المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نائب الرئيس الايراني ....أميركا تأمل في مساعدة ايرانية لمغادرة العراق



سلسبيل
06-12-2006, 06:54 AM
مشائي لـ «الحياة»: أميركا تأمل في مساعدة ايرانية لمغادرة العراق ... طهران تستبعد الحرب وتذكّر بثقافة البازار

طهران - غسان شربل الحياة - 12/06/06//

يبتسم الدكتور اسفنديار مشائي نائب الرئيس الايراني حين تسأله عن احتمال اندلاع حرب أميركية - ايرانية: «انك تسأل عن حرب لن تقع». هذا ما يجيبك به واثقاً. ولأن مشائي رفيق قديم للرئيس محمود أحمدي نجاد قبل ان يكون نائبه تضاعف أجوبته الواثقة اسئلتك.

الحرب غير واردة. هذا ما تسمعه من محيط الرئيس ومن مقربين من المرشد السيد علي خامنئي. وباللهجة نفسها يرد نائب وزير الخارجية رئيس دائرة اميركا وأوروبا سعيد جليلي أحد المعنيين المباشرين بالعلاقات مع «الشيطان الأكبر» ورفاقه.

في طهران تبدو الصورة مختلفة عنها في الخارج، لا أثر ظاهراً للهدير الذي تثيره «ايران النووية» في المنطقة والعالم. محلل ايراني يسدي اليك نصيحة لمساعدتك على ادراك الفارق. قال: «لا يمكن فهم مسار الملف النووي عبر التصريحات العلنية والمواقف القاطعة التي توحي ان الأفق مسدود والمواجهة حتمية. لفهم ايران عليك ان تلتفت الى تراثها: باب الاجتهاد كان دائماً مفتوحاً. صحيح ان الايرانيين مستعدون لتضحيات هائلة دفاعاً عن مبادئهم. لكن لا يصح ايضاً نسيان اننا ورثة ثقافة البازار بكل ما تعنيه من مفاوضات ومساومات».

ويضيف ضاحكاً: «وهناك صناعة السجاد ايضاً. انها تستلزم عناداً وصبراً واعصاباً هادئة. يخيل اليك ان الايراني أوصد الباب نهائياً وبإحكام، ثم تكتشف انه أعد سلفاً طريق التراجع وترك فتحة صغيرة تتيح الخروج من المأزق».

تسأل عن التصريحات النارية والمناورات العسكرية والعروض الصاروخية، فيأتيك الجواب: «من حقك ان تذكر بأوراقك وبقدرتك على الدفاع عن نفسك إذا تعرضت لعدوان. يخطئ الذين يعتقدون بأن أحمدي نجاد جاء في مهمة انتحارية. لا شك انه يفتقد الى القدرة على المناورة السياسية، لكن الرئيس هو عضو في فريق والكلمة الأخيرة تبقى للمرشد الذي اكسبته تجربته الطويلة خبرة واسعة».

وفي موازاة ذلك، تسمع من أحد مستشاري الرئيس كلاماً يوحي بملامح الحل: «إذا سلمت الدول الغربية وعلى رأسها اميركا بحقنا في حد معقول من التخصيب، لا أعتقد بأنه سيكون مستحيلاً على القيادة الايرانية تعليق التخصيب لفترة ربما تمتد سنوات».

أعطاني صديق في طهران رقم أحد المواكبين عن قرب لمسار الأزمة التي أثارها الملف النووي. سألته عما سيحل بالمنطقة في حال وجهت الولايات المتحدة ضربة الى المنشآت النووية الايرانية. اشترط الرجل عدم ذكر اسمه وقال: «أتمنى من كل قلبي أن يتصف السلوك الايراني بالحكمة خصوصاً أن المقترحات الأخيرة تشكل مكسباً لطهران. دعك من السيناريوات التي تتحدث عن اغلاق مضيق هرمز وقصف القواعد الأميركية في المنطقة. تستطيع الولايات المتحدة استخدام قوة هي أضعاف ما استخدمته ضد نظام صدام حسين. أشك في أنه سيكون في استطاعة القوات الايرانية اطلاق صواريخ».

وأضاف: «طبعاً ايران دولة كبيرة. تستطيع لاحقاً مهاجمة هدف هنا أو هناك. لكن ضربة أميركية قاصمة ستعيدها نحو مئة سنة الى الوراء وستتركها بلا منشآت وجسور ومصانع. وحدة ايران ستكون مهددة في حال إضعاف السلطة المركزية، فمشكلة تململ القوميات ليست محلولة».

زائر ايران يشعر بأن لغة الثورة تستعد للنوم تماماً في لغة الدولة. ليس بسيطاً أن تسمع مسؤولاً ايرانياً يقول مازحاً ومتعمداً: «ان العلاقات بين الدول هي أقرب بكثير الى زواج المتعة منها الى الزواج الكاثوليكي».

يقول المسؤولون الايرانيون ان الحرب لن تقع لأن ايران ليست راغبة في الذهاب اليها ولأن اميركا ليست قادرة ولا راغبة ايضاً. يستوقفك قول نائب الرئيس الايراني ان ادارة الرئيس جورج بوش تتطلع الى «مساعدة ايران» لتتمكن من اخراج قواتها من العراق. تسأله عن استعداد طهران للمساعدة فيجيب: «نعم إذا كانت لديها النية في الخروج لأن المساعدة ستكون آنذاك مفيدة للشعب العراقي وأمن المنطقة. في هذا السياق لا يوجد تردد في الموضوع».

وعن احتمال قيام اسرائيل بمهاجمة المنشآت الايرانية يقول: «إذا كان الاستاذ (أميركا) يتردد فلماذا يبادر التلميذ؟».

ويقول مشائي ان ايران لا تحاول انتزاع اعتراف بدورها الاقليمي، فالمشكلة الحالية هي ان هذا الدور موجود وقائم و «لولا ايران لكان البرنامج الأميركي للمنطقة قد تحقق». وحين تكرر «الحياة» في آخر اللقاء السؤال عن الحرب يجيب مشائي بنكتة قائلا: «ذهب الأميركيون الى افغانستان فقامت فيها جمهورية اسلامية. حدث الشيء نفسه في العراق. نحن لدينا جمهورية اسلامية منذ 27 عاماً وبالتالي لا حاجة الى تدخلهم»!

طهران تختنق نهاراً بزحمة الحركة والسيارات. لا توتر ولا هدير ولا مخاوف من الحرب. شعور عميق بأن الأزمة ستأخذ طريقها الى الحل. وفي الجولة الليلية يلفتك الزميل حسن فحص الى ما كان السفارة الأميركية في أيام الشاه محمد رضا بهلوي وصار اليوم مركزاً سياحياً ومركزاً لـ «الباسيج». من يجرؤ اليوم على تحويل الأميركيين رهائن في سفارة بلادهم؟ عالم ما بعد 11 أيلول (سبتبمر) يختلف عما سبقه. وايران تعرف أن العالم تغير لهذا تفاوض على حافة الهاوية مع قرار مسبق بعدم الانزلاق اليها.