لا يوجد
06-25-2006, 11:20 PM
ربع الأميركيين بلا أصدقاء.. و20 مليون شخص يعانون الاكتئاب
نيويورك: شانكار فدانتام وسوزان ليفن*
يعيش الأميركيون عزلة اجتماعية أكبر اليوم مما كانوا عليه خلال العقدين الماضيين، وهناك تزايد في عدد الأفراد الذين يقولون إنهم لا يمتلكون أي شخص يستطيعون أن يأتمنوه في أمورهم الشخصية، حسب تقييم جديد شامل حول تدهور الأواصر الاجتماعية في الولايات المتحدة.
فربع الأميركيين يقولون إنهم بلا صديق يستطيعون أن يناقشوا معه مشاكلهم الشخصية، وهذا الرقم هو ضعف ما كان عليه الحال عام 1985. وبشكل عام فإن عدد الأميركيين الذين يمتلكون دائرة من الأصدقاء الذين يأتمونهم أسرارهم انخفض من ثلاثة أشخاص إلى اثنين.
وترسم الدراسة الجديدة صورة معتمة عن تزايد التفكك الاجتماعي في الولايات المتحدة، حيث الأواصر الاجتماعية الحميمة التي كانت ذات يوم عنصرا أساسيا من الحياة اليومية ومرتبطة مع المنافع السيكولوجية والمدنية راحت تتقلص أو إنها معدومة. ففي الأوقات الصعبة يبدو أن هناك عددا كبيرا من الناس يعانون لوحدهم.
وقالت لين سميث ـ لوفين، استاذة علم الاجتماع في جامعة دوق، والتي ساعدت على تنفيذ هذه الدراسة «نحن نعرف أن الأواصر القوية هي ما يمكن أن يعتمد عليها الناس في الأوقات القاسية. نحن لا نقول إن الناس معزولون تماما. قد يراسلون 25 شخصا في اليوم لكنهم لا يناقشون معهم القضايا الشخصية الأكثر أهمية بالنسبة لهم». وإذا كان ثلاثة أرباع المستجوَبين قالوا عام 1985 إن لديهم صديقا يستطيعون إسراره فإن نصفهم قالوا عام 2004 إنهم يعتمدون على دعم من هذا النوع. كذلك هبط عدد الأفراد الذين يحسبون جارا ما شخصا يأتمنونه على أسرارهم قد انخفض أيضا إلى أكثر من النصف من نسبة 19% إلى حوالي 8%.
وفاجأت نتائج هذه الدراسة التي نشرت أمس تحت عنوان American Sociological Review الباحثين لأنهم لم يتوقعوا حدوث هبوط سريع في الأواصر الاجتماعية القوية.
وقالت الباحثة لوفين إن زيادة المسؤوليات المهنية بما فيها مزاولة عملين لتوفير المتطلبات الحياتية مع التنقل اليومي الطويل جعل الكثير من الناس مرهقين كي يسعوا إلى أواصر اجتماعية. وقالت «ربما الجلوس في البيت ومشاهدة مسلسل الزوجات اليائسات هو ما يحقق التواصل العائلي».
وقال بروفسور السياسة العامة، روبرت بنتام من جامعة هارفارد ومؤلف كتاب «لعب البولينغ وحيدا» حول العزلة الاجتماعية في الولايات المتحدة «خلال الجزء الأكبر من القرن العشرين، أصبح الأميركيون أكثر تواصلا مع العائلة والأصدقاء وكان هناك عطاء أكبر للدم والمال لكن ذلك الاتجاه انقلب بشكل جذري منذ منتصف الستينات وأخذ اتجاها معاكسا منذ ذلك الوقت».
يذهب الأميركيون حاليا للنزهة وتناول الطعام في الهواء الطلق أقل مما كان عليه عام 1965 بنسبة 60%. ويتناول أفراد العائلة العشاء معا أقل مما كان عليه في تلك السنة بنسبة 40%. واحتمال أن يلتقوا مع بعضهم بعضا في النوادي أو يلعبوا البولينغ معا أقل من السابق. وقدر بتنام بأن كل زيادة في أوقات السفر اليومي إلى العمل بمقدار 10 دقائق تجعل احتمال إبقاء الأفراد لأواصر اجتماعية وطيدة تقل بنسبة 10%. كذلك فإن التلفزيون هو عنصر مهم في المشكلة كما قال. فبينما هناك 5% من السكان عام 1950 يمتلكون أجهزة هاتف، فإن الحال الآن هو أن عدد مالكي أجهزة الهاتف يبلغ 95% من عدد السكان.
