مجاهدون
06-23-2006, 02:10 PM
كتابات - راسم المرواني
بالأمس القريب ، الأمس الذي ما زال طعم مرارته يعيث بأفواهنا ، رأينا قطباً من أقطاب العراق ، يتهاوى على ثرى هذا الوطن السليب ، وبصحبته قرابين آل الصدر ، وكنا نضن – بغبائنا – أننا نمثل النخبة من أنصار المولى المقدس ( عليه صلوات من ربه ورحمة ) ، وكنا بعتقد بأن علاقاتنا الطيبة مع الشهيدين الطاهرين ( السيد مصطفى ) و ( السيد مؤمل ) قد تخلي وتبرئ ذمتنا من دماء آل الصدر ، وكنا نحسب أن العصابة التي قتلت محمد الصدر ، عصابة هجينة غريبة ، جاءت من مسافات القدر ، ومن فضاءات الأفق البعيدة ، ولم يكن يخطر ببالنا أننا – نحن أيضاً – من قتلة محمد الصدر ، وأيدينا مغموسة بدماءه ودماء أبنيه الطاهرين ، وفاتنا أن نلتفت الى أن العصابة التي امتدت أيديها لتستأصل شأفة الكبرياء والبطولة والشهامة في شخص المولى المقدس ، هي عصابة كانت تجالسنا ، وتخترقنا ، وتصلي معنا في الكوفة ، ولها من يؤويها في الحنــــّانة ، ولها من يفتح لها الأبواب في النجف ، وإلا .. فلولا ( قطام ) وأبوها ، لما استطاع عبد الرحمن ابن ملجم أن يفتك بأمير المؤمنين .
أيدينا ملطخة بدماء الصدر وولديه ، لأنه – رحمه الله - حذرنا عبر منبر مسجد الكوفة من العصابات القابعة في سراديب النجف ولم نتعظ ، ونبهنا الى الدكاكين القذرة التي تبيع أفيون الفتاوى الخرساء للناس ولم ننتبه ، وأشار بيده الطاهرة الى الحثالة ممن آثروا الدفء والمياه المعدنية والأفياء على المشاركة في كرنفال الفقراء والمستضعفين في صلاة الجمعة ولم نرعو ِ، وقال لنا يوماً ( ستعضكم الكلاب من بعدي من داخل وخارج الحوزة ) ولكننا لم نحتط لهذه الكلاب ، ولم نقتحم عليها أوجارها ، ولم نجرها في الشوارع كي نحمي أنفسنا من أنيابها التي كانت تشحذها ضد محمد الصدر ، وما زالت تشحذها ضد ولده مقتدى ، بل وتنشبها في أجساد أبناء المنهج الصدري ، بل شارك منا من شارك بتأليه هذه الكلاب ، والسجود بحضرتها .
قال لنا ( ستعضكم الكلاب من بعدي ) ولكننا لم ننتبه لكلمة ( الكلاب ) ولم نحذر لكلمة ( من بعدي ) وكنا – بغبائنا واتكالنا ورمينا بهمومنا عليه – أشبه بالأوصال المتخدرة وأقرب للنائمين والساكتين والخانعين والصامتين من النائمين والساكتين والخانعين والصامتين أنفسهم ، وكنا نخدع أنفسنا بأن الخلود لمحمد الصدر ، وأنه سيعيش كعمر نوح بيننا ، وأنه وأنه وأنه ، ولم ننتبه إليه وهو ينعى نفسه الطاهرة مرات ومرات .
وحين استشهد ( عليه صلوات من ربه ورحمة ) نصبت بنات العرب مجالسها ، وتطايرت كؤوس الشاربين بأنخاب النصر على محمد الصدر ، والخائفون على لكنتهم الهجينة من الضياع ألقوا عصا الترحال واستقر بهم النوى ، وأهدى أصحاب الدكاكين التهاني بينهم بهمس ، وشمت بنا من شمت ، وانفرجت أسارير البعض لمقتل محمد الصدر ، وأعلن البعض عن فرحته عياناً ، وأذاعت النفوس المريضة أشعارها ، وسدل البعض بابه ، وامتنع عن الصلاة على جنازة المولى المقدس ، وطوى البعض عن استشهاده كشحاً ، حتى صرنا – نحن المستضعفين من أنصار محمد الصدر – كأننا الغنم القاصية ، تستهدفنا ذئاب البعثيين القتلة ، وتعتقلنا كلاب المحنة ، وتدل علينا أصابع أبناء جلدتنا .
