المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طلاق كل 6 دقائق في مصر... البورسعيديات في المقدمة والصعيديات في المؤخرة



المهدى
06-12-2006, 10:53 AM
القاهرة - من نهى الملواني

مشهد مؤلم حين يغلق الأزواج آخر صفحة من كتاب حياتهم بكلمة «الطلاق»، فيتصاعد الإحساس بالألم وتنهمر الدموع ويدير كل من الزوجين ظهره للآخر ووجهه للمستقبل المجهول ويسود الصمت ليسدل الستار على قصة حياة وكفاح ماتت قبل أن تولد، والغريب أن هذا المشهد الموجود يتكرر كل 6 دقائق بين الأزواج المصريين.
هذا الرقم الغريب كشفته إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر وجاء فيها أن «هناك 240 متزوجة يتعرضن للطلاق يوميا، أي انه توجد مطلقة كل 6 دقائق».
الإحصائية أشارت إلى أن عدد المطلقات في مصر يبلغ مليونين و459 ألف مطلقة، وأن 5,34 في المئة ينفصلن في السنة الأولى و5,12 في المئة ينفصلن في السنة الثانية وأن 40 في المئة من حالات الطلاق تكون في سن الثلاثين.
ومن المفارقات الطريفة التي كشفتها الإحصائية أن باعث الطلاق - وعلى عكس المتوقع - يبدأ في الغالب عند الزوجة خاصة في حالة سوء معاملة الزوج لها، بينما أصبح الأزواج نظرا لظروف معيشية معينة والتي يمكن تمثيلها في المؤخر والنفقة وغيرهما، لا يميلون إلى الطلاق,
وفي هذا السياق، تشير الإحصائية إلى أن 61 في المئة من المطلقات هن من بدأن التفكير في الطلاق قبل أزواجهن وأن 5,6 في المئة من المطلقات يكون أصحاب فكرة الطلاق لديهن هم أهل الزوج، 3,5 في المئة من المطلقات يكون أصحاب فكرة الطلاق لديهن هم أهل الزوجة, بينما 42 في المئة من حالات الطلاق تكون عادة لعجز وعدم قدرة الزوج على الوفاء باحتياجات أسرته وأولاده المادية,
واضافت الاحصائية أن 25 في المئة من الحالات تحدث نتيجة تدخل الأهل والأقارب و12 في المئة ترجع للسلوك الشخصي لأي من الزوجين,,, والمثير للحزن أن 52 في المئة من حالات الطلاق تقع بين زوجين عمرهما من 20 إلى 25 سنة فقط.
ويبدو أن الرجال في مصر هم الأكثر قدرة على تجاوز الموقف والاستمرار في حياتهم حيث كشف التقرير أن عدد المطلقات تجاوز عدد المطلقين حيث بلغ 206 آلاف امرأة مقابل 58 ألف رجل ما يشير إلى سرعة زواج الرجل من أخرى.
وعلى صعيد ترتيب المحافظات والمدن المصرية في ملف الطلاق نجد سيدات بورسعيد يتربعن على عرش القائمة، تليهن الإسماعيلية ثم السويس، القاهرة، الإسكندرية، دمياط، الجيزة، ومطروح، ويتذيل القائمة كل من أسيوط وسوهاج والوادي الجديد، «الصعيديات يفضلن الحياة المستقرة».
وعن الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى استحالة العشرة بين الزوجين فقد أشارت دراسة حديثة في هذا أعدها المركز القومي للبحوث الجنائية في مصر إلى أن أسباب الطلاق متعددة ومن أهمها الزواج المبكر وما ينتج عنه من عدم استقرار وبالتالي زيادة تصاعد حدة التوترات بين الزوجين وصعوبة التفاهم بينهما وأيضا كثرة تدخل الأهل والأصدقاء بصورة مبالغ فيها في شؤون الزوجين,
بالإضافة إلى استمرار بعض الخلافات التي تسبق الزواج إلى ما بعد إتمامه كالخلاف على قيمة المهر أو المؤخر أو الشبكة وتأثيث الشقة والاستعداد للزفاف وأيضا اكتشاف ميل أحد الزوجين لاختلاق النزاع والمشاجرات وكذلك تأخر الحمل والإنجاب والذي يزيد من حدة التوترات والخلافات.
هذا إلى جانب أن الشخصيات المدللة في تربيتها عادة ما تواجه مصاعب عديدة في بداية حياتها الزوجية فيكون الحل الأسهل بالنسبة إليهم هو استخدام أي حجج واهية لإنهاء عقد الزواج,
فالأجيال الجديدة للأسف الشديد لا تعرف معنى تحمل المسؤولية فالأب والأم يفعلان كل شيء بالنيابة عن أبنائهما حتى تخرجهم في الجامعة، بل ويتدخلان في كل خصوصياتهم وقراءاتهم، الأمر الذي يخلق شخصية هشة لا تستطيع الاعتماد على نفسها أو اعتماد الغير عليها.
