المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عودة منفيين جزائريين تفجر انقساماً في جبهة الإنقاذ الجزائرية



سلسبيل
06-16-2006, 07:56 AM
http://www.aawsat.com/2006/06/16/images/front.368608.jpg


فجر قرار عدد من قيادات «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» العودة من المنفى إلى الجزائر، انقساماً في صفوف قيادات الحزب المحظور. وأكد رابح كبير، رئيس الهيئة التنفيذية للجبهة، والمقيم في ألمانيا منذ عام 1994، أنه سيعود الشهر المقبل، مع أعضاء آخرين في الهيئة هم عبد الكريم ولد عدة، والعربي غماتي، والعربي النوي. واعتبر في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» أن عودته الى الجزائر تهدف «لسد النقائص» الموجودة في مشروع المصالحة، مضيفاً أنه كان على اتصال مع عبد العزيز بلخادم بعد تعيينه رئيسا للحكومة و«رحب بقرار العودة».

وتأتي عودة هؤلاء وسط حديث عن «طبخة سياسية» يجري الإعداد لها لتأسيس حزب على أنقاض الجبهة، وتكثفت هذه الأنباء خصوصاً منذ تولي عبد العزيز بلخادم، المعروف بقربه من الإسلاميين، رئاسة الحكومة.

سلسبيل
06-16-2006, 08:12 AM
الإنقاذ» الجزائرية.. العودة والطبخة

بعد 14 عاماً من الحظر.. تواجه «الجبهة» انقساماً بينما يعود بعض قيادييها من المنفى


الجزائر: بوعلام غمراسة لندن: يونس سليماني


بعد أربع عشرة سنة من حظرها، تبدو «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية اليوم منقسمة على ذاتها، خصوصاً في ظل الحديث عن عودة بعض كبار قيادييها من المنفى، وما يتردد عن «طبخة سياسية» لتأسيس حزب على أنقاض الجبهة. ومع دخول الجزائر مرحلة تطبيق قوانين المصالحة المعدة لتكون آخر حلقة في سلسلة حل الأزمة الجزائرية، تبرز اليوم بقوة تساؤلات حول المصير الذي آلت اليه الجبهة، من حيث وضع القيادات التاريخية، وتبدل أدوارهم وطريقة التواصل بينهم، خصوصاً في ظل تداخل الداخل مع الخارج، وتأثير الانقسامات على نظرتهم للمستقبل، وكيفية تفاعلهم من قضايا مستجدة تمضي ماحية لآثار «الفترة الإنقاذية».

وقد تجسد عودة رابح كبير، القيادي الإنقاذي المقيم في المانيا منذ عام 1994، الى الجزائر الشهر المقبل، مع ثلاثة قياديين آخرين في الأقل يقتربون منه في الطرح، مفصلاً جديداً في مسار الجبهة، لكن عودة الحزب للعمل السياسي، ولو باسم آخر، يبقى مرهوناً بعاملين اثنين؛ إمكانية تحقيق توافق داخلي بين قيادات الداخل والخارج، والأهم قبول السلطة تعديل بند حظر العمل السياسي، ليس فقط على الإنقاذ ككيان وإنما على قياداتها وعناصرها أيضاً.

وبدا رابح كبير، عندما اتصلت به «الشرق الأوسط»، مقتنعاً بحدوث هذا التعديل مستقبلاً على اعتبار ان «قوانين المصالحة ستدخل في اطار قوانين الدولة الجزائرية والدستور لا يقبل بوجود مواطنين من الدرجة الثانية». ولدى سؤاله ما اذا كان كلامه هذا مبنيا على أمان بتغيير قوانين المصالحة ام على معلومات بحدوث ذلك قال: «كلاهما». وأكد أنه كان على اتصال مع عبد العزيز بلخادم بعد تعيينه رئيسا للحكومة و«رحب بقرار العودة للبلد». وكان قياديون آخرون في الانقاذ قد اكدوا حدوث اتصالات بينهم وبين بلخادم، الرجل الذي سطع نجمه في فترة رئاسة عبد العزيز بوتفليقة، ومعروف انه يحمل قناعات إسلامية رغم انه يقود حزباً كبيراً لا يحمل «اللافتة الإسلامية».