وبقي مقتدى الصدر وحيداً ، يلملم جراحه التي تستفزها ذكريات أبيه وأخوته كلما يمم وجهه جهة الغري ، ويخفي حزنه الأزلي كلما مر بالكوفة ، ولم تذرف عيناه سوى دمعات تحتقن في أحداقه التي أحرقتها غربته بين الناس ، وحيداً ، غريباً ، ينتظر من يلقي إليه السلام ولا سلام ، ويهش لنظرة طيبة في العيون ولا يجد ، حتى قال الشاعر المعاصر :-
والمقتدى أمسى غريباً بينهم ْ...........لم يحفظوا فيه البقيةَ والعَقِبْ
وبين كم وكم ، يستطيع ناصر من أنصار أبيه أن يختلس معه لقاءً ، قد يتبعه اعتقال الى الأبد ، أو يجرؤ على تحيته من بين رجالات المخابرات التي تقتنص الوجوه ، وأين وأين حتى يطرق أحد المنتحرين باب المولى ليسلم على أهل الدار ( أهل البيت ) ويلقي إليهم وجعه وحزنه ، ويقف كالفاقد الثاكل ينعى أمس العراق المنهزم ، ويتلمس أطلال بيت المولى المقدس المنهدم .
ورغم هذا وذاك ، فقد كان مقتدى – الصغير بعمره والكبير بإرثه – يلملم شعث أنصار أبيه ، ويدلهم على الطريق ، ويجمع شتاتهم ، ويفرد لهم ساعات من أنصاف الليالي ، ليحدثهم ، ويحدثونه ، ويجاذبهم أطراف حديث لا يخلو من انقطاع محتمل ، قد تأتي به غارة مستذئبة من غارات أمن صدام .
وحين أخزى الله أيادينا لعجزنا عن مقارعة الظالم ، وحبنا للدنيا ، ولإثارنا العافية على الشهادة ، وسكوتنا الملطخ بذل تبريرات التقية ، سلط الله علينا من هو أشد من الظالم ، وسرحت بأرضنا كلاب الإحتلال ، ظهر حسيكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق خامل الأقلين ، ودعى البعض – بل استقتلوا – على إقامة صلاة الجمعة ، بعد أن كنا – نحن الدريين - بها متهمين ، وبإقامتها محاربين ، وكأن صدام غير بوش ، وكأن أمريكا ليست حزب البعث الصدامي ، حتى ليخيل للبعض أن ( بوش ) أصبح هو الحاكم العادل المبسوط اليد ، الذي كان يحتج به البعض علينا .
ولم تنته الكلاب ( من داخل وخارج الحوزة ) عن النباح علينا كلما مررنا بأنديتها ، وبدأت تنبحنا كلما قلنا ( حي على خير العمل ) ورصصنا أنفسنا للصلاة ، ذلك لأنهم ما زالوا يخشون صفوف صلاتنا التي تذكرهم ببطل الكوفة وأسدها وحامي حماها محمد الصدر ، وبدأوا يشحذون أنيابهم النجسة لتعضنا كلما أطلقنا حناجرنا بالصلاة التعجيلية ، وتحتقن وجوههم منا غضباً إذا ما قلنا ( اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعجل فرجهم ، والعن عدوهم ) وكأنهم هم ( عدوهم ) ...ولا غرابة ، فهم ( يحسبون كل صيحة عليهم ....هم العدو ..فاحذرهم ، قاتلهم الله ، أنى يؤفكون ) .
حين نقاتل المحتل ، يتهموننا بالنزق ، وحين نحمي أهلنا يتهموننا باللصوصية ، وحين نقاتل على جبهة الفكر والثقافة ، يتهموننا بالهزيمة ، وحين ندلي بدلونا في السياسة ، يتهموننا بالتراجع ، وحين نحذر من سطوة اللصوص والأفاقين على رقاب العراقيين ، يتهموننا بتعطيل مسيرة الديمـو (........راطية ) ، ذلك لأنهم لا يجيدون غير لغة التهافت ، ولا يحسنون غير لغة التنكيل ، ولا يعرفون غير المفردات التي يعرفها قطاع الطرق .