وعن أسباب زيادة نسبة السيدات اللاتي يفكرن في الطلاق، أشارت الدراسة إلى أن أهم هذه الأسباب هي التحولات الاجتماعية الجديدة سواء على المستوى المحلي أو العالمي بالإضافة إلى تمكين المرأة من حقوقها وخاصة مع زيادة نسبة النساء المتعلمات اللاتي استيقظ لديهن الوعي بهذه الحقوق وأيضا المسؤوليات الواقعة عليهن وفرصهن في الحياة,
وكل هذا أدى لتغير نظرة المرأة نحو الطلاق الذي لم يصبح نهاية الكون بالنسبة إليها ,, وقد يرجع ارتفاع نسب الطلاق في محافظات الوجه البحري عنها في الصعيد إلى العادات والتقاليد المجتمعية لأهل الصعيد والتي لا تسمح بسهولة بطلاق الزوجة من زوجها وتعتبر المطلقة كأنها امرأة ستتحمل العار بقية حياتها.
وعن الأضرار التي قد تترتب على حدوث الطلاق بين الزوجين تشير الدراسة إلى أن الطلاق قد يسبب العديد من الأضرار النفسية للزوجين نتيجة إحساسهما بالفشل في تجربتهما وعدم القدرة على إنجاحها ما قد يزيد الخوف من تكرار التجربة في وقت لاحق,
كما أن المرأة المطلقة تعاني كثيرا في مجتمعاتنا التي مازالت تنظر إليها نظرة متدنية نوعا ما، ولكن من أخطر أضرار الطلاق زيادة نسبة الأطفال إن وجدوا الذين يعيشون مع أحد الوالدين فقط ما يضعف علاقتهم بالطرف الآخر ويحرمهم من النشأة والترعرع في ظل أسرة طبيعية مترابطة ما يكون له أبلغ الأثر على نفسية هؤلاء الأطفال.
من الجانب النفسي يعلق استشاري الطب النفسي وعضو الاتحاد العالمي للطب النفسي دكتور فكري عبد العزيزقائلا : يجب أن نعترف أن جهل أحد الزوجين وربما كليهما بمسؤوليات الزواج وتبعاته من أهم الأسباب المؤدية للطلاق المبكر، ويأتي الجهل بحقائق الأمور الخاصة بالعلاقة الزوجية السليمة والصحيحة علميا ونفسيا ودينيا بين الزوجين على رأس قائمة مسببات الطلاق حتى وإن لم يعلنا ذلك صراحة أمام المجتمع,
ويضيف: «ان اختلاف الزوجين ونفور أحدهما من الآخر هو المحرك الأساسي لكل الميول العدوانية تجاه الطرف الآخر، كما أن المعلومات الخاطئة في كثير من الأحيان والتي يستمدها الرجل من المجلات الفاضحة ومن تجارب سابقة خارج إطار الزوجية تعد من أكثر المقومات الأساسية لمخزون الذاكرة عن العلاقة الزوجية,
مشيرا الى ان الامر، إن كان يقل مع المرأة التي قد تكون صديقاتها هن المصدر الأساسي لمعظم معلوماتها فان ذلك راجع لطبيعة مجتمعاتنا الشرقية ما يجعل معلومات كلا الطرفين عن الحياة الزوجية قاصرة، لأن الزواج في مفهومه الاجتماعي والديني هو السكن والمودة والرحمة قبل أن يكون في الأساس علاقة جنسية، ومن هنا يحدث الاصطدام حيث إن كلا من الزوجين عاش في خياله الكثير من التفاصيل المشوشة والخاطئة وغير المتوافرة في الشريك الآخر، وعلى أقل تقدير لذلك فإن المشاكل الجنسية أحد أهم عوامل الطلاق المبكر في مجتمعاتنا.
ومن الناحية القانونية وتأثير حصول المرأة على قوانين عادلة للأحوال الشخصية على قدرتها لاتخاذ قرار الطلاق، يقول المحامي بالأحوال الشخصية خالد طلعت : «لقد أظهرت إحصائية رصدتها محاكم القاهرة للأحوال الشخصية أن حالات الطلاق للزيجات الحديثة والمرفوع بموجبها قضايا أحوال الشخصية بموجب القانون الذي تم تعديله عام 2000 تسهم بقدر كبير في رفع قضايا الخلع من قبل الزوجات ضد أزواجهن، وخاصة أن القانون قد قصر فترة التقاضي مع عدم إعطاء الزوج حق الاستئناف والنقض»,