ولا تخلو من نظرة متطرفة للماضي والحاضر معا، وقد رددت عليهم في عدد من كتاباتي.

أما مشكلة الاندماج فالإسلام لا يشكل عقبة أمام اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الجديدة في الغرب، وقد أظهر الدين وأحكام الشريعة الإسلامية مرونة هائلة فيما يتعلق بحياة المسلمين كأقلية، وأنهم مطالبون فقط بقدر قليل من الشريعة مثل أداء الصلاة والصوم وإيتاء الزكاة. وإذا أدرك المسلمون ثراء الإسلام في تعدد طرق التفسير وهذه المرونة فإنهم سوف يعتبرون أنفسهم فرنسيين وألمانا وبريطانيين وفي نفس الوقت مسلمين حقيقيين. وعلاوة على هذا سوف يشجعهم ثراء الإسلام في تعدد طرق التفسير على التعامل مع مجتمعهم الجديد بدلا من العيش في عزلة. وهذا يعني ـ على سبيل المثال

ـ أن المسلم واجب عليه أن يساعد المحتاجين في ألمانيا وليس المحتاجين في بلده الاصلي. وفي كتابي «عن مكانة التسامح في الإسلام» الذي ترجم للعربية أخيرا، ذكرت وأكدت هذه المقومات للتعايش والاندماج والتعددية.

> دعا الراحل الدكتور زكي بدوي إلى وجود إسلام أوروبي وإسلام أميركي وإسلام إفريقي.. فما رأيك في مثل هذا الطرح حلا لمشكل الاندماج؟

ـ أرى أنه لا داعي للمطالبة بإسلام أوروبي أو أميركي أو غيرهما، فهو إسلام واحد ولكنها إشكالية القراءة والفهم، فقد حدد الدين والشريعة الإسلامية كل مقومات هذا الاندماج

ـ مثل التسامح وقبول تعدد المذاهب ورفض التعسف والمشاركة في الحياة اليومية بما لا يتعارض مع المبادئ الأخلاقية والرحمة والحب ـ حتى يستطيع المسلمون أن يعيشوا في مجتمع علماني ديمقراطي متعدد المذاهب. وأؤكد أن على الأوروبيين أن يتجنبوا التعميم في الحديث عن الإسلام، وبدلا من ذلك يجب أن يتناقشوا مع المسلمين ويشغلوا أنفسهم بصحيح الإسلام. والتعميم يولد الخوف من المسلمين داخل المجتمعات، وهذا ما يجعل المسلمين يشعرون بأنهم مرفوضون. وأذكر هنا بأن مشكلة اليهود في أوروبا بدأت بالتعميم في الحديث عن اليهود.

> هل وصفت الرئيس بوش في أحد مقالاتك بأنه أصولي مسيحي رغم قرب علاقتك منه.. كيف ترى الرئيس بوش إذن؟

ـ نعم ، هذا صحيح.. فبوش حسب ما هو معروف يعتبر نفسه ذا رسالة طهرية دينية، وهو لا يقرأ سوى بعض الكتيبات الدينية الجماهيرية السهلة، كما أن لأحد أجداده كتابا عن النبي محمد مليئا بالتحيز والتعصب ضد الإسلام ونبيه، أنا أتفق معه فقط في ضرورة الحرب على الإرهاب كتصور عدمي للإسلام والتاريخ وأن تترافق مع هذه الحرب على هذا العدو سياسات عادلة في مناطق الصراع.

هناك مشكلة حقيقية في الحديث الأميركي عن الإسلام وهو ما يشبه كثيرا الخطاب الألماني عن اليهود، وعن عدم قدرة اليهود للانتماء للشعوب الألمانية وولاء اليهود للشريعة اليهودية وكذلك عدم قدرتهم لأن يصبحوا مواطنين ألمانيين مخلصين، وهذا التحقير لإنسانية اليهود أدركنا كلنا ماذا كانت نتيجته، لقد أدى إلى مذبحة، وهو ما يشبه أيضا الحديث عن الخطاب الأميركي عن الصينيين قبل إدخال أو تشريع ما هو معروف بالـ (Chinese explosion lost) فقد كُتب كذلك عن الصينيين أنهم لا يستطيعون أن يندمجوا، وأنهم يرتكبون الجرائم وأنهم عالة على المجتمع، وكذلك فُعل باليابانيين قبل قضية كريماتسو التي حُبسوا فيها.

والحال لا يختلف كثيرا مع المسلمين فهم يدافعون عن الهجوم عليهم، ويهاجمونهم أيضا إذا استثاروا وهو ما حدث مثلا في أزمة الرسوم الكاريكاتيرية الأخيرة، ثار المسلمون لأنهم متهمون كذباً ومحقرون كذباً ومدانون كذباً من قبل متطرفين في الجانب الآخر.

> يستهدفك بعض الكتاب اليهود فمثلا في دورية «ميدل إيست» كتب ضدك الدكتور دانييل بايبز رئيس منتدى الشرق الأوسط في فيلادلفيا بأنكم تمثلون الإسلام الراديكالي وأنكم تلبسون ثوب الاعتدال.. كيف ترى هذه المواقف وكيف تفسرها؟

ـ دانييل بايبز كثيرا ما يهاجمني، وقد كان الفاعل الرئيس في منع طارق رمضان من دخول الولايات المتحدة، وبايبز كان قريبا من الإدارة الأميركية لفترة، ولكن تم استبعاده نظرا لتطرفه الملحوظ، وهو ذو خطاب أحادي لا يرى سوى الصورة القاتمة والمتحيزة ضد الإسلام في مختلف تفسيراته وقراءاته، وخطابه في رأيي يشبه خطاب النازيين الجدد في موقفه من قضايا الأقليات والمجتمعات المسلمة عموما، وإن ظل متعلقا بقميص الهولوكست ومذابح الألمان لليهود في تأييده للسياسة الإسرائيلية، وأنا لا أحب الخوض في الحديث عنه.

> برأيك ما هي مشكلة التجديد الإسلامي؟

ـ مشكلة تجديد المفهوم الإسلامي أن بعض الأفكار السائدة في العالم الإسلامي قاسية كالصحراء، ونحن بحاجة ماسة لثورة فكرية، ليس هناك أمل في تحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط ولا في اندماج الأقلية المسلمة في المجتمعات الغربية بدون ثورة فكرية تستمد من الميراث التاريخي للإسلام، ويأتي في المقام الأول الاعتراف بثراء الإسلام في تعدد طرق التفسير وممارستها.