ولم يكتفوا بوضع العصي في عجلة مقتدى الصدر التي يشاء الله – بقوة الله – أن تدور ..بل خرقوا عليه إهاب بيته ، وأحرقوا تراث الملايين من الصدريين ، ولم يرعوا بمحمد الصدر ولا بآل الصدر إلاً ولا ذمة ، وفعلوها ، كما فعلها من قبل من حمل الحطب والنار ليحرق بيت الزهراء (ع) على من فيه .
وحين يأس المحتل وذيوله من العملاء عن أن يجدوا لدى مقتدى الصدر وأتباعه منفرجاً لقبول واقع الحال ، سلطوا علينا الكلاب من خارج الحوزة ، كلاب الإرهاب ، وكلاب الإحتلال ، تنهشنا كلما استفردت بنا في الطريق ، وترسل إلينا أشباح الموت كلما جمعتنا مجالس الصلاة على محمد وآل محمد ، حتى لقد أعلن البغض عن نفسه مراراً ، ولم يرعو عن أن يهددنا تكراراً .
ورموا بقطع اللحم لكلاب من داخل الحوزة ، واستألفوها ، وأشبعوها ، وهيأوها لأيام الصيد ، فهجعت وخضعت لهم بعض الكلاب ، وحركت أذنابها ، وروضوها بالمال والدسم لتقوم بما يملى عليها حين تأزف آزفة القضاء على مقتدى الصدر .
غريب أمر هذا الزمن ..وغريب أمر كل الزمن ، كنا وما زلنا نشير الإنتباه للذين كانوا مع رسول الله (ص) وخانوه ، وكان البعض يجيبنا مذهولاً ( عجباً ..أيمكن أن يخون الإنسان نبيه ؟؟) وكان نقول نعم ، ولم يصدقنا السامعون ، وها نحن اليوم – مع الفارق بين شخص الرسول (ص) وشخص أي مخلوق - نرى الخيانة تلو الخيانة ، ونرى التسافل إثر التسافل ، وها هو محمد الصدر محاط من جديد بالكلاب المسعورة التي تريد أن تنقض عليه لتنهش لحمه ، وها هو السيد مقتدى يشير الى ما أشار إليه أبوه من قبل ، ولكننا – كما فعلنا من قبل - آثرنا الوقوف على التل ، ومنحنا البعض من الخائنين فسحة ليصولوا ويجولوا ويشاركوا ويمتنعوا ويتنصبوا ويحاوروا ويترشحوا متمسحين بعباءة مقتدى الصدر ، وهو منهم براء ، بل أعطى سكوتنا عن البعض ذريعة لهم ليتطاولوا على قائدنا وأخينا ، حتى أن منهم من خدعته أصابع العزف على وتر الحاجات ، واستفزته الآماني والأمنيات ، فنكل بمقتدى الصدر في مسجد الكوفة ، كما فعلها غيره عبر قلمه ، وفعله البعض الآخر بجرائمه التي يحاول الأغبياء إلصاقها بأبناء هذا المنهج الطاهر .
ورغم أن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم ، ولا يعبرون إلا عن أحقادهم ، ولولا صبر مقتدى على هؤلاء ، لدارت عليهم رحاها ، ولألفوا الدنيا – على سعتها – كخرم الإبرة ، ولكن الرجل – مقتدى – يعرف أن هذا هو زمن البلبلة والغربلة ، وأن للتاريخ أنفس يريد أن يعيدها ، وهو يعلم أن لله أياماً ستدور بالخائنين والغادرين .
أما أنا .. فليس لي من كلمة أقولها لمقتدى الصدر سوى آية من كتاب الله (( يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ، فاخرج إني لك من الناصحين )) . وأسألكم الدعاء ..وربما الفاتحة .