لكن عالم الاجتماع باري ويلمان من جامعة تورونتو يتساءل ما إذا كان تركيز الدراسة على الأواصر الحميمة يعني أن الأواصر الاجتماعية بشكل عام هي في طور التفكك. وقال إن أواصر الناس عموما هي في حالة تنام مقارنة بالعقود السابقة وهذا بفضل الإنترنت. وحسب ويلمان فإن عدد الأواصر اليومية التي تجمع الفرد بالآخرين حوالي 250 ما بين صديق وقريب.
وأثنى ويلمان على نوعية الدراسة الجديدة، وقال إن النتائج مثيرة للدهشة لكنه أضاف أنها لا تسلط الضوء على الكيفية التي تبدلت وفقها الأواصر ضمن سياق العلاقات الأخرى. وقال بتنام «أنا لا أرى هذا كنهاية العالم لكنه جزء من لغز أكبر. تخميني هو أن الناس أصبحوا يمتلكون طاقة كبيرة حاليا وهم يتحركون عبر عدد من الشبكات.. نحن نحصل على تخصص في مجال العلاقات. هناك من يقدم الدعم العاطفي وهناك من يعطي الدعم المالي».
من ناحية اخرى، تبين ان واحدا من بين كل 10 اميركيين يتعاملون مع الاكتئاب سنويا، ويعانون سلسلة من الاعراض المرهقة، ويسعون للحصول على مساعدة اذا كانوا اذكياء او محظوظين، ويحاولون الاستمرار في حياتهم، غير ان مجموعة نادرة منهم تفعل ذلك خلال الحملات للمناصب السياسية.
واوضح اخصائي علم النفس فريدريك غودوين البروفسور في جامعة واشنطن والمدير السابق للمعهد القومي للصحة العقلية أن «الحملات الانتخابية حالة متطرفة. فترة متوترة يحصل فيه المرء على كل شيء او لا شيء. واذا ما تصادف وجود العاملين معا، فهو ليس بالامر الجيد.. فلا يمكنك الحصول على اجازة مرضية وسط الحملة الانتخابية».
وهو ما حدث بالضبط لدوغلاس دنكان الذي انسحب من انتخابات حاكم ولاية ميرلاند، بعد اعترافه بهذه الحقيقة. فقد اكد طبيب اصابته بالاكتئاب بعد ظهور اعراض تحذيرية مثل فقدان الشهية المفاجئ وتدهور الطاقة وصعوبة النوم. وبعدها بيومين تأكد له انه ليس امامه الا اختيار واحد. واعلن «لقد حان الوقت للتركيز على صحتي».
وقد ادي قراره والاعلان عنه الى مديح من خبراء الصحة العقلية الذين ذكروا انه في كثير من الاحيان، يخفي الناس الذين يعانون من الاكتئاب مشاكلهم، ولا سيما اذا ما كانوا يعملون في وظائف تتعرض للخطر اذا ما كشفوا عن اصابتهم بالاكتئاب. واوضحت كاي ردليلد جاميسون البروفسور في جامعة جونز هوبكنز «يوجد ضغط هائل للاحتفاظ بالصمت، وبالتالي لا يمكنك الحصول على نفس حجم الدعم». وقد تعاطفت للغاية مع دنكان لا سيما انها اصيبت هي نفسها بالهوس الاكتئابي».
واوضح كل من غودوين وجاميسون انه بالرغم من ان ادراك الناس للاكتئاب افضل الآن مما كان عليه قبل عقد من الزمن، فإن هناك العديد من سوء الفهم بخصوص المرض، الذي يصيب اكثر من 20 مليون اميركي بالغ سنويا.
ويظهر الاكتئاب عادة أوخر فترة المراهقة ومنتصف العشرينات، متأثرا في بعض الاحياء بعوامل مثل التغييرات البيوكميائية او الوراثية، ولكنه لا يفترق بسبب العرق والجنس والوضع الاقتصادي. تجدر الاشارة الى ان الاكتئاب المرضي يختلف عن حالات الحزن الناجمة عن وفاة احد افراد الاسرة او الازمات الطبية، في حدته وفترته وطبيعة اعراضه. والاعراض التي يعاني منها دنكان هي عبارة عن مجموعة من التغييرات العاطفية التي يعاني منها المرضى، وتشمل الشعور بعدم القيمة او العجز وصعوبة التركيز او اتخاذ القرار. اما حالات الاكتئاب الحاد فيمكن ان تؤدي الى الانتحار.
