بو حسين
09-26-2003, 03:41 PM
في الوقت الذي تتحدث الإدارة الأميركية عن "فرصة تاريخية للتغيير في الشرق الأوسط" تتوالى الضغوط الأميركية على سوريا، وتستمر الفوضى الأمنية في العراق في ظل الاعتداءات الأميركية على العراقيين وأمنهم الاجتماعي والسياسي، بينما تواصل إسرائيل عدوانها الوحشي على الفلسطينيين...
--------------------------------------------------------------------------------
العنصرية الأمريكية تلتقي مع العنصرية الصهيونية
فضل الله: أمريكا مسؤولة عن كل ما يحدث في فلسطين والعراق والمنطقة
سئل سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، في ندوته الأسبوعية: ما هو، حسب رأيكم، التغيير الموعود من قبل الإدارة الأميركية في المنطقة؟
فأجاب: "لعل ما يبعث على السخرية والاستغراب في أن، وخصوصاً في هذه المرحلة بالذات، هو أن الإدارة الأميركية التي كانت السبب الرئيسي في حال الفوضى التي يشهدها الوضع العراقي بما يشمله من اعتداءات يقوم بها الاحتلال ضد الشعب العراقي، والتي شجعت شارون على سياسته الوحشية وعدوانه المستمر ضد الفلسطينيين... هي التي تحاول تقديم نفسها للمنطقة والعالم بأنها المنقذ لما يجري في المنطقة العربية والإسلامية من فوضى أمنية واضطراب سياسي متصاعدة ليس هذا فحسب، بل إن هذه الإدارة تحن على الفلسطينيين والعرب والمسلمين وتخدعهم بأن "بوش" هو أول رئيس أميركي عمل لقيام دولة فلسطينية كما لو كانت هذه الدولة منحة من أميركا للفلسطينيين، مع أن الفلسطينيين عاشوا واقع الدولة حتى في ظل الاستعمار البريطاني وإن كانت إدارة هذه الدولة تخضع لهذا الاستعمار.
الأميركيون يقولون: إنكم تتهموننا بأننا لسنا جادين في "خريطة الطريق"، ونحن نقول لهم: هذا ليس إتهاماً، لأن من يسعى لإدارة أو بناء مشروع ما، وخصوصاً إذا كان المشروع بحجم إقامة وبناء دولة في واقع كالواقع الفلسطيني، فلا بدّ من أن يسلك طريق التوازن بين الأطراف لتحقيق النتائج المرجوة، ولكن الذي يحصل في فلسطين يشير إلى أن الإدارة الأميركية الحالية باتت إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين، فهي تصنّف حركات الانتفاضة بأنها إرهابية، وكذلك العمليات الاستشهادية، في الوقت الذي تمتنع عن إدانة عملية الإبادة المنظمة التي تقوم بها إسرائيل ضد الوجود الفلسطيني في إطار من العمليات الوحشية التي تشمل الاغتيالات حتى للمدنيين وبنيهم، وكذلك الحصار والاعتقالات الجماعية وتجريف الأراضي ونسف البيوت وما إلى ذلك...
إن أمريكا ليست جادة في ما تدعيه من حرصها على إفساح المجال للحلول السياسية في فلسطين، وهي التي تمنع الوصول إلى واقع المفاوضات السياسية التي تقود لانسحاب الاحتلال، لأن خريطة الطريق في المنظار الأميركي هي جزء من اللعبة التي تدار لحساب إسرائيل لتكون بمثابة الحل لها ولمعاناتها الداخلية وللحرج الذي يلاحقها في العالم مع توالي المجازر التي ترتكبها ضد الفلسطينيين، بينما يُراد للفلسطينيين أن يعيشوا ضمن عقاب جماعي ليشكل الجدار الأمني، الذي كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من التنسيق الأميركي الإسرائيلي، سوراً للمعتقل الفلسطيني الكبير وجداراً سسياسياً وأمنياً ترسمه أمريكا وإسرائيل في وجه العرب والمسلمين جميعاً، وليس الحصار الفلسطيني فحسب... وبذلك تلتقي العنصرية الأميركية التي تُمارس ضد العرب والمسلمين في أمريكا بالعنصرية الصهيونية التي تُمارس ضدهم في فلسطين والمنطقة.