وفي تعليق يعكس الانقسام بين قيادات الداخل والخارج، يقول علي بن حاج، المسؤول الثاني في الحزب المحظور، عن عودة رابح كبير المرتقبة: «لا أملك معطيات تفسر لي ما سيفعله الأخ كبير بالجزائر». ويضيف: «نحن حزب محظور قانونيا، لكنني كشخص لن أتخلى عن حقوقي السياسية، أما إذا أرادت السلطات صناعة قيادات (من الإنقاذ غير القادة التاريخيين) فإنها لن تفلح في طي ملف الأزمة». كذلك، يأخذ آخرون من قيادات الداخل على رفاقهم المقيمين في الخارج «تجاوز الخط التاريخي الأصيل في الجبهة الإسلامية للإنقاذ» من خلال إجراء اتصالات مع السلطات من أجل الإعداد لعودتهم. وتأتي مآخذهم هذه مع تردد حديث في أوساط «الإنقاذ» عن «طبخة تعد لها السلطات مع قيادات الخارج لتأسيس حزب على أنقاض الجبهة».

وقال عبد القادر بوخمخم عضو القيادة التاريخية، وأحد الذين سجنوا مطلع تسعينات القرن الماضي مع عباسي مدني رئيس «الإنقاذ» ونائبه بن حاج، «إن اللاجئين في الخارج؛ وعلى رأسهم رابح كبير وأنور هدام رئيس «الهيئة البرلمانية للجبهة» سابقا والمقيم بالولايات المتحدة «بعيدون عن تطورات الساحة السياسية الجزائرية ولا يعرفون ما يدور في دواليب السلطة والمجتمع، ولذلك فهم يبنون آراءهم ومواقفهم على ما سمعوه وقرأوه». وفي إشارة إلى الاتصالات التي جرت مع كبير وهدام، قال بوخمخم لـ«الشرق الاوسط»: «إذا كانت السلطات تملك إرادة لحل الأزمة، فلماذا تترك قيادات الداخل المسؤولين عن الجبهة الإسلامية وتتوجه إلى أشخاص لم يكونوا في قلب الأحداث، وإنما جاءت بهم الأزمة إلى الواجهة؟». ولا يمانع بوخمخم من قيام حزب على أنقاض الجبهة الإسلامية «لكن بشرط أن تبقى القيادة كما هي وبرنامج الحزب كما هو أيضا، ولا يهم تسمية التنظيم».

ومعروف أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فصل في هذا الجدل، خلال حملة الترويج لمشروع المصالحة صيف 2005، حين أكد بأن عودة الجبهة إلى العمل السياسي مرفوضة، وعبر عن ذلك بقوله: «الجزائر ليست مستعدة للعودة إلى التسعينات». كما قال وزير الداخلية يزيد زرهوني، عندما سئل حول احتمال عودة «الإنقاذ» للنشاط السياسي «إن ملف الإنقاذ طوي نهائيا».

وأفاد عضو قيادي في «الانقاذ» فضل عدم نشر اسمه أن رابح كبير الذي ساند مشروع «المصالحة» بدون تحفظ «أخونا في النضال ولكني لست متأكدا بأن أفكارنا ستلتقي، فهو يعتقد بأن المشروع الذي يقترحه الرئيس بوتفليقة يحقق صلحا حقيقيا بين الجزائريين، أما أنا فأرى أن المصالحة لم تتحقق بعد». وعن رئيس الحكومة الجديد الذي أبدى تعاطفا مع «الإنقاذ» في وقت سابق بمشاركته في مبادرات محلية ودولية كانت الإنقاذ طرفا أساسيا فيها، تهدف إلى وضع حد للأزمة، يضيف نفس المصدر الذي يقول انه توقف عن التصريح للإعلام منذ سنوات لأسباب لم يحددها: «السيد عبد العزيز بلخادم أحسن من سابقه (أحمد أويحيى)، وليس من حقي التشكيك في صدق نواياه بخصوص لم الشمل ودفن الأحقاد، لكن العناصر الشخصية ليست دائما عاملا حاسما في تحديد التوجهات السياسية للبلاد، لذلك أتمنى لبلخادم التوفيق في مهمته بحكم العشرة التي بيننا والمواقف المشتركة».