مستشار الهيئة الثقافية العليا
لمكتب السيد الشهيد الصدر (قده)
العراق / عاصمة العالم المحتلة
marwanyauthor@yahoo.com
بالأمس القريب ، الأمس الذي ما زال طعم مرارته يعيث بأفواهنا ، رأينا قطباً من أقطاب العراق ، يتهاوى على ثرى هذا الوطن السليب ، وبصحبته قرابين آل الصدر ، وكنا نضن – بغبائنا – أننا نمثل النخبة من أنصار المولى المقدس ( عليه صلوات من ربه ورحمة ) ، وكنا بعتقد بأن علاقاتنا الطيبة مع الشهيدين الطاهرين ( السيد مصطفى ) و ( السيد مؤمل ) قد تخلي وتبرئ ذمتنا من دماء آل الصدر ، وكنا نحسب أن العصابة التي قتلت محمد الصدر ، عصابة هجينة غريبة ، جاءت من مسافات القدر ، ومن فضاءات الأفق البعيدة ، ولم يكن يخطر ببالنا أننا – نحن أيضاً – من قتلة محمد الصدر ، وأيدينا مغموسة بدماءه ودماء أبنيه الطاهرين ، وفاتنا أن نلتفت الى أن العصابة التي امتدت أيديها لتستأصل شأفة الكبرياء والبطولة والشهامة في شخص المولى المقدس ، هي عصابة كانت تجالسنا ، وتخترقنا ، وتصلي معنا في الكوفة ، ولها من يؤويها في الحنــــّانة ، ولها من يفتح لها الأبواب في النجف ، وإلا .. فلولا ( قطام ) وأبوها ، لما استطاع عبد الرحمن ابن ملجم أن يفتك بأمير المؤمنين .
أيدينا ملطخة بدماء الصدر وولديه ، لأنه – رحمه الله - حذرنا عبر منبر مسجد الكوفة من العصابات القابعة في سراديب النجف ولم نتعظ ، ونبهنا الى الدكاكين القذرة التي تبيع أفيون الفتاوى الخرساء للناس ولم ننتبه ، وأشار بيده الطاهرة الى الحثالة ممن آثروا الدفء والمياه المعدنية والأفياء على المشاركة في كرنفال الفقراء والمستضعفين في صلاة الجمعة ولم نرعو ِ، وقال لنا يوماً ( ستعضكم الكلاب من بعدي من داخل وخارج الحوزة ) ولكننا لم نحتط لهذه الكلاب ، ولم نقتحم عليها أوجارها ، ولم نجرها في الشوارع كي نحمي أنفسنا من أنيابها التي كانت تشحذها ضد محمد الصدر ، وما زالت تشحذها ضد ولده مقتدى ، بل وتنشبها في أجساد أبناء المنهج الصدري ، بل شارك منا من شارك بتأليه هذه الكلاب ، والسجود بحضرتها .
قال لنا ( ستعضكم الكلاب من بعدي ) ولكننا لم ننتبه لكلمة ( الكلاب ) ولم نحذر لكلمة ( من بعدي ) وكنا – بغبائنا واتكالنا ورمينا بهمومنا عليه – أشبه بالأوصال المتخدرة وأقرب للنائمين والساكتين والخانعين والصامتين من النائمين والساكتين والخانعين والصامتين أنفسهم ، وكنا نخدع أنفسنا بأن الخلود لمحمد الصدر ، وأنه سيعيش كعمر نوح بيننا ، وأنه وأنه وأنه ، ولم ننتبه إليه وهو ينعى نفسه الطاهرة مرات ومرات .
وحين استشهد ( عليه صلوات من ربه ورحمة ) نصبت بنات العرب مجالسها ، وتطايرت كؤوس الشاربين بأنخاب النصر على محمد الصدر ، والخائفون على لكنتهم الهجينة من الضياع ألقوا عصا الترحال واستقر بهم النوى ، وأهدى أصحاب الدكاكين التهاني بينهم بهمس ، وشمت بنا من شمت ، وانفرجت أسارير البعض لمقتل محمد الصدر ، وأعلن البعض عن فرحته عياناً ، وأذاعت النفوس المريضة أشعارها ، وسدل البعض بابه ، وامتنع عن الصلاة على جنازة المولى المقدس ، وطوى البعض عن استشهاده كشحاً ، حتى صرنا – نحن المستضعفين من أنصار محمد الصدر – كأننا الغنم القاصية ، تستهدفنا ذئاب البعثيين القتلة ، وتعتقلنا كلاب المحنة ، وتدل علينا أصابع أبناء جلدتنا .