إننا نلاحظ أن أمريكا تتحدث مع سوريا كما يتحدث الديكتاتور مع الآخرين، وليس ذلك إلا من جهة أن الإدارة الأميركية رسمت لنفسها دور الديكتاتور العالمي الذي يسعى لفرض ما يريد على الناس ولا يقبل من الناس أن يناقشوه أو يحاوروه. فأين هي شعارات الحرية والديمقراطية التي ترفعها أميركا في وجه المنطقة، في الوقت الذي تخاطب دولة مستقلة كسوريا بهذه الطريقة، مع معرفة الجميع بحجم سوريا ودورها على مستوى المنطقة كلها، إضافة إلى أنها تتحرك ضمن خطوط سياسية على مستوى المبادئ. وما ينطبق على سوريا ينطبق على إيران في سعة الدور واستقلالية الحركة، ومع ذلك فإن التهديدات الأميركية ضدها تتوالى تحت عناوين دعم الإرهاب أو وضعها مع سوريا في سياق "الدول المارقة" وغيرها من المصطلحات التي تستحدثها الإدارات الأميركية المتعاقبة كوسيلة من وسائل ترويج مشاريعها السياسية على حساب دول المنطقة وتطلعات شعوبها.
إن أمريكا هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن حال اللااستقرار التي تعصف بالمنطقة، وهي التي تتحمل المسؤولية عن كل ما يحدث في فلسطين، وهي المسؤولة عن تجويع الشعب العراقي، وهي المسؤولة عن الأخطار المحدقة بالاقتصاد العراقي بعدما تسببت به من أخطار أمنية وسياسية لهذا الشعب وعلى حساب قضاياه الاستراتيجية، وهي التي تسعى في هذه الأيام لجعل العراق سلعة معروضة للبيع. من خلال كل عروض البيع لمقدرات العراق واستثماراته للشركات الأميركية وغيرها...
إننا نقول لهم إن العراق جزء من الأمة، وكما لا يحق لأحد أن يبيع الأمة، فلا يحق لأحد أن يبيع العراق. فالعراق ملك لشعبه وأمته، ولا بدّ أن يرتفع الصوت في مواجهة الذين يعملون لبيع اقتصاد العراق وثرواته باسم جلب الاستثمارات الأجنبية، بعدما عمل الكثيرون على بيع قضايانا لحساب المستكبر العالمي، في الوقت الذي يتغنى العدو أمام حال الضعف واللاتوازن التي تعتري الأمة والتي لا يمكن أن تزول إلا من خلال خطة شاملة للتغيير من الداخل في مواجهة التغيير القادم من الخارج والذي يُراد من خلاله القضاء على البقية الباقية من مصادر القوة والعزة والمنعة في الأمة".
سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله...دام ظله
--------------------------------------------------------------------------------
العنصرية الأمريكية تلتقي مع العنصرية الصهيونية
فضل الله: أمريكا مسؤولة عن كل ما يحدث في فلسطين والعراق والمنطقة
سئل سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، في ندوته الأسبوعية: ما هو، حسب رأيكم، التغيير الموعود من قبل الإدارة الأميركية في المنطقة؟
فأجاب: "لعل ما يبعث على السخرية والاستغراب في أن، وخصوصاً في هذه المرحلة بالذات، هو أن الإدارة الأميركية التي كانت السبب الرئيسي في حال الفوضى التي يشهدها الوضع العراقي بما يشمله من اعتداءات يقوم بها الاحتلال ضد الشعب العراقي، والتي شجعت شارون على سياسته الوحشية وعدوانه المستمر ضد الفلسطينيين... هي التي تحاول تقديم نفسها للمنطقة والعالم بأنها المنقذ لما يجري في المنطقة العربية والإسلامية من فوضى أمنية واضطراب سياسي متصاعدة ليس هذا فحسب، بل إن هذه الإدارة تحن على الفلسطينيين والعرب والمسلمين وتخدعهم بأن "بوش" هو أول رئيس أميركي عمل لقيام دولة فلسطينية كما لو كانت هذه الدولة منحة من أميركا للفلسطينيين، مع أن الفلسطينيين عاشوا واقع الدولة حتى في ظل الاستعمار البريطاني وإن كانت إدارة هذه الدولة تخضع لهذا الاستعمار.