وحول مستقبل جديد للجبهة في ظل وجود بلخادم على رأس الحكومة، يرى الكاتب الجزائري احميده عياشي صاحب مؤلف «الإسلاميون بين السلطة والرصاص»، وأحد أبرز المهتمين بالملف ان «تولي بلخادم رئاسة الحكومة، يخدم على ما يبدو التيار الإسلامي بشكل عام بما فيه الإنقاذ، لكن ليس وجهه القديم. فالمنصب الجديد الذي يوجد فيه بلخادم، يراه الملتفون حول الجيش الإسلامي للإنقاذ طوق نجاة، لكن المستفيد الحقيقي في النهاية هو الرئيس بوتفليقة والوافدون الجدد إلى الحكم الذين يرتبط وجودهم ببقاء بوتفليقة في الرئاسة، والذين يبحثون عن سند ضمن الإنقاذيين لخوض معركة الولاية الرئاسية الثالثة».

من جهته، يدعو كمال قمازي، أحد القياديين البارزين في «الإنقاذ» ممن كانوا في واجهة الأحداث مطلع التسعينات، إلى «حل قضية الإنقاذ سياسيا لأن أصل الأزمة سياسي». ويبدي ارتياحا لتولي شخص بلخادم رئاسة الحكومة «فهو كما يشاع محسوب على التيار الإسلامي وشارك في عقد روما (مبادرة لحل الأزمة أطلقتها المعارضة عام 1995 برعاية كنيسة سانت إيجيديو الكاثوليكية في إيطاليا)، ويملك تصورا إيجابيا لمعالجة الأزمة.. لكن النظام يبقى هو النظام بدون تغيير وليس الشخص الذي يستطيع تغيير ممارسات رجال السلطة». وأعرب قمازي عن استعداده للقاء كبير لما يعود «ونحن في الحقيقة لم نتوقف عن التواصل في الأعياد والمناسبات، وأكيد أنني سأهتم بما يعتزم القيام به لكن لست أدري ما إذا كنا سنتفق أم لا حول ما يطرحه من أفكار». وعاد قمازي إلى فترة سابقة شهدت طرح مبادرة سلمية من جانب قيادات الإنقاذ، وتحديدا عام 1995 «عندما أصدرنا وثيقة تدعو إلى التداول السلمي على السلطة وعدم تدخل الجيش في السياسة واقترحنا إجراءات مستعجلة للخروج من النفق، لكن أويحيى (مدير ديوان الرئيس اليامين زروال آنذاك) أعلن فشل المسعى دون أن تتمحصه السلطات».

وعلى نقيض الطرح الذي يتداوله الجناح السياسي للجبهة، يرى جناحه المسلح أن بلخادم هو الرجل الذي ستأتي على يديه المصالحة الحقيقية. وصاحب هذا الطرح هو مدني مزراق قائد «الجيش الإسلامي للإنقاذ» سابقا والذي تواجه مواقفه غير المتحفظة من مشروع المصالحة، معارضة من بعض وجوه الجناح السياسي. ويقول مزراق: «بلخادم سيخدم المشروع النوفمبري (مبادئ ثورة التحرير 1954-1962) والتيار الوطني، وسيسهم في تجسيد مشروع المصالحة، وهي عناصر تهم الجبهة الإسلامية للإنقاذ». وبخصوص عودة الحزب إلى النشاط السياسي، يرى مزراق ان «الموضوع سابق لأوانه ولا أظن أن السلطات ستوافق على اعتماد أي حزب جديد في المستقبل، لكن هناك أشكالا وتحالفات ستستثمر فيها جبهة الإنقاذ للعودة.. وفي هذا الإطار نحن نعتقد أن بلخادم بُشرَى للجزائر لأنه سيسهل إعادة القطار إلى سكته». وأكد مزراق أن ممارسة السياسة من جديد «أمر مفروغ منه». وكان مزراق قال لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق ان عناصره يعتزمون الترشح في صفوف حزب «جبهة التحرير الوطني» في الانتخابات البرلمانية المرتقبة في مايو (ايار) 2007. لكن جبهة التحرير، التي يقودها بلخادم، ردت على مزراق بقولها: «إن حزبنا لا يخلو من المناضلين حتى نلجأ إلى أشخاص من خارجه لترشيحهم ضمن قوائمنا».

