المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهجرة بين المغرب والجزائر



المهدى
06-18-2006, 03:25 PM
محمد الأشهب الحياة - 18/06/06//

ينصت المغاربة والجزائريون على حد سواء الى التفاصيل الدقيقة عن تجربة أي منهما. وبالقدر الذي يروق للمتشددين أو المعتدلين تكوين افكار متباينة عن مسار البلدين، بالقدر الذي يصبح الانجذاب الى التناقض سمة بارزة في المواقف، أقربها ان الجزائر والرباط اختلفا ايضاً في التعاطي وظاهرة الهجرة غير الشرعية التي استقطبت الاهتمام الأوروبي والافريقي منذ محاولة مهاجرين من بلدان جنوب الصحراء اقتحام الأسوار الشائكة التي تسيج المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية شمال المغرب.

أصل الخلاف لا ينفي واقع ان طريق العبور يمر عبر الشريط الحدودي الشاسع بين المغرب والجزائر وان الانطلاق يكون من جنوب الصحراء عند شمال مالي والنيجر والسنغال وغيرها. ومن دون اغفال ان رعايا مغاربة وجزائريين يزجون بأنفسهم في مغامرات مماثلة غالباً ما تقود الى الموت بدل رسو المراكب المتهالكة في الضفة الجنوبية لأوروبا. غير ان التصدي لتنامي الظاهرة لا يحتم بالضرورة استحضار ملفات الخلافات الثنائية والاقليمية. وليس وارداً ان تكون علاقات البلدين عادية أو جيدة كي يتمكنا من الاسهام في الجهود الأوروبية والافريقية ذات الصلة بمعالجة اشكالات الهجرة. والدليل على ذلك ان البلدين على رغم خلافاتهما المتعددة الوجوه والخلفيات شاركا في مؤتمرات ولقاءات أوروبية ومتوسطية وعربية ضمت الملفات الأمنية والتنسيق في الحرب على الارهاب والانخراط في الاستراتيجيات الكبرى. ما يجعل اصرار الجزائر على الغياب عن المؤتمر الأورو - افريقي حول الهجرة ليس مبرراً وفي الوقت ذاته فإنه سيقلل من فرص التنسيق المغاربي في هذا المجال، كون دول الاتحاد الأوروبي والمنظومة الأورو - متوسطية كثيراً ما شكت من تداعيات غياب التنسيق بين دول الشمال الافريقي في قضايا تعتبر من صميم انشغالات المنطقة لجهة تطوير فضاءات الشراكة السياسية والاقتصادية. ومن غير المفهوم أن تكون لدول شمال افريقيا مطالب في تقاطع أسبقيات التجارة الحرة والافادة من فرص تفضيلية لتسويق منتوجاتها الزراعية ورفع الحواجز الجمركية وتنظيم الهجرة المشروعة وغيرها من التحديات المفروضة، لكنها تقف عاجزة أمام التنسيق الثنائي أو المتعدد الأطراف بينها. ومع افتراض أن تباين الموقفين المغربي والجزائري من نزاع الصحراء يضع قيوداً مجحفة أمام تحويل الفضاءات الصحراوية لدول الشمال الافريقي كافة الى مجالات للتعاون والتضامن، فلا أقل من أن يكون الانشغال بهاجس الهجرة غير الشرعية القادمة من الفضاءات الصحراوية، لاعتبارات سياسية واجتماعية تخص أوضاع بلدان الساحل والصحراء المترنحة تحت ضربات البؤس والحروب الأهلية والنزاعات العرقية وثقل المديونية وشح الطبيعة، واحداً من المحاور التي يمكن أن تشكل نقاط التقاء، لا سيما وأن البلدين الجارين المحكوم عليهما بالتعايش والوفاق، يشكلان العمود الفقري لأي توجه ايجابي في البناء المغاربي.

ثمة سابقة في العلاقات الافريقية - الأوروبية تمثلت في المؤتمر الأول الذي كانت استضافته القاهرة قبل بضع سنوات، وقتها اثير الموقف حول الإطار السياسي لذلك الحوار، هل يكون بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي أم في نطاق العلاقات المفتوحة. وتغلبت الرؤية الثانية بسبب اعتراض دول افريقية كان يهمها حضور المغرب الذي علق انضمامه الى منظمة الوحدة الافريقية سابقاً. فهل من المستساغ معاودة طرح الاشكالية من جديد، طالما أن الحوار الافريقي - الأوروبي حول الهجرة يمكن أن يصبح مدخلاً لخطة مارشال جديدة تتوق اليها الأسرة الافريقية.

السؤال يطرح نفسه ومعاناة الدول مصدر الهجرة لا تحتمل الانتظار.