الأميركيون يقولون: إنكم تتهموننا بأننا لسنا جادين في "خريطة الطريق"، ونحن نقول لهم: هذا ليس إتهاماً، لأن من يسعى لإدارة أو بناء مشروع ما، وخصوصاً إذا كان المشروع بحجم إقامة وبناء دولة في واقع كالواقع الفلسطيني، فلا بدّ من أن يسلك طريق التوازن بين الأطراف لتحقيق النتائج المرجوة، ولكن الذي يحصل في فلسطين يشير إلى أن الإدارة الأميركية الحالية باتت إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين، فهي تصنّف حركات الانتفاضة بأنها إرهابية، وكذلك العمليات الاستشهادية، في الوقت الذي تمتنع عن إدانة عملية الإبادة المنظمة التي تقوم بها إسرائيل ضد الوجود الفلسطيني في إطار من العمليات الوحشية التي تشمل الاغتيالات حتى للمدنيين وبنيهم، وكذلك الحصار والاعتقالات الجماعية وتجريف الأراضي ونسف البيوت وما إلى ذلك...
إن أمريكا ليست جادة في ما تدعيه من حرصها على إفساح المجال للحلول السياسية في فلسطين، وهي التي تمنع الوصول إلى واقع المفاوضات السياسية التي تقود لانسحاب الاحتلال، لأن خريطة الطريق في المنظار الأميركي هي جزء من اللعبة التي تدار لحساب إسرائيل لتكون بمثابة الحل لها ولمعاناتها الداخلية وللحرج الذي يلاحقها في العالم مع توالي المجازر التي ترتكبها ضد الفلسطينيين، بينما يُراد للفلسطينيين أن يعيشوا ضمن عقاب جماعي ليشكل الجدار الأمني، الذي كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من التنسيق الأميركي الإسرائيلي، سوراً للمعتقل الفلسطيني الكبير وجداراً سسياسياً وأمنياً ترسمه أمريكا وإسرائيل في وجه العرب والمسلمين جميعاً، وليس الحصار الفلسطيني فحسب... وبذلك تلتقي العنصرية الأميركية التي تُمارس ضد العرب والمسلمين في أمريكا بالعنصرية الصهيونية التي تُمارس ضدهم في فلسطين والمنطقة.
إننا نلاحظ أن أمريكا تتحدث مع سوريا كما يتحدث الديكتاتور مع الآخرين، وليس ذلك إلا من جهة أن الإدارة الأميركية رسمت لنفسها دور الديكتاتور العالمي الذي يسعى لفرض ما يريد على الناس ولا يقبل من الناس أن يناقشوه أو يحاوروه. فأين هي شعارات الحرية والديمقراطية التي ترفعها أميركا في وجه المنطقة، في الوقت الذي تخاطب دولة مستقلة كسوريا بهذه الطريقة، مع معرفة الجميع بحجم سوريا ودورها على مستوى المنطقة كلها، إضافة إلى أنها تتحرك ضمن خطوط سياسية على مستوى المبادئ. وما ينطبق على سوريا ينطبق على إيران في سعة الدور واستقلالية الحركة، ومع ذلك فإن التهديدات الأميركية ضدها تتوالى تحت عناوين دعم الإرهاب أو وضعها مع سوريا في سياق "الدول المارقة" وغيرها من المصطلحات التي تستحدثها الإدارات الأميركية المتعاقبة كوسيلة من وسائل ترويج مشاريعها السياسية على حساب دول المنطقة وتطلعات شعوبها.
إن أمريكا هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن حال اللااستقرار التي تعصف بالمنطقة، وهي التي تتحمل المسؤولية عن كل ما يحدث في فلسطين، وهي المسؤولة عن تجويع الشعب العراقي، وهي المسؤولة عن الأخطار المحدقة بالاقتصاد العراقي بعدما تسببت به من أخطار أمنية وسياسية لهذا الشعب وعلى حساب قضاياه الاستراتيجية، وهي التي تسعى في هذه الأيام لجعل العراق سلعة معروضة للبيع. من خلال كل عروض البيع لمقدرات العراق واستثماراته للشركات الأميركية وغيرها...
إننا نقول لهم إن العراق جزء من الأمة، وكما لا يحق لأحد أن يبيع الأمة، فلا يحق لأحد أن يبيع العراق. فالعراق ملك لشعبه وأمته، ولا بدّ أن يرتفع الصوت في مواجهة الذين يعملون لبيع اقتصاد العراق وثرواته باسم جلب الاستثمارات الأجنبية، بعدما عمل الكثيرون على بيع قضايانا لحساب المستكبر العالمي، في الوقت الذي يتغنى العدو أمام حال الضعف واللاتوازن التي تعتري الأمة والتي لا يمكن أن تزول إلا من خلال خطة شاملة للتغيير من الداخل في مواجهة التغيير القادم من الخارج والذي يُراد من خلاله القضاء على البقية الباقية من مصادر القوة والعزة والمنعة في الأمة".
سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله...دام ظله