وأكد رابح كبير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» حول ما يجري محليا بشأن الاستعداد لتشكيل إطار جديد بديل للإنقاذ، حيث قال: «كل الافكار مطروحة ودعونا نلتقي باخواننا والمسؤولين ونتقاسمها معهم». ويقول كبير ان عودته المرتقبة للجزائر لا تعني ابدا تنازله عن حقه في العمل السياسي، مشيراً الى انه يرغب في ممارسة العمل السياسي ولا يقبل المشاركة في الاحزاب السياسية القائمة. واكد كبير في المقابل انه ليس من دعاة عودة الانقاذ بشكلها واسمها القديم. وعقد كبير مقارنة بين جبهة الانقاذ وحزب الشعب الجزائري الذي حلته السلطات الاستعمارية في النصف الاول من القرن الماضي «ثم استطاع مناضلوه ان يجدوا أطرا اخرى للعمل».

وكان كبير قد غادر الجزائر عام 1994 هاربا من إقامة جبرية وضعته فيها السلطات بمسقط رأسه القل (600 كلم شرق العاصمة) وأقام في ألمانيا منذ هذا التاريخ. وردا على سؤال حول اخطاء محتملة ربما ارتكبها هو في السابق يقول كبير: «يخطئ من يقول انه لم يخطئ». واعتبر ان من اخطاء الجبهة الاسلامية للانقاذ «عدم الاستعداد في وقت مبكر للتلاقي عند أنصاف الحلول». واكد ان «بعض الاخوان (في الانقاذ) ما زالوا مع فكرة اخذ كل شيء او ترك كل شيء».

ويقول كبير انه قرر العودة الى الجزائر الشهر المقبل، مع اعضاء بارزين في الهيئة التنفيذية، مثل عبد الكريم ولد عدة والعربي غماتي والعربي النوي، من اجل «سد النقائص» الموجودة في مشروع المصالحة.

لكن قيادياً آخر من «الانقاذ»، هو بوجمعة بونوة (المعروف بعبد الله أنس والمقيم في بريطانيا)، لا يبدي نفس التحمس ازاء مشروع المصالحة «غير الجدي»، وبالتالي فهو يرفض دعوات العودة. ويرى أنس في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» ان قانون المصالحة «أفرغ من محتوى الشعار الذي رفع، فبدلا من ان يعد المشروع ليلتقي حوله الفرقاء السياسيون نرى النظام يحاول ان يحل المشكلة في بعدها الانساني وليس السياسي». ويعتبر ان مشروع المصالحة «ليس فيه أفق سياسي وانما يتعامل مع افراد، مثل حل مشكلة المفقودين او غيرهم». وتابع قائلاً: «ماذا ستستفيد الجزائر سياسياً اذا عاد اليها عبد الله انس وبقي مثل علي بن حاج وقيادات أخرى (ممنوعة من ممارسة العمل السياسي). هل الامر هو أكل خبز. انا آكل الخبز هنا في بريطانيا». واعتبر ان مشروع المصالحة «فيه غبن وتحميل لطرف واحد مسؤولية» الازمة الامنية التي عاشتها البلاد اثر توقيف المسار الانتخابي عام 1992. وقال ايضاً ان النظام «يريد مصالحة استقطاب واستدراج لا مصالحة مفاتحة وآفاق مستقبلية».

وفي رؤيته لحل الازمة يرى انس ان «انقلاب عام 1992 وقع على الجبهات الثلاث»، الجبهة الاسلامية للانقاذ وجبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية، وبالتالي فان المطلوب هو التباحث مع الشخصيات التي كانت تقود الجبهات الثلاث في ذلك الوقت لحل الازمة. واوضح انس ان موقفه الرافض للعودة يشاركه فيه قياديون في الانقاذ داخل الجزائر وخارجها مثل عباسي مدني وعلي بن حاج وكمال قمازي وعلي جدي وغيرهم. ويبدو واضحاً من التصريحات المتضاربة أن «الإنقاذ» تواجه مأزقاً داخلياً بفعل تراكمات خلفتها سنوات الحظر، وهو مأزق يتفاقم مع العودة المتوقعة لعدد من «قياديي المنفى» والحديث الذي يتردد عن احتمال طبخة سياسية لإنشاء حزب جديد.