وبقي مقتدى الصدر وحيداً ، يلملم جراحه التي تستفزها ذكريات أبيه وأخوته كلما يمم وجهه جهة الغري ، ويخفي حزنه الأزلي كلما مر بالكوفة ، ولم تذرف عيناه سوى دمعات تحتقن في أحداقه التي أحرقتها غربته بين الناس ، وحيداً ، غريباً ، ينتظر من يلقي إليه السلام ولا سلام ، ويهش لنظرة طيبة في العيون ولا يجد ، حتى قال الشاعر المعاصر :-
والمقتدى أمسى غريباً بينهم ْ...........لم يحفظوا فيه البقيةَ والعَقِبْ
وبين كم وكم ، يستطيع ناصر من أنصار أبيه أن يختلس معه لقاءً ، قد يتبعه اعتقال الى الأبد ، أو يجرؤ على تحيته من بين رجالات المخابرات التي تقتنص الوجوه ، وأين وأين حتى يطرق أحد المنتحرين باب المولى ليسلم على أهل الدار ( أهل البيت ) ويلقي إليهم وجعه وحزنه ، ويقف كالفاقد الثاكل ينعى أمس العراق المنهزم ، ويتلمس أطلال بيت المولى المقدس المنهدم .
ورغم هذا وذاك ، فقد كان مقتدى – الصغير بعمره والكبير بإرثه – يلملم شعث أنصار أبيه ، ويدلهم على الطريق ، ويجمع شتاتهم ، ويفرد لهم ساعات من أنصاف الليالي ، ليحدثهم ، ويحدثونه ، ويجاذبهم أطراف حديث لا يخلو من انقطاع محتمل ، قد تأتي به غارة مستذئبة من غارات أمن صدام .
وحين أخزى الله أيادينا لعجزنا عن مقارعة الظالم ، وحبنا للدنيا ، ولإثارنا العافية على الشهادة ، وسكوتنا الملطخ بذل تبريرات التقية ، سلط الله علينا من هو أشد من الظالم ، وسرحت بأرضنا كلاب الإحتلال ، ظهر حسيكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق خامل الأقلين ، ودعى البعض – بل استقتلوا – على إقامة صلاة الجمعة ، بعد أن كنا – نحن الدريين - بها متهمين ، وبإقامتها محاربين ، وكأن صدام غير بوش ، وكأن أمريكا ليست حزب البعث الصدامي ، حتى ليخيل للبعض أن ( بوش ) أصبح هو الحاكم العادل المبسوط اليد ، الذي كان يحتج به البعض علينا .
ولم تنته الكلاب ( من داخل وخارج الحوزة ) عن النباح علينا كلما مررنا بأنديتها ، وبدأت تنبحنا كلما قلنا ( حي على خير العمل ) ورصصنا أنفسنا للصلاة ، ذلك لأنهم ما زالوا يخشون صفوف صلاتنا التي تذكرهم ببطل الكوفة وأسدها وحامي حماها محمد الصدر ، وبدأوا يشحذون أنيابهم النجسة لتعضنا كلما أطلقنا حناجرنا بالصلاة التعجيلية ، وتحتقن وجوههم منا غضباً إذا ما قلنا ( اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعجل فرجهم ، والعن عدوهم ) وكأنهم هم ( عدوهم ) ...ولا غرابة ، فهم ( يحسبون كل صيحة عليهم ....هم العدو ..فاحذرهم ، قاتلهم الله ، أنى يؤفكون ) .
حين نقاتل المحتل ، يتهموننا بالنزق ، وحين نحمي أهلنا يتهموننا باللصوصية ، وحين نقاتل على جبهة الفكر والثقافة ، يتهموننا بالهزيمة ، وحين ندلي بدلونا في السياسة ، يتهموننا بالتراجع ، وحين نحذر من سطوة اللصوص والأفاقين على رقاب العراقيين ، يتهموننا بتعطيل مسيرة الديمـو (........راطية ) ، ذلك لأنهم لا يجيدون غير لغة التهافت ، ولا يحسنون غير لغة التنكيل ، ولا يعرفون غير المفردات التي يعرفها قطاع الطرق .