تجدر الاشارة الى ان اسرة دنكان عانت الامراض العقلية في الماضي، فوالده وشقيقته اصيبا بالهوس الاكتئابي. غير انه من غير الواضح ما اذا كان قد ساهم، بالاضافة الى اصعب حملة سياسية في اصابة دنكان بالاكتئاب. وذكر غودوين ان الاشخاص الذين يعانون الاكتئاب يضعون لأنفسهم مستويات عالية، وعندما يفشلون في تحقيق تلك المستويات، «يمكنهم ان يكونوا قساة على انفسهم».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»
نيويورك: شانكار فدانتام وسوزان ليفن*
يعيش الأميركيون عزلة اجتماعية أكبر اليوم مما كانوا عليه خلال العقدين الماضيين، وهناك تزايد في عدد الأفراد الذين يقولون إنهم لا يمتلكون أي شخص يستطيعون أن يأتمنوه في أمورهم الشخصية، حسب تقييم جديد شامل حول تدهور الأواصر الاجتماعية في الولايات المتحدة.
فربع الأميركيين يقولون إنهم بلا صديق يستطيعون أن يناقشوا معه مشاكلهم الشخصية، وهذا الرقم هو ضعف ما كان عليه الحال عام 1985. وبشكل عام فإن عدد الأميركيين الذين يمتلكون دائرة من الأصدقاء الذين يأتمونهم أسرارهم انخفض من ثلاثة أشخاص إلى اثنين.
وترسم الدراسة الجديدة صورة معتمة عن تزايد التفكك الاجتماعي في الولايات المتحدة، حيث الأواصر الاجتماعية الحميمة التي كانت ذات يوم عنصرا أساسيا من الحياة اليومية ومرتبطة مع المنافع السيكولوجية والمدنية راحت تتقلص أو إنها معدومة. ففي الأوقات الصعبة يبدو أن هناك عددا كبيرا من الناس يعانون لوحدهم.
وقالت لين سميث ـ لوفين، استاذة علم الاجتماع في جامعة دوق، والتي ساعدت على تنفيذ هذه الدراسة «نحن نعرف أن الأواصر القوية هي ما يمكن أن يعتمد عليها الناس في الأوقات القاسية. نحن لا نقول إن الناس معزولون تماما. قد يراسلون 25 شخصا في اليوم لكنهم لا يناقشون معهم القضايا الشخصية الأكثر أهمية بالنسبة لهم». وإذا كان ثلاثة أرباع المستجوَبين قالوا عام 1985 إن لديهم صديقا يستطيعون إسراره فإن نصفهم قالوا عام 2004 إنهم يعتمدون على دعم من هذا النوع. كذلك هبط عدد الأفراد الذين يحسبون جارا ما شخصا يأتمنونه على أسرارهم قد انخفض أيضا إلى أكثر من النصف من نسبة 19% إلى حوالي 8%.
وفاجأت نتائج هذه الدراسة التي نشرت أمس تحت عنوان American Sociological Review الباحثين لأنهم لم يتوقعوا حدوث هبوط سريع في الأواصر الاجتماعية القوية.
وقالت الباحثة لوفين إن زيادة المسؤوليات المهنية بما فيها مزاولة عملين لتوفير المتطلبات الحياتية مع التنقل اليومي الطويل جعل الكثير من الناس مرهقين كي يسعوا إلى أواصر اجتماعية. وقالت «ربما الجلوس في البيت ومشاهدة مسلسل الزوجات اليائسات هو ما يحقق التواصل العائلي».
وقال بروفسور السياسة العامة، روبرت بنتام من جامعة هارفارد ومؤلف كتاب «لعب البولينغ وحيدا» حول العزلة الاجتماعية في الولايات المتحدة «خلال الجزء الأكبر من القرن العشرين، أصبح الأميركيون أكثر تواصلا مع العائلة والأصدقاء وكان هناك عطاء أكبر للدم والمال لكن ذلك الاتجاه انقلب بشكل جذري منذ منتصف الستينات وأخذ اتجاها معاكسا منذ ذلك الوقت».
يذهب الأميركيون حاليا للنزهة وتناول الطعام في الهواء الطلق أقل مما كان عليه عام 1965 بنسبة 60%. ويتناول أفراد العائلة العشاء معا أقل مما كان عليه في تلك السنة بنسبة 40%. واحتمال أن يلتقوا مع بعضهم بعضا في النوادي أو يلعبوا البولينغ معا أقل من السابق. وقدر بتنام بأن كل زيادة في أوقات السفر اليومي إلى العمل بمقدار 10 دقائق تجعل احتمال إبقاء الأفراد لأواصر اجتماعية وطيدة تقل بنسبة 10%. كذلك فإن التلفزيون هو عنصر مهم في المشكلة كما قال. فبينما هناك 5% من السكان عام 1950 يمتلكون أجهزة هاتف، فإن الحال الآن هو أن عدد مالكي أجهزة الهاتف يبلغ 95% من عدد السكان.
لكن عالم الاجتماع باري ويلمان من جامعة تورونتو يتساءل ما إذا كان تركيز الدراسة على الأواصر الحميمة يعني أن الأواصر الاجتماعية بشكل عام هي في طور التفكك. وقال إن أواصر الناس عموما هي في حالة تنام مقارنة بالعقود السابقة وهذا بفضل الإنترنت. وحسب ويلمان فإن عدد الأواصر اليومية التي تجمع الفرد بالآخرين حوالي 250 ما بين صديق وقريب.