* «الإنقاذ».. أسسها 4 «شيوخ» وسيطرت على توجهاتها 3 تيارات > من أغرب ما حدث للجبهة الإسلامية للإنقاذ، أنها تأسست في مارس (آذار) 1989، ثم حلها القضاء في نفس الشهر بعد ثلاث سنوات، لكن رغم قصر هذه المدة، إلا أن الحزب الإسلامي تمكن من اكتساح الساحة السياسية الجزائرية وصار على عتبة الوصول إلى الحكم.

التقت وجوه إسلامية بارزة في «مسجد السنة» بحي باب الواد الشعبي بالعاصمة، أحد أشهر معاقل الإسلاميين، يوم 18 فبراير (شباط) 1989، لتأسيس حزب جديد في ضوء دستور جديد اقر التعددية الحزبية، وكان هؤلاء «الشيوخ»، كما يسمون داخل الجبهة وإعلاميا: عباسي مدني وعلي بن حاج وبن عزوز زبدة والهاشمي سحنوني وكمال قمازي. وتم الإعلان الرسمي عن ميلاد الجبهة الإسلامية في 4 مارس من ذات السنة في مسجد «عبد الحميد بن باديس» بالضاحية الجنوبية من العاصمة، ثم التحق بنواة المؤسسين عدد كبير من القيادات الإسلامية التي لم تكن مهيكلة.

ويتحدث عارفون بخبايا «الإنقاذ» أن ثلاثة تيارات سيطرت على توجهات الحزب، هي التيار السلفي بقيادة بن حاج وتيار «الجزأرة» بزعامة محمد السعيد (أصحاب التيار يرفضون الأخذ بأي مرجعية فكرية من خارج الجزائر) وتيار «الهجرة والتكفير» بقيادة الهاشمي سحنوني، وعادت الغلبة لهذا التيار لما انتقل الإنقاذيون من العمل السياسي المشروع إلى حمل السلاح بعد تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت فيها الجبهة في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1991. ويذكر وزير الدفاع الأسبق اللواء خالد نزار في مذكراته، أنه كان أحد القادة النافذين بالمؤسسة العسكرية ممن قرروا وقف المسار الانتخابي. وكانت السلطات قد اعتقلت عباسي رئيس الجبهة ونائبه علي بن حاج في 28 يونيو (حزيران) 1991، بعد إضراب سياسي وضع البلاد على فوهة بركان، حيث احتجت الجبهة على قانون انتخابات «خيط على مقاس حزب جبهة التحرير الوطني»، بحسب قيادات الإنقاذ.

وقاد عبد القادر حشاني الحزب إلى الفوز بالانتخابات البرلمانية وأدخل السجن هو أيضا ثم قتل على يدي عضو في جماعة مسلحة بعد خروجه منه عام 1999، بينما حكم على عباسي وبن حاج وخمسة قياديين آخرين بالسجن 12 سنة، بعضهم غادره السجن في 1994، ووضع عباسي في الإقامة الجبرية بدءا من عام 1997 ثم سافر في عام 2003 إلى قطر التي لا يزال مقيما بها حتى الآن. أما بن حاج فقد بقي في السجن حتى نهاية محكوميته في يوليو (تموز) 2003. وفي غياب المؤطرين، انقسمت «الإنقاذ» إلى عدة مجموعات والتحقق الكثير من قادتها والآلاف من اعضائها بالجبال حيث تكونت أولى فصائل العمل المسلح كرد فعل على إلغاء الانتخابات.

وتحالف قيادي الانقاذ محمد السعيد مع «الجماعة المسلحة» التي تبنت المجازر الجماعية الرهيبة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين في أواسط التسعينات. اما مدني مزراق قد شكل الجناح المسلح للجبهة، وسماه «الجيش الإسلامي للإنقاذ»، الا ان هذا الكيان حل 1997 باتفاق مع قيادة المؤسسة العسكرية. وفيما تحمل السلطات قيادات الجبهة مسؤولية الدماء التي سالت، يدفعون هم عن أنفسهم التهمة بأنهم كانوا غائبين عن الفوضى التي ميزت صفوف الحزب. ويبقى بن حاج من أشد المتمسكين بطرح ما جرى من أحداث، امام محاكمة محايدة تحدد المسؤوليات، وأعرب عن استعداده دخول السجن من جديد «إذا ثبت أن لي ضلعا في ما وقع».