ولم يكتفوا بوضع العصي في عجلة مقتدى الصدر التي يشاء الله – بقوة الله – أن تدور ..بل خرقوا عليه إهاب بيته ، وأحرقوا تراث الملايين من الصدريين ، ولم يرعوا بمحمد الصدر ولا بآل الصدر إلاً ولا ذمة ، وفعلوها ، كما فعلها من قبل من حمل الحطب والنار ليحرق بيت الزهراء (ع) على من فيه .
وحين يأس المحتل وذيوله من العملاء عن أن يجدوا لدى مقتدى الصدر وأتباعه منفرجاً لقبول واقع الحال ، سلطوا علينا الكلاب من خارج الحوزة ، كلاب الإرهاب ، وكلاب الإحتلال ، تنهشنا كلما استفردت بنا في الطريق ، وترسل إلينا أشباح الموت كلما جمعتنا مجالس الصلاة على محمد وآل محمد ، حتى لقد أعلن البغض عن نفسه مراراً ، ولم يرعو عن أن يهددنا تكراراً .
ورموا بقطع اللحم لكلاب من داخل الحوزة ، واستألفوها ، وأشبعوها ، وهيأوها لأيام الصيد ، فهجعت وخضعت لهم بعض الكلاب ، وحركت أذنابها ، وروضوها بالمال والدسم لتقوم بما يملى عليها حين تأزف آزفة القضاء على مقتدى الصدر .
غريب أمر هذا الزمن ..وغريب أمر كل الزمن ، كنا وما زلنا نشير الإنتباه للذين كانوا مع رسول الله (ص) وخانوه ، وكان البعض يجيبنا مذهولاً ( عجباً ..أيمكن أن يخون الإنسان نبيه ؟؟) وكان نقول نعم ، ولم يصدقنا السامعون ، وها نحن اليوم – مع الفارق بين شخص الرسول (ص) وشخص أي مخلوق - نرى الخيانة تلو الخيانة ، ونرى التسافل إثر التسافل ، وها هو محمد الصدر محاط من جديد بالكلاب المسعورة التي تريد أن تنقض عليه لتنهش لحمه ، وها هو السيد مقتدى يشير الى ما أشار إليه أبوه من قبل ، ولكننا – كما فعلنا من قبل - آثرنا الوقوف على التل ، ومنحنا البعض من الخائنين فسحة ليصولوا ويجولوا ويشاركوا ويمتنعوا ويتنصبوا ويحاوروا ويترشحوا متمسحين بعباءة مقتدى الصدر ، وهو منهم براء ، بل أعطى سكوتنا عن البعض ذريعة لهم ليتطاولوا على قائدنا وأخينا ، حتى أن منهم من خدعته أصابع العزف على وتر الحاجات ، واستفزته الآماني والأمنيات ، فنكل بمقتدى الصدر في مسجد الكوفة ، كما فعلها غيره عبر قلمه ، وفعله البعض الآخر بجرائمه التي يحاول الأغبياء إلصاقها بأبناء هذا المنهج الطاهر .
ورغم أن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم ، ولا يعبرون إلا عن أحقادهم ، ولولا صبر مقتدى على هؤلاء ، لدارت عليهم رحاها ، ولألفوا الدنيا – على سعتها – كخرم الإبرة ، ولكن الرجل – مقتدى – يعرف أن هذا هو زمن البلبلة والغربلة ، وأن للتاريخ أنفس يريد أن يعيدها ، وهو يعلم أن لله أياماً ستدور بالخائنين والغادرين .
أما أنا .. فليس لي من كلمة أقولها لمقتدى الصدر سوى آية من كتاب الله (( يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ، فاخرج إني لك من الناصحين )) . وأسألكم الدعاء ..وربما الفاتحة .
مستشار الهيئة الثقافية العليا
لمكتب السيد الشهيد الصدر (قده)
العراق / عاصمة العالم المحتلة
marwanyauthor@yahoo.com