وأثنى ويلمان على نوعية الدراسة الجديدة، وقال إن النتائج مثيرة للدهشة لكنه أضاف أنها لا تسلط الضوء على الكيفية التي تبدلت وفقها الأواصر ضمن سياق العلاقات الأخرى. وقال بتنام «أنا لا أرى هذا كنهاية العالم لكنه جزء من لغز أكبر. تخميني هو أن الناس أصبحوا يمتلكون طاقة كبيرة حاليا وهم يتحركون عبر عدد من الشبكات.. نحن نحصل على تخصص في مجال العلاقات. هناك من يقدم الدعم العاطفي وهناك من يعطي الدعم المالي».
من ناحية اخرى، تبين ان واحدا من بين كل 10 اميركيين يتعاملون مع الاكتئاب سنويا، ويعانون سلسلة من الاعراض المرهقة، ويسعون للحصول على مساعدة اذا كانوا اذكياء او محظوظين، ويحاولون الاستمرار في حياتهم، غير ان مجموعة نادرة منهم تفعل ذلك خلال الحملات للمناصب السياسية.
واوضح اخصائي علم النفس فريدريك غودوين البروفسور في جامعة واشنطن والمدير السابق للمعهد القومي للصحة العقلية أن «الحملات الانتخابية حالة متطرفة. فترة متوترة يحصل فيه المرء على كل شيء او لا شيء. واذا ما تصادف وجود العاملين معا، فهو ليس بالامر الجيد.. فلا يمكنك الحصول على اجازة مرضية وسط الحملة الانتخابية».
وهو ما حدث بالضبط لدوغلاس دنكان الذي انسحب من انتخابات حاكم ولاية ميرلاند، بعد اعترافه بهذه الحقيقة. فقد اكد طبيب اصابته بالاكتئاب بعد ظهور اعراض تحذيرية مثل فقدان الشهية المفاجئ وتدهور الطاقة وصعوبة النوم. وبعدها بيومين تأكد له انه ليس امامه الا اختيار واحد. واعلن «لقد حان الوقت للتركيز على صحتي».
وقد ادي قراره والاعلان عنه الى مديح من خبراء الصحة العقلية الذين ذكروا انه في كثير من الاحيان، يخفي الناس الذين يعانون من الاكتئاب مشاكلهم، ولا سيما اذا ما كانوا يعملون في وظائف تتعرض للخطر اذا ما كشفوا عن اصابتهم بالاكتئاب. واوضحت كاي ردليلد جاميسون البروفسور في جامعة جونز هوبكنز «يوجد ضغط هائل للاحتفاظ بالصمت، وبالتالي لا يمكنك الحصول على نفس حجم الدعم». وقد تعاطفت للغاية مع دنكان لا سيما انها اصيبت هي نفسها بالهوس الاكتئابي».
واوضح كل من غودوين وجاميسون انه بالرغم من ان ادراك الناس للاكتئاب افضل الآن مما كان عليه قبل عقد من الزمن، فإن هناك العديد من سوء الفهم بخصوص المرض، الذي يصيب اكثر من 20 مليون اميركي بالغ سنويا.
ويظهر الاكتئاب عادة أوخر فترة المراهقة ومنتصف العشرينات، متأثرا في بعض الاحياء بعوامل مثل التغييرات البيوكميائية او الوراثية، ولكنه لا يفترق بسبب العرق والجنس والوضع الاقتصادي. تجدر الاشارة الى ان الاكتئاب المرضي يختلف عن حالات الحزن الناجمة عن وفاة احد افراد الاسرة او الازمات الطبية، في حدته وفترته وطبيعة اعراضه. والاعراض التي يعاني منها دنكان هي عبارة عن مجموعة من التغييرات العاطفية التي يعاني منها المرضى، وتشمل الشعور بعدم القيمة او العجز وصعوبة التركيز او اتخاذ القرار. اما حالات الاكتئاب الحاد فيمكن ان تؤدي الى الانتحار.
تجدر الاشارة الى ان اسرة دنكان عانت الامراض العقلية في الماضي، فوالده وشقيقته اصيبا بالهوس الاكتئابي. غير انه من غير الواضح ما اذا كان قد ساهم، بالاضافة الى اصعب حملة سياسية في اصابة دنكان بالاكتئاب. وذكر غودوين ان الاشخاص الذين يعانون الاكتئاب يضعون لأنفسهم مستويات عالية، وعندما يفشلون في تحقيق تلك المستويات، «يمكنهم ان يكونوا قساة على انفسهم».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»